8 شباط 1963 بداية مرحلة مظلمة
مهدي المولى
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
مهدي المولى

لا شك ان 8 شباط بداية مرحلة مظلمة من اشد الفترات المظلمة التي مر بها العراق في تاريخه القديم والحديث لم تنته الا في 9-4- 2003 ومع ذلك لا يزال ظلامها مستمر ولا تزال وحشيتها سائدة في العراق الى الان وقد ستستمر الى فترة اخرى
فالقوى الظلامية والارهابية التي وقفت ضد ثورة 14 تموز وقواها الوطنية هي نفسها متحالفة متوحدة وبنفس الوحشية تعمل لاجهاض العملية السياسية والغاء الدستور وافشال التجربة الديمقراطية التعددية انها القوى الصدامية والقومجية والعوائل المحتلة للخليج والجزيرة وعلى رأسها عائلة ال سعود والحكومة التركية و الصهيونية اضافة الى المجموعات الارهابية الوهابية التي تحالفت مع المجموعات الصدامية تحالفا قويا بحيث ان المجموعات الصدامية اعلنت اعتناقها للدين االوهابي المعروف بعدائه للانسان والحياة واصبحت هذه المجموعات اي المجموعات الصدامية اكثر تحمسا وتمسكا بالدين الوهابي ونشره وتطبيق قيمه التي تدعوا الى قتل الابرياء ونشر التخلف والظلام في المنطقة
وهكذا بدأت هذه المجموعات بهجمة شرسة ووحشية للاطاحة بالديمقراطية في العراق هل تحقق هذه القوى الظلامية الوحشية رغبتها كما حققتها في 8- شباط 1963
حقا ان الشعب العراقي يعيش نفس الحالة ونفس الظروف حتى وان تلونت وتبرقعت بالوان وبراقع ملونة مختلفة الهدف هو نفس الهدف والغاية نفس الغاية وهو منع العراقيين من السير في طريق الديمقراطية والتعددية الفكرية وتبادل السلطة بطريقة سلمية وحكم الشعب وفق الدستور والمؤسسات الدستورية وحكم القانون فنجاح العراقيين في ذلك يشكل خطرا كبيرا على وضعهم على عروشهم وحصونهم لهذا ليس امامهم من طريق اخر الا افشال العملية السياسية السلمية والعودة بهم الى نظام الفرد العائلة الحاكم الواحد والرأي الواحد
لو قارنا بين العراق في ظل ثورة 14 تموز وفي ظل التغيير الجديد في 9-4-2003 لاتضح ان الوضع متشابه في كل الامور فاذا اردنا النجاح وعدم الفشل واذا اردنا الانتصار وعدم الهزيمة علينا ان نعرف اسباب فشل العراقيين ونجاح اعدائهم في اليوم الاسود يوم 8- شباط 1963ونتجنبها
الذي نسمعه ومللنا سماعه هو التحالف المعادي للعراق وللعراقيين امريكا والغرب ودول الجزيرة والخليج وايتام العهد المباد وشركات النفط الاحتكارية وشيوخ العشائر الاقطاعية وجهات عديدة تضررت من النظام الجديد
فهذا امر طبيعي هل نريدهم يسكتون ويستسلمون للامر الواقع فانهم سيعملون المستحيل وسيستخدمون كل الطرق والوسائل من اجل اعادة مصالحهم ونفوذهم والحاق الضرر والاذى بالشعب والوطن فهؤلاء الاعداء معروفين لكل العراقيين وخاصة القوى الوطنية لهذا فاني لا اعترف ولا اقر بانهم السبب الرئيسي والاساسي في فشل ثورة 14 تموز وعودة الظلام والاستبداد مرة اخرى
من هذا يمكنني القول ان فشل القوى الوطنية والديمقراطية وهزيمتهم في العراق في 8- شباط 1963 يعود الى ثلاث اسباب وهي
اولا التمرد البرزاني في ايلول 1961 ضد الثورة حيث تحالفت هذه القوى مع القوى المعادية للشعب العراقي وخاصة الشعب الكردي مثل القومجية العربية واشغلت العراقيين في حرب دامية واججت نيران الحرب العنصرية بين العرب والكرد في وقت كان العراق بحاجة الى السلام لبناء العراق ومع ذلك حدث في العراق عمران وبناء خلال اربع سنوات الثورة لم يحدث مثلها خلال 87 سنة من العهود التي قبل الثورة والتي بعدها
قيل ان مسعود البرزاني ندم على تمرده ضد الثورة وقال لو قام بالثورة بعد أسقاط الثورة لا يدري لولا تمرده وخيانته للشعب العراقي وخصوصا الشعب الكردي لعجز اعداء العراق والعراقيين من اسقاط الثورة بيد هؤلاء وابادة العراقيين وفرض الجهل والظلام وهكذا دفع الشعب العراقي وخاصة الشعب الكردي ثمن كبيرا جدا من الدماء والارواح من مجازر حلبجة والانفال والمقابر الجماعية والسبب في ذلك يتحمله البرزاني ومجموعته نتيجة لتهور وحماقة وخيانة البرزاني
المؤلم ان البرزاني يحاول ان يلعب نفس اللعبة فيحاول ان يتحالف مع تلك المجموعات التي تحالف معها في عام 1961 ضد القوى الوطنية ضد التغيرات الانسانية في العراق مع تركيا مع القومجية العربية مع العوائل المحتلة للخليج والجزيرة ليته يعي ويدرك هذه اللعبة اعتقد ان الشعب الكردي في كردستان العراق اكثر وعيا لهذا يحاول لجمه ومنعه من اي تصرف ارعن لا شك اذا حقق تلك اللعبة فستكون كارثة لا تذر ولا تبقي
ثانيا فتوى الامام الحكيم حيث كانت بمثابة اوامر لقتل العراقيين وخاصة الشيعة لان الشيعة في كل التاريخ مرتبطة بحركة الحرية والتغيير والاصلاح من صرخة ابي ذر الغفاري حتى عصرنا فكل من يريد ذبح الشيعة يتهم الشيعة بتلك التهم فرس مجوس شعوبيين يهود من نفش التهم التي وجهت الى ابي ذر توجه الى العراقيين الان ففتوى الامام الحكيم اباحة دم العراقيين وخاصة الشيعة العراقيين حيث كانت امضى واقوى سلاح بيد اعداء العراق فتلقفتها المجموعات الارهابية القومجية من ناصريين وبعثيين وحاقدين ووهابين وحملتها في الاعالي وساعدت القوى المعادية للشيعة بالاطاحة بثورة 14 تموز وذبح الشيعة وتشريدهم وسجنهم ومنعهم حتى من الصلاة وحرق كتبهم
كان بأستطاعة الامام الحكيم ان يجنب العراق كله وخاصة الشيعة من كل هذا الذبح والذل وهذه المعانات وهذا الالم الذي صب عليهم صبا حتى وصل الامر الى رفع شعار لا شيعة بعد اليوم لو تدخل ودعا الى اقامة دستور وحث الشعب العراقي الى الانتخابات وتأسيس مؤسسات دستورية وكانت فرصة مناسبة جدا لوضع العراق على الطريق الصحيح وانقاذه من كل ما حل به من كوارث ومصائب والتي لا تزال مستمرة وكان بأكانه ان يقود كل العراقيين الى شاطئ البر والسلام لما له من شعبية واسعة
كما اني احمل المراجع في بداية القرن العشرين عندما حرر الانكليز العراق من الظلام والارهاب العثماني مسؤولية الظلم والقهر الذي لحق بكل العراقيين نعم تحركوا لكن حركة عشوائية ساذجة صبت في صالح اعداء الشعب العراقي
لا شك ان مرجعية الدينية وعلى رأسها الامام السيستاني اول مرجعية امتازت بالحكمة والشجاعة والنظرة الشمولية لكل العراقيين ولكل الاوضاع
حيث دعت الشعب العراقي بأنشاء دستور مرجعية ودعت الشعب الى التصويت عليه ودعت الشعب الى اختيار من يمثله ومن يحكمه فقال ايها العراقيون تقدموا واختاروا ما تريدون وما تبغون لم يفرق بين امرأة ورجل وبين لون ولون وطائفة وطائفة ومؤمن وغير مؤمن ومسلم وغير مسلم العراقيين جميعا
لا شك ان هذا العمل رسخ الديمقراطية والتعددية وحكم الشعب ترسيخا قويا لايمكن لاي قوة مهما كانت ان تغيره
نعم ان قوى الظلام والعبودية تعمل ليل نهار وبكل الطرق للقضاء على تجربة العراق الرائدة لهذا صب هؤلاء المجرمون نيران حقدهم على مرجعية الامام السيستاني لان حكمته وشجاعته حطمت امالهم حيث كان ال سعود وغيرهم يعتقدون ان الامور ستعود اليهم كما حدث في تحريرالعراق على يد الانكليز لان مراجعهم لا يهتمون بالسياسة
المضحك ان اعداء العراق من المجموعات الارهابية والوهابية صنعوا مراجع خاصة باسم الشيعة لمهاجمة مرجعية الامام السيستاني واتهامه بكل التهم مثل الصرخاوي والقحطاني والرباني والقطاوي والحسناوي والكرعاوي والخلصاوي كلها على وزن القرضاوي والزرقاوي
ثالثا الصراعات والاختلافات الشخصية بين قادة الحزب الشيوعي العراقي فالذي يريد صورة عن الخلافات والصراعات الشخصية والمنافع الذاتية بين قادة الحزب داخل الحزب الشيوعي العراقي في تلك الفترة فالينظر الى الصراعات والخلافات بين السياسيين المتنفذيين الحاكمين في العراق الان انها صورة طبق الاصل لا تختلف في اي شي
رغم ان قادة الحزب وكل الشيوعيين على علم تام بما تدبره القوى الظلامية ضد الشعب العراقي بل ان الشهيد سلام عادل كان يتوقع ذلك في عام 1961 كما انهم على علم بتحركات الاعداء ويتوقعون الاجهاز على الثورة وعلى الشعب في اي ساعة وفي اي وقت
اما قادة الحزب كانوا مشغولون بمصالحهم الخاصة ومنافعهم الذاتية فادى ذلك الى صعود عناصر انتهازية متملقة لا يملكون اي ثقافة حزبية وليس لهم اي استعداد للتضحية ولا يهمهم امر الحزب والشعب
وانقسم قادة الحزب الى يمين ويسار ووسط لا من اجل الحزب وانما من اجل مصالحهم الخاصة وهكذا وضعوا الحزب والشعب لقمة سائغة بين انياب هذه الوحوش الكاسرة
لو كان هؤلاء القادة فكروا بمصير الحزب والشعب لتخلوا عن هذه الصراعات الخاصة والمنافع الذاتية وفكروا في مواجهة اعداء الحزب والشعب في وضع خطة مدروسة ودقيقة لو وضعوا خطة مسبقة لمواجهة اي حركة معادية لطموحات الشعب العراقي لو كانت هناك مجموعة من 300 شيوعي تقودها قيادة وفق خطة مدروسة لمواجهة هجوم الاعداء لا ستطاعوا افشال مؤامرة 8 شباط نعم الشعب ثار القاعدة الشيوعية تصدت ولكن بدون خطة وقيادة انها مجرد فعل ورد فعل لا يحقق الهدف في كثير من الاحيان
لا نعيد التاريخ وكلمة لو لا تجدي نفعا ولكننا يمكن ان نستفيد من الصحيح ومن الخطأ
لهذا على القوى التي تريد بناء عراق ديمقراطي تعددي مستقل موحد عراق يحكمه الشعب القانون لا فرد ولا جهة ولا عشيرة ولا يمكننا ان نحقق ذلك الا بالالتزام بالدستور بالعملية السياسية بالديمقراطية ان توحد جهودها وفق برنامج واضح شفاف يجمع كل من يؤمن ويريد ذلك من كل الاطياف والالوان السياسية
على القوى الديمقراطية ان تدرك ان هناك قوى ظلامية لا تؤمن بالديمقراطية بل تعتبر الديمقراطية كفر ومن يدعوا اليها كافر وانها تعمل على نشر هذا الفكر الظلامي وهذه القوى ترفض الدستور العملية السياسية الديمقراطية ولهذه القوى القدرة والامكانيات المادية والاعلامية ومن الممكن اذا تركت بدون مواجهة وفق خطة مدروسة وقيادة واعية مستعدة للتضحية ان تحقق اهدافها ومراميها ونعيش في ظل شباط جديد
نحن نعيش في ظل مرجعية حكيمة ورشيدة وجريئة المرجعية الدينية التي يقودها الامام السيستاني مرجعية لكل العراقيين بكل اطيافهم ومعتقداتهم واديانهم ومذاهبهم انها مع ارادة الشعب انها تحترم الانسان وتقدسه واول اسس الاحترام هو حرية رأيه وفكره بشرط ان لا يلغي الاخر ويدعوا الى قتله
نعم الديمقراطية من حق المواطن ان يعبر عن رأيه ومعتقده بحرية وصراحة لكن الذي يحكم الذي يقود هو محصلة تلك الافكار والاراء اي الاراء والافكار التي تتفق عليها غالبية الشعب
لهذا ادعوا القوى الديمقراطية التي تحترم الانسان بكل الوانها واطيافها ان تجعل من الامام السيستاني قائدا ومرجعا لا لانه مرجع شيعي بل لانه انسان ويحترم الانسان انه امتداد للامام علي
فلا تضيعوه كما ضيعتم الامام علي من قبل وضيعتم عبد الكريم قاسم
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat