عنونت أمال شعيا كتابها: عيونٌ بلون المغيب، لتكتب صفحاتٍ داميات يقطر منها المدام الأحمر ألمـًا يعبّر عن قلبٍ برسم الحبيب.
وإنْ كان موضوع السياق هو الحبّ، فإنّ علّة الكتاب الحبيب. هذا الحبيب الذي يبرز لا بطلاً وشخصيّة أساسيّة وحسب، بل هو قائد سفينة الكاتبة نحو الغرق الحتميّ، طالما جعلها تنظر بعيونٍ لونها المغيب.
وقد جعل الحبيب صاحبةَ الكتاب ضحيّة عزلاء، بل فريسةً مستساغة في فم الحبّ الذي استحال كائنًا وحشيًّا، بل حالةً مرضيّة تفتك بضراوة، بالنفس الواقعة في حبائلها.
وراحت أمال تخاطب الحبّ على أنّه الحبيب. وصار الحبّ مرادفًا للحبيب. للمجرم الحبيب، الذي "يستلذّ" تعذيبها فتثور هي "عشقًا وغضبًا"، تقول. للمجرم الحبيب، بل للمجرم الحبّ الذي رماها لقمةً سائغة في فم الحبيب. وأيّ حبيبٍ. من لا يعرف من الحبّ إلاّ ما تكنّه له الكاتبة... وما يعذّبها أكثر هو أنّ الحبيب يرحل وصورته تبتعد، أمّا الحبّ فيبقى ليحفر في أعماقها جراحًا لا تندمل، إنّما تفيق لتُثير الجنون بطعم المرارة والشوق إلى المزيد فتستزيد!
غريبٌ أمرك أيّها الحبّ! ستبقى السيّد لأنّكَ في مفهوم المؤلّفة "علّة الوجود". وبقدر ما مازجت أمال بين الحبّ والحبيب، بقدر ما ترفض أن تتخلّى عن الحبّ مؤمنةً أنّه نظيفٌ لا عيبَ فيه، وأنّ الحبيب هو من يجعل منه آفةً، بالأكاذيب واللعب بمشاعرَ، صورة أنانيّته! فهل فعلاً أحبّت من لا يستحقّ الحبّ؟ ربّما...ولكن، هذا الكتاب خطّته يد القلب بدمٍ ينزف حبًّا ليخرج صدقًا جريحًا!
أمال شعيا في الكتاب هي الكتاب. هي شخصيّة كلّ موضوع فيه. تشاركها فيه شخصيّتان، الأولى غير محدّدة ولو تعرفها هي، عرفناها باسم "الحبيب". أمّا الشخصيّة الأخرى فهي حالة، شعور. الحبّ عند أمال شعيا شخصيّة أساسيّة في السياق. إنّه الشخصيّة التوأم لروح أمال! له تحيا، بل به. ولأجله هي في صراعٍ مع الحبيب.
من ناحيةٍ أخرى، يغلب على النصّ ضمير المتكلّم، إمّا في حوارٍ مع مخاطَب، وإمّا في سردٍ لأحداث، أو وصفٍ لمشاعر أو أحاسيس. وفي كلّ الحالات، كلامٌ من جهةٍ واحدة. ليست الشخصيّات هنا حواريّة. فالكاتبة تتكلّم، تكلّم الشخصيّات ولا من يجيب!
أمّا الجوّ العامّ فقاتم. لا بارق أمل في اصطلاح الأمور. عيون تنظر الأفق فترى المغيب! هذا هو لون الألم الذي لا شفاء منه إلاّ بالعذاب! عيون ترى اللون مغيبًا ولا أملَ بالرجوع. فالحبّ في الكتاب عَودٌ على بدء. والوقوع فيه تلوّعٌ مرّةً بعد مرّة. فلماذا إعادة الكرّة؟!
أمّا أمال، صاحبة التفجّع على الحبيب، التي عانت تجارب الحبّ جرعاتِ مرارة، فإنّها تخرج ناصعةً بحبّها، غارقةً بطيبة قلبها، مغروسةً في ما طُبع في داخلها منذ تكوّنت، لتكمل متكسّرة الجناح، تتملّكها أمنياتٌ بلا صدى... هي هي حتى اكتمال أيّامها!...
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat