صفحة الكاتب : علي جابر الفتلاوي

لم نتفاجأ باستشهاد ثلة من زائري الامام الحسين ( ع ) !
علي جابر الفتلاوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

الحسين مشروع حضاري وقضية ورسالة ، طريقها الشهادة ، مَنْ تجرأ على قتل الحسين ( ع ) أبن بنت رسول الله ( ص ) ، وقتل أصحابه ، وسبى عائلته ، وهم يعرفون مقامه ،  كيف  يتحرج عن قتل زائري الحسين ( ع ) ، ومحبيه وشيعته والسائرين على نهجه ؟

ربما سائل يسأل أنّ من قتل الحسين ( ع ) هو يزيد ، لكن الزائرين قُتلوا بعد الحسين بأكثر من 1400 سنة ، فكيف الجمع بين القضيتين ؟

الجواب بسيط ومعروف ، أنّ هذا الفرع من ذاك الأصل ، ليس الانتساب للعشيرة او العائلة هو من يحدد الهوية ، بل المنهج والفكر والفعل هو من يحددها ، الذين فجروا زائري الامام الحسين ( ع )  في المسيب بسيارة مفخخة بعد عودتهم من الزيارة وهم عائدون الى بيوتهم في محافظات مختلفة ، هم أحفاد يزيد بن معاوية ، وجنود أبن زياد ، هؤلاء من أولئك ، هويتهم واحدة ، وفكرهم وفعلهم ومصيرهم واحد ، وكلهم ينتمون الى نفس المنهج  والمدرسة ، ليس العبرة بالأنتماء العشائري ، الله سبحانه وتعالى لا يحاسب على الانتماء العشائري او العائلي ، بل يحاسب على الاعتقاد والعمل ، فقد يكون هؤلاء من هذه العشيرة او تلك ، لكنهم ينتمون الى مدرسة معاوية ويزيد فكرا وعملا، ينهلون منها ويسيرون بهدي أفكارها ، أوجد معاوية طبقة من الفقهاء ، نستطيع أن نسميهم وعاظ السلاطين ، لخدمة منهجه ، مهمة هؤلاء أصدار الفتاوى حسب الطلب ، تبيح له قتل هذا او ذاك ، ومن بعده أستلم الحكم أبنه يزيد فكان أكثر من أبيه فسقا ودموية ، أبتدعوا أسلاما خاصا بهم ، هو أسلام السلطة ، الذي ينتصر للحاكم الظالم ويسحق المظلوم ، ويبيح قتله ، والعبث بماله وعرضه ، وتبيح فتاوى وعاظ سلاطينهم  الأستهتار بالمال العام .

 الاسلام الذي ابتدعه معاوية ، ومن بعده ابنه يزيد هو الاسلام الاموي ، أسلام السلطة الجائرة ، الذي أرادوه بديلا عن الاسلام الاصيل  أسلام محمد ( ص ) ، لهذا ثار الامام الحسين ( ع ) ، من أجل الاصلاح ، وتغيير المعادلة ، من صالح أسلام السلطة الجائرة ، الى مصلحة أسلام  الحق والعدالة ونبذ الظلم أنتصارا للأنسان الذي أراد الله تعالى له الكرامة والحرية .

نسأل مَنْ الذي فجر زائري الامام الحسين ( ع ) في المسيب ؟ أنهم أتباع وأنصار الاسلام الاموي ، الذي يمثله اليوم حكام السعودية وقطر وتركيا ، وغيرهم من الحكام الظلمة ، المشوِهين لصورة الاسلام الناصعة ، الحركات التكفيرية التي تدعي الاسلام هم أتباع الاسلام الاموي ، فتاوى القتل التي صدرت من وعاظ السلاطين أيام الامويين ، هي نفسها تصدر اليوم من وعاظ سلاطين السعودية وقطر وتركيا ، الارهابيون الذين قتلوا الزائرين هم أنفسهم المنتمون الى جيش أبن زياد بالفكر والمنهج والعمل ، هويتهم واحدة ، هي الانتماء الى مدرسة  الخط الاموي .

الحسين ( ع ) هو الاسلام الحي المتحرك في الحياة في عصره ، وكذا كل أمام في عصره ، أسلام الحسين هو أسلام محمد ( ص ) ، من أجل هذا الاسلام ثار الحسين ، ثار ضد التزييف والتشويه والظلم ، ثار من أجل عرض الصورة الحقيقة الناصعة للأسلام الأصيل ، التي أراد المنهج الاموي طمس معالمها وتشويهها ، أراد الامويون أنْ يعطوا الى الامة أسلاما مزورا مزيفا ، ليقولوا هذا هو الاسلام ، مثل ما يقول  خلفاؤهم السلفيون اليوم هذا هو الاسلام ، لقد أستمرءت امريكا والصهيونية العالمية ، أسلام السلفيين هذا ، لأنه يعطي الصورة المزيفة اوالمشوهة للاسلام الحقيقي ، لقد رحب أعداء الاسلام الاصيل من أمريكان وصهاينة وغيرهم ، بأسلام هؤلاء واحتضنوهم ، وخير من يمثل الاسلام المشوه هذا اليوم ، هم بعض الحكام المدعومين من امريكا والصهيونية خاصة حكام السعودية وقطروتركيا ،  وغيرهم من الحكام أتباع الخط الاموي  .

أسلام الحسين ( ع )  وأسلام يزيد لا زالا في صراع الى يومنا هذا ، وسيستمر الصراع الى ما شاء الله تعالى ، الحكام الظلمة الذين يتزينون بالاسلام كحكام السعودية وقطر ، افعالهم واعمالهم واقوالهم خير من يمثل أسلام الخط الاموي اليوم ومن يعترض عليهم او يقف في وجوههم ، فهو كافر او مرتد او خارج عن الملة ، اما اسلام الجماهير المظلومة فهو اسلام الخط الحسيني ، الذي ثار من أجل رفع راية الاسلام الاصيل في عصره ، وللأجيال اللاحقة .

في زيارة الاربعين المليونية هذا العام  ، ألتي بلغ عدد الزائرين فيها ( 21 ) مليونا ، حسب آخر أحصائية ، أذ دخل تجمع الزائرين المليوني الطوعي من مختلف دول العالم هذا ، في موسوعة كبيديا العالمية ، كأكبر تجمع بشري في تأريخ الكرة الأرضية الذي صادف يوم الخميس  ( 3 كانون الثاني 2013 ) ، هذه الزيارة المليونية التي خرج فيها المسلمون من أنصار الحسين ( ع ) لتجديد العهد معه ، بالسير على نهجه ومبادئه التي ثار من أجلها ، هذه الاعداد الغفيرة التي تنادي   ياحسين ، شوشت  أفكاروعقول أتباع الخط الاموي ، وأربكت خططهم، بل أصابهم الهلع والخوف والقلق ، الأمر الذي دفع بأتباع الخط الاموي بمختلف ألوانهم للأنتقام من أحباب الحسين ( ع ) ، اذ فجروا سيارة مفخخة في قضاء المسيب ، في طريق عودة الزئرين الى بيوتهم ، مما أدى الى أستشهاد ( 27 ) شهيدا حسب آخر أحصائية لدينا ، مع جرح حوالي ستين زائرا ، ومن ضمن الشهداء والجرحى أطفال ونساء ورجال مسنون .

وأخيرا أقول لا نتفاجأ عندما نرى أتباع حكام السعودية وقطر وتركيا من أتباع الخط الاموي ، وهم ينتقمون من أحباب الحسين ( ع ) ، فعملهم الاجرامي هذا أستمرار لأعمال مؤسسي الخط الاموي داخل المجتمع الاسلامي ، الذين قتلوا الحسين وسبوا عياله ، فهذا الامر ليس بالجديد على أتباع هذا الخط المنحرف في التصدي لأتباع الخط الحسيني ، الذي يرفض الظلم  والاستسلام او التعاون مع الظالم او المغتصب لحقوق الآخرين ، كما أنه ليس بالغريب على أتباع الخط الحسيني الشهادة في طريق الحق ، لأنّ الشهادة التي هي أمنية كل مؤمن ، هي من أهداف ثورة الحسين ( ع ) التي ثار وضحى من أجل تحقيقها .

أرى أن الردّ على الملايين التي توجهت صوب الحسين ( ع ) في كربلاء ، جاء جوابه من أتباع الخط الاموي الذي يمثلهم اليوم بعض حكام المنطقة ، ويمثلهم في العراق مجموعات القاعدة المسلحة من السلفيين المتخلفين ، والسلفيين النواصب لأهل البيت ( ع ) ، وحملة فكر البعث الدموي ، وممن يدين بالولاء لحكام السعودية وقطر وتركيا ، ويحملون أجندات هذه الدول ، جاء الرد من هؤلاء في رسالتين ، الاولى التفجيرات التي قاموا بها ضد الزائرين في المسيب ، او المناطق الاخرى من العراق ، والرسالة الثانية جاءت من خلال أستغلالهم للتجمعات الجماهيرية التي نظمت في الانبار او الموصل من قبل بعض السياسيين أصحاب الأجندات الخاصة او الخارجية ، أذ دخلوا في صفوف المتجمهرين ، واستغلوا الموقف لصالحهم ، ليعلنوا حقدهم على آل البيت وأتباعهم من خلال الشعارات واللافتات والصور التي رفعوها ، أذ دخلت العناصر الحاقدة على العراق في صفوف المتجمهرين ، وكشفوا عن نواياهم الخبيثة التي تريد أشعال الفتنة الطائفية من جديد ، وأخلوا بالنظام ، وخرقوا القانون من خلال ضغوطهم على المواطنين في الانبار وأجبارهم على السكوت عن تصرفاتهم المخالفة للقانون ، ومنها قطع الطريق الدولي الذي يربط العراق بسوريا والاردن ، وأجبار الدوائر المحلية التي تقدم خدمة لسكان الانبار والموصل على غلق دوائرهم ، وهذه التصرفات لا تدخل ضمن حرية التعبير ، بل هي تمرد وعصيان وتخريب ، يجب ان يُعاقب المسؤول عنه ، وما على أهلنا في الانبار الا أنْ ينتفضوا على هؤلاء الخارجين على القانون ، والذين يريدون تشويه سمعتهم ، مع أحترامنا وتقديرنا للجماهير التي شاركت في التجمعات ، التي غرضها تحقيق مطالب مشروعة ، أذ من حقهم أنْ يعبروا عن رأيهم ومطالبهم المشروعة وفق الضوابط والقانون . 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي جابر الفتلاوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/01/05



كتابة تعليق لموضوع : لم نتفاجأ باستشهاد ثلة من زائري الامام الحسين ( ع ) !
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net