الحسين مشروع حضاري وقضية ورسالة ، طريقها الشهادة ، مَنْ تجرأ على قتل الحسين ( ع ) أبن بنت رسول الله ( ص ) ، وقتل أصحابه ، وسبى عائلته ، وهم يعرفون مقامه ، كيف يتحرج عن قتل زائري الحسين ( ع ) ، ومحبيه وشيعته والسائرين على نهجه ؟
ربما سائل يسأل أنّ من قتل الحسين ( ع ) هو يزيد ، لكن الزائرين قُتلوا بعد الحسين بأكثر من 1400 سنة ، فكيف الجمع بين القضيتين ؟
الجواب بسيط ومعروف ، أنّ هذا الفرع من ذاك الأصل ، ليس الانتساب للعشيرة او العائلة هو من يحدد الهوية ، بل المنهج والفكر والفعل هو من يحددها ، الذين فجروا زائري الامام الحسين ( ع ) في المسيب بسيارة مفخخة بعد عودتهم من الزيارة وهم عائدون الى بيوتهم في محافظات مختلفة ، هم أحفاد يزيد بن معاوية ، وجنود أبن زياد ، هؤلاء من أولئك ، هويتهم واحدة ، وفكرهم وفعلهم ومصيرهم واحد ، وكلهم ينتمون الى نفس المنهج والمدرسة ، ليس العبرة بالأنتماء العشائري ، الله سبحانه وتعالى لا يحاسب على الانتماء العشائري او العائلي ، بل يحاسب على الاعتقاد والعمل ، فقد يكون هؤلاء من هذه العشيرة او تلك ، لكنهم ينتمون الى مدرسة معاوية ويزيد فكرا وعملا، ينهلون منها ويسيرون بهدي أفكارها ، أوجد معاوية طبقة من الفقهاء ، نستطيع أن نسميهم وعاظ السلاطين ، لخدمة منهجه ، مهمة هؤلاء أصدار الفتاوى حسب الطلب ، تبيح له قتل هذا او ذاك ، ومن بعده أستلم الحكم أبنه يزيد فكان أكثر من أبيه فسقا ودموية ، أبتدعوا أسلاما خاصا بهم ، هو أسلام السلطة ، الذي ينتصر للحاكم الظالم ويسحق المظلوم ، ويبيح قتله ، والعبث بماله وعرضه ، وتبيح فتاوى وعاظ سلاطينهم الأستهتار بالمال العام .
الاسلام الذي ابتدعه معاوية ، ومن بعده ابنه يزيد هو الاسلام الاموي ، أسلام السلطة الجائرة ، الذي أرادوه بديلا عن الاسلام الاصيل أسلام محمد ( ص ) ، لهذا ثار الامام الحسين ( ع ) ، من أجل الاصلاح ، وتغيير المعادلة ، من صالح أسلام السلطة الجائرة ، الى مصلحة أسلام الحق والعدالة ونبذ الظلم أنتصارا للأنسان الذي أراد الله تعالى له الكرامة والحرية .
نسأل مَنْ الذي فجر زائري الامام الحسين ( ع ) في المسيب ؟ أنهم أتباع وأنصار الاسلام الاموي ، الذي يمثله اليوم حكام السعودية وقطر وتركيا ، وغيرهم من الحكام الظلمة ، المشوِهين لصورة الاسلام الناصعة ، الحركات التكفيرية التي تدعي الاسلام هم أتباع الاسلام الاموي ، فتاوى القتل التي صدرت من وعاظ السلاطين أيام الامويين ، هي نفسها تصدر اليوم من وعاظ سلاطين السعودية وقطر وتركيا ، الارهابيون الذين قتلوا الزائرين هم أنفسهم المنتمون الى جيش أبن زياد بالفكر والمنهج والعمل ، هويتهم واحدة ، هي الانتماء الى مدرسة الخط الاموي .
الحسين ( ع ) هو الاسلام الحي المتحرك في الحياة في عصره ، وكذا كل أمام في عصره ، أسلام الحسين هو أسلام محمد ( ص ) ، من أجل هذا الاسلام ثار الحسين ، ثار ضد التزييف والتشويه والظلم ، ثار من أجل عرض الصورة الحقيقة الناصعة للأسلام الأصيل ، التي أراد المنهج الاموي طمس معالمها وتشويهها ، أراد الامويون أنْ يعطوا الى الامة أسلاما مزورا مزيفا ، ليقولوا هذا هو الاسلام ، مثل ما يقول خلفاؤهم السلفيون اليوم هذا هو الاسلام ، لقد أستمرءت امريكا والصهيونية العالمية ، أسلام السلفيين هذا ، لأنه يعطي الصورة المزيفة اوالمشوهة للاسلام الحقيقي ، لقد رحب أعداء الاسلام الاصيل من أمريكان وصهاينة وغيرهم ، بأسلام هؤلاء واحتضنوهم ، وخير من يمثل الاسلام المشوه هذا اليوم ، هم بعض الحكام المدعومين من امريكا والصهيونية خاصة حكام السعودية وقطروتركيا ، وغيرهم من الحكام أتباع الخط الاموي .
أسلام الحسين ( ع ) وأسلام يزيد لا زالا في صراع الى يومنا هذا ، وسيستمر الصراع الى ما شاء الله تعالى ، الحكام الظلمة الذين يتزينون بالاسلام كحكام السعودية وقطر ، افعالهم واعمالهم واقوالهم خير من يمثل أسلام الخط الاموي اليوم ومن يعترض عليهم او يقف في وجوههم ، فهو كافر او مرتد او خارج عن الملة ، اما اسلام الجماهير المظلومة فهو اسلام الخط الحسيني ، الذي ثار من أجل رفع راية الاسلام الاصيل في عصره ، وللأجيال اللاحقة .
في زيارة الاربعين المليونية هذا العام ، ألتي بلغ عدد الزائرين فيها ( 21 ) مليونا ، حسب آخر أحصائية ، أذ دخل تجمع الزائرين المليوني الطوعي من مختلف دول العالم هذا ، في موسوعة كبيديا العالمية ، كأكبر تجمع بشري في تأريخ الكرة الأرضية الذي صادف يوم الخميس ( 3 كانون الثاني 2013 ) ، هذه الزيارة المليونية التي خرج فيها المسلمون من أنصار الحسين ( ع ) لتجديد العهد معه ، بالسير على نهجه ومبادئه التي ثار من أجلها ، هذه الاعداد الغفيرة التي تنادي ياحسين ، شوشت أفكاروعقول أتباع الخط الاموي ، وأربكت خططهم، بل أصابهم الهلع والخوف والقلق ، الأمر الذي دفع بأتباع الخط الاموي بمختلف ألوانهم للأنتقام من أحباب الحسين ( ع ) ، اذ فجروا سيارة مفخخة في قضاء المسيب ، في طريق عودة الزئرين الى بيوتهم ، مما أدى الى أستشهاد ( 27 ) شهيدا حسب آخر أحصائية لدينا ، مع جرح حوالي ستين زائرا ، ومن ضمن الشهداء والجرحى أطفال ونساء ورجال مسنون .
وأخيرا أقول لا نتفاجأ عندما نرى أتباع حكام السعودية وقطر وتركيا من أتباع الخط الاموي ، وهم ينتقمون من أحباب الحسين ( ع ) ، فعملهم الاجرامي هذا أستمرار لأعمال مؤسسي الخط الاموي داخل المجتمع الاسلامي ، الذين قتلوا الحسين وسبوا عياله ، فهذا الامر ليس بالجديد على أتباع هذا الخط المنحرف في التصدي لأتباع الخط الحسيني ، الذي يرفض الظلم والاستسلام او التعاون مع الظالم او المغتصب لحقوق الآخرين ، كما أنه ليس بالغريب على أتباع الخط الحسيني الشهادة في طريق الحق ، لأنّ الشهادة التي هي أمنية كل مؤمن ، هي من أهداف ثورة الحسين ( ع ) التي ثار وضحى من أجل تحقيقها .
أرى أن الردّ على الملايين التي توجهت صوب الحسين ( ع ) في كربلاء ، جاء جوابه من أتباع الخط الاموي الذي يمثلهم اليوم بعض حكام المنطقة ، ويمثلهم في العراق مجموعات القاعدة المسلحة من السلفيين المتخلفين ، والسلفيين النواصب لأهل البيت ( ع ) ، وحملة فكر البعث الدموي ، وممن يدين بالولاء لحكام السعودية وقطر وتركيا ، ويحملون أجندات هذه الدول ، جاء الرد من هؤلاء في رسالتين ، الاولى التفجيرات التي قاموا بها ضد الزائرين في المسيب ، او المناطق الاخرى من العراق ، والرسالة الثانية جاءت من خلال أستغلالهم للتجمعات الجماهيرية التي نظمت في الانبار او الموصل من قبل بعض السياسيين أصحاب الأجندات الخاصة او الخارجية ، أذ دخلوا في صفوف المتجمهرين ، واستغلوا الموقف لصالحهم ، ليعلنوا حقدهم على آل البيت وأتباعهم من خلال الشعارات واللافتات والصور التي رفعوها ، أذ دخلت العناصر الحاقدة على العراق في صفوف المتجمهرين ، وكشفوا عن نواياهم الخبيثة التي تريد أشعال الفتنة الطائفية من جديد ، وأخلوا بالنظام ، وخرقوا القانون من خلال ضغوطهم على المواطنين في الانبار وأجبارهم على السكوت عن تصرفاتهم المخالفة للقانون ، ومنها قطع الطريق الدولي الذي يربط العراق بسوريا والاردن ، وأجبار الدوائر المحلية التي تقدم خدمة لسكان الانبار والموصل على غلق دوائرهم ، وهذه التصرفات لا تدخل ضمن حرية التعبير ، بل هي تمرد وعصيان وتخريب ، يجب ان يُعاقب المسؤول عنه ، وما على أهلنا في الانبار الا أنْ ينتفضوا على هؤلاء الخارجين على القانون ، والذين يريدون تشويه سمعتهم ، مع أحترامنا وتقديرنا للجماهير التي شاركت في التجمعات ، التي غرضها تحقيق مطالب مشروعة ، أذ من حقهم أنْ يعبروا عن رأيهم ومطالبهم المشروعة وفق الضوابط والقانون . |