صفحة الكاتب : عباس باني المالكي

قراءة نقدية لنص (إليـــكِ) للشاعرة العراقية أنغام الأسدي
عباس باني المالكي
رمز الأم هو الرمز الأعلى لرمز الوطن
إليـــكِ ..
الإهداء : إلى التي فوَّضتْ حَرفي ..
لِرسمـِ لوحةٍَ
في / \" حبْ الخالِقِ والخَلق ؛ الوَطن ؛ السلام ؛ \"
أمي الحبيبة رحِمها الله .
.يا روحاً ..
مِن حُزنِ الغَمامِ في مساءٍ شاتيا ..
أيقَظتَها مِن تَحتِ دِثارِ جَفن عَينيَكِ ..
لِتَسبَحَ مَعي في سَماءٍ ضاقَتْ بِأدمُعي ..
لِمَنْ تَرَكتِ حُبَكِ لِلوَطَن .. ؟!
قَيدَ ظُنونٍ كادَتْ تَزرَعكِ نَخلةً على الضَّفاف ..
لِتَكتُبي عَنهُ أشعاراً وأذكارا ..
استَيقِظي بُرهةً لِتُخبرينا كيفَ بلدُ الرّافدين ؟
بِبكاءِهِ وضَحكهِ الَّذي لا يُفشى ..
لَيتَ شِعري أيُّ شَمسٍ زاوَرَتْ عَنهُ وعَنكِ .. !
لَيتَ قَلبي مَعَكِ يَخطوَ نَحوه ..
عودي لـِ فُتاتَ أحلامي ..
واكتُبي شِعراً يُهاجِر ..
يا صَعيبةً على ارتحالِ سَماءٍ اغتَسلتْ مِن شَطّكِ ..
يُشَتِتُ ناظريَكِ تَوغلاً في عسْجُدِ الدّروب ..
فَتومئي لِخُلجانِ الكَّفن المَسجون ..
في جَسَدِك ..
ليَرتَمسَ ويُرخي سُدولَهُ الظَّن ..
بارتِجافاتِ أصابِعك ..
تِلكَ كانتْ تَنتَزِع الصَّمتَ مِن زُهورٍ ناعِسة ؛
وَتَغرِسُ في الجَّدبِ بَذراتِ حُبكْ ..
تَستَقي مِن لَهثةِ الأنفاسِ ولُهافِ روحِكْ ..
يَبْتَّلُ الكلامُ مِن غُيومٍ أورَعها الضِّيا ..
في شُعثٍ مُتوارٍ لمَوجٍ جاثمٍ كالتلال ..
 
يا صّدى نَزفُكِ مَوصولاً مَع العَبير ..
بَينَ خبايا الليل ؛ يَحملُ الطُّهرَ والنَّماء ؛
يَعبرهُ الصَّباحَ فَتُسكِرهُ الحُقول والبيادر ..
 
أهوَ صدىً .. ؟!
أم زَخة ً كَخفقةِ الدَّمع ومِدرارَ فُيوض !!
تُرعِدُ بِغيثٍ مالِحٍ يَنتَشيَّ مِنهُ مقَوَّس الأغصانْ ..
وَيَستَشيطُ في أعصابِها وأصلابِها ..
هكذا ..
كانَ تَلَعثُمَ جُنونَ الصَّدى ..
وهَكذا ..
يُخالِجُ روحي نَزفُكِ بَينَ قَحطٍ ونَماء ..
فلا سَرابَ في تَوَّحُدٍ يُضمئُ صَوتُكْ ويُشَتِتُ صَداه ..!
!
!
لاااااا سَراب ..
 
أن ملامسة الروح في مساحاتها الواسعة وفق ذائقة اكتشاف أسرار الذات التي توحي بكل ما أتي من داخلنا من مشاعر وأحاسيس تؤشر المؤثرات الخارجية التي تستنهض هذه الأحاسيس التي تظهر على شكل رموز موحية سوى كانت تظهر في الأحلام أو من خلال الرؤيا الفكرية التلقائية التي يسعى الشاعر إلى تثبيتها من خلال نصوصه الشعرية ، أي أن هذه الرؤيا هي الوعي الذاتي بحدود هذه الأحلام الخارجة من ذائقة الذات الواعية لحجم انعكاس الظواهر الخارجية التي أثارة كوامن النفس ، وهنا يختلف تدرج ظهورها حسب عمق الشاعر الذي يمتلك التصورات الذهنية بصياغة هذه الكامن الخارج من الذات ضمن اللغة الموحية ورموزها ، والشعر كما أعتقد هو الحالة المتقدمة من أحلام الباطن داخلنا والتي تظهر لدى الشاعر على شكل رؤيا لأنه يمتلك الحساسية المتقدمة من المشاعر والأحاسيس وبهذا يستطيع الشاعر صياغتها وفق حضانته الفكرية الواعية وضمن رموز اللغة التي بنت كل حالاته المعرفية منذ بداية تعلمه في الحياة من خلال الوعي الفكري الثقافي الاجتماعي ، وطبعا يظهر هذا الكامن فينا من خلال انعكاس حساسية الظرف حولنا ومقدار تأثيره في دواخلنا فيشكل ما ينعكس من الداخل الرؤيا وفق البنية الثقافية التي تحدد معنى وقيمة المنعكس أي أن الحالة الانعكاسية الذي تمثل عمق تأثرنا بما وحلنا ما هو إلا أترداد الكامن ضمن الصور التي ثبت دواخلنا والمخزونة في اللاوعي فينا .. ونحن هنا أمام الشاعرة أنغام الأسدي التي تمتلك القدرة بأحاسيسها الثقافية والمعرفية على صياغة كل هذا وفق رموز اللغة الناطقة بها أي أنها تمتلك خميائية الذات الجوهرية التي على ضوئها تصيغ مفردات نصوصها الشعرية ، نحن أمام شاعرة تعرف كيفية تؤشر استفزاز الداخل وكيفية استثماره في خلق صورها الشعرية الموحية العميقة بكل رموز المعنى الذي يمتد إلى مساحات واسعة من صدق الرؤيا وعمقها ... وهنا في هذا النص تلامس الروح بحنانها من خلال رمز الأم التي هي الرمز الأكبر لهذا الحنان في الوجود الإنساني الواسع وهي تتخذ من الأم رمز تنفذ من خلاله إلى الوطن أي تكون هنا بؤرة النص هي الأم لتتشعب بها إلى مفردات أرض الوطن ...
 
 
يا روحاً ..
مِن حُزنِ الغَمامِ في مساءٍ شاتيا ..
أيقَظتَها مِن تَحتِ دِثارِ جَفن عَينيَكِ ..
لِتَسبَحَ مَعي في سَماءٍ ضاقَتْ بِأدمُعي ..
لِمَنْ تَرَكتِ حُبَكِ لِلوَطَن .. ؟!
قَيدَ ظُنونٍ كادَتْ تَزرَعكِ نَخلةً على الضَّفاف ..
لِتَكتُبي عَنهُ أشعاراً وأذكارا ..
استَيقِظي بُرهةً لِتُخبرينا كيفَ بلدُ الرّافدين ؟
بِبكاءِهِ وضَحكهِ الَّذي لا يُفشى ..
 
 
هنا تبدأ المقطع وتناشد الروح لتقدم استعارة عالية المعنى والشاعرة هنا تريد من خلال هذا أن تحقق شيئين متوازين أولا تريد أن تؤشر أن هناك شيئا فقدته ولم يبق منه إلا الروح حاضرة حولها و ثانيا تريد أن تثبت أن كل شيء يذهب ما عدى الروح تبقى خالدة بكل حضورها حولنا ، ومن ثم تنقل لتناقل هذه الروح عبر أحساسات الذات الغائبة والتي تمتد بمساحات تشمل كل الأسئلة عن الوطن وكأنها هي المقاس لحضور الوطن في ذاتها (يا روحاً ../مِن حُزنِ الغَمامِ في مساءٍ شاتيا ../أيقَظتَها مِن تَحتِ دِثارِ جَفن عَينيَكِ ../لِتَسبَحَ مَعي في سَماءٍ ضاقَتْ بِأدمُعي ../لِمَنْ تَرَكتِ حُبَكِ لِلوَطَن .. ؟!) أي كما قلت جعلت الشاعرة الأم هي البؤرة التي من خلال توزع هواجسها عبرها إلى كل ما يحيطها من أسئلة حول الوطن وهي بهذا تثبت حقيقة كاملة و متشعبة المعاني فالوطن برغم حضوره المكاني لكنه غائب لهذا هي تناشد روح الحاضرة والغائبة الوجود عن المكان ، وهذا تجلي كبير ورائع في توسيع المعنى من خلال الإدراك الذهني للحضور الوجودي ،وهو سؤال عن الغد لهذا الوطن ،فالوطن الآن فيه حزن الغمام ويعيش في مساء شتائي ، فهي تريد أن تسال هذه الروح وتناشدها بالاستيقاظ لكي تخبرها عن مستقبل هذه الوطن وهل يتغير حاضره في الأتي فحاضره أوصلها إلى سماء ضاقت حتى بأدمعها عليه بسبب شتاء وجوده في حاضره سبب الحزن الذي يعيشه هذا الوطن ، فالروح التي تناشدها كانت تحب هذا الوطن ولكن هل هذا الحب أوصلها إلى ما تريد أم بقى الوطن لا يعطي من يحبه كل ما يريد ن فهذه الروح كانت من كثر حبها إليه تنشد الأشعار والأذكار ،( قَيدَ ظُنونٍ كادَتْ تَزرَعكِ نَخلةً على الضَّفاف ../لِتَكتُبي عَنهُ أشعاراً وأذكارا ../استَيقِظي بُرهةً لِتُخبرينا كيفَ بلدُ الرّافدين ؟/بِبكاءِهِ وضَحكهِ الَّذي لا يُفشى ..)و تستمر بمناشدة الروح التي أحبت هذا الوطن ، وكأنها تشك بفائدة حب وطن لا يعطي لأحبائه أي شيء سوى بكاءه ولكن فرحه لا يشفي أمام لمن كانت تؤمن به كالنخلة على ضفافه أي أنها ثابتة بحبه بالرغم الجفاء الذي أعطاها هذا الوطن ، وهي هنا توغل في الذات من خلال حوار حول جدوى من يضحي إلى الوطن ولا يعطيه أي شيء سوى الجفاء والجفاف أمام عطائه ....
 
لَيتَ شِعري أيُّ شَمسٍ زاوَرَتْ عَنهُ وعَنكِ .. !
لَيتَ قَلبي مَعَكِ يَخطوَ نَحوه ..
عودي لـِ فُتاتَ أحلامي ..
واكتُبي شِعراً يُهاجِر ..
يا صَعيبةً على ارتحالِ سَماءٍ اغتَسلتْ مِن شَطّكِ ..
يُشَتِتُ ناظريَكِ تَوغلاً في عسْجُدِ الدّروب ..
فَتومئي لِخُلجانِ الكَّفن المَسجون ..
في جَسَدِك ..
 
وتستمر بهذه المحاورة بين ذاتها الداخلية وبين الروح من كانت تحبها وكأننا أمام محاورة بانقسام الذات بين حب الوطن أو عدم جدوى الاستمرار بحبه ولكنها تتمسك بحب الروح للوطن كي تعيد قناعتها أو تجدد قناعتها بحبه حيث تؤكد هنا عن شعرها التي كتبته بحب الوطن من خلال حب الروح له حيث هنا ترتقي بحبها بقدر حبها إلى الروح ، فبقدر أن حبها إلية تريد أن تراه كالشمس التي بقدر ما تشرق على الوطن تشرق على الروح وبهذا يكتمل ويتمازج هذا الحب بقدر حبها إلى روح أمها ، ونشعر أن الشاعرة تتمسك بحبها إلى أمها لأنها التي كانت لها الرمز الذي علمها الكثير ومنه حبها إلى الوطن ، وهنا هو تداخل كبير استطاعت الشاعرة أن تفرد المعنى الجوهري بين يأسها من حضور روح أمها وبين أمكانية تغير هذا الوطن إلى الأفضل ، لهذا أخذت ترتب كل هواجسها من خلال امتزاج حبها إلى أمها الذي يرتقي إلى مستوى حبها إلى الوطن ،فأخذت كل مناشداتها إلى أمها تعكسها إلى الوطن ، حيث أن أمها ترتقي إلى مستوى عالي القيمة والمؤثرة على تكوين كيانها الوجودي في الحياة لهذا تعتبر كل حب لها في الحياة مهما ارتقى بقيمته وانتمائه لا يوازي حبها إلى أمها لهذا هي تحاول هنا أن تناشد الرموز التي علمتها أمها ليصبح بمستوى رموز حبها إلى وطنها ، فنجد أنها تطلب من أمها أن تعود إلى فتات أحلامها وأن تكتب الشعر الذي أنشدته بحب الوطن(لَيتَ شِعري أيُّ شَمسٍ زاوَرَتْ عَنهُ وعَنكِ .. !/ لَيتَ قَلبي مَعَكِ يَخطوَ نَحوه ../عودي لـِ فُتاتَ أحلامي ../واكتُبي شِعراً يُهاجِر ..)
وهنا يتداخل خلود أمها كخلود الوطن أي يصبح حبها إلى الوطن خالد مها طال الزمن لهذا يرتقي خلود أمها إلى مستوى خلود الوطن لأنها علمتها كيف تحبه وأن الأرواح لا تخلد إلا بحب الوطن ، أي يتحقق هنا الامتزاج الكلي بين حبها إلى وطنها مع حبها إلى أمها وهذا يبين عمق تأثير أمها على ذاتها الداخلية ، فهي لا تتصور أن أمها سوف ترحل لأنها خالد في روحها كخلود الوطن مع أنها رأتها في الكفن المسجون في جسدها (يا صَعيبةً على ارتحالِ سَماءٍ اغتَسلتْ مِن شَطّكِ .. /يُشَتِتُ ناظريَكِ تَوغلاً في عسْجُدِ الدّروب ../فَتومئي لِخُلجانِ الكَّفن المَسجون ../في جَسَدِك ..)
بهذا حققت التوازن الوجودي بين من علمتها الحب وبين الوطن نفسه ....
 
 
ليَرتَمسَ ويُرخي سُدولَهُ الظَّن ..
بارتِجافاتِ أصابِعك ..
تِلكَ كانتْ تَنتَزِع الصَّمتَ مِن زُهورٍ ناعِسة ؛
وَتَغرِسُ في الجَّدبِ بَذراتِ حُبكْ ..
تَستَقي مِن لَهثةِ الأنفاسِ ولُهافِ روحِكْ ..
يَبْتَّلُ الكلامُ مِن غُيومٍ أورَعها الضِّيا ..
في شُعثٍ مُتوارٍ لمَوجٍ جاثمٍ كالتلال ..
 
 
هنا الشاعرة تريد أن تؤكد أو تبين قيمة أمها الفعلية في الحياة والتي جعلها تؤمن بمستوى تفسيراتها والتزامها بكل مشاعرها اتجاه الوطن والأشياء الأخرى ، أي تريد أن توضح الحقيقة اليقينية التي جعلت من ذاتها هي محور لكل ما تؤمن به أمها وتعيشه ، فهي ترتمس وترخي الظن حين سدوله بمجرد بارتجاف أصابعها وهي هنا تؤكد أن أمها كانت صادقة بكل مشاعرها لأن مشاعرها ملتصقة بذاتها من الداخل وليس مجرد حركات الظاهر بل كل مشاعرها قادمة من أعماقها ولا تتغير بتغير المحيط حولها ، لهذا هي رمز لكل أيمانها في الحياة ،لأنها تنتزع الصمت من زهور ناعسة وتغرس في جدب الحب أي أنها تستطيع حتى أن تجعل من الصمت فرح وبهجة وتجعل الحب يفيض حولها بالرغم الجدب الموجود حولها من الحب (ليَرتَمسَ ويُرخي سُدولَهُ الظَّن ../بارتِجافاتِ أصابِعك ../تِلكَ كانتْ تَنتَزِع الصَّمتَ مِن زُهورٍ ناعِسة ؛ /وَتَغرِسُ في الجَّدبِ بَذراتِ حُبكْ ..)
فحتى الظن بأنها لا تمتلك كل هذا العمق بالمحبة غير صحيح لهذا فليرتمس ويرخي هذا الظن لأنها ستبقى الرمز للحب حتى في زمن الجدب .. 
 
يا صّدى نَزفُكِ مَوصولاً مَع العَبير ..
بَينَ خبايا الليل ؛ يَحملُ الطُّهرَ والنَّماء ؛
يَعبرهُ الصَّباحَ فَتُسكِرهُ الحُقول والبيادر ..
أهوَ صدىً .. ؟!
أم زَخة ً كَخفقةِ الدَّمع ومِدرارَ فُيوض !!
تُرعِدُ بِغيثٍ مالِحٍ يَنتَشيَّ مِنهُ مقَوَّس الأغصانْ ..
وَيَستَشيطُ في أعصابِها وأصلابِها ..
هكذا ..
كانَ تَلَعثُمَ جُنونَ الصَّدى ..
وهَكذا ..
 
وتستمر الشاعرة ببيان فضائل أمها التي أرتقت إلى الرمز الذي يمثل كل الحب في زمنها ، لأنها تحمل الطهر والنماء ،( يا صّدى نَزفُكِ مَوصولاً مَع العَبير ../بَينَ خبايا الليل ؛ يَحملُ الطُّهرَ والنَّماء ؛/يَعبرهُ الصَّباحَ فَتُسكِرهُ الحُقول والبيادر ../أهوَ صدىً .. ؟! )
وهنا يمتزج الرمزين رمز الوطن ورمز الأم ويصبحان كل واحد منهم يعبر عن الأخر بوسع مساحات العطاء التي يمتلكانها أي رمز أمها ما هو إلا صدى إلى رمز الوطن وبهذا نحن أمام شاعرة استطاعت أن تتنقل ما بين الترابط الموجود بين رمزين هما يمثلان لها كل الحياة التي تعيشها وباستعارة عالية جدا إلى حد جاءت الصور الشعرية تحمل كل المضامين المعاني بشكل مكثف يعطي إلى المتلقي كل مفردات اللغة العميقة بعيدا عن المباشرة بل تعطي إلى الرمز كل مبررات الحياة واستمراره كعنوان يؤكد قيمة الحياة حولها أي أنها استطاعت أن ترتقي بالرمز إلى مستوى الفهم الفكري لمدركات الحياة الايجابية حين تتوفر الرموز التي توسع معنى في وجودنا وحضورنا الإنساني ، وهي بهذا أبقت بؤرة النص كعملية تكثيف مفردات اللغة والارتقاء بمضمون النص إلى مستوى عالي من احتواء لتفسير الرمز دون دخول في مناطق الغامضة وبعيدا عن المباشرة وهذا ما يميز نصوص الشاعرة أنغام الأسدي ( أم زَخة ً كَخفقةِ الدَّمع ومِدرارَ فُيوض !!/تُرعِدُ بِغيثٍ مالِحٍ يَنتَشيَّ مِنهُ مقَوَّس الأغصانْ .. /َيَستَشيطُ في أعصابِها وأصلابِها ../هكذا ../كانَ تَلَعثُمَ جُنونَ الصَّدى .. /وهَكذا ..) وهي تطرح هنا سؤال عن أمها هل هي بهذا المستوى من الرمز وتحاول أن تجيب عليه من خلال تفاصيل تحاول أن تثبت أنها فعلا كانت بمستوى الرمز الذي أرتقي إلى مستوى الوطن في كل حالاته ،وتصل إلى النهاية كي تقطع أي سؤال يتولد مرة أخرى أنها هكذا ،أي أنها تريد أن تؤكد قناعتها النهائية الحتمية لأمها كي لا تصاب قناعتها بالوهن أو الضعف ...بل هي هكذا بهذا المستوى العالي من الرمز ...
يُخالِجُ روحي نَزفُكِ بَينَ قَحطٍ ونَماء ..
فلا سَرابَ في تَوَّحُدٍ يُضمئُ صَوتُكْ ويُشَتِتُ صَداه ..!
!
!
لاااااا سَراب ..
وتستمر إلى أخر النص بهذا التمازج بين أمها الرمز الذي أستطاع إن يكون كرمز الوطن فقدر ما يصاب الوطن بالقحط والنماء مثل أمها ، وهنا تريد أن تؤكد حقيقة بأن أمها سوف تبقى خالدة فيها بخلود الوطن التي علمتها كيف تحبه وبهذا المستوى من الحب ، وأن حبها إلى الاثنين هو خالد فلا سراب في توحد يظمئ صوتها بل هي الحقيقة المستمرة في روحها أبدا ، (يُخالِجُ روحي نَزفُكِ بَينَ قَحطٍ ونَماء ../ فلا سَرابَ في تَوَّحُدٍ يُضمئُ صَوتُكْ ويُشَتِتُ صَداه ..!/لاااااا سَراب ..) 
فلا يمكن أن يؤثر على حبها إلى الاثنين وأن هذه هي الحقيقة وليس سراب ..والشاعرة بهذا حقق التوازن الكامل بين بؤرة النص والمعنى الذي تريد أن توصله من خلال البؤرة المتحركة التي حقق المعنى بانسيابية النص ضمن النضج الفكري والوجداني في مضمون النص والمعنى الذي أرادت الشاعرة أن توصله إلى المتلقي من خلال التناقل بين رمزين اللذان أنضجا النص بصور تلقائية رائعة محكمة الفكر والانسيابية .. 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عباس باني المالكي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/01/14



كتابة تعليق لموضوع : قراءة نقدية لنص (إليـــكِ) للشاعرة العراقية أنغام الأسدي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net