الدولة و المثقفون و المجتمع المدني
ذوالفقار علي هادي الدليمي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
ذوالفقار علي هادي الدليمي

لا زالت إشكاليات البحث عن الحقيقة حتى الآن تتركز و تصطدم بجدار العلاقة الجدلية بين الدولة,كدولة سلطة بشكل عام,وبين المثقفين حيث مرت العلاقات بين الدولة و المثقفين بمراحل تارة تظهر بنوع من التعاون, و تارة أخرى تظهر بنوع من التصادم, في حالات التعاونكانت الدولة تسمحللمثقفيت بالعمل بحرية أو في مناخ يكاد يكون متحرراً نسبياً, بل كانت الدولة أداة لإنتاج المثقفين, و ذلك من خلال تطبيق النظم التعليمية الحرة, و دعم البحث العلمي من خلال تقديم المُنح و تهيئة البنية التحتية اللازمة للبحث أما في حالات التصادم ففي أحيان كثيرة تلجأ الدولة الى ممارسة وسائل متعددة و متشددة لتقليص الحرية الثقافية الأكادمية, و من الوسائل التي أستخدمتها الدولة لغرض آرائها على المجتمع التعليمي الأكاديمي كان تقيدها بعمليات تحويل البحوث و تشديد الرقابة على المثقفين, بل و إعتقالهم و ليس بالأمكان رغم ذلك إدراك و معرفة العلاقة بين الدولة و المثقفين بشكل عام إذ لم تأخذ بنظر الإعتبار أحد العوامل المهمة في تشكيل تلك العلاقة ألا و هو المجتمع المدني إذ نستطيع القول أن المجتمع المدني في العالم أجمع كان حليفاً للمثقفين في بعض الفترات التاريخية, و بالتالي يقودنا الى السؤال من هم المثقفون؟ هل هم طبقة بحد ذاتها ؟ أم هم شريحة طبقية ؟ أم هم شريحة تنتمي الى النخب؟ أم هم يمثلون ضمير المجنمع؟ بالإضافة الى ذلك هل يمثل المثقفون جماعة او فئة طبقة متجانسة ؟ و هل يحتلون موقعاً محدداً في علاقات الإنتاج القائمة؟ و ما هو حجم تأثيرهم في مجتمعاتهم؟ كل مجموعة إجتماعية تنتج بشكل عضوي فئة أو أكثر من المثقفين و يتولى ذلك المثقفون مهمة إكتساب المجموعة الإجتماعية تجانسها و وعيها لوظائفها ليس فقط في المجال الإقتصادي, و لكن غالباً ما في المجالات الأجتماعية و السياسية.
أن ما يميز المثقفين عن بقية الجماعات الإجتماعية هو الدور الخاص الذي يلعبونه في عالم الإنتاج, وإن دور المثقفين هنا ليس مباشراً و إنما يتوسط البنى الفوقية التي يقوم فيها المثقفين بدور و ظيفي, و يعني ذلك إن المثقفين يلعبون دوراً خاصاً في تنظيم الحياة الإجتماعية و هيمنتها و سيطرة الدولة, و هم يرتبطون أساساً بمستوى البنية الفوقية : المجتمع المدني ,و المجتمع السياسي أو الدولة, إذن تتميز المجتمعات الحديثة بالتعقيد الناتج عن عمليات التباين و التخصص في التقسيم الإجتماعي للعمل الإقتصادي و الثقافي, و المدرسة هي أداة صنع المثقفين بمختلف المستويات , و صناعة الفئات المختلفة لا تتم على أرضية ديمقراطية مجردة, فالمدرسة بوظيفتها التنظيمية تفسح المجال أمام تقسيم معين للعمل و تدرج في مدى التأهيل الذي يتباين مشاركة (المثقف) في إدارة الدولة و قيادتها.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat