صفحة الكاتب : ماء السماء الكندي

الحسين (ع) دستور الأمم .. إذا عظمت الغمم
ماء السماء الكندي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

ترتكز قضية الإمام الحسين عليه السلام على أسس سميّـة وقواعد أخلاقية مليئة بالحكم والصلاح والتضحية ، وتتسم بإيديولوجية إدارة المجتمع والسبل الصحيح التي سار عليها الحسين عليه السلام للوصول إلى بر الأمان وزق أفكار المحبة والتسامح في نفوس الأمة جمعاء وقد اظفر الإمام في صف المجتمع فكريا حين قال ((ما خرجت أشرا ولا بطرا ولا ظالما ولا مفسدا وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي رسول الله)) والإصلاح في معنى كلام إمامنا الحسين عليه السلام هو إعادة وضع النقاط على الحروف وتهذيب المجتمع وفق الأسس والمسارات التي وضعها رسولنا الكريم وحبيب رب العالمين محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والتي تم العبث بها بعد ملاقاته ربه ، وأخذت الفئات تنقسم كالخلايا مكونة ائتلافات تسعى لنيل السلطة ووضع دستور جديد وتناسي الدستور الإلهي ( القران الكريم) الذي نطق به الله العزيز من خلال لسان نبينا الأكرم ، وبعد أن انشطرت الفئات وخرجت عن مسارها  راحت الكتب تخط سيرة من لم يكن له حيزاً ولا موئلاً في إقامة الدعوة الإسلامية وقد اختصر رسولنا الكريم قيام الإسلام على ثلاثة محاور حين قال ( لم يكتمل دين محمد إلا على ثلاث : لسان حسان وأموال خديجة وسيف علي ) وتلك المقولة قد وظفها صلوات الله وسلامه عليه من خلال جمع أمور إتمام الدين والتي تركزت على مبدأ المال لإدارة شؤون المسلمين ولسان بليغ يعمل على تأبيد الحق في نفوس المنصتين والقوة الضاربة التي تصد هجمات المتخلفين وعـَبَـدت الدنيا ، لقد أكد نبينا بالتمسك بكتاب الله وآل بيته لأنهم ورثت علمه وحجج الله على عباده وان التمسك بما أوصى به الرسول يعتبر سفينة لنجاة القوم من الغرق في بحر الخلافات والمنازعات والإرساء بدين الله إلى غايات ليست أهلا لإقامة دولة الخالق، وقد وثقت الآية الكريمة (( وأكثرهم للحق كارهون )) منهج ما ستؤول إليه الأمة بعد وفاة خاتم النبيين حتى  وصل الحال إلى نشوء أفكار وقرارات ولدت بدءاً على أسس إسلامية لكنها تسير في سبل معــوّجة.

إن استشهاد سبط رسول الله في سبيل ربه الواحد المتعال له من المآخذ والتحليلات ما اترع مجلدات المؤرخين وان لخروجه الشريف على عـَبَـدت النفس والدنيا ما هو إلا رد قاطع على ميول تلك الفئة إلى طريق الضلالة والحلكة ،و بديهي الإشارة إلى إن زمن الأئمة الأطهار ونبيهم الكريم محمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين كان زمن المثاقفة البلاغية وحد اللسان وتلك المؤهلات التي تمتعت بها الشعوب لم تكن في صف السموّ ولم تصل مرحلة التنزيه من المغالطات بل كانت محل إثارة الانقلابات وجر جحافل المناصرين إلى دهاليز الطمع والتلونات المادية المتمثلة بالفساد المطلق الحدود، وقد  أشار الإمام الحسين (ع) إلى تهذيب النفس ومراجعة الذات وكانت دعوته بمثابة الفرصة الأخيرة للرجوع إلى الصواب والتزاحم تحت راية الإسلام ، لكن لعنة الحكم والسلطة أعظم بكثير واهم بكثير مما أراده الحسين(ع) بنظر أعدائه، وكان ندائه الشريف إلى طلب مناصرته بمثابة حجة حاجج بها من يرى ان باستطاعته ان يسير على نهج الحق ولقاء ربه باستحسان من لدنه ولم يكن ندائه (ع) تمسكناً او ترجياً بجبابرة عصره لأنه  لو رفع يديه إلى السماء وناجى ربه بكلمات زقها رسول الله في نفسه الزكية لخسف الأرض بالمارقين وامحي سلالة بنو أمية لكنه رحمة للعالمين ومتمم ما أمر به وليس لديه من القرارات إلا ما أمر بها وكان (ع) قد قدم ابنه الرضيع ( عبد الله )  قرباناً لربه الكريم ونسج من موقفه آية حقة ليدرك العالم اجمع أي جريمة ينتهجها ابن آدم للحفاظ على ماله وجاهه وهو زائل لا محال.

قال أدولف ألويس هتلر زعيم الحزب النازي (كان بإمكاني أن أقتل جميع يهود العالم و لكن تركت بعضا منهم ليعلم العالم لماذا أقتلهم) وقد ترك هتلر نماذج من الممسوخين بدعوة منه كي يدرك العالم مدى قبح وجرم هؤلاء.. وهو حال الناكثين بالعهد من قتلة الإمام الحسين (ع) ومن تبعهم واقتدى بهم وما معناه ان للظالمين مواقف لا تعد تعدي على الفرد فقط بل على الله جل ثنائه وما قام به أعداء أهل البيت هو محاولة منهم لقطع نسل المكرمين والمقربين وحجج الله على خلقه وطمر الرسالة الإسلامية ولم ينالوا إلا القهر والهوان.

إن الحسين ابن علي ابن أبي طالب صلوات الله عليهم أجمعين نموذجاً حي سميّ منزه من الأخطاء والزلل.. وما هو إلا لسان حق مبين وقد ضحى بنفسه وعياله كخطوة منه لإتمام رسالة جده الشريفة وتسديد ضربة موجعة للمنافقين ليوضح خبثهم وجبنهم ودورهم الفعال في التطاول على من وصفه الرسول الكريم بريحانته المباركة وهم اعلم بمنزلته ومكانته ، لكنهم أبوّ أن يرتد طرفهم كالتفاتة منهم لتفسير ندائه حينما قال (الا من ناصر ينصرني).

لقد دوّن أبي عبد الله الحسين عليه السلام بدمه الكريم على قرطاس كربلاء المقدسة دستوراً نابع من البلاغة والحكمة والإنسانية والتفاني وقد أوعز بسيرته الشريفة إلى حكام العصور المتواترة كي ينتهجوا منهجه المبارك المليء بالتضحية وإنعاش المجتمع وان يكون استشهاده الكريم محطة وقوف للتأمل بكيفية إدارة المجتمع وبناء الدولة التي لا تزول مع تآكل العرش المتقلب بل بزوال العالم أجمع حين ينفخ إسرافيل ببوق الفناء.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ماء السماء الكندي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/12/20



كتابة تعليق لموضوع : الحسين (ع) دستور الأمم .. إذا عظمت الغمم
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net