صفحة الكاتب : رائد عبد الحسين السوداني

مغزى التصعيد ؟
رائد عبد الحسين السوداني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 عندما ينظر المرء الاعتيادي فضلا عن المختص بالشأن السياسي للوضع الداخلي السياسي في العراق في أواخر 2012،لا يجد إلا مفردات التصعيد لاسيما على المستوى الخاص بالمفردات  العسكرية فيما يخص العلاقة بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان العراق والذي منه رئيس الجمهورية ووزير الخارجية ونائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية ووزير التجارة ووزير الصحة ورئيس أركان الجيش وقائد القوة الجوية ،والتهديد متبادل بين الطرفين تستخدم فيه مفردات تهديدية (لو صح التعبير) عادة تكون بين دول متصارعة وليس بين أبناء البلد الواحد ،من قبيل نرفض الاحتلال ،وسندافع عن أراضينا ،وسندافع عن حقوقنا ،بعد أن كانت سنقاوم الدكتاتورية وسندافع عن حقوقنا الدستورية ،وهكذا ،فلماذا تحولت المفردة التصعيدية من دفاع عن حقوق مكتسبة إلى دفاع عن حدود وأراض وحقوق فيها ،في مقابل نبرة تنم عن قولبة الخلاف وتصويره بأنه نزاع وصراع قومي بين العرب وبين شركائهم في الوطن مثلما صور مشروع سحب الثقة بأنه قضية شيعية – سنية،وانشقاق لطرف  شيعي ضد مذهبه لمجرد اجتماعه ومن ثم مناداته بإصلاحات والابتعاد عن حكم الفرد الواحد . 

وتطور التصعيد وهو الأخطر في ذلك و يتمثل في تحريك القوات من الطرفين،واتهامات للحكومة المركزية بتسليح العشائر العربية في كركوك  ،يصاحبه إبراز لوثائق من قبل قوات البشمركة الكردية خاصة بقائد القوات البرية العراقية يصف فيها قطعات البيشمركة بأنها العدو وهذا إن ثبتت صحتها تحولا خطيرا في ملف العلاقة بين الكرد والحكومة المركزية قد لم يحدث حتى في العهود السابقة حتى أن الشخص الثاني في رئاسة إقليم كردستان حذر من أن الحكومة المركزية تصور ما يدور بين الإقليم والحكومة الاتحادية على أنه صراعا قوميا وهذا أيضا يعد تحول أخطر وفي تصورنا الشخصي من أن تصور قوات البيشمركة بأنها عدو وفي نفس الوقت تصاعدت أقلام تدعو إلى الانفصال ،ومنهم من دعاه بالطلاق بالحسنى أو الانفصال بالتراضي حقنا للدماء بين الطرفين ،وهذه الدعاوى وإن كانت بعضها بحسن نية لكن بعضها يغذي الخلاف ليتحول إلى صراع لأنه يدفع كل طرف للتمسك بسقوفه العالية والتعنت فيها في ظل تصريحات يقودها نواب من الطرفين لاسيما من المقربين من قادتهما ،من قبيل تصريحات ،تقول،أن رئيس الإقليم خطر على العراق ،وهذا التصريح كان له أثرا عكسيا على موقف رئيس الجمهورية العراقي (الكردي) تجاه رئيس الوزراء (العربي) والذي كان يصرح بأن بديل رئيس الوزراء هو نفسه رئيس الوزراء بشخصه لضرورات المرحلة وفعلا أوقف وأفشل مشروع سحب الثقة الذي قاده كل من التحالف الكردستاني وائتلاف العراقية وكذلك التيار الصدري ،إذ وصف تصريح المقرب جدا من رئيس الحكومة الاتحادية بأنه إعلان حرب ضد الكرد ،وقد تساءلنا في مقال سابق عن هذا التصريح بالقول "ولماذا في هذا الوقت الذي يشهد برودا إن لم نقل فتوراً في العلاقة بين الحزبين الكرديين ،كانت إحدى أكبر مصاديقه عدم زيارة مسعود البارزاني للرئيس جلال الطالباني لا في المستشفى في ألمانيا ،أو عند عودته من هناك إلى السليمانية على الرغم من أن أكثر الساسة ومنهم الساسة العرب يتقدمهم رئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب قد زاروا الرئيس ليهنئوه بسلامة العودة إلا رئيس الإقليم الذي غاب بحجة التزامات بزيارات دولية ،وعند عودته أيضا لم يقم بزيارة الرئيس الذي كان في بغداد ،وفي خطوة هي لذر الرماد في العيون أريد منها التظاهر بعدم وجود هذا الفتور في العلاقات بين الطرفين ،طار الرئيس طالباني إلى أربيل للقاء رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني ورئيس الإقليم،وفعلا تم اللقاء في مقر إقامة الرئيس طالباني وبتحليل مبسط جدا للصور التلفزيونية للقاء ،أظهرت بأنه لقاءا باردا حاول فيه الطالباني أن يرسم ابتسامة خجلى على شفتيه لم تقنع المشاهد المراقب ،وظهر فيه السيد مسعود البارزاني متجهم الوجه أيضا،كما الآخرين،وقد أشارت التقارير الخبرية أن رئيس الإقليم الذي لم تدم زيارته لرئيس الجمهورية أكثر من ساعة ،خرج وهو غير راض عن طروحات حليفه اللدود ،لاسيما عن مشاركة حزبه في حكومة أغلبية جديدة يشكلها المالكي عند حل هذه الحكومة" ويلاحظ هذا التصعيد بين الإقليم والمركز انحسار الصراع بين القائمة العراقية ولو مؤقتا الخصم اللدود لائتلاف رئيس الحكومة ،لا بل أن أحد صقور العراقية (رئيس البرلمان) والذي كان أحد أركان اجتماع أربيل الثاني والذي خرج بمشروع سحب الثقة يقوم بوساطة بين الطرفين ،فلماذا كل هذا الذي يجري ،وما هي نتائجه ؟ إن الذي يجري وبطبيعة الحال هو ليس ابن ساعته وابن يومه بل له تراكماته ،لكن أن الاحتقان الحالي يكمن في عدة أمور نستطيع أن نجملها مع النتائج بالنقاط الآتية :
1- الفشل ومن الطرفين في تقديم ما يرضي المواطنين وبشتى مجالات الحياة لاسيما في المركز ،وكثرة فضائح الفساد التي أخذت تترى ودائما يكون أبطالها من المقربين من مركز القرار  .
 
2- وجود أزمات داخلية تتمثل في وجود أصوات معارضة أخذت تتضخم لاسيما في الإقليم تطالب بإلغاء حكم العوائل فيه  ووصلت الأمور لتغيير فقرات في دستور الإقليم .
 
3- دخول أطراف خارجية على الخط تتخوف من التغول الكردي العراقي لو صح التعبير ،ولا مصلحة لها في ذلك (تركيا بالذات) مع أنها تظهر للملأ بإقامة علاقة وثيقة مع كرد العراق في مقابل إضعاف موقف حكومة المركز ،وهنا الهدف واحد ويتمثل في جر الطرفين إلى نقطة اللا عودة ومن ثم الصدام والذي يراد منه هدف واحد لا غير هو عودة القوات الأمريكية وهذه المرة بطلب من العراقيين وبتمويل عراقي بزعم الفصل بين المتخاصمين أو المتحاربين وحقن دماء العراقيين  والحفاظ على وحدة العراق .واعتقد أن الصدام واقع لا محال وإن يؤجل فلفترة محدودة ،تعود الأطراف إلى نفس مزاعمها لوجود من ينفخ فيها وكذلك وجود ظروف داخلية تحتم الهروب إلى أمام .
أما هل هناك فرصة لتدارك الصدام هذا الذي نتوقعه فهنا نفترض عدة أمور ،أولا نفترض عدم وجود أمريكي في الحياة السياسية العراقية وبالتالي الدفع بهذا الاتجاه .الثاني :نفترض عدم وجود حالة كردية في المحيط الجغرافي للعراق لاسيما في الجار التركي الذي لا يعترف بوجود قومية تركية .
الثالث :نفترض وجود قيادات سياسية لها أفق واسع لا تحتكر السلطة لنفسها وليس لأحزابها بل يتحول الأمر إلى حكم أسري ثم فردي ،ونفترض وجود قناعة بمبدأ تداول السلطة لديها ،ونفترض وجود مستشارين يضعون الأمور أمامهم بحقائقها ويقرئون النتائج المتوقعة من سياسات حافة الهاوية ،ونفترض عدم وجود أبواق تصور الصراع والصدام وإلغاء الشريك في الوطن ،ومحو الآخر ، كأنها نزهة في منتجع أو هي معركة الزهو الذي ما بعده زهو ،نؤكد أن الحل يكمن في تنحي الطرفين عن سدة المسؤولية لأنهما طرفا أزمة وليس طرفا حل أو بناء .
 
رائد عبد الحسين السوداني 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


رائد عبد الحسين السوداني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/12/04



كتابة تعليق لموضوع : مغزى التصعيد ؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net