الشهادة الثانية هي الشهادة بالنبوة فقط لا غيرها !
مير ئاكره يي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
معنى ومغزى الشهادة الثانية في الاسلام :
إن المعنى والمغزى الحقيقي للشهادة الثانية بعد شهادة التوحيد هي ؛ أن محمد بن عبدالله هو نبي الله ورسوله الذي آصطفاه وآختاره للناس كافة في شرق الأرض وغربها . وذلك لتبليغ تعاليم الله تعالى وأحكامه وكتابه الذي أوحي اليه منه سبحانه . ففي الاسلام إن محمدا هو نبي كسائر الأنبياء الذين آختارهم وآصطفاهم الله تعالى الى شعوبهم وأقوامهم لتبليغ الرسالات والتعاليم الإلهية اليهم ، لكن النبوات والديانات والكتب الإلهية المُنَزَّلَةِ كلها قد خُتِمَتْ وتكاملت بنبوة محمد – عليه الصلاة والسلام – وبالاسلام وبالقرآن الكريم ، عليه فإن محمدا هو عبدالله ونييه مثل بقية الأنبياء والمرسلين – عليهم الصلاة والسلام - . على هذا الأساس تكون إطاعة الأنبياء واجبة بعد إطاعة الله تعالى أولا ، لأن الأنبياء هم مفسروا ومبلغوا رسالاته وكلامه وتعليماته ، وهم أعرف الناس بها ، وهم أكثر الناس إيمانا وتقوى وتطبيقا لها إذن ، فطاعة نبي الله محمد – ص – في الاسلام تكمن في هذا الإطار الذي ورد ! .
لقد وردني سؤال مفاده : ( يقترن إسم الرسول مع إسم الله في الطاعة وفي كل شيء ، هل هذا شرك أم توحيد ) ، وقد إستدل السائل بالآيات القرآنية التالية ، وسيكون جوابي ضمن تلاوة تلكم الآيات ، وحاشا الاسلام من ذلك :
1-/ { قل : أطيعوا الله والرسول * فإن تَوَلَّوا فإن الله لا يحبُ الكافرين } آل عمران / 32 . تذكر الآية بضرورة إطاعة الله تعالى أولا ، ومن ثم رسوله في موضوع قبول الاسلام وتعاليمه ، فإن أعرضوا ولم يقبلوا فالله لايحب الكافرين . في هذه الآية نرى إن الحكم الأخير هو لله تعالى لا لنبيه عليه الصلاة والسلام ، وهكذا نلاحظ هذا الحكم في جميع الآيات القرآنية .
2-/ { إذ هَمّت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليّهما * وعلى الله فليتوكّل المؤمنون } آل عمران / 132 . لقد أخطأ السائل هنا ، إذ لا يوجد ذِكْرٌ صريح لرسول الله محمد – صلى الله عليه وآله وسلم - ، أو إسمه في هذه الآية ، وبخاصة بالمعنى الذي توهمه ! .
3-/ { فبما رحمة من الله نِلْتَ لهم ولو كنتَفَظَّا غليظ القلب لآنْفَضُّوا من حولك : فآعفُ عنهم وآستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عرمتَ فتوكّل على الله * إن الله يحبُ المتوكّلين } آل عمران / 159 . تتحدث الآية عن الحنان والرحمة لرسول الله محمد – ص - ، لأنه لو كان قاسيا وخشنا وعنيفا وغليظ القلب لم يتمكن من جمع الناس حوله ، أو إقناعهم برسالته ، لذا عليه أن يتجاوز عن المخطئين ، وعن عثراتهم ، وأن يطلب لهم الغفران من الله تعالى ، وأن يشاورهم في الأمور الدنيوية . واذا صمم على أمر بعد الإستشارة فعليه التوكل على الله تعالى ، حيث انه يحب المتوكلين عليه والمفوضين أمرهم اليه .
أنا لا أدري ما وجه الإشكال الذي آستشكل على السائل في هذه الآية ، فالآية تبين طرفا من أخلاق النبي العالية ، ومن ثم توضح فضل الله عليه ونصائحه وتعاليمه اليه . عليه نلاحظ بوضوح هنا ، وفي جميع المواضع في القرآن الكريم أن الآمر والناهي فقط هو الله سبحانه لا محمدا – ص - ولا غيره ، وذلك بخلاف الذين نعرفهم حيث يؤلِّهون العباد المخلوقين من أنبياء الله تعالى ! .
4-/ { قل : أوحي إليَّ أنه آستمع نَفَرٌ من الجنِّ فقالوا : إنا سمعنا قرآنا عجبا * يهدي الى الرشد فآمَنّا به ولن نُشْرِكَ بربنّا أحدا * وأنّه تعالى جَدُّ ربنا ما آتّخَذَ صاحبة ولا ولدا } الجن / 01 – 03 . تقول الآية مخاطبة رسول الله محمدا – ص – بأن يخبر قومه بأن جماعة من الجن قد آستمعوا له حينما كان يقرأُ القرآن ، فقالوا بأنهم إستمعوا الى قراءة عجيبة ، أو قرآنا عجبا لا يشبه كلام البشر ، وإنه يهدي الى الرشد ، ونحن قد آمنا به ، ولن نشرك بعده بالله تعالى ، حيث تعالت عظمته وقدرته . و[ الجَدُّ ] بمعنى العظمة ، أي تعالت عظمة الله وقدرته الذي ليس له صاحبة ولا ولدا ، لأنه سبحانه منزه عن الشبيه والمثيل والمثال والنظير . الآية قررت صراحة نفي الشرك والشريك عن الله تعالى ، فأين الزعم المزعوم !؟
5-/ { وأنَّ المساجد للهِ فلا تدعو مع الله أحدا } الجن / 18 . المساجد في الاسلام هي بيوت الله تعالى ، والمسلمون فيها لايدعون ولا يستغفرون ولا يتوجهون فيها إلاّ الى الله عزوجل ، إنهم يتوجهون بالدعاء الى النبي ، وأنهم لايطلبون الغفران منه ، وأنهم لا يتوجهون اليه ، بل إنهم يفعلون ذلك كله لله تعالى فقط كما جاء في القرآن العظيم ، في هذه الآية حيث هي خطاب الى رسول الله محمد ص – نفسه : { قل : إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين } . في الاسلام حتى النبي يصلي لله ويعبده ويتوجه اليه بالدعاء ، حيث هو بشر كسائر البشر ! .
أخيرا إن المسلمين يقرأون في صلواتهم المفروضة وغيرها الدعاء التوحيدي الخالص التالي ، وفيه أن محمدا هو عبدالله ورسوله فقط :
{ التحيات لله ، والصلوات والطيبات لله ، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أشهد أن لا إله إلاّ الله ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله } !!!
فهل يوجد توحيد أنقى وأزكى وأصفى وأخلص من التوحيد الإسلامي لله سبحانه ! ؟