صفحة الكاتب : مير ئاكره يي

القرآن الكريم : دعوة مباشرة الى التوحيد الخالص الجزء الأول
مير ئاكره يي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 كلمات أولية موجزة :
يظن البعض أنهم اذا آستخدموا الشطارة والخِدَعِ والمغالطات والملتويات من الطرق بإمكانهم إلقاء الغبش والضوضاء على الدعوة التوحيدية الصريحة المباشرة الخالصة في القرآن الكريم ، وهم يفعلون ذلك إنتصارا لِمَا عندهم من عجائب المتناقضات وغرائبها ، ومن كبرى الإضطرابات كالإضطراب الزئبقي الذي ليس له قرار ولا سكون ولا ثَبات . لهذا السبب ، الى جانب أسباب أخرى فقد تخلّى الكثير من كبار العلماء والمفكرين والشخصيات الدينية عن تلكم العقائد ، والى الأبد ! .
فالآيات القرآنية هي بيّنة وواضحة ، وإنها جليّة وصريحة كل الصراحة في الصدع المباشر بتوحيد الله سبحانه توحيدا خالصا في أحديته المطلقة ، وفي دلالاتها وأبعادها التوحيدية المحضة ، وفي دحض الشرك والشريك عنه سبحانه دحضا مستدلا مُحْكَما ، وفي نسف أيَّ شبهة تسيء من قريب ، أو بعيد الى أحدية الله سبحانه وتعاليه وفردانيته المطلقة ! . 
على هذا الأساس لا يوجد في العالم كله كتابا يضاهي القرآن الكريم في إثباته للتوحيد الخالص والمنزّه لله الواحد الأحد الذي لاشريك له ، ولا نِدَّ ولا كُفْؤَ له سبحانه ، وفي تنزيهه للأنبياء كلهم ، وبدون إستثناء ، وفي دعوته التحررية الى التحرر من كل سلطة وسلطان غشوم وغاشم يريد أن يستعبد الانسان بإسم الدين ، أو السياسة ، أو السلطة ، أو أيَّ شيء آخر ، لأن حجر الأساس في الدعوة القرآنية ، وفي دعوة جميع الأنبياء – عليهم السلام – بشكل عام مبني على فلسفة { لا إله إلاّ الله وحده لاشريك له } ، هذا ما دعا اليه آدما وشيثا ونوحا وإدريس وزرادشت ويونس وذا الكفل ، وهذا ما دعا اليه إبراهيم ويعقوب وإسحاق وإسماعيل ويوسف وصالحا وشعيبا ، وهذا ما دعا اليه موسى وعيسى ومحمدا وغيرهم من إخوانهم الأنبياء  - عليهم جميعا أفضل الصلاة وأتم السلام - ! . 
مغالطات وعدم فهم لآيات قرانية ! : 
يزعم البعض إن في القرآن الكريم أيات تدل على التثليث الذي هو أساس الديانة المسيحية ، وهم يستدلّون في مزاعمهم بالآيات القرانية الموجودة في سورة { آل عمران ، الآيات : 42 ، 45 ، 49 و55 } ، وآيتين من سورة { البقرة ، الآيتان : 87 و 253 } ، وآيات من سورة { مريم ، الآيات : 17 ، 19 و21 } ، مع الآية الرابعة والتسعين من سورة يونس . إن تشبّث هؤلاء بالآيات القرآنية المذكورة لإثبات التثليث في القرآن الكريم ، أو إنه إعترف به لهو أوهن الدلائل وأضعفه وأكثرها بُعدا عن الفهم الصحيح  ، وفيما يلي تلاوة نصوص الآيات القرآنية المذكورة وتفسيرها لكي يتوضح مدى الخبط والتخبّط والعشوائية لهؤلاء الناس الذين هم في كل واد يهيمون  : 
أولا - / آيات سورة آل عمران : 
1-/ الآية الثانية والأربعون ؛ { وإذ قالت الملائكة يامريمُ : إنَّ اللهَ آصطفاكِ وطَهَّرَكِ وآصطفاكِ على نساء العالمين } 
التفسير : إن الملائكة أخبرت مريم وقالوا لها  : يا مريم إن الله تعالى قد آختارك وطهّرك وآصطفاك على جميع نساء العالم . وهذا الإصطفاء والإختيار الرباني لمريم وتطهيرها كان لمزايا خلقية وعبادية وتقوائية عالية عند مريم – عليها السلام - أولا ، وثانيا لِمَا سيكون لإبنها الانسان عيسى عبدالله من شأن رفيع في المستقبل ، وهو النبوة والرسالة الى بني إسرائيل إذن ، ما هو وجه التثليث الموجود في هذه الآية ؟ . إن كان القصد بأن الله تعالى أرسل ملائكته كي يبشروا السيدة الطاهرة مريم – ع – وتكلّموا معها فقد خاطبت الملائكة أناسا ونساء غيرهم أيضا ، منهم والدة موسى حيث أوحى الله تعالى اليها ما أوحى حول إبنها الرضيع موسى – عليه السلام - . يقول القرآن الكريم حول ذلك : { وأوحينا الى أمِّ موسى أنْ أرْضِعِيْهِ * فإذا خِفْتِ عليه فَألْقِيْهِ في اليَمِّ ولا تخافي ولا تَحْزَني إنّا رادُّوْهُ إليك ِ وجاعِلُوهُ مِنَ المُرسَلِيْنَ } القَصَصْ / 07 . في هذه الآية نلاحظ بأن الخطاب الإلهي جاء الى أمِّ موسى – ع – من الله تعالى مباشرة عبر الوحي لا الملائكة ، لأن الوحي ، أي جبريل هو أقرب الى الله تعالى وأكبر درجة ومنزلة من الكثير من الملائكة عنده ، فهل من المنطقي والعقلي والجائز أن يُتَّخَذَ موسى – ع – إبنا لله ، أو إلها ، أو شريكا له في الألوهية ! ؟ ، ثم إن الآية الثالثة والأربعين من نفس السورة تقول لمريم على لسان الملائكة : { يا مريمُ آقنُتِي لِرَبِّكِ وآسْجُدِي وآرْكَعِي مع الراكِعِيْنَ } ، وهذا بالطبع لم يكن قد وُلِدَ عيسى أصلا ، فلمن كانت تعبد وتسجد وتركع مريم إذن ، بحيث إن الضلع التثليثي الثاني لم يخلقه الله تعالى بعد بمشيئته في بطن مريم – ع - !؟ 
2-/ الآية الخامسة والأربعون : { إذ قالتِ الملائكة يا مريمُ : إنَّ اللهَ يُبَشِّرُكِ بكلمة منهُ آسمُهُ المسيحُ عيسى بنُ مريمَ وجيها في الدنيا والآخرة ومن المُقَرَّبِيْنَ } . 
التفسير : تقول الملائكة لمريم مبشرة لها بأمر الله تعالى وقضاءه بأنه سيولد منها مخلوق بإسم عيسى المسيح ، حيث أنه سيكون ذات وجاهة في النيا والآخرة ، ومن المقربين عند الله تعالى أيضا . وكل الأنبياء – عليهم السلام وجهاء في الدنيا والآخرة ، وهم من المقرّبين الى الله تعالى كما يخبرنا القرآن الكريم في الكثير من الآيات .
هؤلاء توهَّموا أن لفظ { كلمة } معناها أن عيسى هو كلمة الله تعالى ، وهذا خطأٌ واضح وعدم فهم جَلِيٍّ للآية برمتها ، فالآية واضحة وضوح الشمس في معناها ودلالتها ، حيث تفيد بأن الله تعالى بَشَّرَ مريم بأمر منه ، أي بأمر بشارتي من الله عزوجل الى مريم بولادة عيسى منها . 
ثم إن لفظ { كلمة } لم ترد بشان عيسى فقط ، بل إنه قد ورد كثيرا في القرآن الكريم ، وبشأن أنبياء آخرين أيضا ، أو حول مواضيع أخرى ، وللمثال نقرأ عن ورود لفظ { كلمة } بشأن آدم : 
{ فَتَلَقَّى آدمُ من رَبِّهِ كلمات ٍ فتاب عليه * إنه هو التوّابُ الرحيم } البقرة / 37 . وحول آدم والكلمات الإلهية الربانية التي تلقّاها نقف هنا قليلا لنقول : 
اذا كان عيسى قد تلقّى كلمة واحدة من الله تعالى فإن آدم قد تلقّى كلمات منه سبحانه كما لاحظنا من الآية المتلوّة ، ثم اذا كان سبب التأليه لعيسى ، أو بنوته المزعومة لله سبحانه هي الصورة والكيفية الإعجازية التي خُلِقَ منها ، فمن الأجدر والأليق والأجوز – طبعا بحسب منطق التثليث ! – أن يتم تأليه آدم ، أو إعتباره إبنا لله تعالى على الأقل ، لأن آدم أكثر إعجازا من حيث الخلقية من عيسى المسيح ، فآدم خُلِقَ من دون أب وأم أولا ، وثانيا إن آدم تلقّى كلمات من ربه ، في حين إن عيسى لم يتلقَّ إلاّ كلمة واحدة ، وثالثا إن الله خلق آدم وأمر بجميع الملائكة بالسجود له ، في حين لم يكن هذا لعيسى ، ورابعا ، إن آدم كان قبل عيسى بمئات الآلاف من السنين ، لذا من الأجوز والأقرب الى المنطق أن يكون هو مسامحا لأخطاء ذريته لا شخصا آخر أتى بعده بمئات الآلاف من السنين ، لأنه ما هو ذنب مئات الملايين من البشر الذين عاشوا وماتوا قبل أن يكون عيسى شيئا مذكورا طِوال هذه الحقب الزمنية الطويلة جدا ! ؟ 
وعن رسول الله محمد – ص – وحركته ودعوته جاء لفظ { كلمة الله } كما نقرأ في هذه الآية : { إلاّ تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني آثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه : لا تحزن إن الله معنا * فأنزل الله سكينته عليه وأيّده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السُفلى وكلمةُ الله هي العُليا * والله عزيز حكيم } التوبة / 40 
التفسير : إن لم تنصروا نبي الله محمدا – عليه وآله الصلاة والسلام – فإن الله تعالى قد نصره حينما أخرجه الكفار من مكة ، وهما كانوا آثنين لا ثالث لهما عندما آختفى النبي في غار ثور / مع صاحبه أبي بكر الصديق – رضي الله عنه - ، فقال النبي لصاحبه : لا تحزن إن الله معنا ، فأنزل سبحانه سكينته وطُمأنينته عليه وأيده بجنود ملائكية فجعل كلمة الذين كفروا هي السفلى والخاسرة ، وكانت { كلمة الله } في كل هذه الأحداث سواء كان محمدا ، أو الجنود الغيبية ، أو النصرة الإلهية ، أو غيرها هي العليا والغالبة والظافرة ، وهذه المعجزات لم تحصل لعيسى على الاطلاق ! .
وفي آية أخرى نقرأ نقرأ المعنى التالي للفظ { كلمة } : { كذلك حَقَّتْ كلمة ربّكَ على الذين فسقوا أنّهم لا يؤمنون ] يونس / 33 ، أي حقّ وتم قضاء ربك وتقديره على الفاسقين بأنهم لا يؤمنون . 
وفي آية أخرى نقرأ بأن { كلمة الله } هي ليست خاصة بنبي واحد فقط ، بل هي عامة تشمل جميع الأنبياء ، كما نقرأ في قوله تعالى : { ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين * إنهم لهم المنصورون } الصافّات / 171 – 172 
3-/ الآية التاسعة والأربعون : { ورسولا الى بني إسرائيل : أنّي قد جئتكم بآية من ربكم * أنّي أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكونُ طيرا بإذْنِ اللهِ * وأُبْرِيءُ الأكْمَهَ والأبْرَصَ وأُحْي الموتى بِإذْنِ الله وأنبئُكم بما تأكلون وما تَدَّخِرونَ في بيوتكم * إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين } ، لكن لماذا هؤلاء يجتزؤون الآيات القرآنية بعضها عن بعض ، وبخاصة الآيتين التاليتين اللتين هما تتمة الآية التاسعة والأربعون من سورة آل عمران ، وهما : 
ألف / { ومصدِّقا لِمَا بين يَدَيَّ من التوراة ولأحِلَّ لكم بعض الذي حُرِّمَ عليكم * وجئتكم بآية من رَبِّكُمْ فآتّقُوا اللهَ وأطيعون } آل عمران / 50 
ب / { إنَّ الله رَبِّي وَرَبُّكُمْ فآعْبُدُوْهُ * هذا صراط مستقيم }آل عمران / 51
تفسير الآيات من [ 49 – 51 ] : 
بعث الله سبحانه عيسى كنبيه الى بني إسرائيل ، فخاطب عيسى القوم بأنه قد جاء بعلامة من ربهم اليه ، وهي أنه يُصَوِّرُ شَكلا كالطير ، ثم ينفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله تعالى ومشيئته ، وأنه يشفي الأكمه والأبرص ، وأنه يحيي الموتى بإذن الله تعالى ومشيئته ، وأنه يعلم أنهم ماذا يفعلون في بيوتهم وماذا يأكلون ويدخرون بإذن الله تعالى . وإن كل ذلك من الآيات الربانية هي علامة لصدق نبوة عيسى كي يؤمنوا به . 
وهكذا فإنه جاء مصدقا بالتوراة ، وبرسالة موسى ، حيث ان الله تعالى أرسله لكي يُحِلَّ بعض الذي كان مُحرّما عليهم سابقا في التوراة ، لذا على بني إسرائيل تقوى الله وإطاعة عيسى وقبوله . فقال عيسى لهم : إن الله هو رب عيسى وربهم كذلك ، وهو ليس بإله إطلاقا ، بل هو عبد من عباد الله ، هذا هو الصراط المستقيم والطريق الحق ! . 
فأين هو التثليث والثالوث والمثلّثات والثلاثيات التأليهية في هذه الآيات الحكيمات التوحيدية الناسفات نسفا لكل ثالوث وتثليث ، وعلى لسان عيسى المسيح – عليه السلام – نفسه كما أخبرنا القرآن الكريم ! ؟ 
 
 
 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مير ئاكره يي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/11/26



كتابة تعليق لموضوع : القرآن الكريم : دعوة مباشرة الى التوحيد الخالص الجزء الأول
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net