الوضع في تونس من مشمولات الفكر الإصلاحي
محمد الحمّار
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
محمد الحمّار

إنّ الغضب الشعبي في تونس اندلع من منطقة مصنفة في أسفل السافلين في سلم درجات الكسب المادي، لكنّ إصلاح الفساد لا بدّ أن يبدأ بالمقاومة الإيديولوجية للعدو الأكبر:الرأسمالية المتوحشة.
فالفقر في تونس حقيقة. والسبب، بالرغم من أنه غير مباشر إلاّ أنه ضالع بنسبة جد عالية في الأزمة، هو الرأسمالية المتطرفة. ولعلها مناسبة للتحسيس بأنّ تفشي وباء الرأسمالية راجع لقلة الموارد الإيديولوجية والبديل السياسي الشامل لدى النخب العربية الإسلامية عموما والتونسية خصوصا.
إذن، واعتبارا لكون الأزمة في تونس من الصنف الوجودي أكثر منها من الصنف السياسي الأداتي أو حتى من الصنف السياسي الحقوقي، أتساءل مَن المسئول عن سائر الأحداث الداخلية في مجتمعات مثل مجتمع تونس (وليس من الصدفة أن تعرف الجزائر أحداث ذات صبغة، ظاهريا، اقتصادية)؟
أليست التبعية للفكر الابتزازي العالمي هي المتورطة في كل ما يحدث؟ ألم تأخذ مجتمعاتنا مثالا فاسدا من البلدان المهيمنة؟ ألم نترك ما يسمى بالعالم المتحضر يحتل أفغانستان و العراق، مثلا، لغاية الاعتياش من النفط في تلك البلدان وما جاورها، غير عارفين بأنّ استعادة تلك الأراضي، فضلا عن استرداد الأرض والكرامة في فلسطين، لن يحصل من دون ترسانة إيديولوجية سارية المفعول؟
بالتالي كيف سنعد العُدة لبناء تلك الترسانة؛ وأين سنبحث على ما يلزمنا من الحكمة وحسن التصرف إن لم يكن ذلك في إبراز عيوب الفكر العالمي الذي بعث عقيدة الدولار وما زال يعتاش منها؟
من هنا نفهم أنّ ما تشهده الساحة الشعبية من أحداث أليمة في هذا البلد الكبير بتاريخه وبأفكاره وبأنواره يتجاوز الحكومة والدولة والفكر السياسي في تونس. فالمواطن التونسي تابع عاطفيا ولغويا ودينيا للمنظومة العربية الإسلامية، لكنه تابع اقتصاديا بشكل مخيف للمنظومة الرأسمالية العالمية العولمية المتوحشة.وأحداث سيدي بوزيد إشارة الانطلاق للتصادم بين المنظومتين.
الحل العاجل:
لا بد أن تفتح السلطة في تونس (وفي الجزائر وفي مصر وفي الوطن العربي والإسلامي) كل أجهزة الإعلام المحلية على مصراعيها أمام الفكر التنويري التونسي لكي يفسر للشعب وللحكومة آليات هذا التصادم. وليس من مصلحة الشعب أن يثور على السلطة الحاكمة من دون دراية بالأسباب الضاربة في عمق الأزمة العالمية في الأخلاق وفي القيم وفي الوجود ولا من مصلحة الدولة أن تترك الشعب يرفع الشعارات ضدها من دون أن تفسر له هاته الأشياء.
محمد الحمّار
"الاجتهاد الثالث"؛ المُعلّم
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat