لايخفى على الموالين لاهل بيت النبوة عليهم السلام الصفات التي يتحلى بها كل واحد منهم الصفات الربانية التي منحها الله سبحانه وتعالى لهم ليميزهم عن غيرهم من بني البشر من اجل ان يكونوا القدوة الحسنة التي يجب على كل الشرفاء في العالم الاقتداء بها ،
لكن هناك صفة عظيمة ويوم اعظم يجسد هذه الصفة بكل ماتحمله من معاني هي صفة الوفاء ، وفي يوم العاشر من محرم الحرام برز شخص لم تلد الارحام بعده احد الا وهو ابا الفضل العباس بن علي بن ابي طالب عليهما السلام حيث كانت صفة الوفاء تتجسد في شخصيته فهي من أنبل الصفات وأميزها، فقد ضرب الرقم القياسي في هذه الصفة الكريمة وبلغ أسمى حد لها، فكان من أوفى الناس لدينه، ومن أشدهم دفاعا عنه.
حيث كان سلام الله عليه يخاطب أمامه الحسين عليه السلام بمولاي وسيدي ويجلس بين يديه كما علمته أم البنين كان كظله لا يفارقه ينهل من علومه وشجاعته وكان لا يقاتل من أجل أخ في النسب وأنما عن أمام معصوم مفترض الطاعة ،كان العباس بن علي نافذ البصيرة،
صلب الإيمان، جاهد مع أبي عبد الله عليه السّلام، وأبلى بلاءً حسناً، ومضى شهيداً وقد كان صاحب لواء الحسين عليه السّلام، واللِّواء هو العلم الأكبر، ولا يحمله إلاّ الشجاع الشريف في المعسكر. ومن أشهر مواقفه في كربلاء لما أخذ عبد الله بن حزام ابن خال العباس أماناً من ابن زياد للعباس واخوته من أمه قال العباس وإخوته: لا حاجة لنا في الأمان، أمان الله خير من أمان ابن سمية. كانت جميع أفعاله وفاء للحسين عليه السلام .
كان من أوفى الناس لدينه، ومن أشدّهم دفاعاً عنه، فحينما تعرّض الإسلام للخطر الماحق من قبل الطغمة الأموية الذين تنكّروا كأشدّ ما يكون التنكّر للإسلام، وحاربوه في غلس الليل وفي وضح النهار، فانطلق أبو الفضل إلى ساحات الوغى فجاهد في سبيله جهاد المنيبين والمخلصين لترتفع كلمة الله عالية في الأرض، وقد قطعت يداه، وهوى إلى الأرض صريعاً في سبيل مبادئه الدينية.اما الوفاء لامته رأى سيّدنا العبّاس عليه السلام الأمة الإسلامية ترزح تحت كابوس مظلم من الذلّ والعبودية قد تحكّمت في مصيرها عصابة مجرمة من الأمويين فنهبت ثرواتها، وتلاعبت في مقدراتها، وكان أحد أعمدتهم السياسية يعلن بلا حياء ولا خجل قائلاً: (إنما السواد بستان قريش) فأي استهانة بالأمة مثل هذه الاستهانة، ورأى أبو الفضل عليه السلام أن من الوفاء لأمّته أن يهبّ لتحريرها وإنقاذها من واقعها المرير، فانبرى مع أخيه أبي الأحرار والكوكبة المشرقة من فتيان أهل البيت عليهم السلام، ومعهم الأحرار الممجدون من أصحابهم، فرفعوا شعار التحرير، وأعلنوا الجهاد المقدّس من أجل إنقاذ المسلمين من الذلّ والعبودية، وإعادة الحياة الحرّة الكريمة لهم، حتى استشهدوا من أجل هذا الهدف السامي النبيل، فأي وفاء للأمة يضارع مثل هذا الوفاء؟
كذلك الوفاء لوطنه حيث غمرت الوطن الإسلامي محن شاقّة وعسيرة أيام الحكم الأموي، فقد استقلاله وكرامته، وصار بستاناً للأمويين وسائر القوى الرأسمالية من القرشيين وغيرهم من العملاء، وقد شاع البؤس والحرمان، وذلّ فيه المصلحون والأحرار، ولم يكن فيه أي ظلّ لحرية الفكر والرأي، فهبّ العباس تحت قيادة أخيه سيّد الشهداء عليه السلام إلى مقاومة ذلك الحكم الأسود وتحطيم أروقته وعروشه، وقد تمّ ذلك بعد حين بفضل تضحياتهم، فكان حقاً هذا هو الوفاء للوطن الإسلامي. ووفّى أبو الفضل ما عاهد الله عليه من البيعة لأخيه ريحانة رسول الله صلى الله عليه وآله، والمدافع الأول عن حقوق المظلومين والمضطهدينولم يرى الناس على امتداد التاريخ وفاءً مثل وفاء أبي الفضل لأخيه الإمام الحسين عليه السلام، ومن المقطوع به أنه ليس في سجّل الوفاء الإنساني أجمل ولا أنظر من ذلك الوفاء الذي أصبح قطباً جاذباً لكل إنسان حرّ شريف.و كانت مواساة ابي الفضل العباس عليه السلام يوم عاشوراء وفاءا لما عاهد عليه اباه امير المؤمنين عليه السلام وتنفيذا لوصيته التي اوصاه بها ليلة الحادي والعشرين من شهر رمضان وذلك في اللحظات الاخيرة التي ودع بها امير المؤمنين عليه السلام اهل بيته وذويه واولاده فلقد جاء في التاريخ انه ما كانت ليلة احدى وعشرين من شهر رمضان عام اربعين هجرية اي في الليلة الاخيرة من عمر الامام امير المؤمنين عليه السلام اخذ الامام يودع اهل بيته ويوصهم بوصاياه فالتفت الى ولده ابي الفضل العباس عليه السلام من بين اولاده وقربه من نفسه وضمه الى صدره وقال له ولدي وستقر عيني بك يوم القيامة ولدي اذا كان يوم عاشوراء ودخلت الماء وملكت المشرعة فاياك ان تشرب الماء وان تتذوق منه قطرة واخوك الحسين عليه السلام عطشان ولذا عندما قرب ابو الفضل العباس عليه السلام الماء من فمه بعد ان ملك المشرعة تذكر عطش اخيه وجال في ذهنه وصية ابيه فرمى الماء على الماء وملأ القربة وخرج عطشانا ومواساة ووفاءا.
كذلك كان وفائه لاخته زينب عليها السلام التزاما منه لوصية ابيه عليه السلام يوم اختارته كافلا لها عندما اشارعليه ابا الحسن عليه السلام بالدنو منه فلما دنا منه اخذ بيده ووضع يد السيدة زينب عليها السلام في يده وقال : ولدي عباس عليك باختك هذه فانها بقية امها الزهراء عليها السلام فلا تقصر في خدمتها ورعايتها ولا تتوان في حفضها وحمايتها .
اذن متى نتعلم من هذه المدرسة معنى الوفاء ؟ الوفاء للدين وللوطن
متى يتعلم الاخ في زماننا هذا الوفاء لاخيه بعيدا عن المصالح والطمع والجشع الذي اصاب المشاعر وجعل لها ثمن؟
متى يتعلم الاخ في زماننا هذا الوفاء للاخت وحمايتها وصيانتها من غدر الزمان ؟
سيدي يا ابا الفضل نحن بأمس الحاجة لك في هذا الزمن الذي كثر فيه الغدر وقلة الغيرة وتقطعت فيه صلة الرحم ...
فسلام عليك سيدي يا ابا الفضل يارمز الوفاء يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيا
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat