موعدٌ مع كتاب - وقفة في ثنايا مشروع " أنا عراقي أنا أقرأ "–
د . مسلم بديري
يحضرني في هذا المقام مقالُ صديق قديم حينما سافر ذات مرة الى بلاد الغرب, يقول : كنت جالساً في محطة انتظار , فقام أحد الأمريكيين واشترى رواية ضخمة , فنظر لي وتبسم قائلا ما معناه : سأهديها لك بعدما أقرأها , ويقول ظننت بان الامر لا يعدو كونه مزحة أو شيء من القبيل , لأن رواية بهذا الحجم ستستغرق من وقته ما لا يوازي لحظات اجتماعنا , فكيف سأجده بعد شهر مثلا " ؟! ثم زال اندهاش الصديق الأول وحيرته وسؤاله ليحل محلهما اندهاش آخر , فبعد ساعة من الوقت تقريباً أهدى ذلك الأمريكي صاحبَنا الروايةَ بعدما أتى على كل ما فيها قراءةً ,
السؤال الآن ما هو الدافع وراء هذا الاصرار العجيب على القراءة ؟! لا بد وان الأمر يتجاوز كونه طلب المتعة وقتل الوقت – كما عندنا - لأن الأمريكي قتل الرواية بأقل وقت ممكن ولم يقتل الأيام أو الأشهر برواية أو قطعة أدبية أو شيء يُقرأ , ولا بد وان المقولة الشهيرة " أمة تقرأ .. أمة تنتصر " قد آن أوانها الآن , كل ذلك يبث فيّ ألما لا يدانيه ألم , وما آلمني ولم يصدمني حقاً هو احصائية اخيرة أفادت بأن الانسان العربي يقرأ سنويا – كمعدل – صفحة واحدة فقط !! ,
وأنا أقول هذا السالف من التذكار لا لشيء سوى ألم أهيجه علّ مأساتنا تنتهي مع تلك البادرة الجميلة التي أطلقها أربعة من الشباب العراقي وسموها " أنا عراقي أنا أقرأ " وربما أحسوا في قرارتهم ما أحسسته من ألم , ألم مزمن لا شفاء معه رافقنا ورافقناه ونحن نجد الاف المبررات لتراجعنا عن الركب وتخلفنا عن مواكبة المتقدمين , يحتوي المشروع في دخيلته المعلنة على النيّة في جمع أكبر عدد من القراء , قراء دون تحديد , فالمهم أن تقرأ , لتعرف أنك كنت مشغولاً بالكثير من الفراغ , ولست بصدد تعريف أو تبيان أهمية القراءة , لأنني ان فعلت أو نويت , ستقف في وجهي – يقيناً – الاف الخيبات , لأنه ومن المعيب حقاً , افتراض ان هناك من لا يعرف أهمية القراءة , في الوقت ذاته يتجول من في الضفة الأخرى على سطح القمر , لماذا ضفة وأخرى ؟ لماذا ؟ والله يحب العبد العالم ؟ لماذا يخشى اللهَ من عباده العلماء ؟ لماذا نوصف بالتعصب في كل نقاشاتنا ؟ لماذا – دائما – ما يعيب علينا أحدهم أننا نتحدث في ما لا نعرف ؟ والسؤال الأهم لماذا لانعرف ؟
وحتى لا يأخذني الاستطراد الى مطاف الاسهاب كي أوفق فيما أريد لذا سأقول أن المشروع بحد ذاته هو شرارة ذكية – من خلال ما ظهر – شمولية المشروع التي أوضحها العنوان , " أنا أقرأ " أقرأ وكفى , ماذا أقرأ ليس الآن هو الأولوية بقدر أولوية الفعل الذي ينادي به المشروع , وهذا ما يبعدنا عن الفئوية والغائية من وراء القصد , لذا جاء التجرد من المسميات كتقديم لأفضلية الأهم على المهم , وللمشروع حسنة أخرى هو استغلال الفيس بوك للربط بين الافتراض والواقع , وابعاده عن مرامي السذاجة والاستغلال غير المجدي , , فالأمر ابتدأ عبر همسة صارخة من قبل مجموعة من الشباب عن طريق الدعوة التي تبث الحس النهضوي , بعدما أصبحنا نبحر في غياهب الكسل , رغم توفر وسائل الرقيّ , ومثلما كان الفيس مفتاح لثورة ضد الحكم , أتمنى ان يكون في هذا المقام ثورة ضد الجهل ,
فالموعد هذه المرة غراميّ بامتياز , لقاء مع كتاب , على حدائق ابي نؤاس يوم 29 من الشهر الحالي ليكون تتويج المبادرة عن طريق الحضور الفعال لمؤيدي الفكرة , وأتمنى من الله أن يجعلني أول الحاضرين في المكان والزمان المحددين ,
ملحوظة : لتفاصيل حول المبادرة ولمساندتهم , رابط التجمع :