بهنام أبو الصوف في ذمة الخلود
د . عبد الخالق حسين
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . عبد الخالق حسين

أنتقل إلى عالم الخلود في عمان/الأردن، يوم الأربعاء 19/9/2012، العالِم الآثاري الدكتور بهنام أبوالصوف عن عمر ناهز الثمانين سنة على أثر أزمة قلبية لم تمهله طويلاً. وهو واحد من أعلام العراق ورمزا للعالِم والباحث والاستاذ الجامعي المتفاني.
عرف الفقيد بحبه للعراق وتعلقه بتاريخه، لذلك نذر حياته في التخصص بتاريخ العراق القديم، دراسة وتخصصاً وبحثاً وتنقيباً، وإدارة للمتاحف، وأستاذاً في جامعاتها، ومؤلفاً للعديد من البحوث والكتب في تاريخ العراق القديم.
تفيد خلاصة سيرته الشخصية أنه ولد في مدينة الموصل، قرب جامع النبي جرجيس، عام 1931، وكان والده تاجرا يأتي بالأخشاب من إطراف ديار بكر وجزيرة ابن عمر حيث كان سكن العائلة الأصلي كما كان يتاجر بالأصواف.
أكمل دراسته الابتدائية، والمتوسطة والثانوية في الموصل، ودخل جامعة بغداد/ كلية الآداب/ قسم التاريخ - وتخرج متخصصا بالتاريخ القديم والآثار سنة 1955. وكان من أساتذته الذين تعلم على أيديهم الأستاذ طه باقر، والأستاذ فؤاد سفر، وهما من أثارا في نفسه حب التنقيب عن الآثار. وكذلك الدكتور صالح احمد العلي.
سافر إلى بريطانيا عام 1960 بمنحة دراسية في جامعة كمبريدج الإنكليزية الشهيرة، حيث حصل منها على درجة الدكتوراه بامتياز في موضوع "جذور الحضارة وعلم الأجناس البشرية"، عام 1966، وكانت أطروحته بعنوان: "أصالة عصور ما قبل التاريخ في العراق"، تناول فيها نواة الحضارات و(علم الإنسان: انسان العراق القديم). وكانت حضارة الوركاء هي العمود الفقري في منهجه واطروحته، لان عصر الوركاء يعد عصرا متميزا في ماضي العراق القديم وازدهار الحضارة الانسانية عموما.
عمل الراحل لسنوات عديدة في التنقيب عن الآثار في عدد من مواقع العراق الأثرية في وسط وشمال العراق، وكان مشرفا علميا على تنقيبات إنقاذية واسعة في حوضي سدي حمرين (في محافظة ديالى)، وأسكي الموصل على نهر دجلة في أواخر السبعينات وحتى منتصف الثمانينات من القرن الماضي، وكشف عن حضارة جديدة من مطلع العصر الحجري الحديث في وسط العراق في أواسط الستينات، بالتحديد في تل الصوان في سامراء حيث كشف عن بقايا قرية من العصر الحجري الحديث، تعود الى مطلع الألف السادس قبل الميلاد،، كما ادى عمله في موقع قاينج آغا قرب قلعة اربيل الى الكشف عن مستوطن واسع من عصر الوركاء، مع معبدين قائمين وسط حي سكني مقام على مسطبة من اللبن تشكل بدايات الزقورات (الابراج المدرجة) في وادي الرافدين.
وله مؤلفات عدة منها: فخاريات عصر الوركاء...أصوله وانتشاره (بالإنكليزية)، ظلال الوادي العريق (بالعربية)، العراق: وحدة الأرض والحضارة والإنسان (بالعربية)، قراءات في الآثار والحضارة، تاريخ من باطن الأرض.
اشرف على عدد كبير من الرسائل للدكتوراه والماجستير لطلبة العراق وعدد كبير من الطلبة العرب والأجانب،
أسهم وأقام العديد من المؤتمرات والحلقات الدراسية داخل وخارج العراق.
من المحزن أن صار موت العراقيين في الغربة بعيداً عن الأهل والوطن حدثاً مألوفاً. نرجو من حكومتنا أن تتكفل بنقل جثمان الفقيد إلى مدينة الموصل الحدباء حيث مسقط رأسه ليدفن فيها، كما نرجو من المؤسسات العلمية والثقافية العراقية منحه بما يستحقه من التقدير.
وبهذه المناسبة الأليمة، نقدم عزاءنا الحار لأسرة الفقيد، وأهله، وأصدقائه، وتلامذته، وكافة محبيه، داعين لهم بالصبر والسلوان، ولفقيدنا الذكر الطيب.
د. عبدالخالق حسين، كاتب سياسي، بريطانيا
أ. د. علي الشيخ حسين الساعدي - بروفسور قانون واقتصاد
أ.د. محمد الربيعي، بروفسور علم البايوتكنولوجي/جامعة دبلن
ــــــــــــــــــــــــــــــ
المدونة الشخصية للراحل الدكتور بهنام أبو الصوف
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat