غطت قصيدة الشاعر محمد الخطاط أمنيات مستعصية مساحة واسعة من عمره كانسان وتطرق من خلالها الى سرد الأحداث التي شكلت أهم محطات التحول الواعي في حياته منذ المرحلة الأولى لهذا الوعي الذي مثلت فيه شخصية الشاعر جمعه الحلفي المؤثر البارز الذي تستتر ورائه واجهات وعناوين وطنية وثقافية واجتماعية
لقد كانت شخصية جمعة الحلفي في قصيدة محمد الخطاط اطارا عاما انطوت داخل
مساحته الواسعة جميع مكونات الصورة العراقية السبعينية المشرقة ثقافيا وسياسيا واجتماعيا وظلت هذه الصورة رغم تقادم عهدها ، غير بعيدة عن حاضر محمد الخطاط اليومي تطرح نفسها على سلوكيته كأنها ارتباطا شرطيا متجذرا بقوة في اعماقه الدفينة يدفعه دائما الى رفض البديل الذي رشحه الزمن والتوقف عند المحطات السبعينية التي ظل ينتمي اليها حتى الآن ويتمنى العودة الى أحضانها خصوصا في قوله
(علمني يا جمعه الحلفي
كيف اعود الى
ماقبل العام الثالث والسبعين من القرن الماضي )
وعلى الرغم من حضور الشاعر جمعه الحلفي في هذه القصيدة كدلالة وتعبيرعن مرحلة السبعينات بكل طقوسها وممارساتها ورموزها الفكرية والادبية الفذة كانت هناك ايضا ملامح بارزة الوضوح من التجربة الشخصية للشاعر جمعه الحلفي وقصيدته (ساعة ويذبل الزيتون )والتي تزامنت مع بدايات الخطاط السبعينية واضحة ايضا في القصيدة من قوله
(في العام الثالث والسبعين من القرن الماضي
ادخلني جمعه الحلفي ولايته
(كانت غابة زيتون يتوسطها نهر
لا اعرف من اي الابواب دخلت
والماذا استدرجني ذاك الشجر السحر
الى اقبية مثل مغارات علي بابا )
ومن قراءة متأنية لهذا المقطع ندرك ان مخيلته لا بد ان تكون قد استحضرت حين كتابة قصيدته وبشكل واع الكثير من معاني قصيدة جمعه الحلفي وضروف كتابتها مع عملية مزج (غير واع) لضروف انهيار التجربة السبعينية وتشضي مكوناتها ورموزها الى السجون ولمنافي
وقوله (الى اقبية مثل مغارات علي بابا) كان مرة اخرى استذكارا لاقبية السجون السرية التي غيب فيها الاف الشباب من ابناء جيله الذين كانوا مدادا لهذه المرحلة ومنهم اخيه الشهيد (علي جبارسلمان)
وقد كان ذلك اكثر وضوحا في قوله
(في العام التاسع والسبعين احترقت اشجار الزيتون
جف النهروالحلفي اختار الشام ملاذا
اما الثكنات فقد غصت بالفتيان الحلوين
جنودا ينتظرون الايفات
لتنقلهم مغبرين )
وهذه الاشارة تدل على وجود امرين معا عسكرة المجتمع ووجود الشبان هناك جنودا مغلوبين، وسلطة العسكر ووجود الشبان في الثكنات سجناء مغلوبين وهذا بلا شك تعبيرعن الاحساس بالقهروالانهيار
وايضا هناك اشارة ثالثة انطوت عليها هذه الجملة تؤكد ان وسيلة الحلفي (كمرحلة لا كشاعرفقط) كانت وسيلة طبقية تبنت تحقيق تطلعات محمد الخطاط المشروعة في الحياة ومنته بالخلاص من معاناته وفقره غير انه اكتشف خسارة التجربة وانهيارها حين علم ان( جمعه الحلفي) اختار الشام ملاذا وايضا ادرك
ان (الريح وان صورها الحلفي ريح صبا كانت في الواقع إعصارا مصحوبا بغيوم سود)
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat