طارق الهاشمي يهيئ لانتقاله الى السعودية
سعد الحمداني
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
سعد الحمداني

ردة فعل طارق الهاشمي الذي أدين بقضايا الارهاب وحكم عليه بالاعدام غيابيا كانت متوقعة ان تكون بهذا الشكل الهستيري الغير متزن والبعيد عن الرؤية الواقعية لما خلفه من آثار هذا الحكم عليه وعلى من يستضيفه او لنقل يؤويه في بلده وهي الجارة تركيا التي ترتبط مع العراق بمصالح كبيرة وعريضة جدا لا زال الجانب العراقي لم يتخذ منها موقفا سياسيا يمكن ان يؤثر على تلك الاتفاقات الاقتصادية البحتة وهناك ما يدخل منها بالجانب السياسي والامني المتعلق بحزب العمال الكردستاني المعارض للحكومة التركية وهو حزب لا يمكن الاستهانة به في ضوء الاحداث الجارية والمتلاحقة في المنطقة العربية القريبة من الحدود التركية.
الهاشمي اليوم يشكل عبئا كبيرا على الحكومة التركية وتكاد تكون القيادات التركية في مأزق سياسي بسبب هذه المشكلة لان تركيا لم ينتعش اقتصادها كما انتعش بعد سقوط نظام البعث في العراق حيث انفتاح التجارة من اوسع ابوابها وعملية نقل البترول العراقي والاتفاقيات الاستراتيجية التي بلغت (57) اتفاقية تم توقيعها في العام 2008 مع الحكومة العراقية وهو ما يعني انه ستدر على الجانب التركي مليارات الدولارات ، هذا كله سيكون امام انظار المعارضة التركية وبالذات الحزب القومي التركي الذي يبحث عن القشة التي يمكنها ان تقصم ظهر خصومهم حزب العدالة الحاكم لانهم لا يساومون ابدا على مصلحة تركيا وتاريخها ومكانتها التي يرون فيها انها دولة قوية لها ثقلها في المنطقة فلا يمكن ان تقبل المعارضة بأي تهاون من اجل قضية خاسرة سواء كانت قضية الهاشمي وحمايتهم له او قضية التواصل مع حكومة اقليم كردستان لانها في النهاية تعطي بعدا قويا لاكراد تركيا ان يتحركوا بقوة على الارض وهذا ما لا تريده المؤسسة العسكرية التركية وفي نفس الوقت لا يمكن ان تجازف حكومة اردوكان لتحترق سياسيا خصوصا وان العراق بدأ يتحرك بهذا الاتجاه ضد المصالح التركية في العراق ولو تم ايقاف نصف هذه الاتفاقيات فهو يعني ان تعود تركيا الى وضعها الاقتصادي المتهريء وهذا ليس مستبعدا عندما تكون البدائل جاهزة لكثير من دول العالم لكنني ما اراه فإن الحكومة العراقية ما زالت الى اليوم تعطي فسحة من الحوار مع الاتراك وهذا في رأي خطأ استراتيجي كبير لان السياسة لا ترحم عندما تصل الى حد كسر العظم لتحقيق مصالح البلد واحترام سيادته.
تصريح الهاشمي بأن هناك دول ترحب باستضافتي هي نابعة من هذا التخوف التركي خصوصا عندما تكون الدول الكبرى مقتنعة تماما بأن الحكم على الهاشمي كان قضائيا بحتا وهو ما رحبت به الولايات المتحدة الامريكية ودول اوروبية اخرى والمعلوم ان تركيا يهمها كثيرا الموقف الاوروبي لدواعي انضمامهم الى الاتحاد الاوروبي والذي توقف طيلة الفترة الماضية بسبب المشاكل الداخلية السياسية والاقتصادية التي تعيشها تركيا ولذلك لا تريد ان تزيد الكثير من المشاكل الاخرى.
الدولة التي يمكن ان تكون بديلا عن تركيا لإيواء الهاشمي وابعاد حبل المشنقة عن رقبته هي العربية السعودية لسببين مهمين تفتقر لهما تركيا السبب الاول العامل الاقتصادي الذي تستقل به السعودية عن تأثير العراق فهي ليس بحاجة الى اليه كونها دولة بترولية مثلها مثل الدولة العراقية ولم ترتبط بأي اتفاقيات اقتصادية مصيرية مع بغداد ، اما السبب الثاني وهو عدم وجود اجواء ايجابية بين حكومة الرياض وحكومة بغداد كما ان الموقف السعودي متشنج كثيرا من العلاقة الدبلوماسية مع حكومة السيد المالكي ولذلك لا يعتبرون انفسهم ملزمين بأي اتفاق او خضوع لعلاقة معينة تجاه العراق وهو ما يجعل المكان آمنا للهارب طارق الهاشمي في الرياض لان التأثير الدولي ايضا سيكون عليهم ضعيفا خصوصا عندما تستخدم السعودية اموالها في غلق الافواه وهي سياسة اعتمدتها كثيرا في الفترات الماضية وعلى مستوى دول كبرى ، عليه لا تستغربوا ابدا ان عندما نرى ان طارق الهاشمي غادر الى السعودية في موسم الحج القادم لأداء مناسك الحج وبعدها يبقى بشكل دائم هناك وهذا تخمين ربما يكون واقعا حقيقيا على الارض والايام حبلى بالاحداث.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat