صفحة الكاتب : د . حامد العطية

من أجل كرامة العراق قاطعوا البضائغ التركية
د . حامد العطية

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

      تركيا بلد جار للعراق، حسن الجوار بينهما مفقود، من الطرف التركي غالباً، للأتراك مآخذ واحد على العراق، وهو حزب العمال الكردي، فيما عدا هذه المشكلة الموروثة من عهود سابقة حافظ العراق على أفضل العلاقات مع جارته الشمالية، سياسياً واقتصادياً، ولعل افضل معيار لقياس حسن النوايا العراقية الشراكة الاقتصادية بين البلدين، إذ تتصدر تركيا قائمة الدول في حجم التبادل التجاري، الذي بلغ في عام 2011م 12 مليار دولار، وللمعنيين بالمقارنات يساوي ذلك حوالي ضعف حجم التبادل التجاري بين العراق وإيران، ومن المتوقع تنامي العلاقات التجارية والاقتصادية مع تركيا لتبلغ 20 مليار دولار في الاعوام القادمة، وحالياً تنشط 600 شركة مقاولات تركية في تنفيذ مشاريع عراقية، وتأسيس المجلس الأعلى للتعاون الاستراتيجي بين البلدين في 2008م مؤشر قوي على حرص العراق على تطوير وتمتين علاقاته مع تركيا.

     للمصالح الاقتصادية والاستراتيجية أولوية في حسابات الدول، حتى الرئيس الأمريكي أوباما اقر بأن حكومة بلاده تضع مصالحها أحياناً قبل مبادءها وقيمها، وإن كنت لا ارى دليلاً واحداً على أن لأمريكا قيماً ومباديء، ولكن الحكومة التركية هي الاستثناء على هذه القاعدة، إذ لم تنفك من اختلاق الازمات للحكومة العراقية، وتأجيج الانقسامات الطائفية، والتدخل بالشؤون العراقية الداخلية وانتهاك سيادة ودستور العراق.

    تركيا جائرة في تعاملها مع العراق، إذ تحرمه من حقه المشروع في مياه دجلة والفرات، وعنصرية في تعاملها مع العراقيين، وكما يستدل من تكرار شكوى المسافرين العراقيين من سوء المعاملة التي يتعرضون لها في المطارات التركية.

    حزب العمال الكردي مشكلة تركية داخلية، فرضت على العراق والغالبية العظمى من شعبه، والحكومة العراقية المركزية عاجزة عن وضع قواتها على الحدود، بسبب معارضة ادارة اقليم كردستان ومليشياته المسلحة، كما يتحمل الجانب التركي شطراً من المسؤولية عنها، نتيجة مسعاه المتواصل لاضعاف حكومة بغداد واظهارها بمظهر العاجز الذليل، ولا يوجد مبرر قانوني أو اخلاقي لتركيا لارسال طائراتها وقواتها لتقصف وتدمر البنى التحتية العراقية.

    وفي الشأن السياسي خرق رئيس الوزراء التركي أردوغان كل الأعراف السياسية والأخلاقية في التعامل مع الحكومة العراقية ورئيسها، موجهاً الانتقادات والنصائح المتكررة لهما، ومتجاهلاً أن للعراق مجلس نيابي وصحافة حرة وطبقة مثقفة، والأخطر في الأمر تركيز اردوغان على البعد الطائفي في الخلافات السياسية، متناسياً استضافة بلاده لاجتماعات ذات صبغة طائفية معادية للشيعة، وامتناعه عن تسليم المتهم الهارب الهاشمي أو على الاقل ابعاده عن الأراضي التركية.

   هدد أردوغان بأن حكومة بلاده لن تقف صامتة ومتفرجة فيما لو حدث صراع طائفي داخل العراق، والمعنيون بالتهديد هم الشيعة، لكن وقاحة العثماني أردوغان لم تقف عند هذا الحد فأرسل وزير خارجيته لزيارة كركوك من دون استئذان الحكومة العراقية كما تقتضي الأعراف الدبلوماسية والاتفاقات الدولية ومبدأ حسن الجوار، ثم خرج أردوغان مبرراً هذا التصرف الأخرق بقوله أن وزير خارجيته زار "أهلنا" في كركوك.

   من الواضح أن أردوغان وحكومته يشنون حرباً نفسية على العراق، الهدف منها ارهاب وابتزاز الحكومة العراقية لدفعها إلى تقديم المزيد من المكاسب الاقتصادية والتنازلات السياسية لحلفاء وأتباع أردوغان الطائفيين والعنصريين في العراق، ويبدو بأن ساسة المنطقة الخضراء عاجزون عن مجابهة الصلافة التركية وايقافها عند حدها ومنعها من التطاول على السيادة العراقية والتدخل في الشؤون العراقية الداخلية، وهنالك طرفان رئيسيان مسؤولان عن هذا الوهن العراقي الرسمي: ساسة المنطقة الخضراء والاحتلال الأمريكي وما انتجه تعاون الطرفين من نظام سياسي تحاصصي فاشل ومجحف بأكثرية العراقيين.

    ما أشبه أردوغان بأسلافه الهمج من العثمانيين والمغول والتتر، فهو يوجه الصفعات باليمين للعراق وأهله ويقبض منهم الأتاوة مليارات الدولارات بيساره، فأي هوان اشد من هذا؟

    إن لعجز الحكومة العراقية عن مقارعة العنجهية التركية تبعات وآثار خطيرة، إذ يغري الأتراك المهووسين بأوهام التفوق العنصري والطائفي بالامعان في التدخل في العراق، وقد يشجعهم على احداث فتنة كبرى في العراق كما فعلوا في سورية، لذا لا بد من رد يقنع الأتراك وصنائعهم بأن في العراق شعب ابي يرفض الوصاية العثمانية الجديدة، وقادر على رد الصفعة بعشرة أمثالها، وذلك من خلال حملة شعبية واسعة لمقاطعة البضائع والمنتجات التركية، والضغط على المؤسسات الحكومية للتوقف عن ارساء المشاريع على الشركات التركية، وحجب التأييد عن مسؤولي الإدارات المحلية الذين لا يساهمون في المقاطعة وتعميم اسماء المنتجات التركية التي يتوجب الامتناع عن شرائها والشركات التي ينبغي الكف عن تقديم التسهيلات لها.

   كلنا ومن مواقعنا في العمل والشارع والمنزل مدعوون لتطبيق شعار هيهات منا الذلة والذود عن كرامة العراق وعزة العراقيين من خلال المشاركة في هذه المقاطعة الشعبية وانجاحها. 

6 اب 2012م


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . حامد العطية
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/08/07



كتابة تعليق لموضوع : من أجل كرامة العراق قاطعوا البضائغ التركية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net