الصفحة الرئيسية
أخبار وتقارير
المقالات
ثقافات
قضية رأي عام
اصدارات 
المرئيات (فيديو)
أخبار العتبات
أرسل مقالك للنشر


صفحة الكاتب : وفاء الطويل

صعصعة بن صوحان العبدي (1)
وفاء الطويل

 العظماء جذوة من نور لا تنطفئ، نقتفي إثر خطاهم. 
نسمع همهماتهم في السحر، وجلجلة أسلحتهم عند معترك القنا، هم صوت حق بين طيات الأزمنة. 
رجالات الولاية العلوية، ومن يكون أعظم منزلة منهم، ﴿رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ﴾، التفوا حول الحق وتحصنوا به، عاشوا ما عاشوا عليه وغادروا للأخرى عليه. 
مقالنا عن رجل تغلغل الحب العلوي فيه حتى النخاع 
ينتمي إلى قبيلة موالية لأمير المؤمنين (عليه السلام)، هي عبد القيس من ربيعة، قدمت هذه القبيلة إلى البحرين في الجاهلية واستقرت بها. 
ولد هـٰذا الرجل في جزيرة تاروت شرق القطيف سنة 14 قبل الهجرة الشريفة، وقيل 24 قبل الهجرة الشريفة. 
هاجر من تاروت بحرًا عبر شاطئ دارين إلى سواحل البصرة قاصدًا الكوفة حيث مقر الخلافة للإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام). 
إنه صعصعة بن صوحان بن الحارث بن الهجرس بن صبرة بن حدرجان بن عساس بن ليث بن حداد بن ظالم بن دحل بن عجل بن عمرو بن وديعة بن لكيز بن أقصي بن عبد القيس العبدي بن دعمي بن جديعة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان، ويكنى أبو طلحة. 
ومعنى صعصعة: الحركة والاضطِرابُ والتحريك، والصَّعْصَعةُ: التفريق. 
كان من رجالات العرب في الجاهلية وفي الإسلام، وآباؤه من أشهر رجالات عبد قيس وساداتهم، والده صوحان كان سيدًا مطاعًا في قومه، ورئيسًا نافذ القول فيهم. 
أسلم صعصعة في عهد الرسول (صلى الله عليه وآله)، لـٰكنه لم ير الرسول على أكثر الآراء، وقد ذكر كثير من المؤرخين شجاعته وفصاحته، وهو من كبار أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام). 
 أطلق عليه الإمام عليه السلام لقب "الخطيب الشحشح"، أي: الغيور والشجاع. وكان أيضًا اللسان الصادح بالحق، فأثنى أمير المؤمنين (عليه السلام) على فصاحة لسانه. 
وقال: أبو عبد الله الإمام الصادق (عليه السلام): "ما كان مع أمير المؤمنين (عليه السلام) من يعرف حقه إلا صعصعة وأصحابه" 
وكما ورد في معجم رجال الحديث للسيد أبو القاسم الخوئي "إنه ممن شهد وصية أمير المؤمنين (عليه السلام)"، عرف الحق فاتبعه ومال إلى جانبه وكان زاهدًا عابدًا. 
وعده الشيخ المفيد من المجمعين على خلافة أمير المؤمنين (عليه السلام) وإمامته بعد قتل عثمان 
اشترك مع الإمام علي (عليه السلام) في حروبه كلّها: الجمل وصفّين والنهروان 
له مقولة يوم بايع أمير المؤمنين (عليه السلام) على الخلافة «والله يا أمير المؤمنين، لقد زيّنت الخلافة وما زانتك، ورفعتها وما رفعتك، ولهي إليك أحوج منك إليها» 
وقد عاده الإمام علي (عليه السلام) في مرضه فقال له: «يا صعصعة، لا تتخذ عيادتي لك أبهة على قومك، قال: فلمّا قال أمير المؤمنين (عليه السلام) لصعصعة هذه المقالة، قال صعصعة: بلى والله أعدّها منّة من الله عليّ وفضلًا، قال: فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): إنّي كنت ما علمتك إلّا لخفيف المؤونة حسن المعونة، قال: فقال صعصعة: وأنت والله يا أمير المؤمنين، ما علمتك إلّا بالله عليمًا، وبالمؤمنين رؤوفًا رحيمًا» 
حين استشهد أمير المؤمنين (عليه السلام) ودفن، جاء صعصعة بن صوحان فوقف على قبره كئيبًا حزينًا، وأخذ قبضة من التراب ونثرها على رأسه، ثم قال:  
فداك أبي وأمي يا أمير المؤمنين، وهنيئًا لك ما أكرمك الله به، فقد كنت طيب المولد، قوي الصبر، عظيم الجهاد، وقد وصلت إلى ما أملت، وتاجرت الله تجارة رابحة، ومضيت إلى ربك، فاستقبلك الله بالبشرى، واجتمع حولك الملائكة، وسكنت في جوار المصطفى (صلى الله عليه وآله)، فأكرمك الله بجواره، وألحقك بدرجة نبيه، وسقاك من الكأس الأوفى، فأسال الله الذي من علينا بأن وفقنا لمتابعتك، والعمل بسيرتك، والموالاة لأوليائك، والمعاداة لأعدائك أن يحشرنا معك، فقد وصلت إلى مرتبة لم يصلحها أحد غيرك، ووجدت منزلة لم يجدها غيرك، وجاهدت في الله أمام النبي (صلى الله عليه وآله) حق الجهاد، وقمت بدين الله حق القيام، أزلت الشبهة، وأطفأت الفتن، واستقام بك الإسلام، وانتظم بك الإيمان، فعليك منا أفضل الصلاة والسلام، قوي بك المؤمنون، واتضح بك الإيمان، وجمعت مناقب لم تجمع لغيرك أجبت النبي إلى الإسلام قبل كل أحد، واخترت متابعته (صلى الله عليه وآله) على كل شيء، وسارعت إلى نصرته، وفديته بروحك، وجردت سيفك ذا الفقار لنصرته، فانكسر بك كل جبار عنيد، وذل بك كل طالح شرير شديد، وانقلع بك الشرك والكفر والعدوان، وهلك بك أهل الضلالة والطغيان. 
فهنيئًا لك يا أمير المؤمنين ما حباك الله به من هذه المناقب والفضائل، كنت أقرب الناس إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأقدمهم إسلامًا، وأعظمهم فهمًا وعلمًا، وأكملهم يقينًا، وأثبتهم جنانًا، وأكثرهم سوابق، فلا حرمنا الله أجرك، فقد كنت لنا مفتاحًا للخير، وسددت عنا باب الشرك، وفتحت لنا بوفاتك أبواب الشر، وانسدت عنا أبواب الخير، فلو سمع الناس قولك لأكلوا من فوقهم ومن تحتهم، ولكنهم اختاروا على الآخرة الدنيا، ثم بكى كثيرًا وأبكى من كان
حاضرًا.
ولصعصعة إخوان كرام وهم: زيد بن صوحان، وسيحان بن صوحان وقد استشهدا مع أمير المؤمنين (عليه السلام) في موقعة الجمل عام (36 هجرية) مدافعين بذلك عن الإسلام وتحت لواء علي (عليه السلام) 
 تُوفّي رضوان الله عليه ما بين عام 56هـ إلى 60هـ، وقد اختلف في موضع وفاته، البعض قال في الكوفة ولم يعرف له قبر فيها، وقيل في كربلاء وقيل عاش إلى ما بعد كربلاء وشارك في ثورة المختار الثقفي، وذكر ابن حجر: (إن المغيرة نفى صعصعة بأمر معاوية من الكوفة إلى الجزيرة أو إلى البحرين، وقيل إلى جزيرة ابن كافان فمات بها) 
وهذا القول هو الأقرب للواقع، حيث يقع قبر صعصعة في جزيرة أوال سابقًا، مملكة البحرين حاليًا، في قرية عسكر بالبحرين، ودُفن بها، وقبره معروف يُزار. 
من قصائده 
"عذابات صعصعة" 
أَلا مَنْ لِي بِأُنسِكَ يَا أُخَيَّا *** وَمَن لِي أن أَبُثَّك مَا لَدَيَّا 
طَوَتْكَ خُطُوبُ دَهرٍ قَد تَوَالى *** لِذاك خُطُوبُهُ نَشْرًا وَطَيَّا 
فَلَوْ نَشَرَتْ قِوَاكَ لِيَ المنايا *** شَكَوْتُ إليكَ ما صَنَعَتْ إليَّا 
بَكَيتُكَ يَا عليُّ بِدُرِّ عَيني *** فَلَمْ يُغنِ البُكاءُ عَلَيكَ شَيَّا 
كَفَى حُزنًا بِدَفنِكَ ثَمَّ إنِّي *** نَفَضْتُ تُرابَ قَبرِكَ مِن يَدَيَّا 
وكانت في حَياتِكَ لي عِظاتٌ *** وأنتَ اليَومَ أوعَظُ مِنكَ حَيَّا 
فَيا أسَفًا عَلَيكَ وَطولَ شوقي *** ألا لَو أنّ ذَلِكَ رَدَّ شيَّا 
وَلَو سَمِعَ الرَّدَى مِنِّي نَشِيجِي *** لَمَا نَزَلَ الرَّدَى إلَّا عَلَيَّا 
أبا حسنٍ مَكانُكَ في ضُلوعي *** وَدَمعي يملأُ الأبدَ العَتِيّا 
إليكَ أحُنُّ ما ذَرَفَتْ عُيوني *** وذِكرُكَ مَرَّ في خَلَدي نَجِيّا 
يُعَذِّبُنا البُكاءُ مَتى بَكَينا *** وَما عَرَفَ البُكاءُ لَكُم سَمِيّا 
وَلَو كُثْرُ الدُّمُوعِ يَرُدُّ مَيْتًا *** لأرجَعَتِ الدُّموعُ لَنا عَلِيّا 
بِرُوحِكَ إنَّني عَلَّقْتُ روحِي *** ولا زالَتْ تَضُجُّ إليك فِيَّا 
فَخُذها فابنُ صَوحانٍ عطيشٌ *** لِيُروي مِن مُحَيّاكُمْ مُحَيّا 
ألا يا أوعَظَ الفُصَحاءِ نُطْقًا *** جَزاكَ اللهُ خُذْ بِيَدي مَلِيّا 
أمِثْلُكَ مَن يموتُ وَأنتَ مَاءٌ *** وَكَم رَوَتِ الثَّرى قَدَماكَ رَيّا 
جَنائِزُ أدْمُعي نَدَبَتْكَ حُزْنًا *** وَخَرَّتْ في جَنَازَتِكُمْ بُكِيّا 
أُصَلّي فَوقَ نَفسِيَ ذاكَ أنّي *** أنا المَيْتُ الّذي حَسِبُوهُ حَيّا 
وَعَيني مُصْحَفٌ لو جِئْتُ نَاعٍ *** بِهِ أنْعَى الوُجُودَ الآدَمِيّا 
تَأسَّفَتِ الحياةُ عَليكَ لمّا *** رَحَلْتَ وَوَدَّعَتْ بحرًا نَدِيّا 
 
المصادر: 
معجم رجال الحديث للسيد أبو القاسم الخوئي قدس سره. 
كتاب صعصعة بن صوحان للكاتب سلمان رامس. 
شبكة الإمام علي.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


وفاء الطويل
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/04/12



كتابة تعليق لموضوع : صعصعة بن صوحان العبدي (1)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
أدخل كود التحقق : 4 + 4 =  



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net