هو الطرماح بن عدي الطائي، شاعر من الموالين المخلصين لأهل البيت عليهم السلام.
جاء في بعض المصادر أنه التقى بالحسين عليه السلام أثناء مسيره لكربلاء ومعه ثلاثة من أصحابه
قد أتوا لنصرته عليه السلام، وكان الطرماح دليلهم
فطلب من الإمام أن يذهب معه إلى بلاد قومه وتكفل له بأن ينصره وقومه، فجزّاه الحسين (عليه السلام) وقومه خيراً، وقال له: إنّ بيننا وبين القوم قولًا لا نقدر معه على الانصراف، فإن يدفع الله عنا فقديمًا ما أنعم علينا وكفى، وإن يكن ما لا بد منه ففوز وشهادة إن شاء الله.
ثم قال الإمام الحسين (عليه السلام) لأصحابه: هل فيكم أحد يعرف الطريق على غير الجادة؟ فقال الطرماح: نعم يا ابن رسول الله، أنا أخبر الطريق، قال: «تقدم أمام الركب» فتقدم الطرماح وهو يرتجز
أرجوزة "يا ناقتي لا تذعري من زجري"
أبيات الحدي، هي من ضرب من أضرب بحر الرجز (مستفعلن مستفعلن مفعولن)
قافية متواترة، حرف الروي الراء
في القصيدة تصوير أدبي مؤثر لمسيرة الإمام الحسين عليه السلام إلى أرض الطف
يا ناقتي لا تذعري من زجري وامضي بنا قبل طلوع الفجر
يخاطب الشاعر ناقته ويطلب منها ألا تذعر من حثه لها وحملها على السرعة
واعتاد العرب على ارتجال الأراجيز حيث تنشد عند اللقاء في الحروب، وتُغنى للإبل لحثها على السرعة في السير، ويسمى ذلك الحُداء، ويعتمد معظمها على الارتجال والألحان الخفيفة.
ورغم أن النص ارتجاليًا إلا أن الشاعر اهتم بجمالية المطلع فعمد لتصريع مطلع قصيدته.
ونلاحظ اهتمامه بدور الموسيقى الداخلية وجمالية التكرار في بناء النص الشعري حيث كرر جرس الياء في البيت الأول سبع مرات
وهندس المقاطع الخفيفة (القصيرة) مثل (يا، نا، لا) مما زاد النص إيقاعًا.
بخير فتيان وخير سفر آل رسول الله أهل الفخر
وما زال في استعراضه الشعوري الشعري يراقب ويراعي النسب الأثيل (للحسين عليه السلام ورهطه) (آل رسول الله أهل الفخر).
أيضا تميز هـٰذا البيت بجمالية الأجراس
السادة البيض الوجوه الزهر الطاعنين بالرماح السمر
الضاربين بالسيوف البتر حتى تحلي بكريم النجر (1)
الماجد الجد الرحيب الصدر أصابه الله بخير أمر
اِبن أمير المؤمنين الطهر وابن الشفيع من عذاب الحشر
عمّره الله بقاء الدهر وزاده من طيبات الذكر
يا مالك النفع معًا والضر اُمدد حسينًا سيدي بالنصر
جنح ببنية القصيدة بما يخدم بيئة النص فنجد تفاعله بما يرمز لولايته لأمير المؤمنين عليه السلام، ويشير لشجاعة آل محمد عليهم السلام وثباتهم على أمر الله
ونجد التوازن في الدفق العاطفي شكلًا مضمونًا، ومراعاة الوحدة العضويّة في النص وترابط أجزاء القصيدة، وسيرها في تجاهٍ واحد فكرًا وشعورًا، فكلّ بيت يرتبط بما قبله، وبما بعده.
على الطغاة من بقايا الكفر على اللّعينين سليلي صخر
يزيد لازال حليف الخمر والعود والصنج معًا والزمر
وابن زياد العهر وابن العهر فأنت يا رب به ذو البر
ويذكر الشاعر في نهاية القصيدة مثالب القوم ونقائصهم
فليس حليف الإيمان كحليف العهر والخمر والمعازف
قصيدة مشبوبة بالعاطفة المتوهجة، صادقة النبرة ومؤثرة جدًا
وهي في حد ذاتها وثيقة تاريخية تصور مسيرة الإمام الحسين عليه السلام إلى كربلاء
وبعد أن أوصل الإمام الحسين عليه السلام إلى كربلاء ودعه واستأذنه أن يوصل الميرة إلى أهله ويعود لنصره، فلما عاد بلغه خبر استشهاد الإمام عليه السلام.
______
1- النَّجْر والنِّجارُ والنُّجارُ: الأَصْلُ والحَسَبُ
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat