حديث عامي يناقض عقيدتهم ويثبت عقيدة الشيعة
احمد خالد الاسدي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
احمد خالد الاسدي

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الأمين محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وبعد:
هذه بضع كلمات لله فيها رضا ( ان شاء الله)وللمؤمنين فيها أجر وثواب.
هناك سؤال جوهري وفي صميم العقيدة الإسلامية الا وهو هل خليفة النبي مجعول من الله سبحانه؟ او هو أمر راجع للناس ورضاهم سواء أكان فلتة وقى الله شرها كما في تعيين ابي بكر او وصية من السابق لللاحق كما في تعيين عمر ام هو ترشيح من قبل الستة المعروفين كما في تعيين عثمان ام هو بالغلبة والقهر كما في بني امية وبني العباس؟
لا اريد هنا طبعا الإجابة بصورة حتى مختصرة عن هذا السؤال ولكن يهمني الإشارة الى بعض الروايات التي اخرجها كبار القوم في كتبهم التي تناقض ما تسالموا عليه من عقيدة بهذا الموضوع.
اخرج البخاري في صحيحه عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة مرفوعاً :
ما بعثَ اللهُ من نَبِيٍّ ، ولا استخلَفَ مِنْ خليفَةٍ إلَّا كانتْ لَهُ بطانتانِ بطانةٌ تأمرُهُ بالمعروفِ ، وتحضُّهُ عليْهِ ، وبطانَةٌ تأمرُهُ بالشَّرِّ ، وتحضُّهُ ، فالمعصومُ مَنْ عصمَهُ اللهُ.
اهم النقاط التي يفهمها الانسان العربي من الحديث:
اولا: الله سبحانه هو من يبعث النبي
ثانيا: الله سبحانه هو من يستخلف الخليفة
ثالثا: كل نبي وكل خليفة له بطانتان (والبطانة هم الناس والاصحاب المختصون بهذا النبي او الخليفة وهم ممن يستمع اليهم وبعبارة حديثة هم المستشارون)
رابعا: البطانتان على قسمين: قسم مؤمنون يدلون على الخير ويشيرون اليه وقسم يدلون على الشر والفساد ويشيرون اليه.
خامسا: للنبي والخليفة وسيلة دفاعية وهي العصمة التي يعطيها الله لمن يشاء ليرشدهم الى فعل الخيرات وتجنب الشرور والسيئات.
شرح النقاط أعلاه:
أولا: لا خلاف بين المدرستين حول ضرورة ان الله سبحانه هو من يبعث الأنبياء لعباده ليستقذونهم من الكفر ويدلونهم لطريق الكمال الذي يريده الله من البشر.
ثانيا: هنا وقع الخلاف بين المدرستين حول استخلاف الخليفة فمدرسة الخلفاء تعتقد ان النبي صلى الله عليه واله ترك امته هملا ولم يعين لهم خليفة ولم يرشدهم أصلا لطريقة اختيار الخليفة على اقل تقدير(حاشا رسول الله من ذلك).
اما مدرسة الامامة فترى ان استخلاف الخليفة خاص بالله سبحانه وانها جعل كالنبوة لا فرق بينهما من هذه الجهة ولهم ادلتهم التي تأخذ بالاعناق ليس هنا طبعا محل ذكرها، لكن الغريب بالأمر أن بعض الاحاديث ومنها حديثنا أعلاه الوارد عندهم بسند مقطوع الصحة يناقض ما تسالم عليه القوم من عقيدة، فلسان الحديث كما يفهم منه من ينطق العربية ان الله هو الذي يبعث النبي وانه الذي يستخلف الخليفة (ما بعثَ اللهُ من نَبِيٍّ ، ولا استخلَفَ مِنْ خليفَةٍ).
فلا يجوز التفريق بين العبارتين فأما ان تعتقد ان الله هو من يبعث النبي وهو من يستخلف الخليفة كما هو ظاهر الحديث او تنكر كليهما وهذا كفر بالضرورة.
ونظير ذلك قد ورد في القران الكريم وهو قرينة واضحة تؤيد ما تعتقد به الامامية أعلى الله شأنهم في شان استخلاف الخليفة وهي قضية طالوت في قوله تعالى (وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا قالوا أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ....)
فأنتم تلاحظون ان اختيار القائد العسكري ليس من صلاحية النبي فضلا عن الامة فكيف بالخليفة الذي من المفترض ان يكمل مسيرة النبي صلى الله عليه واله، اليس من المفترض بالبداهة ان يكون الاختيار خاص بالله سبحانه مالكم كيف تحكمون...
ثالثا ورابعا: من الواضح تقسيم بطانة النبي والخليفة وهم المستشارون كما اصطلحنا عليه حسب الحديث الى قسمين (مؤمن صالح وفاسق طالح) فاذا طبقنا ذلك في عصر النبي صلوات الله عليه واله يتضح بطلان نظرية عدالة الصحابة التي يصرخ بها المخالفون في كل حين.
فكيف يستقيم وجود صحابة يحضون النبي والخليفة على الشر والفساد وهم عدول مؤمنون؟
الحقيقة واضحة لكن من يغلق عينيه فكيف تتكلم معه.
تعالوا اخواني لهذا الشاهد وهو حديث مقطوع الصحة فقد رواه البخاري ( 4 : 168) رقم الحديث 3447 وأخرجه مسلم (2860) باختلاف يسير( ثُمَّ يُؤْخَذُ برِجَالٍ مِن أَصْحَابِي ذَاتَ اليَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ، فأقُولُ: أَصْحَابِي! فيُقَالُ: إنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ علَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ...) وأيضا ما رواه البخاري (6585) بلفظ ( يَرِدُ علَيَّ يومَ القيامَةِ رهطٌ من أصحابي ، فَيُحَلَّئُونَ عن الحوضِ ، فأقولُ : أيْ ربِّ ! أصحابي ، فيقولُ : إِنَّكَ لا عِلْمَ لكَ بما أحدثوا بعدَكَ ، إِنَّهم ارتَدُّوا بعدَكَ على أدبارِهم القَهْقَرَى).
فهل هؤلاء من المؤمنين العدول والنبي يعبر عنهم بالارتداد على الادبار وانهم يطردون من الحوض فهل يوجد تصريح ابلغ وأوضح من هذا بوجود المنافقين والاشرار في أصحاب النبي صلى الله عليه واله؟
خامسا: يقرر الحديث وبلغة واضحة وصريحة بمبدأ العصمة الذي ينادي به الشيعة الامامية منذ صدر الإسلام وهي الوسيلة التي وهبها الباري عز وجل للنبي وخلفاؤه لتحميهم من وساوس الشيطان ومن الخطأ والانحراف والشر ومن الاستماع لاهل الشر والسوء الذين يحرضون على الشر بنص الحديث أعلاه.
وبسبب غصب منصب الخلافة وسيطرة الأشرار على مقدرات الإسلام نرى مقدار انحرافه ونسيان ابسط سنن النبي صلى الله عليه واله وهي الصلاة ونعرف سبب التبديل والتغيير باحكام الإسلام ودونك هذان الحديثان الصحيحان:
الأول: دَخَلْتُ علَى أنَسِ بنِ مالِكٍ بدِمَشْقَ وهو يَبْكِي، فَقُلتُ: ما يُبْكِيكَ؟ فقالَ: لا أعْرِفُ شيئًا ممَّا أدْرَكْتُ إلَّا هذِه الصَّلاةَ وهذِه الصَّلاةُ قدْ ضُيِّعَتْ وقالَ بَكْرُ بنُ خَلَفٍ: حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بنُ بَكْرٍ البُرْسانِيُّ، أخْبَرَنا عُثْمانُ بنُ أبِي رَوّادٍ نَحْوَهُ (صحيح البخاري برقم 530 )
الثاني: قال أبو موسى: لقد ذَكَّرَنا علِيُّ بنُ أبي طالبٍ صَلاةً كنَّا نُصلِّيها مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ إمَّا نَسيناها، وإمَّا تَرَكْناها عَمدًا، يُكبِّرُ كلَّما رَكَعَ، وكلَّما رَفَعَ، وكلَّما سَجَدَ (أخرج ابن ماجه (917) وأحمد (19494) واللفظ له والحديث صحيح حسب شعيب الأرناؤوط).
النتيجة:
من هذا الحديث والكنز المعرفي نتبين صحة عقائد الشيعة ففيه دليل دامغ بجعل الله سبحانه للخليفة وانه منصب رباني خاص به سبحانه يجعله فيمن يشاء من عباده وكذلك فيه دليل على مبدأ العصمة وفيه دليل صريح على بطلان نظرية عدالة الصحابة فيا له من حديث عظيم.
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على النبي محمد واله الطاهرين
سحر يوم 11 شهر رمضان المبارك 1446 للهجرة المباركة على صاحبها واله التحية والسلام.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat