صفحة الكاتب : كامل المالكي

ديكتاتورية المالكي !
كامل المالكي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 منذ ان بدأ رئيس الوزراء نوري المالكي  يعمل على تعزيز سلطته والتي كان من ابرز ملامحها  حدوث تطور ملموس في  الملف الامني والضرب بيد من حديد على جميع المسلحين ومقارعة الارهاب بكافة اشكاله جنبا الى جنب مع  تحقيق الانسحاب الكامل للقوات الامريكية والسير باتجاه تعزيز سلطة الدولة الاتحادية في الداخل والخارج وتصاعد ذلك بعد تجديد ولايته للمرة الثانية ونجاحه بتشكيل حكومته رغم المصاعب , وكذلك صعود نجمه الانتخابي وحصوله على اعلى نسبة من الاصوات بالمقارنة مع المرشحين من القيادات السياسية الاخرى, راحت اصوات بعض السياسيين المعارضين تدق ناقوس الخطر بشأن سياسته وتعالت الاصوات واصفة تلك السياسة بالتفرد بالسلطة والاتجاه نحو خلق ( دكتاتورية جديدة )او مايصفونه احيانا بشبح دكتاتور آخر .
وهنا لااريد ان اضع توصيفا للدكتاتورية من حيث السمات او المضادات لهذا الشكل من اشكال الحكم واحاول المقاربة بين حقيقة الوضع الحكومي  المتمثل برئيس الحكومة واعضاء حكومته الذين جاءوا على اسس المحاصصة وبين ذلك التوصيف , لان الجميع يعرف آلية اصدار القرارات داخل اجتماعات مجلس الوزراء والمبنية على اساس صوت لكل عضو حيال اي قرار بما في ذلك رئيس المجلس نفسه ,فضلا عن صلاحيات رئيس الحكومة التي توافق عليها  المعارضون انفسهم ودونوها في الدستور , ولكني كمراقب أجد  ان اطلاق هذ ا التوصيف على حكم السيد نوري المالكي يثيرالتساؤل لان وضع العراق السياسي لايسمح باي طريقة للتفرد بالحكم فالانتخابات البرلمانية في العراق تفرز انتخاب اعضاء مجلس النواب ويقوم الاخير باختيار رئيس الجمهورية  وهو بدوره يختار رئيس مجلس الوزراء الذي يقوم باختيار وزرائه  بعد ان ترشحهم كتلهم على اساس حصتها , وهذه الكتل هي التي تصادق على الحكومة ولكن في حالة تحقيق كامل حصتها من الوزارات , على العكس من النظام الانتخابي الرئاسي الذي يتم بموجبه انتخاب رئيس الجمهورية وهو الذي يكون رئيس السلطة التنفيذية ويختار بشكل مباشر كابينة وزرائه حيث لايوجد في هذا النظام منصب لرئيس الحكومة .
لعل هذا التوصيف لدكتاتورية المالكي لم يكن بسبب التفرد بالحكم أو الاستبداد فيه لعدم وجود فسحة كافية وحقيقية للتفرد كما اسلفنا كما ان من أطلق صفة الدكتاتورية على الحكم أو على المالكي تحديدا لم ينجح في تسويق المبررات الموضوعية لهذا الاتهام أو اعطاء امثلة واضحة للسلوك الدكتاتوري ,  وتبعا لذلك يبدو  ان  اطلاق هذه الصفة ربما تم بسبب النظام السياسي المعمول به في تشكيل الحكومة والمبني على اساس المحاصصة , بمعنى آخر ان الكتل السياسية تنظر الى القرارات الحكومية بقدر مايصب في مصلحتها فان تعارض فانه يشكل خرقا للتوافقات وبالتالي فهو سلوك فردي والسلوك الفردي يعني الدكتاتورية بدليل ان  المبررات التي تطلقها كتلة التحالف الكوردستاني كوردية بحتة ( النفط والبشمركة وكركوك وحدود الاقليم ) ومبررات كتلة العراقية تنحصر بهمومها ( مجلس السياسات العليا مثلا ) فيما تركز كتلة الاحرارعلى غياب المشاركة في اتخاذ القرار خاصة بعد عمليات البصرة ( صولة الفرسان ) كما التقت هذه الكتل على ضرورة عدم تجديد ولاية الرئاسات الثلاث لان ذلك من شأنه ان يخلق دكتاتورا ’ وهي محاولة تهدف للحيلولة دون عودة المالكي لرئاسة الحكومة بسبب تزايد شعبيته التي صنع جزءا منها دعاة سحب الثقة انفسهم , كما نجد احيانا عدم تلاقي هذه المبررات أو الهموم فيما بين هذه الكتل , فالعراقية قد لاتتفق مع مبررات ومطالب الكتلة الكوردستانية في مسألة كركوك وكذلك التيار الصدري والتحالف الكوردستاني يختلف مع العراقية في كثير من الامور المتعلقة  بما يعرف ببرنامجها العام ,  ولكنها اتفقت جميعا على دكتاتورية المالكي او الخوف من نشوء دكتاتورية جديدة ما يستدعي استجواب المالكي تمهيدا لسحب الثقة عنه , دون ان تحسب حسابا للنتائج التي سينشأ عنها الوضع السياسي والحكومي في حال نجاح عملية سحب الثقة والفراغ الذي سيشهده البلد بعد ذلك وما ينشا عن هذا الفراغ من تداعيات خطيرة وكارثية ربما , وهنا تحضرني حادثة تتعلق بالرئيس التونسي المنصف المرزوقي حينما سئل عن سبب عدوله عن تقديم استقالته التي قرر تقديمها فاجاب احد المراسلين بانه رأى بأن العديد من الورزاء سيستقيل ايضا  وسيحدث فراغ  كبير وان الدولة في موسم سياحي له مردوداته الاقتصادية الجيدة وان الاستقالة ستؤذي تونس وشعبها اقتصاديا ’ واللبيب بالاشارة يفهم !! ..
لقد نجحت جهات معادية للعملية السياسية في العراق في تسويق مصطلح الدكتاتورية وفي مقدمتهم  بقايا حزب البعث المنحل وبعض الاطراف الطائفية في الداخل والخارج الاقليمي والعربي  ووقعت في شراكه قوى وطنية مهمة وفاعلة في تلك العملية  وناضلت وقدمت التضحيات في سبيلها , لان الهدف منه هو ايهام الاخرين بان النظام الديمقراطي والتعددي في العراق نظاما شكليا  يمكن ان ينتج دكتاتورا , وكان حري بها ان تتجه للحوار السياسي البناء وكشف الملفات ضد الفساد والمفسدين  من اي جهة كانت ومعالجة الخلل في اطار القانون والاجراءات الدستورية  بدل اللجوء الى وسائل الاعلام لكيل التهم المتبادلة في محاولة للضغط السياسي والحصول على القدر الممكن من المكاسب وهذا الامر لوحده اضعف الحكومة وبالتالي الحق ضررا فادحا بالشعب العراقي الذي ينتظر بفارغ الصبر تحسين الخدمات ومواصلة البناء والعمران ,لذلك فان عقد المؤتمر الوطني او اللجوء الى خيار  الاصلاح سوف لن يشكل حلا جذريا وناجعا للمسألة السياسية في العراق لكن بكل تأكيد  سيحل جزءا من المشكلة  اما الحل الامثل فلا يتم الا من خلال العدول عن النظام الانتخابي المعمول به حاليا والذي انتج المحاصصة البغيضة التي اخرت التشريعات ومشاريع البنى الارتكازية واسست لمشكلة الفساد الخطيرة  وليس دكتاتورية المالكي واذا ما تحقق ذلك واصبح النظام الانتخابي رئاسيا وليس برلمانيا فان الانتخابات المقبلة بدون شك ستفرز من كان على حق ومن الذي لا يريده شعبه .
 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


كامل المالكي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/07/29



كتابة تعليق لموضوع : ديكتاتورية المالكي !
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net