حين يندم القتلة و المتخاذلون
علي حسين الخباز
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
علي حسين الخباز

تفسير الندم هو شدة الحزن ، تعبير عاطفي لإحساس الشخص بالذنب بعد ارتكابه لفعل عار، ومثل ابن سعد لا ينفعه الندم في كل الأحوال، لان الندم جاء بعد تنفيذ الجريمة، وندم ابن سعد ليس سببه قتل الحسين وإنما لتخلي المجتمع عنه تركوه يحمل العار وحده، حين خرج عمر بن سعد من عند ابن زياد يريد منزله إلى أهله وهو يقول ما رجع أحد بمثل ما رجعت ، أطعت الفاسق ابن زياد و عصيت الحاكم العدل وقطعت القرابة الشريفة .
كرهته الناس وكلما مر على ملأ أعرضوا عنه وكلما دخل المسجد خرج الناس منه ،وكل من رآه سبه ،عاش معاناة الذلة والمشاعر السلبية التي سببها لذاته و لنفسه حتى وصل الأمر به أن يكره نفسه ،
مر يومًا بمجلس بني نهد سلم فلم يردوا عليه السلام فقال لنفسه
(أتيت الذي لم يأت قبل ابن حرة
فنفسي ما أحرت وقوم أذلت)
هذه الأمور سببت له الخوف فلزم بيته إلى أن قتل.
هناك مقاتل آخر عاش ذلة البقاء بعد أن قاتل الحسين عليه السلام هو رضي بن منقذ العبدي هذا الرجل الذي اشترك مع برير بن الخضير رضي الله عنه فصرعه برير هب ابن جابر فاستنقذه بعد أن قتل برير.
لو شاء ربي ما شاهدت قتالهم
ولا جعل النعمة عند ابن جابر
لقد كان ذاك اليوم عارًا وسبة
تعيره الأبناء بعد المعاشر
يا ليت إني كنت من قبل قتله
ويوم حسين كنت في رمسي قابر
وأما حكاية شبث بن ربعي فهي حكاية عجيبة كان يعرف كل شيء وخبر كل شيء وترك كل شيء ليمشي في طريق الخطأ طمعًا بوسخ الدنيا وهو يدري ويعلم ويعرف ففي إمارة مصعب كان يقول ( لا يعطي الله أهل هذا المصر خيرًا ابدًا ولا يسددهم لرشد إلا تعجبونه إنا قاتلنا مع علي ابن ابي طالب ومع ابنه الحسن من بعده آل أبي سفيان خمس سنين ، ثم عدونا على ابنه وهو خير أهل الأرض نقاتله مع آل معاوية وابن سمية الزانية ضلال يا لك من ضلال،)
وأما الذين ندموا بعد ذلك لتركهم الإمام الحسين عليه السلام فكثيرون وقد تقدم قول البراء بن عازب أعظم بها حسرة إذا لم أشهد وأقتل دونه، وذكروا ندم عبد الله بن الحر الجعفي طلب منه الإمام الحسين النصرة بنفسه فأبى ذلك واعتزل وقد عاتبه ابن زياد على عدم قتاله للإمام الحسين ثم خرج ابن الحر من مجلس ابن زياد ومضى إلى كربلاء فنظر إلى مصارع القوم وبكى
يا ندمي أن لا أكون نصرته
على كل نفس لا تسدد نادمه
واني لأني لم أكن من حماته
لذو حسرة ما أن تفارق لازمه
كما أن الظاهر أن كثير من التوابين قد ندموا على ترك النصرة مع قدرتهم عليها بل هم إنما سموا بالتوابين لذلك وأن كان الظاهر كثيرًا منهم عجز عن نصر الإمام صلوات الله عليه لأن ابن زياد قد سجنهم أو لأنه قد سد الطرق بنحو يتعذر عليه الوصول إلى الإمام الحسين عليه السلام.
هناك من يحاول اليوم تبرئة يزيد من دم الحسين على حجة أنه لا يدري بينما التاريخ يقول إن يزيد كتب إلى ابن زياد يأمره بقتل الإمام الحسين وله اعترافات بتحمله قضية قتله و ابن زياد سعى في الاعتذار عن قتل الإمام الحسين إنه قال أما قتلي للحسين فإنه أشار عليَّ يزيد بقتله أو قتلي فاخترت قتله
، ويزيد كتب للوليد بالمدينة كتابًا يخبره فيه بموت معاوية و يأمره بأخذ البيعة من الناس و أرفقه بكتاب صغير وفيه أما بعد فخذ الحسين وعبد الله بن عمير وعبد الله وعبد الرحمن بن أبي بكر وعبد الله بن الزبير بالبيعة أخذًا عنيفًا ليست فيه رخصة فمن أبى عليك منهم فأضرب عنقه و ابعث إليَّ برأسه والسلام.
طلب من مروان بن الوليد بن عتبة أن يقتل الإمام الحسين، إن لم يبايع و تأنيبه له على ترك قتله وعزل يزيد الوليد بن عتبة وكان سبب عزله امتناعه عن تنفيذ أمر يزيد بارغام الإمام الحسين على البيعة وروي أيضًا أن يزيد دس مع الحجاج 30 رجلًا من شياطين بني أمية و أمرهم باغتيال الإمام الحسين وطلب من ابن زياد إرسال العائلة الكريمة إلى الشام فأرسلها بذلك الوضع المزري الذي أشارت إليه بعض أقوالها العقيلة زينب الكبرى بقولها في خطبتها في مجلس يزيد أمن العدل ياابن الطلقاء تخديرك حرائرك وسوقك بنات رسول الله سبايا قد هتكت ستروهن وابديت وجوهن يحذى بهن من بلد إلى بلد ويستشرفهن أهل المناهل والمناقل ويتصفح وجوهن القريب والبعيد والدنيء والشريف ثم تزين الشام لاستقبالهم وقد أقيموا على درج باب المسجد حيث يقام السبي و يدخلوا على يزيد مربقين بالحبال،
وجريمة صلب رأس الإمام الحسين على باب القصر في دمشق ثلاثة أيام ثم التشهير به وتسييره في البلدان وإظهار السرور و الشماتة بقتل الإمام الحسين شدة وقع الجريمة في نفوس المسلمين أشعرت يزيد بخسارته في المعركة شعورًا فرض عليه الخروج في معالجة الموقف عن طبيعته في الطيش و العنجهية التي بقيت معه في بقية الأحداث التي واجهته بعد فاجعة الطف ومنها رده ببشاعة على أهل المدينة في واقعة الحرة وعلى ابن الزبير في استحلال الحرم ورمي مكة المكرمة والمعظمة بالمنجنيق ،حتى بلغوا بغض الناس له ولعنهم وسبهم . ندم على قتل الحسين ،وكان يقول وما عليه لو احتملت الأذى وأنزلت الحسين معي في داري وحكمته فيما يريد وأن كان علي في ذلك وهم في سلطاني لعن الله ابن مرجانة فانه اضطره فقتله فبغضني بقتله الىغ المسلمين وزرع في قلوبهم العداوة فابغضني البر والفاجر بما استعظموه من قتلي الحسين مالي وابن مرجانة لعنه الله وغضب عليه ،فقد روى مثل ذلك الطبري وغيره عن أبي عبيد بن يونس بن حبيب ،ومثل ما حاول يزيد أن يرمي تبعة الجريمة على ابن زياد فابن زياد أيضًا حاول أن يتنصل من قتل الإمام الحسين ويحمل عمر بن سعد تبعته فقال لعمر بن سعد بعد قتله الحسين يا عمر أين الكتاب الذي كتبت إليك في قتل الحسين ؟ قال مضيت لأمر وضاع الكتاب قال تجيئني به قال ضاع قال هكذا صار كل واحد يرمي تبعت الجريمة على صاحبه
قالت مرجانة لابنها عبيد الله بن زياد يا خبيث قتلت ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا ترى الجنة أبدًا
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat