الى (( سعد )) بائع الصحف المتجول
- يجتاحني خجلٌ رهيب وأنا أرفع اليك كلامي هذا فلا أعرف هل سيسمو ما أنسبه اليك من كلام الى مقام صمتك العميق الدائم –
المكان : شارع عام , تنتشر بعض المصابيح بصورة عشوائية في المكان , هنالك علبة صفيح فارغة موضوعة في المقلوب أو ما تسمى محليا ب (( التنكة )) , فوقها ورق مقوى بحيث تعطي للناظر احساسا بانها معدة للجلوس , المنظر الخلفي يكون باب مغلق لدكان , لون الباب ابيض مما قد يمكّن استخدامه لإسقاط مشاهد فيديوية ( المشاهد التي تسمعها شخصية النص ) بواسطة الداتشو أو حسب ما يراه مخرج العمل مناسبا ,
الزمان : ليلٌ دائم ,
قبل أن يُرفع الستار نسمع صوت موسيقى ( وأقترح أن تكون مقتطعة من معزوفة " ضيعانو أو معزوفة آثار على الرمال " لزياد الرحباني , تتخل تلك الموسيقى أصوات نباح كلاب , صوت شخير بشري , بحيث يعطي ذلك مزيجا يختلط فيه الجمال بالقبح , ..
يستمر الحال لمدة دقيقة ونصف , حتى يرفع الستار , فيظهر لنا ( سعد ) " وهو شخص هزيل الجسم , ناحل العود , يرتدي قميصا ملفوف الأكمام , و بنطالا عريضا الى حد ما , ملابس توحي بالتعب الشديد , تتدلى نهاية حزامه بعد أن افلتت من البيوت التي يوضع فيها , تتدلى أو تمتد بجانب بطنه النحيل , " يجلس سعد بالقرب من علبة الصفيح كالنائم ,
يرتفع صوت الشخير , فيثب سعد مرعوبا ويخاطب نفسه
سعد .. سعد .. ما هذا هل نمت ؟ يا للعار منذ متى وأنت نائم ؟ ( يتجه صوب الدكان , ينظر نحو المصباح المتدلي فوق الباب ) ياااااااااه يبدو أنك نمت أكثر من عام يا سعد , من يدري ؟ ربما ؟ عامان ؟ ثلاثة ؟ عندما جلست هنا لم يكن هذا المصباح موجودا , لا .. لا .. هل يعقل أن أحدا قام بتركيبه قبل قليل ؟ ربما ولم لا ؟ ( يرتفع صوت الشخير ) الوقت مازال ليلا , ( يرتفع صوت نباح الكلاب ) نعم .. نعم لم يتغير شيء , ربما لم أنم ؟ قد يكون ذلك صحيحا , من يدري ؟ أو قد يكون العكس , لا أحد يعلم ..
( يدور في المكان جيئة وذهابا ويرمق السماء بين الحين والآخر ) لا أعرف متى يأتي الصباح ؟ هناك المزيد من الصحف عليّ أن أوزعها , لا أحد سيقرأها , يؤلمني ذلك , لكنهم سيقرؤونها هذه المرة انها تحتوي على نبأ هام .. هام جدا , لا أعرف ان كان كذلك بالنسبة لهم أم لا ؟ ولكن المنطق يقتضي كونه هاما , ربما يكون أهم من أخبار البورصة أو اخبار العملات , ربما أهم من زيارة المسؤول ( يتلفت يمينا وشمالا ) نعم ( بخيلاء ) أهم من زيارة المسؤول .... منتجعات أوربا لقضاء العطلة الصيفية , أتمنى أن لا يرفقه محرر الصفحة الصورة الحقيقية , نعم يحتاج الى حيلة صغيرة لجعل الناس يقرؤون الخبر , حيلة مبررة , الخبر مهم , جدا , وينبغي على الجميع قراءته , ( يخرج صحيفة من تحت قميصه ) أعتقد انه أكثر أهمية من هذا الخبر ( يقرأ ) " نظرا لكون الجريدة حققت أعلى مبيعات لها هذا العام , ويعزى ذلك الى الخبر الذي نعيد لكم نشره بناءا على الطلبات الكثيرة الواصلة الى مقر الجريدة , ( يقرأ الخبر بسخرية مريرة ) " الليدي غاغا تعود الى حبيبها بعد انفصال دام ثلاثة أيام "
ما هذا بحق الجحيم ؟ ( يسير ممسكا الجريدة ) ثلاثة أيام بلياليها , ذلك كثير , كثير حقا , كان الله في عونها كيف قضت تلك الايام الثلاثة , لا يمكنني تخيل الأمر , أتذكر أنا أول يوم ولدت فيه كنت جائعا , ( يجلس في الأرض ويكوّر نفسه ) توفيت والدتي فورا , لم تحتمل رؤيتي وأنا جائع , مسكينة هي حاولت ارضاعي , لكنها لم تستطع , كان ثدياها على وشك أن يجعلانها رجلا , لم تحتمل رؤيتي جائعا , فماتت فورا , لا أعرف هل قررت أن تموت هي ؟ كيف يمكنها ذلك ؟ ولكن الذي أعرفه هو أني نهضت فورا وقمت بتغسيلها وتكفينها , (( يبكي بشدة )) وسرت في جنازتها وحيدا , ( يرتفع صوت الشخير ) كان وزنها خفيفا جدا , استطعت أن أحملها وحدي , كنت أتعثر ولكن ليس من ثقلها , بل كنت اسمع صوت جارنا ( يمثل صوت شخير ) , نعم ليس مهما الآن , ثلاثة أيام بحالها ليست مهمة , فرحة القراء بعودة (( الليدي غاغا )) الى عشيقها لا تساوي شيئا فيما لو قورنت بأهمية أن يقرؤوا ذلك النبأ , أنه مهم , أهم من (( الليدي غاغا )) وعشيقها , كل شيء انتهى تقريبا , لا أريد منهم أن يقرؤوا بعد هذا الخبر أي شيء , لا .. لا .. لا أقصد خبر (( الليدي غاغا )) انه خبر أهم بكثير ,
( يتجه صوب علبة الصفيح , يقوم بحملها ) اوووووه انها ثقيلة جدا هذه الليلة , لم أجرب حملها فيما مضى ولكني أجزم انها اليوم أثقل بكثير من السابق , ربما كان لجلوسي عليها طيلة تلك السنوات ما جعلها تسبر في غور الارض , لتجعلني اسبر في غور السماء !!
الليل مازال طويلا , ( يستخرج جريدة من تحت قميصه ويحاول أن يقرأ ) ربما نظري لم يعد يمكنني من القراءة ( يتجه صوب الدكان ) هنا يمكنني القراءة ( يقرأ) " نصائح لإبعاد شبح الملل : ليس بالضروري اقتناء الاشياء الجديدة لتعيشوا الاحساس بالتجدد , ( يواصل ) ذلك ما أوصى به علماء النفس فقد توصلوا الى ان تغيير ترتيب الاثاث بشكل دوري يمنحكم الاحساس ذاته كما لو أنكم اقتنيتم اثاثا جديدا , "
حسنا فكرة رائعة , قد تساعدني على انتظار الصباح , سأقوم بتغيير ترتيب أثاث منزلي , ( يتجه صوب الصفيحة يحاول رفعها فلا يتمكن ) اوووه كيف سأغير ترتيب الاثاث ان لم أتمكن من تحريكه , أحتاج لان يساعدني أحدهم , سأنتظر مرور شخص ما ليساعدني , ( يصمت برهة ) ولكن لا أحد يمر قبل الصباح , لم نفعل شيئا , عليّ انتظار الصباح , ( يتجه صوب الدكان ) نعم ربما أجد في الجريدة ما يساعدني على تخطي عتبة الانتظار , ( يأخذ الجريدة ويقرأ ) " فإحساسنا بالأشياء يجب أن يكون متجددا , علينا أن نغير من الاحساس الذي نقبل به على الاشياء " ( يضع الجريدة ويتجه صوب الصفيحة ) نعم فذلك أفضل , في كل مرة أجلس فوق الأريكة بالطريقة ذاتها , سأجرب هذه المرة الجلوس بالمقلوب , ربما ساعدني ذلك على انتظار الصباح , (( يحاول الجلوس ولكنها يسكن فجأة ويحاول أن يسترق السمع , بوضع كفه خلف اذنه )) ماذا ؟ لا اسمع جيدا , هل يمكنكم التحدث بصوت أعلى ؟ اووووه بدأت اسمع ماذا (( يقلد صوت شاب وبخيلاء وزهو ))
- نعم يا حبيبتي يبدو الليل قصيرا جدا , لا تريدن قدوم الفجر .؟ ولا أنا يا حبيبتي فليل شعرك يغريني أن اكمل عمري ساهرا !!
- ماذا يا حبيبتي ؟ ما هو ذنب الناس ؟ لا ذنب لهم يا حبيبتي , لكل ليلاه وليله , وانتِ ليلاي وليلي وصبحي لا أريد للصبح قدوما , ربما كان الكل مثلي لا يريدون الصبح ان يأتي
(( يعود الى صوته الاصلي )) أنا .. أنا انتظر الصباح بفارغ الصبر , أريد أن اوزع الصحف , لا بد أن يقرأ الناس ذلك النبأ فهو هام .. هام جدا ولا تقل أهميته عندي من .. ( صمت مفاجئ ) ولكن يا سعد ألم تتصرف بأنانية ؟ لماذا تريد قدوم الصبح ؟ أكل هذا لأنك تريدهم أن يقرؤوا النبأ , ولكن ما ذنب هؤلاء العشاق ؟ لماذا تحرمهم لذة الابحار في ليل لا ينتهي ؟! لا بد وأنك أناني يا سعد .. ألم تقرأ يوما ما يتصف به برجك ؟ ربما لأنك لم تعشق ؟! وصدق من قال " أن لم تعشق فافعل ما شئت .. (( يتجه مرة أخرى صوب الدكان ويخرج جريدة من تحت قميصه )) سأقوم بقراءة الابراج , ربما سيشغلني ذلك قليلا حتى يطلع الفجر , (( يضع الجريدة جانبا وينصت )) ماذا لا أسمع الا يمكنكِ التحدث بصوت أكثر وضوحا , لااااا , صوتها يختلط ببكاء حاد , لا يمكنني تمييز ما تقول , ربما ستهدأ وتكف عن البكاء ؟ حينها استطيع فهم ما تقول (( يستلقي فوق الأرض )) ربما هنا يمكنني السماع بشكل أفضل , نعم بوضوح أكبر , صوتها قادم من أعماق الارض , انها الأرض نفسها , آه رباه ما هذا , هي ايضا لا تريد قدوم الفجر , عند الصباح ابنها سيساق الى المحكمة , اوووووه تتمنى لو أن الليل يمتد حتى آخر عمرها , لا يمكن ذلك , الكل لا يتمنى ما اتمنى , نعم , هل أنت أناني يا سعد , تريد من الفجر القدوم لا لشيء سوى ان الناس ستقرأ النبأ وربما لن يقرأه احد , ماذا يكون ذلك النبأ أمام عشق العشاق وامام صوت هذه الأم التي سيساق ابنها الى المحكمة اذا كان الصباح , (( بجدية )) ولكن , ربما ارتكب ابنها جناية , لا بد وان يقدم الى القضاء , من يعلم , نعم لا بد وان حقك مشروع في انتظار الفجر , ربما يكون ابنها قاتلا ؟ من يعلم .؟ (( صمت قصير , يسمع خلالها صوت انفاس فقط )) ولكن صوتها هو الارض , ولا يمكن ان تكون هذه الارض أما لقاتل أثيم , (( ينهض ويستخرج جريدة من تحت قميصه ويقلب صفاحتها بسرعة )) نعم هنا موضوع جميل الى حد ما , لا أحد يعرف ربما لا يكون كذلك بحسب العنوان يبدو شيقا ومهما يكن , فهو أولا وأخيرا شيء يمكنني من انتظار الصباح , لا .. لا .. لا تكن انانيا يا سعد , أنسيت تلك المرأة , أنسيت الارض ( يصمت ) على كل سأعرف الآن ان كانت صادقة فهذا الموضوع يمكنني – ربما – من ذلك (( يقرأ )) " تحليل الشخصية من خلال الصوت : سيدتي العزيزة لن تعودي بحاجة الى انتظار , ولا بحاجة لتضييع الوقت لتتعرفي على طباع شريك حياتك , فكما تعلمين الوقت كعلبة الماكياج كوجبة كطعام , كخروج مع حبيب في نزهة لا يمكن التفريط به , (( يبصق )) سيدتي ان كان صوته هادئا فاعلمي انه رومانسي حالم وان كان صوته قويا فاعلمي انه ذو شخصية قيادية " (( يبصق على الجريدة ويرميها )) (بألم ) نعم موضوع يتصدر الصفحة الثقافية , هيه , سيحدث ذلك النبأ انقلابا نوعيا , ولكن أتمنى أن يقرأه الجميع , ربما وربما لن يقرأه احد , ولكن صدقوني انه مهم , مهم جدا , (( بصوت متعب )) عليّ الجلوس قليلا , يمكنني انتظار الفجر وانا جالس , نعم لا بد واني سأحتاج جهدا كبيرا هذا الصباح , عليّ أن اوزع النسخ كلها , لن أترك أيةَّ نسخة , لا بد وان يقرأ الناس جميعهم هذا النبأ , (( يسير ببطء )) (( يتوقف فجأة ويقوم باستراق السمع )) ماذا لا اسمع جيدا , تبا لقد انقطع الصوت , حسنا , سأرتاح قليلا حالما يعود الصوت , (( يتحرك ثم يتوقف فجأة )) ها هو قد عاد ولكنه منخفض , اقرب الى الهمس (( صمت )) ماذا ؟ يا الهي , يقلد الصوت :
- علينا انجاز المهمة قبل الصباح , ماذا ؟ وأنا مثلك تماما لا أتمنى ان يأتي الصباح , ( صوت ضحك) نعم يا عزيزي نحن لا نسرق وانما نزكي أموال هؤلاء , من قال اننا لصوص ؟ كل ما في الأمر نحن نحب العمل ليلا ( صوت شخير)
(( يعود الى صوته الأصلي )) حسنا يا سعد ها انت تنتظر الفجر لغاية انسانية وعليك أن تطلبه مسرعا , انهم لصوص يا سعد , (( صمت )) امممم لكنهم يظنون انهم يفعلون فعلا انسانيا ؟ كلهم كذلك يا سعد , ولكن هل ستنتظر الفجر من أجل النبأ أم من أجل اللصوص , لأيهم تريده ان يأتي مسرعا ؟ لا عليك يجب أن يأتي وكفى ؟ ولكن عليك أن تفعل شيئا حتى يأتي ! لماذا لا تنام يا سعد ( صمت ) لا ,, لا يمكنني ذلك , مستحيل فقد يأتي ويذهب دون ان اوزع الجرائد ومعنى ذلك ان لا احد سيقرأ النبأ , ولكن ألا ترى أنك ان وزعته أو لم توزعه لن يقرأه أحد ؟ نعم يا سعد ربما فالناس تقرأ ما تريد ولا ما تريده انت , ولكن عليك أن تلقي الحجة , (( يتحرك في المكان بقلق جيئة وذهابا )) ( ثم يتوقف عند منتصف المسافة ) ( صمت .... ثم يعلو صوت الشخير ) ( يهمس ) ماذا لا اسمع جيدا ؟ ما هذه الضحكات ؟ ( يحاول تقليد صوت مرأة )
- لا عليك يا حبيبي فهو مغفل تماما لن يعود قبل الفجر , نعم , تماما أنا أعرف بزوجي منه ومنك , الآف السنين وانا اعيش معه لن يعود قبل الفجر , (( صوت ضحكة ماجنة )) ادعو معي بان لا يطلع الفجر ولا يأتي لا هو ولا الصباح (( صوت ضحكات انثوية وذكورية , يبقى يتردد صداه في المكان ))
( يعود الى صوته الأصلي ) ما هذا يا سعد , اللعنة , تبا , سحقا هل تكفي هذه الالفاظ الكل لا يريد الصباح ؟ هل تتوقع أن يقرأ احدهم ( النبأ ) , نعم لا تكفي هذه الالفاظ عليّ أن أجد المزيد حتى يطلع الصباح , ( يستخرج جريدة من تحت قميصه ويقرأ " الى الجحيم , أمقتك , انت حشرة , لا تكفيك شتائم الأرض , أتحسب نفسكَ شيئا , أنت أرنب , لا يمكنني أن أراك فأنت اصغر من نفسك , (( يبستم )) حسنا فعلوا بوضع هذه الشتائم رغم أنها لا تكفي ,
(( صوت حركة وكأن شخص قادم , يتحرك سعد استعدادا , ))
لا بد وانها هي يا سعد (( يتجه صوب حاوية القمامة الكبيرة في اقصى يمين المكان )) نعم فهو موعدها , ستجيئ ككل مرة لتملأ كيسها بعلب الكولا الفارغة , آه ما أجمل منظرها , كم أتمنى لو أني تجرأت يوما وقلت لها ما أجملك , ولكن اليوم لم يعد شيئا ممكناً , أنت تنتظر الصباح يا سعد , كل ما تتمناه الآن وما تملكه هو ان تطلع الناس على النبأ , هو حلمك يا سعد , لن تحصل على نفع عن قراءتهم ذلك النبأ ولكنها أمنية , أمنيتك الأخيرة , والأولى , ألوحيدة يا سعد , ( صمت ) ولكن لمَ لا تنتظر الصباح معها يا سعد ؟ ربما كانت ليلتك الأخيرة ؟ أنت تعرف ذلك يا سعد , لا .. لا , لن تجرحها بعد غيابك , فلقد قضت عمرها من دونك , ولكن العمر لحظة يا سعد , ( بألم ) ربما كان عمرها كله هذه الليلة , حسنا , لن أتكلم معها بلين كما من قبل , لأني نذرت نفسي لإيصال النبأ الى الناس , (( يقترب من الحاوية )) ماذا ؟ ( يسمع صوتا ) أنت ايضا لا تريدين الصباح ؟ لماذا ؟ لأني في الليل أجمل ولأن الدنيا معي هي الليل ؟ لم أسمع ؟ ماذا ؟ ماذا قلتِ ؟ منذ متى ؟ لا ,, لا تعيديها لا يمكنني أن أحتمل ؟ ( صمت , .... موسيقى حالمة ) تحبيني ؟ هل قلتِ ت ح ب ي ن ي ؟ منذ متى . ؟ ولكن يا سيدتي أنا بقايا سعد لست أنا أنظري .. أنا نبأ فقط نبأ لا أحمل سواه أنظري , أي نبأ ؟ أنظري انه هو , هو أنا , هو سعد , والسعد الأخير , من سيقرأه ؟ سيقرأه كل الناس , ماذا لا تقولي ذلك .؟ لا لا سيقرأه الجميع لا يمكنني تصور ان لا أحدا سيقرأه , من انت بالنسبة لي ؟ أنت الدنيا كلها الآن ولكني محض نبأ سيقرأه الناس عند الصباح .؟ تقرأينه أنت ِ ؟ نعم من دواعي حزني وسروري , نعم أعرف أنك لا تملكين ثمن جريدة , لذا ساترك لكِ نسخة عند بائع الخضروات , نعم .؟ لا .. لن يلف بها الفواكه , لا تحلفيني ان أقرأه لكِ الآن .. (( صمت ..... صوت بكاء )) حسنا (( بعطف )) لا تبكي سأقرأه لك لأنك الدنيا كلها , وسأضمن ان الكون كله قرأه ....(( يستخرج من جيبه ورقة صغيرة )) ( يقرأ) .. لا فخط يدي ليس واضحا كيف سيقرأه محرر الصفحة اذا كنت انا لا استطيع قراءته (( يقرأ بصعوبة ))
" ملحوظة : سيدي المحرر , سيدي رئيس التحرير , تأكدوا تماما بعد التحية لكم بأن هذه النسخة مجانية وربما كان من الأفضل لو وضعتموها خلسة مع الجريدة , أو ربما كان لكم ثوابا وللقراء لو قرأوها , (( يبكي .....ويواصل القراءة بصوبة ))
تنعى صحيفتنا وكل الصحف وتنقل لكم ببالغ الاسى نبأ وفاة بائع الصحف وموزعها ((سعد)) ونسأل الله ان يتغمده قلوبكم ))
صوت بكاء انثوي
ستار
ملاحظة مهمة :
لا يجوز إخراج النص , أو الاشتغال على أفكاره وصوره , أو حتى نشره في مكان آخر دون الرجوع للمؤلف
مسلم بديري
العراق /
تلفون : 009647703205506
ايميل : Muslim_tyrant@yahoo.com
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
الى (( سعد )) بائع الصحف المتجول
- يجتاحني خجلٌ رهيب وأنا أرفع اليك كلامي هذا فلا أعرف هل سيسمو ما أنسبه اليك من كلام الى مقام صمتك العميق الدائم –
المكان : شارع عام , تنتشر بعض المصابيح بصورة عشوائية في المكان , هنالك علبة صفيح فارغة موضوعة في المقلوب أو ما تسمى محليا ب (( التنكة )) , فوقها ورق مقوى بحيث تعطي للناظر احساسا بانها معدة للجلوس , المنظر الخلفي يكون باب مغلق لدكان , لون الباب ابيض مما قد يمكّن استخدامه لإسقاط مشاهد فيديوية ( المشاهد التي تسمعها شخصية النص ) بواسطة الداتشو أو حسب ما يراه مخرج العمل مناسبا ,
الزمان : ليلٌ دائم ,
قبل أن يُرفع الستار نسمع صوت موسيقى ( وأقترح أن تكون مقتطعة من معزوفة " ضيعانو أو معزوفة آثار على الرمال " لزياد الرحباني , تتخل تلك الموسيقى أصوات نباح كلاب , صوت شخير بشري , بحيث يعطي ذلك مزيجا يختلط فيه الجمال بالقبح , ..
يستمر الحال لمدة دقيقة ونصف , حتى يرفع الستار , فيظهر لنا ( سعد ) " وهو شخص هزيل الجسم , ناحل العود , يرتدي قميصا ملفوف الأكمام , و بنطالا عريضا الى حد ما , ملابس توحي بالتعب الشديد , تتدلى نهاية حزامه بعد أن افلتت من البيوت التي يوضع فيها , تتدلى أو تمتد بجانب بطنه النحيل , " يجلس سعد بالقرب من علبة الصفيح كالنائم ,
يرتفع صوت الشخير , فيثب سعد مرعوبا ويخاطب نفسه
سعد .. سعد .. ما هذا هل نمت ؟ يا للعار منذ متى وأنت نائم ؟ ( يتجه صوب الدكان , ينظر نحو المصباح المتدلي فوق الباب ) ياااااااااه يبدو أنك نمت أكثر من عام يا سعد , من يدري ؟ ربما ؟ عامان ؟ ثلاثة ؟ عندما جلست هنا لم يكن هذا المصباح موجودا , لا .. لا .. هل يعقل أن أحدا قام بتركيبه قبل قليل ؟ ربما ولم لا ؟ ( يرتفع صوت الشخير ) الوقت مازال ليلا , ( يرتفع صوت نباح الكلاب ) نعم .. نعم لم يتغير شيء , ربما لم أنم ؟ قد يكون ذلك صحيحا , من يدري ؟ أو قد يكون العكس , لا أحد يعلم ..
( يدور في المكان جيئة وذهابا ويرمق السماء بين الحين والآخر ) لا أعرف متى يأتي الصباح ؟ هناك المزيد من الصحف عليّ أن أوزعها , لا أحد سيقرأها , يؤلمني ذلك , لكنهم سيقرؤونها هذه المرة انها تحتوي على نبأ هام .. هام جدا , لا أعرف ان كان كذلك بالنسبة لهم أم لا ؟ ولكن المنطق يقتضي كونه هاما , ربما يكون أهم من أخبار البورصة أو اخبار العملات , ربما أهم من زيارة المسؤول ( يتلفت يمينا وشمالا ) نعم ( بخيلاء ) أهم من زيارة المسؤول .... منتجعات أوربا لقضاء العطلة الصيفية , أتمنى أن لا يرفقه محرر الصفحة الصورة الحقيقية , نعم يحتاج الى حيلة صغيرة لجعل الناس يقرؤون الخبر , حيلة مبررة , الخبر مهم , جدا , وينبغي على الجميع قراءته , ( يخرج صحيفة من تحت قميصه ) أعتقد انه أكثر أهمية من هذا الخبر ( يقرأ ) " نظرا لكون الجريدة حققت أعلى مبيعات لها هذا العام , ويعزى ذلك الى الخبر الذي نعيد لكم نشره بناءا على الطلبات الكثيرة الواصلة الى مقر الجريدة , ( يقرأ الخبر بسخرية مريرة ) " الليدي غاغا تعود الى حبيبها بعد انفصال دام ثلاثة أيام "
ما هذا بحق الجحيم ؟ ( يسير ممسكا الجريدة ) ثلاثة أيام بلياليها , ذلك كثير , كثير حقا , كان الله في عونها كيف قضت تلك الايام الثلاثة , لا يمكنني تخيل الأمر , أتذكر أنا أول يوم ولدت فيه كنت جائعا , ( يجلس في الأرض ويكوّر نفسه ) توفيت والدتي فورا , لم تحتمل رؤيتي وأنا جائع , مسكينة هي حاولت ارضاعي , لكنها لم تستطع , كان ثدياها على وشك أن يجعلانها رجلا , لم تحتمل رؤيتي جائعا , فماتت فورا , لا أعرف هل قررت أن تموت هي ؟ كيف يمكنها ذلك ؟ ولكن الذي أعرفه هو أني نهضت فورا وقمت بتغسيلها وتكفينها , (( يبكي بشدة )) وسرت في جنازتها وحيدا , ( يرتفع صوت الشخير ) كان وزنها خفيفا جدا , استطعت أن أحملها وحدي , كنت أتعثر ولكن ليس من ثقلها , بل كنت اسمع صوت جارنا ( يمثل صوت شخير ) , نعم ليس مهما الآن , ثلاثة أيام بحالها ليست مهمة , فرحة القراء بعودة (( الليدي غاغا )) الى عشيقها لا تساوي شيئا فيما لو قورنت بأهمية أن يقرؤوا ذلك النبأ , أنه مهم , أهم من (( الليدي غاغا )) وعشيقها , كل شيء انتهى تقريبا , لا أريد منهم أن يقرؤوا بعد هذا الخبر أي شيء , لا .. لا .. لا أقصد خبر (( الليدي غاغا )) انه خبر أهم بكثير ,
( يتجه صوب علبة الصفيح , يقوم بحملها ) اوووووه انها ثقيلة جدا هذه الليلة , لم أجرب حملها فيما مضى ولكني أجزم انها اليوم أثقل بكثير من السابق , ربما كان لجلوسي عليها طيلة تلك السنوات ما جعلها تسبر في غور الارض , لتجعلني اسبر في غور السماء !!
الليل مازال طويلا , ( يستخرج جريدة من تحت قميصه ويحاول أن يقرأ ) ربما نظري لم يعد يمكنني من القراءة ( يتجه صوب الدكان ) هنا يمكنني القراءة ( يقرأ) " نصائح لإبعاد شبح الملل : ليس بالضروري اقتناء الاشياء الجديدة لتعيشوا الاحساس بالتجدد , ( يواصل ) ذلك ما أوصى به علماء النفس فقد توصلوا الى ان تغيير ترتيب الاثاث بشكل دوري يمنحكم الاحساس ذاته كما لو أنكم اقتنيتم اثاثا جديدا , "
حسنا فكرة رائعة , قد تساعدني على انتظار الصباح , سأقوم بتغيير ترتيب أثاث منزلي , ( يتجه صوب الصفيحة يحاول رفعها فلا يتمكن ) اوووه كيف سأغير ترتيب الاثاث ان لم أتمكن من تحريكه , أحتاج لان يساعدني أحدهم , سأنتظر مرور شخص ما ليساعدني , ( يصمت برهة ) ولكن لا أحد يمر قبل الصباح , لم نفعل شيئا , عليّ انتظار الصباح , ( يتجه صوب الدكان ) نعم ربما أجد في الجريدة ما يساعدني على تخطي عتبة الانتظار , ( يأخذ الجريدة ويقرأ ) " فإحساسنا بالأشياء يجب أن يكون متجددا , علينا أن نغير من الاحساس الذي نقبل به على الاشياء " ( يضع الجريدة ويتجه صوب الصفيحة ) نعم فذلك أفضل , في كل مرة أجلس فوق الأريكة بالطريقة ذاتها , سأجرب هذه المرة الجلوس بالمقلوب , ربما ساعدني ذلك على انتظار الصباح , (( يحاول الجلوس ولكنها يسكن فجأة ويحاول أن يسترق السمع , بوضع كفه خلف اذنه )) ماذا ؟ لا اسمع جيدا , هل يمكنكم التحدث بصوت أعلى ؟ اووووه بدأت اسمع ماذا (( يقلد صوت شاب وبخيلاء وزهو ))
- نعم يا حبيبتي يبدو الليل قصيرا جدا , لا تريدن قدوم الفجر .؟ ولا أنا يا حبيبتي فليل شعرك يغريني أن اكمل عمري ساهرا !!
- ماذا يا حبيبتي ؟ ما هو ذنب الناس ؟ لا ذنب لهم يا حبيبتي , لكل ليلاه وليله , وانتِ ليلاي وليلي وصبحي لا أريد للصبح قدوما , ربما كان الكل مثلي لا يريدون الصبح ان يأتي
(( يعود الى صوته الاصلي )) أنا .. أنا انتظر الصباح بفارغ الصبر , أريد أن اوزع الصحف , لا بد أن يقرأ الناس ذلك النبأ فهو هام .. هام جدا ولا تقل أهميته عندي من .. ( صمت مفاجئ ) ولكن يا سعد ألم تتصرف بأنانية ؟ لماذا تريد قدوم الصبح ؟ أكل هذا لأنك تريدهم أن يقرؤوا النبأ , ولكن ما ذنب هؤلاء العشاق ؟ لماذا تحرمهم لذة الابحار في ليل لا ينتهي ؟! لا بد وأنك أناني يا سعد .. ألم تقرأ يوما ما يتصف به برجك ؟ ربما لأنك لم تعشق ؟! وصدق من قال " أن لم تعشق فافعل ما شئت .. (( يتجه مرة أخرى صوب الدكان ويخرج جريدة من تحت قميصه )) سأقوم بقراءة الابراج , ربما سيشغلني ذلك قليلا حتى يطلع الفجر , (( يضع الجريدة جانبا وينصت )) ماذا لا أسمع الا يمكنكِ التحدث بصوت أكثر وضوحا , لااااا , صوتها يختلط ببكاء حاد , لا يمكنني تمييز ما تقول , ربما ستهدأ وتكف عن البكاء ؟ حينها استطيع فهم ما تقول (( يستلقي فوق الأرض )) ربما هنا يمكنني السماع بشكل أفضل , نعم بوضوح أكبر , صوتها قادم من أعماق الارض , انها الأرض نفسها , آه رباه ما هذا , هي ايضا لا تريد قدوم الفجر , عند الصباح ابنها سيساق الى المحكمة , اوووووه تتمنى لو أن الليل يمتد حتى آخر عمرها , لا يمكن ذلك , الكل لا يتمنى ما اتمنى , نعم , هل أنت أناني يا سعد , تريد من الفجر القدوم لا لشيء سوى ان الناس ستقرأ النبأ وربما لن يقرأه احد , ماذا يكون ذلك النبأ أمام عشق العشاق وامام صوت هذه الأم التي سيساق ابنها الى المحكمة اذا كان الصباح , (( بجدية )) ولكن , ربما ارتكب ابنها جناية , لا بد وان يقدم الى القضاء , من يعلم , نعم لا بد وان حقك مشروع في انتظار الفجر , ربما يكون ابنها قاتلا ؟ من يعلم .؟ (( صمت قصير , يسمع خلالها صوت انفاس فقط )) ولكن صوتها هو الارض , ولا يمكن ان تكون هذه الارض أما لقاتل أثيم , (( ينهض ويستخرج جريدة من تحت قميصه ويقلب صفاحتها بسرعة )) نعم هنا موضوع جميل الى حد ما , لا أحد يعرف ربما لا يكون كذلك بحسب العنوان يبدو شيقا ومهما يكن , فهو أولا وأخيرا شيء يمكنني من انتظار الصباح , لا .. لا .. لا تكن انانيا يا سعد , أنسيت تلك المرأة , أنسيت الارض ( يصمت ) على كل سأعرف الآن ان كانت صادقة فهذا الموضوع يمكنني – ربما – من ذلك (( يقرأ )) " تحليل الشخصية من خلال الصوت : سيدتي العزيزة لن تعودي بحاجة الى انتظار , ولا بحاجة لتضييع الوقت لتتعرفي على طباع شريك حياتك , فكما تعلمين الوقت كعلبة الماكياج كوجبة كطعام , كخروج مع حبيب في نزهة لا يمكن التفريط به , (( يبصق )) سيدتي ان كان صوته هادئا فاعلمي انه رومانسي حالم وان كان صوته قويا فاعلمي انه ذو شخصية قيادية " (( يبصق على الجريدة ويرميها )) (بألم ) نعم موضوع يتصدر الصفحة الثقافية , هيه , سيحدث ذلك النبأ انقلابا نوعيا , ولكن أتمنى أن يقرأه الجميع , ربما وربما لن يقرأه احد , ولكن صدقوني انه مهم , مهم جدا , (( بصوت متعب )) عليّ الجلوس قليلا , يمكنني انتظار الفجر وانا جالس , نعم لا بد واني سأحتاج جهدا كبيرا هذا الصباح , عليّ أن اوزع النسخ كلها , لن أترك أيةَّ نسخة , لا بد وان يقرأ الناس جميعهم هذا النبأ , (( يسير ببطء )) (( يتوقف فجأة ويقوم باستراق السمع )) ماذا لا اسمع جيدا , تبا لقد انقطع الصوت , حسنا , سأرتاح قليلا حالما يعود الصوت , (( يتحرك ثم يتوقف فجأة )) ها هو قد عاد ولكنه منخفض , اقرب الى الهمس (( صمت )) ماذا ؟ يا الهي , يقلد الصوت :
- علينا انجاز المهمة قبل الصباح , ماذا ؟ وأنا مثلك تماما لا أتمنى ان يأتي الصباح , ( صوت ضحك) نعم يا عزيزي نحن لا نسرق وانما نزكي أموال هؤلاء , من قال اننا لصوص ؟ كل ما في الأمر نحن نحب العمل ليلا ( صوت شخير)
(( يعود الى صوته الأصلي )) حسنا يا سعد ها انت تنتظر الفجر لغاية انسانية وعليك أن تطلبه مسرعا , انهم لصوص يا سعد , (( صمت )) امممم لكنهم يظنون انهم يفعلون فعلا انسانيا ؟ كلهم كذلك يا سعد , ولكن هل ستنتظر الفجر من أجل النبأ أم من أجل اللصوص , لأيهم تريده ان يأتي مسرعا ؟ لا عليك يجب أن يأتي وكفى ؟ ولكن عليك أن تفعل شيئا حتى يأتي ! لماذا لا تنام يا سعد ( صمت ) لا ,, لا يمكنني ذلك , مستحيل فقد يأتي ويذهب دون ان اوزع الجرائد ومعنى ذلك ان لا احد سيقرأ النبأ , ولكن ألا ترى أنك ان وزعته أو لم توزعه لن يقرأه أحد ؟ نعم يا سعد ربما فالناس تقرأ ما تريد ولا ما تريده انت , ولكن عليك أن تلقي الحجة , (( يتحرك في المكان بقلق جيئة وذهابا )) ( ثم يتوقف عند منتصف المسافة ) ( صمت .... ثم يعلو صوت الشخير ) ( يهمس ) ماذا لا اسمع جيدا ؟ ما هذه الضحكات ؟ ( يحاول تقليد صوت مرأة )
- لا عليك يا حبيبي فهو مغفل تماما لن يعود قبل الفجر , نعم , تماما أنا أعرف بزوجي منه ومنك , الآف السنين وانا اعيش معه لن يعود قبل الفجر , (( صوت ضحكة ماجنة )) ادعو معي بان لا يطلع الفجر ولا يأتي لا هو ولا الصباح (( صوت ضحكات انثوية وذكورية , يبقى يتردد صداه في المكان ))
( يعود الى صوته الأصلي ) ما هذا يا سعد , اللعنة , تبا , سحقا هل تكفي هذه الالفاظ الكل لا يريد الصباح ؟ هل تتوقع أن يقرأ احدهم ( النبأ ) , نعم لا تكفي هذه الالفاظ عليّ أن أجد المزيد حتى يطلع الصباح , ( يستخرج جريدة من تحت قميصه ويقرأ " الى الجحيم , أمقتك , انت حشرة , لا تكفيك شتائم الأرض , أتحسب نفسكَ شيئا , أنت أرنب , لا يمكنني أن أراك فأنت اصغر من نفسك , (( يبستم )) حسنا فعلوا بوضع هذه الشتائم رغم أنها لا تكفي ,
(( صوت حركة وكأن شخص قادم , يتحرك سعد استعدادا , ))
لا بد وانها هي يا سعد (( يتجه صوب حاوية القمامة الكبيرة في اقصى يمين المكان )) نعم فهو موعدها , ستجيئ ككل مرة لتملأ كيسها بعلب الكولا الفارغة , آه ما أجمل منظرها , كم أتمنى لو أني تجرأت يوما وقلت لها ما أجملك , ولكن اليوم لم يعد شيئا ممكناً , أنت تنتظر الصباح يا سعد , كل ما تتمناه الآن وما تملكه هو ان تطلع الناس على النبأ , هو حلمك يا سعد , لن تحصل على نفع عن قراءتهم ذلك النبأ ولكنها أمنية , أمنيتك الأخيرة , والأولى , ألوحيدة يا سعد , ( صمت ) ولكن لمَ لا تنتظر الصباح معها يا سعد ؟ ربما كانت ليلتك الأخيرة ؟ أنت تعرف ذلك يا سعد , لا .. لا , لن تجرحها بعد غيابك , فلقد قضت عمرها من دونك , ولكن العمر لحظة يا سعد , ( بألم ) ربما كان عمرها كله هذه الليلة , حسنا , لن أتكلم معها بلين كما من قبل , لأني نذرت نفسي لإيصال النبأ الى الناس , (( يقترب من الحاوية )) ماذا ؟ ( يسمع صوتا ) أنت ايضا لا تريدين الصباح ؟ لماذا ؟ لأني في الليل أجمل ولأن الدنيا معي هي الليل ؟ لم أسمع ؟ ماذا ؟ ماذا قلتِ ؟ منذ متى ؟ لا ,, لا تعيديها لا يمكنني أن أحتمل ؟ ( صمت , .... موسيقى حالمة ) تحبيني ؟ هل قلتِ ت ح ب ي ن ي ؟ منذ متى . ؟ ولكن يا سيدتي أنا بقايا سعد لست أنا أنظري .. أنا نبأ فقط نبأ لا أحمل سواه أنظري , أي نبأ ؟ أنظري انه هو , هو أنا , هو سعد , والسعد الأخير , من سيقرأه ؟ سيقرأه كل الناس , ماذا لا تقولي ذلك .؟ لا لا سيقرأه الجميع لا يمكنني تصور ان لا أحدا سيقرأه , من انت بالنسبة لي ؟ أنت الدنيا كلها الآن ولكني محض نبأ سيقرأه الناس عند الصباح .؟ تقرأينه أنت ِ ؟ نعم من دواعي حزني وسروري , نعم أعرف أنك لا تملكين ثمن جريدة , لذا ساترك لكِ نسخة عند بائع الخضروات , نعم .؟ لا .. لن يلف بها الفواكه , لا تحلفيني ان أقرأه لكِ الآن .. (( صمت ..... صوت بكاء )) حسنا (( بعطف )) لا تبكي سأقرأه لك لأنك الدنيا كلها , وسأضمن ان الكون كله قرأه ....(( يستخرج من جيبه ورقة صغيرة )) ( يقرأ) .. لا فخط يدي ليس واضحا كيف سيقرأه محرر الصفحة اذا كنت انا لا استطيع قراءته (( يقرأ بصعوبة ))
" ملحوظة : سيدي المحرر , سيدي رئيس التحرير , تأكدوا تماما بعد التحية لكم بأن هذه النسخة مجانية وربما كان من الأفضل لو وضعتموها خلسة مع الجريدة , أو ربما كان لكم ثوابا وللقراء لو قرأوها , (( يبكي .....ويواصل القراءة بصوبة ))
تنعى صحيفتنا وكل الصحف وتنقل لكم ببالغ الاسى نبأ وفاة بائع الصحف وموزعها ((سعد)) ونسأل الله ان يتغمده قلوبكم ))
صوت بكاء انثوي
ستار
ملاحظة مهمة :
لا يجوز إخراج النص , أو الاشتغال على أفكاره وصوره , أو حتى نشره في مكان آخر دون الرجوع للمؤلف
مسلم بديري
العراق /
تلفون : 009647703205506
ايميل : Muslim_tyrant@yahoo.com
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat