ذاكرة ايقظها الألم
آمنة حميد الياسري 

 خزانة الاشياء الصدئة أو الباليه هكذا كانت تسميها امي كنا نضع فيه أغراضنا القديمة ألعابنا محفظاتنا القديمة صناديق خشبية صغيرة باتت مهترئة ومكسورة بعض الدراهم المعدنية القديمة البطاقات البريدية وبطاقات أعياد الميلاد رسائل الطفولة التي كتبت بخط يدنا ﻷول مره التي أصبحت تبدو لنا كخربشات القطط، ملصقات ودفاتر مذكرات عتيقه وبعض التحف والزهور الصناعية ملئت امي الخزانة بهذه الأغراض قالت اننا لم نعد بحاجة إليها لكن ما كان من الممكن التخلي عنها انها جزء من طفولتنا كان صعب ان تتخلى أختي عن اول ماكنة خياطة لعبة احظرها ابي لها في أحدى رحلاته الى الإمارات العربية و ما كان  يمر يوم دون ان ينظر أخي الى اول لوحة رسمها حين كان في العاشرة من عمره تلك القطع المعدنية وتلك الملصقات كنت مهووسة بلصقها على دفاتر المذكرات لكنا ما عدنا اطفالاً لم نعد نلعب نحن الان لعبة بيد الحياة هل تستطيع امي اعطاء أغراضنا هذه الى بائع العتيق  من المستحيل حدوث ذلك عارضنا وبشده لذا كان من الأفضل ان تبقى في خزانة الأغراض الصدئة. على كل لم أعد أحب هذا اﻻسم الأغراض الصدئة.! هل تصدئ الأشياء بمرور السنوات؟ ليست اﻻشياء من تصدأ بل هي الذاكرة هي من تصدأ وتصبح ترى اﻻشياء من منظور اخر رغم انها ﻻ تزال اﻻشياء عينها إلا إن الذاكرة لم تعد كما كانت انها ليست ذاكرة طفل يبكي في الصباح لإن مسمار قد دخل في قدمه ثم ينسى في المساء لأن والده احضر له لعبة جديد يعاوده الألم فيبكي من جديد تحل فترة الظهيرة فيعود للضحك اثناء مشاهدته للرسوم المتحركة ثم يمر يومان فينسى كل ما حدث لأنه يوم الأحد الان واليوم قد ذهب الى المدرسة ورسم لوحة لشجرة و يا له من حدث عظيم ما عاد من الممكن ان يفكر بشيء اخر غيره؛ هو الآن  في الخمسين من عمره ذاكرته اكثر تعقيداً انه يذكر المسمار الذي دخل قدمه حين كان في السابعة ،  لذا غيرت اسم الخزانة مادامت قد اصبحت لي الان فما عاد احد يذكر هذه الخزانة بل لم يعد احد يعلم بوجودها سواي أنها خزانتي الان الارث الذي اخذته خزانة الذاكرة الصدئة هكذا اسميتها. بعض اﻻشياء توضع داخل الخزانات الصدئة رغم انها لم تصدأ بعد  وأشياء أخرى تستمر بالظهور تبقى قيد الإستعمال رغم انها قد صدئت بالفعل وقد نفذ تاريخ صلاحيتها قبل أوانه حتى ، فانا على سبيل المثال ما زلت استمر بالظهور والحديث و الإبتسام والضحك والبكاء كقنبلة موقوته رغم اني في الواقع دمية صدئه غاب بريقها منذ زمن طويل لكن ﻻ أحد يستطيع ان يرى ذلك الخراب، ملصقات البطاقات البريدية لا تزال نافعة للتزين الهدايا ودفاتر المذكرات لا تزال صالحة للكتابة و الإستعمال حتى لعبة القرد الذي يقرع الطبول لا تزال بمجرد تدوير المكوك تقرع طبولها وتصدر عنها تلك الضوضاء المحببة لا يزال ذلك الدب الأبيض رغم إهتراء قطنه قابلاً للعناق،  كلها اكثر نفعاً مني اما انا لم اعد صلح لشيء  لماذا اضعها هنا اذن؟ لأننا ما عدنا نحتاجها؟ لكن زمانها لم ينفذ بعد بل زماننا من نفذ. هكذا اتخذت قراري رميت كل الاغراض خارج الخزانة صارت فارغة الان دخلت الخزانة واقفلتها علي الآن انا في مكاني.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


آمنة حميد الياسري 

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/01/24



كتابة تعليق لموضوع : ذاكرة ايقظها الألم
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net