صفحة الكاتب : د . فاضل حسن شريف

آيات قرآنية في كتاب الأديان والمذاهب من مناهج جامعة المدينة العالمية (ح 4)
د . فاضل حسن شريف

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

جاء في كتاب الأديان والمذاهب من مناهج جامعة المدينة العالمية: عن ضرورة الدين في حياة الإنسان: الدين ضرورة من ضرورات الحياة لا تقل عن الهواء والماء والغذاء، إن لم تجد عليه فلن ينعم الإنسان ولن يسعد إلا في ظل الدين، هو إن وجد طريقه للغذاء المادي فهذا غذاء الجسد، لكن أهم من ذلك غذاء الروح؛ ومن ثم فالإنسان بحاجة إلى الدين في حياته حتى ينعم، حتى يسعد حتى يستقر، وإلا فالإنسان في خوف وحزن إلَّا أن يكون مؤمنًا تقيًا كما ذكرنا بالآية: "أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ" (يونس 62-64). والإنسان في هلع وفزع وجزع ومنع من خير إلا أن يكون صاحب دين، وصاحب إيمان حق كما قال تعالى: "إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا* وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا* إِلَّا الْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ* وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ* وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ* وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ* وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ* إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ* فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ* وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ* وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ *وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ* أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ" (المعارج 19 - 35). إن تلك الحضارة يوم أن أسقطت الدين من حساباتها، وانصرفت إلى نزواتها أيقظت في الإنسان شقه وقتلت فيه الشق الآخر أيقظت فيه شق الحيوان، فتحول إلى قطيع همه اللقمة والشهوة، والمصلحة حتى اتخمت البطون، وقتلت فيه الإنسان، ففقد المجتمع أمنه واستقامته فصار من الناس من سكن الأجداث أي: القبور وهم أحياء يتقلبون بين الأتراح والأفراح، وهم في لعبهم ولهوهم غافلون حتى يأذن الله تعالى لهم باليقظة والإفاقة "إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ" (الرعد 11) لقد ولد الإنسان متدينًا، ولم يكن التدين نتيجة تطور وارتقاء، ولم يكن نتيجة خرافات أو أساطير أو من صنع الدهاة والكهان، ولا من صنع السحرة أو الأقوياء، ولا يستطيع الإنسان أن يعيش بغير دين. إن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان وجعله خليفة في الأرض، واستعمره فيها وجعله سيدًا، وسخر له ما في السماوات، وما في الأرض جميعًا منه من أجل أن يكون عبدًا له وحده أينما ولى فثم الله، فيسبح بحمده، ويقدسه، ويعبده، ويمجده، كما قال سبحانه: "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ" (الذاريات 56) تلك هي الغاية الكبرى، والحكمة الأولى من خلق الإنسان، وهو الذي يحتاج إلى هذه العبادة مع أنها لا تزيد في ملك الله ولا تنقصه، ولا تضره سبحانه أو تنفعه، ولكنها علامة الصدق، ورمز الوفاء "لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا" (الملك 2).

ويستطرد الكتاب عن ضرورة الدين في حياة الإنسان متحدثا: بالتدين يهتدي الإنسان إلى فطرته التي فطره الله عليها، والتي تطلب الإيمان بالله تعالى ولا يعوضها شيء غيره يقول تعالى: "فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ" (الروم 30). واهتداء الإنسان إلى فطرته ليس كسبًا رخيصًا بل هو كسب كبير، وغنى عظيم فيه يعيش المرء في سلام ووئام مع نفسه ومع فطرة الوجود الكبير من حوله، فالكون كله رباني، رباني الوجهة يسبح بحمد الله "وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ" (الإسراء 44). نها الفطرة البشرية الأصيلة التي لا تجد سكينتها إلا في الاهتداء إلى الله والإيمان به، والالتجاء إليه إنها الفطرة التي لم يملك مشركو العرب في جاهليتهم أن ينكروها مكابرةً وعنادًا: "وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ" (العنكبوت 61) وقد يتراكم على هذه الفطرة صدأ الشبهات، أو غبار الشهوات، وقد تنحرف، وتتدنس باتباع الظن واتباع الهوى، أو التقليد الجاهل للأجداد والآباء، أو الطاعة العمياء للسادة والكبراء، وقد يصاب الإنسان بداء الغرور والعجب؛ فيظن نفسه شيئًا يقوم وحده، ويستغني عن الله؛ بيد أن هذه الفطرة تذبل ولا تموت، وتكمن ولا تزول؛ فإذا أصاب الإنسان من شدائد الحياة وكوارثها ما لا قبل له به، ولا يد له، ولا للناس في دفعه، ولا رفعه؛ فسرعان ما تزول القشرة السطحية المضللة، وتبرز الفطرة العميقة الكامنة، وينطلق الصوت المخنوق المحبوس داعيًا ربه منيبًا إليه كما قال تعالى: "وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ" (الإسراء 67). إن الدين وحده الذي صاحب البشرية منذ طفولتها، ولم يفارقها في صباها وشبابها وكهولتها، ولم يزل سلطانه مهيمنًا عليها هو الذي يحل لغز الوجود، ويفسر سر الحياة والموت، وغير ذلك إنه الدين نحن أحوج ما نكون إليه، والناس بغير دين يكونون كالأموات، كما قال رب الأرض والسماوات: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ" (الأنفال 24) فالحياة مع هذا الدين سيما الحق قال تعالى: "أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا" (الأنعام 122). إن الإنسان بغير دين كالأعرج أو الأعوج غذى جسده، ولم يغذِ روحه فلن يجد سعادته، ولن يجد سكينته، وسائر الكفار مع ما أوتوا من نعم الدنيا وزخارفها، لكنهم غفلوا عن الدين، وعن الآخرة؛ فكان الأمر، كما قال الله: "يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ" (الروم 7) فمع هذه الغفلة عن الآخرة، وعن الدين ننظر إليهم، وإلى واقعهم، لقد جربوا كل ضروب السعادة فيما يظنون، وفنون السكينة فيما يزعمون، لكنهم لم يجدوها إلَّا مع الدين سيما أسلموا لله رب العالمين، واعتنقوا الدين الحق، فالحمد لله رب العالمين.

عن عوامل الانحراف عن الدين الصحيح، وطرق معالجة هذا الانحراف: من المعلوم أن الانحراف طرأ على البشرية؛ لأنها نشأت مستقيمة على دين صحيح أوحى الله به إلى آدم عليه السلام واستمرت الأجيال عليه قرونًا عديدة -كما سبق بيانه- ولكن وقع الانحراف بعد ذلك عن الدين الصحيح لأسباب أهمها: أولًا: عداوة الشيطان للإنسان وتربصه به. وقد علم أن الشيطان أعلن عن عدائه لآدم وبنيه منذ البداية، أو مع حادثة امتناعه عن السجود لآدم عليه السلام فقد توعد آدم، وذريته بالإغواء والإضلال بكل ما يستطيع، وكما حدث القرآن الكريم عنه قائلًا: "قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ" (ص 82 - 83) وكذا قال ربنا عنه "قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ" (الأعراف 16-17). وقال تعالى في الحديث القدسي: (إني خلقت عبادي حنفاء، فجاءتهم الشياطين فَاجْتَالَتْهُم عن دينهم وحرمت عليهم ما أحللت لهم) فالشيطان يوسوس للإنسان، ويزين له مخالفة الشرع، والخروج عنه ولو بقصد الخير وهو في ذلك يأخذ الإنسان خطوة خطوة، كما قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ" (النور 21) وهو في ذلك له أهداف وغايات فأهم غاياته "إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ" (فاطر 6) ومن أكبر أهدافه: "كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ" (الحشر 16-17). السبب الثاني من أسباب الانحراف: الغلو في حب الأنبياء والصالحين: فأما عن الغلو في حب الأنبياء، كما حدث للنصارى حين بالغوا في حبهم لعيسى عليه السلام فادعوا أنه إله أو ابن إله، أو ثالث ثلاثة، ونحو ذلك مما جاء في كتبهم التي حرَّفوها، وما قاله الله تعالى عن اليهود أيضًا في شأن العزير فقال سبحانه: "وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ" (التوبة 30) وكذا غلوهم في أحبارهم، ورهبانهم فاتخذوهم أربابًا من دون الله "اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ" (التوبة 31).

ويستطرد الكتاب مبينا عوامل الانحراف عن الدين الصحيح، وطرق معالجة هذا الانحراف: ثالثًا: اتباع الموروثات، والتقليد الأعمى تلك التي ورثها الأبناء عن الآباء دون تردد ودون إعمال للعقل والفكر، وإبطال ما أنعم الله عليهم من نعمة العقل والفكر، وقد قال تعالى: "وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ" (البقرة: 170) وعلى نحو ما ذكر لنا القرآن الكريم في قصة نبي الله إبراهيم عليه السلام في موقفه مع قومه في مثل قوله تعالى: "وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ * قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ * قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ * أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ * قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ * قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ * أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ * فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ * الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ * وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ * وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ" (الشعراء 69 - 82). وكان هذا التقليد وبالًا على الأقوام يمنعهم من التفكير الصحيح، ويحول بينهم وبين اتباع الرسل كما قال تعالى: "وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ * قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ" (الزخرف 23-24). وهذا الذي حدا بهم إلى ترك الحق واختيار الباطل، وهو سبب آخر من أسباب الانحراف عن الدين نسميه إيثار العمى على الهدى. رابعًا: إيثار العمى على الهدى فمن الأسباب التي أضلت الناس، وأخرجتهم عن منهج الحق أنهم آثروا العمى على الهدى، واستحبوا الظلام على النور؛ فكان أن كافأهم الله، فأصمهم وأعمى أبصارهم، بمقتدى نظامه في ارتباط الأسباب بمسبباتها. قال تعالى: "وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ" (الأعراف 179). فهؤلاء أهملوا منافذ العلم والعرفان، وعطلوها عما خلقت له، فلم يصل إليها نور الحق؛ فقلوبهم غلف لا تعقل عن الله وحيه، وعيونهم عمي لا ترى الله في ملكوته، وآذانهم صم لا تسمع آيات الله؛ فهم مثل الأنعام التي لا تنتفع بحواسها الظاهرة والباطنة، بل أضل من الأنعام؛ إذ الأنعام لم تزود بما زود به الإنسان من قوى نفسية وعقلية وروحية، كما أنها لم تكلف بما كلف به الإنسان، بل سخرت له فامتثلت وأطاعت. خامسًا: من أسباب الانحراف عن الدين الاعتذار بالقضاء والقدر؛ فقديمًا اعتذر المشركون عن شركهم بأنهم مجبورون بمشيئة الله على شركهم، فأنكر الله عليهم، وأعلمهم أن حجته عليهم قائمة بما منحهم من عقل، وأرسل الله من رسل، قال تعالى: "سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ * قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ" (الأنعام 148-149).


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . فاضل حسن شريف
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2024/12/28



كتابة تعليق لموضوع : آيات قرآنية في كتاب الأديان والمذاهب من مناهج جامعة المدينة العالمية (ح 4)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net