(القراءة الثالثة) (عاشوراء منبع الفضائل) لسماحة السيد أحمد الصافي/ تقرير صباح الصافي
علي حسين الخباز
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
علي حسين الخباز

(قتيل العبرة)
حين يعبر الحزن عن موقف إنساني رشيد، يجسد المشاعر والرؤى الإيجابية البعيدة عن مصلحة الذات وهموم النفس، يبدأ السؤال عن كيفية الاستفادة منه، والحزن العاشورائي يمتلك حيوية فاعلة أخذت مساحة كبيرة من حياة الأئمة الأطهار (عليهم السلام) من أجل ديمومته كقيمة معنوية ترتبط بالشأن الإلهي كي لا يفسر انكسارا نفسيا، أو مهيمنا من مهيمنات اليأس والقنوط، بل هو استنهاض الهي، يجعلنا نقف متأملين تفاعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع ولادة الحسين عليه السلام والإخبار عن محور الشهادة المفجع.
دلائل اهتمام المعصوم للمشهد الاستباقي لأحداث عاشوراء من قبل أمير المؤمنين عليه السلام، والإمام الحسن عليه السلام حين عبر للعالم عن جوهر المصاب (لا يوم كيومك يا أبا عبد الله) مرورا بمنهج المعصومين، الذي كان سبيلا لترسيخ قضية الحسين عليه السلام، لتأخذ مساحة خاصة من وظيفة الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف.
يرى سماحة السيد أحمد الصافي أن قضية الحسين سلام الله عليه قضية مهمة غير مختصة بشيعة أهل البيت وحدهم وإنما تخص جميع المسلمين، لأن الحدث كان حدثا في صلب ما يتعلق بالمسلمين، يقول الإمام الحسين عليه السلام (أنا قتيل العبرة، لا يذكرني مؤمن إلا استعبر)
&&
مجالس العزاء على الإمام الحسين عليه السلام أعظم قوة تقف وراء يقظة الشيعة، وخلقت لديهم حالة من الانسجام والوئام جعلهم قوة ذات شوكة في المجتمع الإسلامي، ولهذا أفرد الأئمة عليهم السلام مساحة واسعة من الأثر بإقامة المجالس وإحياء أمر أهل البيت عليهم السلام.
قال الإمام الصادق سلام الله عليه (إن تلك المجالس أحبها، فأحيوا أمرنا) وكل إمام له مقام يحث فيه على الحزن العاشورائي القادر على توحيد الأمة وحفظ هويتها، أدركت الشيعة قضية الحسين عليه السلام عبر فهم الأئمة سلام الله عليهم وحثهم عليها.
الحزن الحسيني سيكون باقيا في الذاكرة اليقظة، الروح والعقل والعاطفة، يجمع الطاقات ويعبئ الجموع كقوة مقتدرة من خلال إيجاد الوحدة والانسجام والحركة العفوية للجماهير في الزيارات، لتهز عروش الطغاة، وتكشف عن سر تأكيدات الأئمة عليهم السلام في محورية النهضة الحسينية، وإقامة المجالس، حتى صار العالم يعلم إن مجالس العزاء انتهجت سياسة عقلانية، ونهضات دينية مثمرة، وقالوا ليس هناك ما يوازي مراسم العزاء الحسيني في خلق هذا الوعي السياسي لدى المسلمين، تخشاه السلاطين والحكومات وقاموا على هدم قبر الحسين عليه السلام، ومنعوا زيارته وقد شخص لنا سماحة السيد أحمد الصافي أن الحديث عن عاشوراء والإمام الحسين عليه السلام والحديث عن الرسالة السماوية بل عن جميع الرسائل والرسالات الإلهية جاء في زيارة وارث (السلام عليك يا وارث آدم صفوة الله السلام عليك يا وارث نوح نبي الله السلام عليك يا وارث إبراهيم خليل الله)
&&&
تعرف هذه المجالس الحسينية بمراكز للتحول الروحي وتزكية النفس وتهذيبها فالناس يقتدون بالإمام الحسين عليه السلام ببكائهم على مظلوميته في هذه المجالس، يخلقون الأرضية الخصبة لديهم في محاكاة مسيرته العلمية، والتأثير الذي تخلقه المجالس يحدث تحولا حقيقيا وعزما على التوبة والورع والتقوى
&&&
وشخص لنا سماحته أيضا مرتكزات الارتباط بالإمام الحسين عليه السلام كونه صاحب مشروع، اختار بدقة الأنصار والأتباع وجعلهم معه في مشروعه الإصلاحي، الأمر يحتاج إلى تأمل في واقع الطف، ليست للحسين عليه السلام خيارات سوى الشهادة لعملية الإصلاح، أمام الزيف والانحراف والجهالة، وموروث لا يرتبط بسنة النبي الأكرم، وأمام آيات من القران الكريم تقرأ حسب المشتهيات وحسب الأهواء، ودولة أسسها المعنى القبلي والعشائري باسم الدين، الأمة التي تنتمي إلى دين ونبي مرسل من السماء مسؤولة عن الانحراف الذي حدث، والنتيجة تؤسس شيئا جديدا يحتاج إلى إصلاح في مجتمع، أصبح بعضه يرى واقعة الطف حرب بين عشيرتين، فلا يكترث بما حصل أو يحصل، ويجعل لنفسه منحى بعيدا عن الساحة، ويتعامل معها كحرب لا علاقه لها بالدين، وعليهم أن يدركوا أن واقعة كربلاء سعت لإرساء النظام الإنساني العادل، رسالة سماوية حقيقية بين انحراف، يريد رسالات الأنبياء أن تموت وتفنى وهكذا كل الصراع كان مع الأنبياء، صراع النبي إبراهيم ونوح مع الأمة ليست بصيغه إبراهيم زعيما وإنما هي صرخة حق.
&&
أعلن إبراهيم الخليل عليه السلام صرخة الحق بوجه النمرود وكانت صرخة السماء، كذلك صرخة موسى الكليم سلام الله عليه ضد فرعون صرخة السماء، القضية ليست شخصيه، بل عامة، الصراعات بين رسالة سماوية يمثلها الحسين عليه السلام، وبين انحراف يمثله يزيد.
السؤال الذي يطرح اليوم ما الذي يمكن أن نقدمه للحسين سلام الله عليه؟
يجيب سماحه السيد أحمد الصافي عن هذا السؤال بعدة مهام
(المهمة الأولى)
مهمة الفرز بين الحق والباطل وألا يبقى الإنسان متفرجا، فالفرجة خذلان.
***
(المهمة الثانية)
التواجد الذهني في الواقعة رغم التباعد الزمني، والاستحضار الوجداني لمعرفة القضية الحسينية كونها تمثل بيان الحق والباطل.
***
(المهمة الثالثة)
تحديد الموقف هناك تيارات فكرية منحرفة، قضية لوحدها تدعي صلتها بالله تعالى، الموقف هو استنتاج حراك الإمام عليه السلام التضحوي كي لا يقرأ التاريخ بلا روح.
***
(المهمة الرابعة)
قراءة المواقف المصرية قراءة متأنية، لفرز مدرسة أهل البيت عليهم السلام عن بقية المدارس والمذاهب التي تأسست لتزاحم مذهب أهل البيت عليهم السلام، مستندة على دعم العروش.
***
(المهمة الخامسة)
الاطلاع على تاريخ كربلاء والتاريخ الإمام الحسين عليه السلام كفيل بأن يكشف عن البؤر التكوينية لواقعة كربلاء.
***
(المهمة السادسة)
الاهتمام بالقراءات الاستباقية التي وردت ما قبل الواقعة من النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة عليهم السلام.
***
(المهمة السابعة)
قراءة الواقعة الحسينية دون اتخاذ موقف مع جبهة الحق أو جبهة الباطل لا فائدة فيها، وستكون محاولة إبعاد النص عن معناه الحقيقي والتزييف الحقائق لغايات التمويه.
***
(المهمة الثامنة)
إظهار وتعريف هدف النبي صلى الله عليه وسلم حينما يقول عن الحسن والحسين (هذان سيدا شباب أهل الجنة) ويقول عن الحسين عليه السلام (الحسين مني وأنا من حسين) ويبكي في ولادته حين يخبره جبرائيل عليه السلام بمقتل الحسين عليه السلام.
الغاية معروفة يريد أن يؤكد على أحقية الإمام الحسين عليه السلام، وإن الأمة التي ستجتمع على قتاله هي أمة منحرفة، ستحاول سحق كل من يقف أمامها بشتى الوسائل، لنعرف سر تأكيد الأئمة على الزيارة وإقامة الشعائر، لتعريف العالم أن مشروع الطف الحسيني هو مشروع الإمامة والنبوة، وتحولت كربلاء إلى عنوان تجسد فيه الحق بكل أركانه لأجل تثبيت هذا الحق، الإمام الحسين عليه السلام يمثل جميع الأنبياء والرسل يمثل آدم ونوحا وإبراهيم وموسى وعيسى وكل الأنبياء
***
(المهمة التاسعة)
يعتقد البعض أن المختار الثقفي أخذ الثأر الموعود، وفي حقيقة الأمر أن ثأر الحسين عليه السلام هو ثأر الله تعالى، ولا يمكن لأي شخص أن يأخذ هذا الثأر إلا أن يكون منتميا لله سبحانه وتعالى، ولا يمكن لأي شخص أن يأخذ هذا الثأر إلا مهدي الأمة عجل الله تعالى فرجه الشريف
***
(المهمة العاشرة)
ما جرى في عاشوراء له أبعاد أوسع من الأبعاد العاطفية، وهي إبعاد فكرية لذلك يوصي سماحة السيد أحمد الصافي كل زائر من زوار الحسين عليه السلام بأن لا يشغل نفسه إلا بالحسين وما يتعلق بشان الإمام الحسين عليه السلام، ويفرغ ذهنه من أمور الدنيا ليرتبط بنصرة الحسين نصره مباشرة، لتصفى له لبيك يا حسين.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat