قدم الأستاذ علي ذياب محي العبادي، في بحثه المعنون (القرآنية في نهج البلاغة)، المنشور في مجلد العميد المجلد الرابع / العدد السادس حزيران 2013م، متابعة نقدية لمصطلح التناص القرآني، والذي كان يعد في التراث اقتباسا ــ هو أن يتضمن الموضوع آية قرآنية أو مفردة من آية، وأما ما يأخذ من الحديث النبوي وبقية الموارد الثقافية سمي ــ التضمين ــ هو أن يتضمن الموضوع شيئا من الحديث الشريف ومن المأثور الأدبي
عامل بعض النقاد الأخذ من القرآن معاملة السرقة، وهذا يدل على فاعلية الأثر القرآني في ذهنية الكتاب والأدباء، ويجددون المتابعة لرصد التأثير القرآني في النصوص الحديثة، وسحب العبارة إلى منطقة جديدة تتعلق بنظرية التناص تعبر عنها بمصطلح التناص القرآني
طرح الدكتور مشتاق عباس معن مصطلحا بديلا (القرآنية) ولنتأمل في جدية هذا البديل وأهميته ومسعاه الحقيقي فالغاية منه تعميق فكرة استمرار تأثير ذلك النص، وموازاة لمعطيات ذلك الاستمرار الأدبي بموازاة المفاهيم التي تنسجم والعقيدة الإسلامية بوصفه نصا إلهيا لا يمكن إنزاله إلى تأثيرات بشرية، ورد في الحاشية رقم 5، ما يمكن أن نعتبرها منهلا لما يحمل من معلومات، إن هذا المصطلح فعّل في الكثير من الدراسات الأدبية على مستوى الدراسة الأكاديمية، رسالة الماجستير (إحسان محمد جواد) المعنونة (القرآنية في شعر الرواد) جامعة القادسية، وبحث الدكتور علي المصلاوي (القرآنية في علويات الشيخ صالح الكواز الحلي) جامعة أهل البيت، ودراسة الدكتور أمجد حميد عبد الله (القرآنية والوعي بالزمن) ودراسات كثيرة صدرت بعنوان القرآنية لو تأملنا في الفكرة سنجدها عميقة بما يحمل التناص من حمولة فلسفية تجعل من النص الواحد تبادل التأثير مما يوهم باحتمالية تأثير القرآن بسواه، وهذه كارثة الكثير من الدراسات تريد أن تثبت صحة القرآن بشهادات نصية شعرية، وكأن الشعر هو المعيار بصحة ما ورد في القرآن الكريم، شخص لنا الباحث مسألة من أهم المسائل المحورية، مصطلحات التراث كانت تحتوي على النظرة المعيارية، بينما مصطلحات النظرية الحديثة لها أبعاد فلسفية وجمالية تختلف عن الأبعاد القديمة وذكر لنا أنماط القرآنية.
القرآنية المباشرة غير المحورة، يأتي فيها النص القرآني مساوقا لأصله ولا تمارس عليه التعديلات، وأن جاءت فهي طفيفة لا تؤثر في صورته الأصلية
القرآنية المباشرة المحورة، إضافة النص القرآني بعد تعديل في بنيته الأصلية ويكون المحور ملفتا للنظر
والقرآنية الغير مباشرة المحورة، وفيها تغيب ظاهرية النص المرجع، تحتاج إلى تأمل عميق من المتلقي ليصل إلى المرجعية النصية التي أثرت على بناء النص الجديد، لأن المبدع عدّل في بنية النص الأصل المضاف حتى غابت ملامحه الرئيسية التي تسهل عملية الإحالة، وحين تتوفر للمؤلف قدرة الإنتاج يبقى الإنتاج مرتكزا على مخزون المؤلف الثقافي والمعرفي، وكلما كان ذلك المخزون ثرا كان النص عميقا وغني الدلالة لتصل إلى نتيجة المعنى
إن النص لا يولد من فراغ بل لا بد له من مغذيات نصية سابقة تعرف بالمرجعيات ومن دونها لا يمكن للمؤلف أن ينتج شيئا، وهذا المعنى سينفع نظرية الثقافة لترصد من خلال التناص المهيمنات النصية ولتمارس سلطتها على الصياغة والدلالة والألفاظ
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat