إسرائيل دخلت حيّز الزوال المعلوم
محمد الرصافي المقداد
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
محمد الرصافي المقداد

لم تكن كلمات الإمام الخميني قائد الثورة الإسلامية في إيران التي وصف بها إسرائيل قبل انتصار ثورة شعبه وبعدها، بأوصاف انتقاها ببصيرة عالم عارف بأحوال زمانه، (إسرائيل غدّة سرطانية يجب أن تزول) (1) سوى تعبير نابع من أعماق رجل فقه، حمل على عاتقه مأساة فلسطين، وعمل على تفعيل قضيّتها بما تستحقّه من وسائل وعناصر وادوات مقاومة، من شأنها أن تحقّق أمنية وهدف الشعب الفلسطيني في تحرير أرضه، وخلاصه من رجس الكيان الصهيوني، الجاثم على حقوقه التاريخية الماضية، وأحقّيّته القانونية الحاضرة في قيام دولته المستقلّة على كامل أرضه، وليس كما روّج أدعياء القضية من الحكام العرب في حلّ الدّولتين، تسويفا للفلسطينيين وتضييعا لجهودهم العسكرية بتأمّل الحلّ السياسي.
لقد كانت نظرة الإمام الخميني لقضيّة فلسطين عميقة في اعتباراتها المستقبلية، محذّرا من كون زرع إسرائيل على أرض فلسطين، من طرف دول الغرب الإستعماري، هدفه الأساس السيطرة على المنطقة بأسرها: (على الجميع ان يعلموا ان هدف الدول الكبرى من إيجاد إسرائيل لا يقف عند احتلال فلسطين، فهؤلاء يخططون للوصول بكل الدول العربية إلى نفس المصير الذي وصلت إليه فلسطين.)(2) فأيّ تهاون يصدر من أيّ دولة عربية - وما أكثر تهاون هذه الدّول - ستكون لها تداعيات خطيرة، ستكون حتما في صالح إسرائيل كمشروع غربي، يستهدف مُقَدّرات دول المنطقة سيطرة واستنزافا.
لقد أدرك الإمام الخميني من خلال سير القضية الفلسطينية، أنّه يجب تحويل مسارها من إطارها العربي الضيق والفاشل بالتجربة( 1948/1967/173)، إلى إطارها الإسلامي الأوسع والأقدر، على تبنيّها بقوّة ونجاعة، بما يقتضيه مشروع التحرير من إمكانات مادية وبشرية، تتقاسم الدول الإسلامية مسؤولياتها تجاه فلسطين، من باب تحريرها وسدّ باب وجود مشروع غربي على أرض فلسطين، لم يتحرّج من كشف أهدافه البعيدة، (لقد زرعت جرثومة الفساد (إسرائيل) في قلب العالم الإسلامي بدعم من الدول الكبرى، وصارت جذور فسادها تطال الدول الإسلامية تدريجيا ، لذا وجب اقتلاع جذورها بهمة الدول الإسلامية والشعوب الإسلامية) (3)
ليس هذا فقط فقد اقتضت حكمة وبعد نظر مصلح القرن ليُدخل في استحقاقات القضية الفلسطينية، المستضعفون في العالم، على أساس أنهم بدورهم مستهدفين في حرياتهم ومواردهم، من طرف أمريكا وحلفها الغربيّ، وهؤلاء هم شعوب أمريكا اللاتينية -على سبيل المثال - لكونهم الأكثر استهدافا من طرف أمريكا، وقد رأينا كيف تصرّفت في بانما ونيكاراغوا وتدخّلت في الارجنتين وبوليفيا والبرازيل والشيلي والسلفادور(4)، تراوحت بين النجاح في بعضها بواسطة عملائها في كل بلد، والفشل مرارا بفضل وعي وإرادة شعوب المنطقة، التي لم تتردّد في التصدّي لمؤامراتها ونجحت في إجهضها في مهدها، لذلك اعتبر الامام الخميني القضيّة الفلسطينية قضية استضعاف في مواجهة استكبار، من أجل تحفيز الشعوب المستضعفة جميعها، على إعطاء أي قضية تحرّر، تخص أي شعب صاحب حقّ أولويّتها وأهمّيتها، حتى يحدث تعاون عليها، في ظلّ تحالفات باطلة كرّست عقلية استكبار لم تهدأ دورتها في محق حقوق الشعوب المستضعفة.
تحويل جذري طرأ على القضية الفلسطينية، منذ دعوة الإمام الخميني العرب والمسلمين ومستضعفي العالم، إلى التعامل مع القضية الفلسطينية، بما يقتضيه الحال من كونها قضيّة تحرر فريدة من نوعها، فاق ظلم أهلها كل تصوّر، يجب أن يلتفّ حولها كل أحرار العالم، في مواجهة مشروع غرسته بريطانيا، لتأخذه بيدها أمريكا ودول الغرب المشمولة بحلف الناتو، فالصراع يتجاوز إسرائيل – وهي ليست وحدها - ليشمل أمريكا بالأساس، متحالفة مع الدول الأوروبية، ومخطئ من يعتقد أن الصراع أصغر من ذلك، وعليه أن يصحح نظرته، قبل أن يصطدم بحقيقة أنّ إسرائيل ليست سوى صنيعة خبيثة للغرب، جاؤوا بها ليتكون قاعدتهم المتقدّمة وأداتهم الإستعمارية النافذة في المنطقة، بواسطتها يحققون سيطرة مطلقة على مقدّراتها، لم يكن وجودهم على ارض فلسطين من باب الصدفة، بل كان توطينا مقصود منه ارباك المنطقة والسيطرة عليها، دفعا لما تيقّنوا من معرفته بخصوص ديننا الإسلامي، بأنّ المنطقة ستكون ساحة صراع يحسم فيه المسلمون معركتهم لتكون القدس وفلسطين خالصة لهم فيطهرون منها دنس ونجاسة الصهاينة، لتعود إلى أحضان الأمّة الإسلامية، وليُشِعّ منها إلى كافة أرجاء العالم، وهذا من شأنه أن يشكّل خطرا جسيما على مشاريع الغرب الإستعمارية، ومن ضمنها حملات الدعاية المغرضة والمسخ الفكري، وهي لا تزال تستهدف الشعوب الإسلامية بأباطيلها.
من كان يرى في إسرائيل قوّة، فليعتبِر من تاريخ طوفان الأقصى إلى اليوم، وليُقِرّ بأن هذا الكيان المبنيّ على العنصرية والكراهية لبقية اجناس البشر، بدا أضعف مما كنّا نتصوّر ولولا قواته الجويّة لكان حُسِم أمره وانتهى وجوده، وأمر هذه القوات سيعالجه رجال الله في المواجهة، ما يجب تذكّره هنا، ما قاله قائد الثورة الإسلامية في إيران بأن إسرائيل لن يبقى لها وجود بعد 25 سنة، فهي على عجلة من أمرها من أجل زوالها.(5)
وقال في كلمة أخرى بعدما بلغه تعبير أن المسؤولين الإسرائيليين لا يتخوّفون من إيران خلال الأعوام ال25 المقبلة، فرد عليه: (أقول لهم إنكم لن تشهدوا هذه الأعوام بإذن الله، ولن يبقى حتى ذلك الحين شيء اسمه إسرائيل.. لن يبقى شيء من هذا الكيان خلال هذه الفترة) (6) وعليه فإن أكبر دليل على استعجال إسرائيل حتفها ما جرى خلال ثلاثة عشرة شهرا، كيف يمكنها ان تتعايش مع شعوب مستهدفة منها، لا أخال عاقلا بإمكانه أن يرتكب كل هذه المجازر والتدمير، ويبقى في حساباته العيش بين أولئك المستهدفين مهما بلغ بهم الضعف، وقد أبدت حركات مقاومتهم هذه السنوات صلابة وقوّة، سوف تسهم في زوال كيان غاصب عنصري بغيض، لم يعد له من شعوب ودول العالم من يرتضي وجوده، سوى المستكبرين وعملاؤهم.، فوطّنوا أنفسكم على هذا التاريخ من حدث الزوال الحتمي، إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا.
المراجع
1 –الإمام الخميني إسرائيل غدّة سرطانية لا بدّ ان تزول
https://www.asriran.com/ar/news/6936
2– مقتطفات من كلام الخميني حول فلسطين
https://newspaper.al-vefagh.ir/7514/5/11826
3 – القضية الفلسطينية في كلمات الامام الخميني
https://erfan.ir/arabic/36631.html
4 – تدخل الولايات المتحدة في تغيير الأنظمة في أمريكا اللاتينية
https://ar.wikipedia.org/wiki/
5 – المرشد الإيراني علي خامنئي: أعطيناها 20-25 سنة.. لكن إسرائيل تستعجل أمر زوالها
https://arabic.rt.com/world/1449303
6 – خامنئي: لا وجود لإسرائيل بعد 25 سنة.. والشيطان الأكبر الأمريكي أخطر من إبليس
https://arabic.cnn.com/world/2015/09/10/iran-speech-israel-usa
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat