(تأملات في كتاب المصابيح لسماحة السيد أحمد الصافي )37
علي حسين الخباز

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 تشكل البنية الفكرية في الخطاب التوجيهي وسيلة إقناع قادرة على بناء المنطقة التأثيرية المؤثرة في سلوك المتلقي 
والمتأمل في كتاب المصابيح يجده يرتكز على نصوص الصحيفة السجادية عملا على ترصين الخطاب وتوظيف الثقل الوجداني للإمام المعصوم ع، الذي يساهم بشكل فاعل في بناء الأفق النصي، عبر انسجام عناوينه الفرعية المرتبطة بالعنوان الرئيسي لكل جزء، خصصت الحلقة لعنوان رئيسي   
(الشهادة بالربوبية عصمة من الشيطان) 
يتفاعل الجوهر الفكري بما يعلق في ذهنية المتلقي ليكون قريبا عن نفسيته، ومن هذا الأثر يولد التأثير 
الدعاء يحتوي على قضايا روحية منها وقع شرور العدو (الشيطان) والاستفادة، ليس له تفرد بل يتجاوز التكوين العائلي ويصبح الاهتمام عاما، والشعور بالمسؤولية تجاه الناس، ويوضح لنا بقية المكونات الأخرى  
***  
(المكون الأول)  
(العناية العامة) 
توجيه الخطاب نحو المتلقي الجمعي للتأثير الإيجابي القائم على التوافق ومفاهيم الصلاح، التي تبين لنا أدب أهل البيت عليهم السلام 
تصميم الدعاء والإخلاص بالوحدانية والاستظهار المعرفي، بالإضافة إلى انسجام أفق المتلقي بتحقيق التواصل مع الدعاء المعنوي، وهذه وظيفة إنسانية من الطبيعي أنها تزكى بقبول فطرة الإيمان بالله، وإيمان الاستدلال ويرجع إلى الفطرة والثبات على روحية الانتماء  
****   
(المكون الثاني) 
(طاعة الله سبحانه تعالى)  
 يعتبر النص الدعائي نشاط تواصلي مؤثر، مضمون دلالي تعم به الفائدة، السعي لتحصين المؤمن من مكائد الشيطان، ويلوذ بالدعاء، وهذه هي أسس التربية 
يرى سماحة السيد أحمد الصافي أن المعصية جرأة على مصدر الخير، وعلى مصدر العطاء والرحمة وفيها جرأة على هذا الوجود وإطاعة الشيطان ورحمة الله سبحانه تدعو إلى الإطاعة 
يشير النص إلى وجود بعض الومضات الفكرية وهي تكسب الإنسان ثقافة المودة 
1) إن الله سبحانه لا يستحق المعصية  
2) المعصية لا تضر الله بشيء  
3) موجبات المعصية غير موجودة، هو المنعم، الخالق، الرحمن، الرحيم  
4) موجبات الطاعة للشيطان غير موجودة وهو الضعيف المطرود، وأول مخلوق خرج على القانون.  
يعتمد المنجز على الأدب التوجيهي، المنقول عبر التناص المباشر من الصحيفة والموجه عبر الشرح والتفسير والانتماء الموضوعي بما يوائم قضايا الإنسان النفسية، وقوف الإنسان بينه وبين نفسه، يريد أن يزن تصرفاته وأعماله، استهداف المتلقي بأثر معنوي يوضح له وجود الحق وجود الباطل، معبر الحق يحتاج للوعي، ويحتاج للعقل والإيمان. 
دون الوعي سنصل إلى ضعف قدرة التمييز، حينها يمتلك النص البحثي أكثر من رؤية، رؤية الإمام المعصوم عليه السلام، ورؤية السيد الباحث.  
سؤال وجيه ينظم مدارك القراءة: ـ هل ضعف قدرة التمييز سببه الرئيسي العقل؟ جواب سماحة السيد الصافي يبين بأن سبب نكوص القدرة التميزية لا يقع على العقل، وإنما في حجب العقل، وقد شخصها الله تعالى (بل ران على قلوبهم) الإنسان إذا عاش المعصية تحجب عن نفسه المقاييس، الدعاء يطلب به الإمام السجاد عليه السلام تحصين المؤمن. 
***  
(المكون الثالث)  
(الإخلاص في الدعاء) 
نتأمل في بنية النص، هناك حوار داخلي يبدأ من (الأنا) إلى (ال نحن) وهو الجزء الفعال من التواصل مع الناس، مرتكز الثقافة الإنسانية، يوضح لنا سماحة السيد الصافي، معنى الإخلاص، وعرفه لنا بمعنى العمل لوجه الله تعالى.   
1) إن الله سبحانه دائما مطلع على عمل الإنسان 
2) الله سبحانه دائم المراقبة لكل عمل يقدمه الإنسان  
3) غير غائب عن الناس، وحرصه على نجاة الناس أقرب  
4) جعل أعمال الإنسان كلها إليه  
وهذه النقاط الجوهرية تفرز لنا العديد من النتائج  
/ الناتج الأول /  
فرض رقابة شديدة من نفس الإنسان على نفسه  
/ الناتج الثاني /  
عدم الخروج عن دائرة الرقابة  
 /الناتج الثالث / 
إذا لم ينتبه الإنسان لهذه الرقابة سيربك حضوره بين يدي الله سبحانه تعالى  
/ الناتج الرابع/ 
البحث في جوهر هذا التواصل يعمل لعناية التقارب مع الله سبحانه بوعي ورشاد، أم مجرد عمل اعتاد عليه الإنسان فقد روح المعنى. 
/الناتج الخامس / 
التركيز على فهم معنى الابتلاء، تقريب هذه الفكرة ليس من باب الانتقام الإلهي بل من باب التمحيص وصولا إلى تركيز مسألة الوحدانية 
البحث الدقيق في هذا المكون يؤسس لنا التعالق الروحي مع قضية التّوحيد والنظر إليها بمنظار اجتماعي، فحدث فيه انحراف اجتماعي كبير 
تأهيل الناس في هذا الزمن لفهم المرتكزات الفكرية للإمام المعصوم السجاد عليه السلام  
نص المعصوم يتعامل مع كل الأجيال ومن المعروف أن لكل جيل له معناه الخاص به، القضية التي عرضها سماحة السيد الصافي قضية مهمة جدا، صاغها لنا عبر سؤال: 
ـ هل الأجيال مؤهلة لاستيعاب خطاب المعصوم، الإيمان بأن الله سبحانه هو الرازق، هذا المفهوم معروف ومتداول في أدبيات الحوار، يحتاج إلى التوكل

علي الخباز, [12/11/2024 08:10 م]
على الله سبحانه والسعي لرضا الله 
الكثير لا ينتبه لهذه القضية الحساسة، الإنسان الذي يتأمل بأن الرزق متوقف على رضا إنسان ما، يعمل على التذلل له من أجل الزلفى لفلان من الناس، فمن يؤمن بأن الرزق بيد الله لا يحسد أحدا، والفارق كبير بين الدعاء الذي يحثنا عليه المولى السجاد عليه السلام، وبين الحسد، عملية الإخلاص هي ترصين الإنسان بالملاذ الإلهي الخلاق والاخلاص بالوحدانية.  
****  
(المكون الرابع) 
 (مراجعة النفس ومحاسبتها) 
الجوهر الفكري لهذا المكون هو أن أعمالنا بحاجة للمراقبة، ونتائج هذه المراقبة قد يصعب الاعتراف بها لأحد من الناس لكن ليس مع الله سبحانه تعالى وهو المفزع  
ملاحظة  
ـــــــــــ  
أحلنا هذا النص التوجيهي إلى فكري لوجود تأملات فكرية تحتاج إلى التأمل، إلى التحليل إلى حصيلة الحكمة 
الإنسان حين يؤمن بالوحدانية وعينه تذهب صوب حب الثروات والمال والسلطان والوجاهة، هذا المعنى يعده سماحة السيد شركا متعمدا، إذ وضع له شريك مع الله سبحانه في مسعاه 
في سورة الاسراء آية 96 (قل كفى بالله شهيدا) ومن يجرأ أن يكذب الله يوم القيامة ومع هذا جعل الملائكة، وجعل جوارحنا رقيبة علينا، ليصل إلى حكمته البليغة، إن الخلاص في الاخلاص، وجعل الله لنا عصمة أهل البيت عليهم السلام عصمة نلوذ بها اليه.

الموضوع السابق (تجليات قربة) 3

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat