صفحة الكاتب : علي حسين الخباز

(تأملات في كتاب المصابيح لسماحة السيد أحمد الصافي )35
علي حسين الخباز

 البحث عن العمق المعنوي يثير الدهشة عند المتلقي، وكتاب المصابيح لسماحة السيد أحمد الصافي يبحث في حيوية الصحيفة االسجادية الفكرية ومقومات حضورها في المسيرة الإنسانية لترسيخ القيم الايمانية بفاعلية توجيه الإمام السجاد عليه السلام، وفق النهج الرسالي المحمدي، من أفكار وما يحمل هذا المنهج من مفاهيم ورؤى مصيرية تدخل في تجسيد المقاومة الروحية لمواجهة الشيطان 
فكر الإمام السجاد عليه السلام شمولي يتجدد عبر كل زمان، يحث على التأمل وعلى زيادة قدرة الإنسان على خوض حرب الشيطان بتمكن، باعتبارها حرب مصيرية لا توجد في نهايتها أي فرصة تعويضية 
شخص سماحة السيد الصافي مرتكزات مهمة للوجود الإنساني  
(تفكر ــ تأمل ــ تبني موقف) 
 الفكر بصيرة، والتأمل إدراك، أبواب التوبة لا تتم إلا من خلال التأمل الحقيقي لاستيعاب المشكلة 
 معرفة مقومات الصراع بين الإنسان والشيطان والدعم الإلهي للإنسان الذي لا بد من استثماره، ومن ثم التعالق مع المفردات في تشكيل التقصي الجمالي منطلقا من اشتغالات المفردة، مثلا جاء عند الإمام جملة (اللهم واشرب قلوبنا إنكار عمله) ثم يقرأ لنا مفردة (اشرب) حالة إملاء، الدعوة إلى الامتلاء عبارة عن موقف هو إنكار عمل الشيطان، الرؤية المؤثرة في هذا الخطاب هي نكران القلب لأمور الشيطان 
يستوقفنا سماحة السيد عند جملة (لا إله الا الله) التي هي حالة من حالات الانكار وحالة من حالات الرفض، بحيث يشرب القلب بالإنكار لأي إله وهمي، لا يوجد في القلب شيء (لا إله) نثبت (إلا الله) والنكران من القضايا القلبية التي تحتاج للعزم وتحتاج للعقيدة، نقطة الارتكاز هي تفسير لقراءة (واشرب قلوب) أي أملأ قلبي بهذا الإنكار ولا تجعل في قلبي أي ميل إلى عمل الشيطان، تقريب النص الدعائي إلى مفهوم الناس هو مسعى تواصلي يوصل الرسالة والاهتمام بالنص لإضاءة أبعاده ودلالاته، فيرى أن تفاوت رغبة  الإنسان اتجاه الأفعال المحرمة 
هناك ما يوافق الرغبة لكن الوعي يجعله يحبس نفسه، وهناك ما لا يوافق الرغبة مثل أكل الدم ولحم الميتة 
التعامل مع الإدراك الإنساني التوجه العام بمميزاته الفكرية مثل خشية الكثير من ارتكاب الحرام، ألا يسقط في أعين الناس لا لكونها معصية من معاصي الله سبحانه تعالى 
جمالية العرض في هذا التشخيص يعتمد على الاقناع والاقناع فكر تواصلي يرسخ لنا المفاهيم، ويقرب لنا المعنى الشمولي للعودة إلى نقطة الارتكاز (واشرب في قلوبنا إنكار عمله) 
هذا الإنكار لا يجزأ، جميع أعمال الشيطان مرفوضة، الدلالة النابعة من مضمون الطلب، رفض الفعل الشيطاني ليكون ملكة عند الإنسان، سيكون حينها ترك المعصية من الأمور الاعتيادية 
يتمسك السيد الباحث بأدب الصحيفة السجادية باعتباره يحمل روح المعالجة المثلى لكل مشاكل الإنسانية في صراعها مع الشيطان، يقول الإمام السجاد عليه السلام (وَالْـطُفْ لَنَا فِي نَقضِ حِيَلِهِ.) هذا هو البعد الدلالي الفاعل، فالنقض لا يأتي إلا بعد إبرام وإحكام العهد، كيف أبرم عقد العلاقة؟، في هذه القفشات الفكرية تكمن بنية الموضوع، الشيطان يحتال علينا ليبرم صفقته معنا، يبرم ويحكم الأفعال والحيل في سبيل الامتلاك 
كشف ودراسة الظاهرة الإنسانية في تعاملها مع العوامل العينية المتغلغلة في النفس البشرية، تحتاج إلى تصور يدلنا على فعل الإبرام، أو الحيلة التي يبني بها إبليس مواقفه بهذه الخبرة، مثلا يرينا معروفا حتى يمنعنا من معروف آخر، وقد يرينا سيئة ليجرنا إلى سيئات, ويبين هاجسا يدفع الإنسان للمعصية، لا أحد يرى, وهاجس يحذره من الذنب، فإن الله يراه وهو الشاهد والحكم، يتدخل الشيطان  عبر موقف آخر، إذ يسهل قضية الذنب أمام وجود الغفران الإلهي، ويقدم الذنب على بساطة المحتوى، من خلال هذه الأفعال المكونة لوجود الميل الروحي عبر سبيل من تلك السبل، يتحول الإيمان بالله سبحانه إلى موقف يصد الشيطان، فيتضح لنا معنى اللطف الإلهي حينها يفزع الإنسان إلى الله تعالى، إلى القرآن الكريم إلى الصلاة، ويفزع إلى الزيارة، ليقوي بصيرته على الشيطان وهذه هي المعرفة  لبلوغ الانتصار، هذا هو الثراء الروحي، البصيرة، والبصيرة  إدراك فاعل للكسب المعرفي، واكتساب عناصر الفوز على الشيطان وكسر حواجز الإغواء ومحاولات التسلط 
دراسة العلاقة بين وجود الشيطان في العالم الإنساني، هو ضعيف لأن الشيطان لا سلطان له على الإنسان، لهذا يتبع الإغواء، ودعاء الإمام عليه السلام (اللهم حول سلطانه عنا) ملخص فكرة الخطاب هو اللجوء إلى الله سبحانه، وإنهاء محاولات الإغواء بالفشل. الحضور مع الله تبارك وتعالى يغلق منافذ الشيطان.
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي حسين الخباز
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2024/11/09



كتابة تعليق لموضوع : (تأملات في كتاب المصابيح لسماحة السيد أحمد الصافي )35
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net