صفحة الكاتب : محمد الرصافي المقداد

الرّد الإيراني على إسرائيل حتميّ
محمد الرصافي المقداد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

كان في تصوّر الكثيرين بأن الردّ الإسرائيلي على الوعد الصادق 2، لم يكن في حجم المتوقع من كيان مرتبك مهتزّ من داخله، أصرّ على القيام بمغامرة جديدة ضدّ إيران، غير محسوبة العواقب، قد استقرّ في خلده، بأنّه الكيان المدلّل لأمريكا ودول الغرب، إيمانا منه بأنّ هذه القوى الغربية ستكون إلى جانبه في كلّ الحالات، ولن يتركوه وحيدا، في مواجهة جبهة مقاومة قويّة فاعلة، تأسّست على إنهاء وجوده من فلسطين، ولكنّه بعد ورود تقارير إيرانية عن العدوان الصهيوني، تبيّن لنا أنّ ذلك الرّد لم يكن شكليا، كما تبادر إلى أذهان كثير من الناس، بل كان ردّا معبّرا على مستوى قوّة إسرائيل، مرتهِنًا بنجاح طائراتها أف 35 المغيرة، وهي ما بين طائرة أمريكية ادعى البنتاغون أنّها لم تشارك في القصف، وساندت في التشويش الإلكتروني، والدعم والتزويد اللوجستي والحماية، وطائرات إسرائيلية شاركت وحدها في القصف، وهي مقدّرة بحوالي 100 طائرة، شاكرت تباعا في القصف على مدى ثلاث ساعات تقريبا.

بهذا العدد من الطائرات، لا يجب القول بأنّ إسرائيل لم تقم بالرّد المناسب على ضربات إيران، فمائة طائرة أف 35 إسرائيلية كانت ستدخل الأجواء الإيرانية، في مغامرة غير محمودة النتائج، لولا التحذير الأمريكي بعدم المجازفة، فوقفت عاجزة عن اختراقها، وكانت ستضرب بدقة وقوّة أكثر من اقتصارها على الأجواء العراقية الشمالية، لو تمكّنت من الدخول في العمق الإيراني المحصّن جويّا بمنظوماته المتعددة(باور 313/ اس 400)، ونحن نعرف جيدا أن إقليم كردستان له علاقات لا تخفى مع إسرائيل، وأجهزتها الاستخبارية تمرح هناك بلا حسيب ولا رقيب، هذا وقد (أكدت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة أن الهجوم الإسرائيلي الأخير وإطلاق الصواريخ على إيران تم من مسافة 70 ميلا عن الحدود، وعبر أجواء تسيطر عليها القوات الأمريكية في المنطقة.(1)

نعم لقد كان العدوان الإسرائيلي المُعدّ بدقّة وعناية وبإشراف وحماية من أمريكية، كبيرا واستهدف نقاطا حساسة، من البنية الصاروخية الإيرانية صناعة وتخزينا، ومنها مصنع وقود الصواريخ، لكنّ العائق الذي حال دون نجاح إسرائيل، تمثل في وجود دفاعات جوية إيرانية، تدخّلت في الوقت المناسب وأسقطت 90 % من الصواريخ الإسرائيلية، ولولا العناية الإلهية وكفاءة القوات الجو فضائية الإيرانية لكانت الضربة قوّية، وبالنتيجة الحاصلة بالإمكان القول، بأنّ إيران تمتلك دفاعات جوّية برهنت على قدرات واعدة وكفاءات جديرة بحفظ المجال الجوّي الإيراني، وصدّ أيّ هجمات جويّة قد يقدم عليها أعداؤها.

وقد أظهرت الصور التي التقطت بالأقمار الصناعية، ونشرتها دوائر الإستكبار العالمي، أنّ البعض من تلك الصواريخ قد أصاب نقاط بسيطة لن تؤثر على الصناعات الصاروخية الإيرانية في مداه القريب أو البعيد، وتبيّن أنّ ادعاءات نجاح العملية العسكرية الإسرائيلية، قد انبنت على احتمال وصول الصواريخ الى أهدافها، لكنها لم تصل بالمقدار الذي اعتبروه من تحصيل حاصل، وهذا في حدّ ذاته نجاح لصالح إيران، في صدّها لموجات غارات أحدث طائرات 1اف35 تدّعي صناعتها وامتلاكها أمريكا، فضلا عن تسليحها بالصواريخ الأمريكية الدقيقة.

إذا يمكن القول أنّنا دخلنا مرحلة العدوان والرّد عليه، بشكل تصاعدي وعدت إيران بردّ قاس على أيّ عدوان على أراضيها ترتكبه إسرائيل، ولا شكّ أنها ستنفّذ وعيدها عندما تتهيّأ لذلك، وتختار الوقت المناسب للقيام به، ردّ حتمي، لكنه مرتبط في قوته وخفّته بقرار إسرائيل، وقف عدوانها على غزّة ولبنان، فإن امتثلت إسرائيل لهذا الشرط، فإنّ بنك الأهداف الذي حددته إيران سيتقلّص إلى حدّه الأدنى الذي تريد تنفيذه، من أجل ردع أيّ عدوان مستقبلي عليها.

مساعي أمريكا بوساطاتها والغرب بدعواته سقطت في الماء، حيث لم تجد آذانا صاغية، وهي التي كانت تعتقد أنّه بتسلم الإصلاحيين دفّة رئاسة الجمهورية في إيران، سيكون لهم تأثير في حلحلة السياسة الإيرانية، من موقف المحافظين المبدئي، إلى موقفٍ أكثر ليونة منه، من طرف التيار الإصلاحي، وهي مجرّد أماني مازالوا يأملونها، منذ خطأ السيد محمد خاتمي بتعطيل البرنامج النووي الإيراني السلمي، تعبيرا عن حسن نوايا إيران حيال ملفّها، وهو خطأ لن يتكرر أبدا، حيث لا يلدغ مؤمن من جحر مرّتين.

في عالم السياسة يقال أنّ اللعب بالأوراق المكشوفة، لا يفيد أصحابها شخصيات ودولا، وقد برهنت أمريكا ودول الغرب على انحيازها لإسرائيل، بناء وتأسيسا ودعما غير محدود، وهي ترى وتراقب بأدواتها التقنية والإستخبارية، ما ترتكبه إسرائيل من جرائم حرب بحق المدنيين في قطاع غزة وفي لبنان، معبّرة فيه عن عجزها عن حقيق انتصار يحفظ كبريائها المزيّف، مع ما تمتلكه من تفوّق جويّ، وأسبقية أرضية في التسليح بالدبابات المتطورة، والأسلحة الفردية النوعية، فقد تميّز الخبيث من الطيّب من خلال هذه المواقف الغربيّة، ليكون الخبيث إلى جانب العدوّ الصهيوني، ولن يكون إلى جانب محور المقاومة الذي تقوده إيران، فذلك محور لا يقبل سوى الطيب من الناس والصائب من المواقف.

الرّدّ الإيراني سيقع حتما - ولم نتعوّد من إيران أنها اخلفت وعدا قطعته على نفسها- أما حجمه ومقدار تأثيره ومداه فمحكوم بقرار وتنفيذ أهله، وليس بإمكان أيّ قوة بشرية أن تؤثّر عليه في ما يجب القيام به من أجل إلجام إسرائيل عن مواصلة جرائمها، ولا تستبعد إيران أن يتطوّر الأمر إلى حرب شاملة، قد هيّأت نفسها لها، وهي على يقين أنّها ومحورها أصحاب قضية عادلة، جمعت حولها أنصارا من مختلف دول وشعوب العالم، مقابل انكشاف زيف إنسانية الغرب ومؤامراته التي يستهدف بها حقوق وأمن ومصالح الشعوب، غدا سيسقط الاستكبار الغربي في شرور أفعاله، وغدا ستعلو راية مستضعفي العالم، لتُشكّل منظومة عالمية جديدة، تراعى فيها الإنسانية وحقوقها.

المراجع

1 – إيران تكشف المسافة التي أطلقت إسرائيل منها صواريخها في الهجوم الأخير

إيران تكشف المسافة التي أطلقت إسرائيل منها صواريخها في الهجوم الأخير - RT Arabic

2 – ماذا تكشف صور الأقمار لصناعية عن أثر الضربات الإسرائيلية على إيران

ماذا تكشف صور الأقمار الصناعية عن أثر الضربات الإسرائيلية على إيران؟ - BBC News عربي

3 –


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد الرصافي المقداد
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2024/11/04



كتابة تعليق لموضوع : الرّد الإيراني على إسرائيل حتميّ
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net