سألوا حكيم عن أثمن الهبات فأجاب:
ـ أن يهب الإنسان حياته من أجل الآخرين
رأيته في صحن مولاي الحسين عليه السلام محمولا على أكتاف الرجال، في تشييع مهيب، لا أعرف لم استوقفني هذا التشيع وصرت أسأل نفسي، أليس هذا هو رد الجميل من قبل الناس لعظيم هيبته، ولحفظ مكانته، قادني فضولي لأدخل وسط المعزين، ولأعرف كل شيء عنه، أعتقد أن مضمون الشهادة لا يقف عند حدود مراثي التشييع, لهذا وزعت أسئلتي بين المشيعين، عرفت أن هذا الشهيد المسجى جثمانه في صحن الحسين عليه السلام لأجراء مراسيم الزيارة، سيدفن في النجف الأشرف بجوار أمير المؤمنين عليه السلام حيث الراحة الأبدية، اسمه ليث عبد العالي الاحمدي من البصرة، سألت شابا من المشيعين، هل أنت من أقاربه، أجابني أن الشهيد ليث توزعت حياته في أكثر من سكن، لذلك تجدين الكثير من أهل ( نظران) حضروا التشيع ونرى المشيعين (أبريهة) ومن منطقة الطويسة أيضا لأنه سكن فترة في الطويسة ومن ثم تجدين الكثير من المشيعين من قضاء الشطرة لأنه سكن فيها مدة طويلة ولديه أصدقاء هناك / ومن أهالي بغداد، وله أصدقاء كثيرين، عرفت أن كل هذه المدن التي سكنها تدعي أنه ابنها، والشهادة عظيمة لا يدركها إلا ناسها، وهذا الرجل تغلب على الموت كما الشهداء، كان رياضيا مميزا في فنون الكارتييه وحاز على الحزام الأسود مرتين، ورأيت الكثير من المشيعين بملابس الحشد، شعرت حتى الشهيد يرتدي بدلة الحشد فوق الكفن، قال لي أحد المشيعين:
ـ كنا نلقبه أبو كانونة، كدت أفعلها وأبتسم، ألا يكفي إني امرأة بين المشيعين والمشهد غريب جدا عند الناس، كنا نقاتل في الغوطة الشرقية، للدفاع عن مرقد مولاتنا زينب عليها السلام، أصيب هناك في فكه ولسانه، ولم يعلم أهله، وعاد لي هو لم يعاف بعد وفي يده الكانونة ومعه العلاج ،وأصيب مرة أخرى في بطنه وبقى راقدًا في المشفى وعند انطلاق فتوى المرجعية التحق بنا والكانونة في يديه شارك في الكثير من المعارك في الدجيل وفي بلد والإسحاقي وأصيب في سامراء أثر هجوم انتحاري وعاد الى المشفى والتحق معنا والكانونة في يديه صرنا نعالجه نحن وصارت لدينا خبرة في زرق الأبر والتضميد، واستمر ليث يقاتل حتى أصيب في جبال مكحول بشظايا انتشرت في كل أنحاء جسمه حرقت وجهه بالكامل نقل على إثرها للمشفى، وعاد لنا والكانونة في يديه، يظن البعض من الناس أن مقاتلي داعش يتميزون عنا بالجرأة كون لديهم فرق انتحارية، يسأل لماذا لا يملك الحشد انتحاريين؟
ذهب ليث إلى النجف الأشرف ليستشرع عن رغبته في تشكيل مجاميع انتحارية، منعه سماحة المرجع المبارك، لأن هذا العمل محرم في مذهبنا، فاعرض عنه، كان هذا المقاتل فيلسوف الحياة، كل كلمة في حياته لها معنى، وله قول مشهور يردده المقاتلين دائما، من فقد عطف الوطن فقد حريته ومعناه وفاقد الحرية، عليه أن يبحث عن الله سبحانه في ذاته، سألوه لماذا لا تتزوج تجاوز عمرك الأربعين، أجابهم قريبا بعون الله، استبشر الصحب فرحين، نظر إليهم وقال سأتزوج من حور العين إن شاء الله
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat