صفحة الكاتب : د . جليل وادي

بعقلية التكتك يُدار الطائر الأخضر
د . جليل وادي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

بعيني رأيت، وبأذني سمعت، لا أحد نقلها لي، ولا قرأتها في جريدة، واذا استغربتم الأمر ولم تصدقوني، قوموا بزيارة المكان الذي سأتحدث عنه، لقد صدمتني الحالة قبلكم، ولم يكن أمامي سوى الضحك، ولكنه ضحك كالبكاء كما وصفه الشاعر والكاتب عبد الرحمن طهمازي في عنوان عموده الاسبوعي الثابت المنشور في جريدة النهضة اليومية في العام 2004، وتخيلوا كم هو مؤلم الضحك كالبكاء، ربما سيرد أحدكم: ولماذا الاستغراب يا رجل، هذه الحالة كحال المئات من الظواهر التي باتت تستعصي على الوصف، تأمل فيما حولك، وعند ذاك سيهون عندك الأمر، وقد تتوقف عن الكتابة عنه.

بل وتجده نوعا من الترف قياسا بمستشفيات بلا أدوية، او تعليم بلا جودة، او شباب بلا عمل، او مئات الآلاف من الخريجين المبعثرة طاقاتهم سدى، او فرهود الأراضي الذي يمارسه المتنفذون، او الأرصفة التي احتلتها (البسطيات)، او استحواذ أصحاب المحال على ربع الشوارع المقابلة لهم، مستهينين بالمواطنين وغير متحسبين للجهات البلدية او الأمنية او المرورية التي تتخطى على مقربة منهم، يكفي.. يكفي، كل هذا نعرفه، قل ما عندك، هكذا ستقولون لي.

لن أطيل عليكم، فأضيف لآلامكم شيئا جديدا، فخلاصة ما انتهيت اليه في الحالة التي سأحدثكم عنها، ان الفساد يُبدع، ويبتكر من الفنون ما لا يخطر على بال، وان الفاسدين لديهم خيال خصب، وثري في فنونه، ومتنوع في أساليبه، لكن مجموعة أسئلة استوقفتني في الحالة التي صادفتني في مطار بغداد الدولي: هل ان ادارة المطار تدري بما يحدث، وهل جاء هذا الأجراء بتوجيه منها، ام انه يجري من خلف ظهرها؟، فان كانت تدري فتلك مصيبة، وان كانت لا تدري فالمصيبة أعظم كما تقول عبارتنا الجاهزة التي كثيرا ما نستعملها في التعبير عما يدهشنا، وفي الحالتين أظن انها غير مؤهلة لإدارة واحدة من أبرز واجهات البلد، وان كنا من البلدان الطاردة للسياح، وهذا موضوع آخر سيكون لي فيه حديث مطول.

ما علينا، أعود لما صدمني في مطارنا، فما أن وصلت باب المطار حتى عرض علّي أكثر من شاب بزي رسمي، فيما اذا كنت أرغب بأن يقدموا لي تسهيلات لإنجاز الاجراءات المتعلقة بدخول المطار، كتجاوز الدور (السرة)، وربما من بينها عدم اخضاع الحقائب للتفتيش، والحصول على مقعد جيد في الطائرة، وأهمها ألا تكون الى جانب جناحها او في المؤخرة، وكل ما يواجهك من مشكلات وصولا الى (كاونترات) منح التأشيرة (الفيزة).

لم أر او أسمع مثل هذه الاجراء في كل مطارات العالم، بما في ذلك مطارات الدول المتخلفة، مَنْ وجه بهذا الاجراء؟، واذا كان بلا توجيه، هل يُعقل ان ادارة المطار لا تعلم به، وهل هو اجراء صحيح، وهل له ما يماثله في العالم؟

رأيت الكثير من الأمور غير الطبيعية في المطار، وربما الحديث عنها سيزعج الجهات المسؤولة عن ادارة الطائر الأخضر الذي لطالما تباهينا به في عقود ماضية بحصوله على الكثير من جوائز التمّيز، أتمنى ألا يُدار الطائر الأخضر بعقلية التكتك.

هل يُعقل أن يتكدس موظفو الخدمة من الجنسيات الأجنبية بأعداد تكاد تقترب من ربع أعداد المسافرين القادمين يعرضون خدماتهم لحمل الحقائب بالعربات وصولا الى سيارات الأجرة، وهل من الطبيعي أن يدخل سواق سيارات الأجرة الى صالات المطار، محاصرين المسافرين، كل يريد أن يستحوذ عليهم. لا أريد أن أقارن ما يجري في مطارنا بغيره من المطارات، فليس هناك وجه للمقارنة على الاطلاق، والسؤال : اذا كانت هذه هي حال مطار العاصمة، فكيف هو وضع مطارات المحافظات، وهل ذهبت توجيهات السيد رئيس الوزراء السوداني أدراج الرياح؟


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . جليل وادي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2024/10/20



كتابة تعليق لموضوع : بعقلية التكتك يُدار الطائر الأخضر
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : منير بازي ، في 2024/10/21 .

السلام عليكم . انا معك في كل ما قلت وزيادة . في السيطرة الأولى قيل لنا وكنا سبع نفرات عائلة وكان معنا سبع حقائب كبيرة ناهيك عن حقائب اليد. قيل لنا : هل تريدون السرعة والوصول إلى باب المطار بسيارتكم ، أم تنزلون هنا وتستبدلون السيارة ويتم تفتيش الحقائب. فقلنا للسائق أنت مخول . فجائه شاب مهندم وتكلم مع السائق . فاعطاه خمس وعشرين الف دينار فلم يقبل الشاب لان ا لحقائب كثيرة. فأعطاه ثلاثين الف دينار. فسكت وسمح لنا بالمرور كم مسافر يمر يوميا من هنا وما هي المبالغ المستحصلة عفوا المنهوبة. اخي العزيز أنت تتكلم عن وطن لا حكومة فيه وطن فوضى، الناس يعيشون فيه مثل عيشة الانسان البدائي يُديرون امورهم بأنفسهم وامكاناتهم والحكومة فقط تاخذ جباية منهم عن كل شيء . كل مناحي الحياة في العراق المنهوب المسلوب هكذا . كردستان لا علاقة لها بالمركز إلا من خلال حصتها من نفط الجنوب وهي تسعى جاهدة لتدمير ما تبقى من العراق من أجل احلامها في الاستقلال. المنطقة الغربية تنهب وتسرق ، ولكنها اشرف من حكومات الجنوب المنهوب المظلوم. لأن مسؤولي المنطقة الغربية يسرقون ولكنهم يبنون أيضا. حتى الارهاب حصل على كل امتيازاته واصبح قتيلهم شهيد. أصبحنا نتمنى الحاكم الكافر المشرك الملحد ولكنه عادل. أما اكشاك التكسيات فقد تصل بهم الحالة إلى التقاتل من أجل الزبون. وقد سرقني سائق التكسي.




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net