(حبال الشيطان)
الشيطان وما يمتلك من قدرات متمكنة على فعل الشر، يستطيع استغلال ظرفي الزمان والمكان والوسائل والمعدات والتسلح بجميع الأسلحة من أجل تحقيق الهدف الذي هو غواية الإنسان.
سعى الفكر العلماني الذي هو أداة من أدوات الشيطان لطرح المفهوم الوثني في صراع إله الخير وإله الشر، وكأنهما قوتان متقابلتان من حيث القدرة والتمكن والتأثير على تحقيق الأقدار، تظهر أهمية كتاب المصابيح وتركيزه على أدعية الإمام السجاد في عرض الكثير من القيم الروحية التي تبين للإنسان أن الله سبحان تعالى هو صاحب القدرة التي لا تضاهيها قدرة.
وسبحانه تعالى حصن الإنسان بمقومات كثيرة فقد من الله على الإنسان بالعقل, ومن مميزات العقل الفطن الاستعانة بالله سبحانه بواسطة الدعاء والاستعاذة به من نزغات الشيطان، والنزغة تعني الطعنة واللسعة والوخز، والنزغة لا تحصل إلا بكيد أو غفلة، لذا سعى الأئمة عليهم السلام لتنبيه الإنسان وعلى مر الأجيال من خطر النزغ الشيطاني كي لا يتمكن من زعزعة أرادته، يرى سماحة السيد أحمد الصافي وهو يتأمل في دعاء الإمام السجاد عليه السلام على إبليس بوجود مجموعة من التعاليم تجعل الإنسان في يقضة واليقظة نور البصيرة، وهي أهم الأسلحة القادرة على دحر إبليس، تجعله عاجزا عن النفاذ إلى دواخله، لتكون سدا يغلق جميع المنافذ عليه مثل البصر الذي هو منفذ من منافذ إبليس، وجميع الجوارح هي منافذ لإبليس، الإنسان اليقظ هو الإنسان الذي يغلق هذه المنافذ، نجد أن التوجيه ضمن المحور الإبداعي يركز على الوعي في فهم الإنسان كذات وفهم مقدار المحصن الإلهي لتجاوز ذلك لأن الوعي سمة قادرة على إيقاظ جميع الحواس، جميع الجوارح، اليقظة تجعل التصرف بالنظر والسماع واللسان، وكل يعمل ضمن محفزات العقل المدرك، هذا التوجيه يمتلك قوة تأثيرية تستمد روح الدعاء، جوهر الإيمان بقدرات الله سبحانه تعالى، أنا نعوذ بك من نزغات الشيطان، التعوذ استنادا واتكالا، الاعتصام بالله واللجوء إليه، وبها نستطيع معرفة العلاقة بين العبد وربه هو الملاذ عند الشدة، يمنحنا سماحة السيد الصافي مفارقة جميلة من حيث معنى النفوذ، هو اللجوء، بالمقابل هو فرار من شيء، الهروب من شر وسوء، هذا الذي نهرب منه لا بد أن يكون أضعف إمكانية وقدرة من المعتصم الذي نعوذ به فتبني فكرة موازنة الندية بين القوتين من أخطاء القصدية الغرضية، اللجوء الى الله هربا من شيء، جهة نعوذ بها ونتمسك بها ونلجأ إليها، وجهة نهرب منها، أمام قضية المواجهة أو الهروب لا بد اللجوء إلى قدرة حماية أكبر من قدرة الشيطان، والاستعاذة بالله مضمون خلاصة المعارف الدينية في الاستعاذة، بل هي أرقى المناهل
وهناك قضية مهمة أثارها سماحة السيد أحمد الصافي، قول للإمام علي عليه السلام في وصية لابنه الحسن (واخلص في المسألة لربك) الاستعاذة بالله لا بد أن تكون بإخلاص وإلا صارت لقلقة لسان، لذلك يلفت الانتباه إلى جوهر الاستعاذة (أعوذ بك من نفس لا تشبع، ومن قلب لا يخشع، ومن دعاء لا يرفع، ومن صلاة لا تقبل)
يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم (أول شيء يرفع من هذه الأمة الأمانة والخشوع) ويقول الإمام الصادق عليه السلام (نعم عون الدعاء الخشوع) وجاء في حديث المعراج (ما عرفني عبد وخشع لي إلا خشع له كل شيء) سماحة السيد الصافي يلفت أنظارنا إلى فقرة التعوذ من الدعاء (وأعوذ بالله من دعاء لا يرفع) وإلى عدة أمور أخرى منها
/ فرصة الدعاء /
الدعاء فرصة قد لا تمنح غيرها بمعنى أنها قد لا تتكرر
/ الإخلاص في الدعاء /
حسب وصية أمير المؤمنين أن يدعو الله تعالى فليقبل على الله تعالى،
/ مكانة الدعاء /
الكلمات لا تعني الارتباط مع الله تعالى فهي لا تعني كل شيء ولا بها تمامية الدعاء، الدعاء يحتاج إلى قلب خاشع، إلى وعي بكل كلمة، إلى فهم مقام الله سبحانه تعالى، سبحانه يسمع دعاء العبد الخاشع
/ يقظة الدعاء /
البحث عن حقيقة (النزغات) التي ركز عليها الدعاء محذرا للتنبيه إلى خطورتها، نجدها تنتقل في صراعات الرغبة وتضارب الأفكار وارتباطها بالسلوك والموقف الانساني، الرغبتين متعارضتين تدفعان الإنسان إلى وجهات نظر مختلفة بحيث يعج عن اختيار وجهة معينة
التفاتة سماحة السيد أحمد الصافي إلى يقظة التوجه إلى الله سبحانه، حقيقة اللجوء إليه وعدم تصديق الشيطان وعدم الرضوخ إلى ألفته، الحقيقة هي النفرة من الشيطان، والاستعاذة من النزغات، يعني أننا نستعيذ بالله سبحانه من كيد الشيطان ومكائده وحباله وعلى المؤمن أن يوقف الشيطان عند حده وأن يلتفت إلى وساوسه، الشيطان لعنه الله لديه أساليب متمكنة وله القدرة على تجميل الفعل السيء ومنحه مميزات الفعل الحسن، يعرف الشيطان بمهارة نفسية الإنسان ومرتكزات عقله ونواياه، ويزيف التصور لدى الإنسان فيغير شكل الرؤية، يعد غنى وثراء المذنب رضا من الله، والله لا يتعامل مع العبد بانتقام بل يمنحه فرص العودة إليه
اليقظة تعني فهم أساليب الشيطان ومعرفة أبعاد تكوينه ومعرفة طرق نفاذه إلى قلب الإنسان، وإدراك معنى الاستعاذة بالله سبحانه، ولا يستعان بالصحة والرزق على المعصية، والحذر من أساليب الإغواء يقول أمير المؤمنين عليه السلام (شر الإخوان من زين لك المعصية) والوعي الإنساني يدرك الهفوات عند الناس لتصحيحها وإعادة التوازن النفسي والمعنوي للمجتمع.
الموضوع السابققناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat
.jpg)
