منجز شعري فاعل يتكون من عدة علاقات تكوينية اعتمدت على جمالية السرد وفاعلية الأنا والقوة الكامنة في السؤال
(والأسئلة الحيرى بلا أي إجابة،
كيف أختارك عصفورا الى القلب،
وفي الرأس خفافيش الكآبة
كيف اختارك في الليل شموعا لهدوئي،
حيث كل الوقت يدعو للكتابة
وبماذا سوف أسقي شجر القلب،
إذا حلّ الجفاء، كيف يخضر بلا لحنك يا أنثاه والأنثى غناء
وأخيرا ... كيف يكسو حزنه هذا الشتاء) ص15
نتأمل في تلك الأسئلة بحثا عن خصوصيتها، نجدها سعت لتوليد المعاني وإثراء الدلالات، وأعطت مميزات للأفق الانزياحي، والأسئلة هي غير الاستفهام، لأن السؤال أعم وأشمل وينفتح على مديات أوسع ولهذا استغنت عن علامات الاستفهام لتعطي الديمومة والاستمرارية، وللسؤال أمكانية حمل الثيمات الفكرية والدلالية والفلسفية وتثير في المتلقي مكامن الإحساس، وأسئلة وسام الحسناوي لا تقف عند حدود الاجابة وإنما تذهب إلى غايات أبعد، ترك الأجوبة مفتوحة لتكون معبرة عن عواطفه ومشاعره ورؤاه.
واستطاع تعديل أسلوب استخدام أدوات الاستفهام فسأل عن الكيفية بأداة الاستفهام كم، ليباغت المتلقي ويطلق قيامة التأويل
(كم سوف تقتلنا الحياة
وكم سنبقى ضاحكين وهازئين) ص7
(كم على القلب أن يعيش خريفا
صده من غيابها موصول
لست أدري غيابها أهو عدل
أم جحود أم أن وقتي عليل) ص11
وتكرار الأسئلة يستخدم لتعميق أطر الدهشة وتعد جاذبا من الجواذب الشعورية المهمة، ومثل هذه الأسئلة تحتاج إلى مهارة شعرية عالية، ومقدرة على صياغة الأسئلة بأسلوب انزياحي لتبعث المتعة والفن
وأسئلة وسام الحسناوي تجاوزت ألفاظها إلى دلالات رسمت الأبعاد النفسية وتركت للمتلقي شرح المضامين ومتابعة هذا الشغف المعبر عن الألم بحزن شاعر.
وأسئلته الجوهرية المرتكزة على الذات ومعانيها ولها خصوصيتها الدلالية في تخليقاته الروحية وهو يخلق مفرادته من وعي تلك الأسئلة
(من أين للحزن هذا الشعر والشاعر
ورحلة اليتم تيه مالها آخر
من أين لليتم هذا التيه ظلله
ليل وأكثر من نجماته ساهر
من أين لليل هذا الترف يا لغتي
هذا اليقين على من قلبه كافر) ص35
تميزت تلك الأسئلة بإمكانيتها حمل القلق الإبداعي والمشاعر الرقيقة واضطرابات الذات العاشقة، ولها صولات تكثيف ترتكز على رؤية شاملة عميقة شفافة، تفجر دلالتها لتوسع المساحة الجمالية الصادرة من الذات وتزيدها حيوية
وحرص على تكرار السؤال بصيغ مختلفة للتعبير عن دلالة معنوية
(ترى ما بعينيها ترى من غواية
وهل شفتاها أوغلت بالسرائر
وهل أغرزت أهدابها مثل مدية
فطاب لديك العيش بين الخناجر
وهل هدك الغصن المسمى قوامها
فأورقت أشجارا حوت كل طائر
وهل طاول الليل الذي لم تساهر
فأشرقت شمسا في خضم الدياجر) ص39
وأخذت الأسئلة فضاءات واسعة في شعرية لمم.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat