صفحة الكاتب : الشاعر محمد البغدادي

زيكو.. يدرِّبنا على الإنسانية
الشاعر محمد البغدادي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 يبدو أننا (العراقيين) تعودنا على الموت العبثي المجاني الذي يسرق كل يوم أبناءنا وأحبتنا.. وتآلفنا مع الموت لدرجة أصبح معها يبدو كأنه أمر لا يهمنا ولا يخصنا لا من قريب ولا من بعيد.. أو كأنه حدَثٌ من الأحداث اليومية التافهة.. كما لو داس أحدنا على صرصر كان يتجول في البيت بحثًا عن طعام له ولصغاره الساهرين في بالوعتهم المكيَّفة!.. أو كما لو عطست عنزة متخمة في وسط حقل الحشيش الأخضر!..

فنحن (أعني: العراقيين) لم نعد نُظهر شيئًا من حزننا.. أو غضبنا.. ولا حتى إدانتنا.. بل نستقبل خبر موت أحدنا بلا مبالاة شديدة جدا ومخجلة جدا..
وفي المقابل، لم يتخلَّ غيرنا (أعني: غير العراقيين) عن إنسانيتهم.. ولا عن مشاعرهم التي تجعلهم بشرًا من لحم ودم وروح..
فوجئتُ قبل أيام بخبر مرَّ على سبتايتل إحدى قنواتنا الفضائية العراقية (العراقية جدًّا) يخبر المشاهدين العراقيين أنَّ (زيكو) البرازيلي مدرب منتخبنا الوطني (الوطني جدًّا) يعزي أبناء الحلة باستشهاد كوكبة من لاعبي فرقها الشعبية (الشعبية جدًّا)..
مرَّ السبتايتل مرور الكرام فتسمَّرتُ أمام الشاشة أنتظر أن يتكرر لأتأكد مما قرأته بعينيَّ وقلبي، ولأرى إن كان قد سبقه خبر آخر ينقل لي وللمشاهدين الكرام أنَّ فلانا الفلاني (الوزير أو المحافظ أو مَن هو فوقه أو تحته) من المسؤولين العراقيين عزَّى باستشهاد أولئك الكوكبة من أبناء الحلة الذين هم أبناؤنا (أبناؤنا جدًّا)، فلم أحصل إلا على تعازي زيكو ولم أجد ذكرًا لأحدٍ غيره..!
وزاد عجبي واستغرابي وشعوري بالاستهجان حين رأيتُ لاعبي منتخبنا الوطني (الوطني جدًّا) وهم ينزلون إلى ساحات مباريات الدورة العربية التي أقيمت في السعودية من غير أن يضعوا قطعة سوداء صغيرة على قميصهم تدلل على حزنهم على زملائهم اللاعبين المغدورين (المغدورين جدًّا)..
عذرًا يا زيكو.. يا أيها الشهم النبيل.. لا تؤاخذنا على برودتنا.. ولا تلُمنا على نسياننا.. وإياك أن تتعلم منا هذه اللامبالاة.. فنحن نحتاج لأمثالك لا ليدربَ منتخبنا على فنون الكرة التي لا يتقنونها (لا يتقنونها جدًّا) فحسب.. بل ليعلمنا الإنسانية.. ويدرِّبنا على المبالاة بأرواح أبنائنا.. فقد نسينا إنسانيتنا (نسيناها جدًّا)..
ألم أقل لكم إننا لم نعد نبالي بالموت، ولا نقابله إلا باللامبالاة الباردة؟

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشاعر محمد البغدادي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/07/20



كتابة تعليق لموضوع : زيكو.. يدرِّبنا على الإنسانية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : محمد علي ، في 2019/03/24 .

انا طالب ماجستبر في قسم اللعة الغربية واريد اجراء بجث موجز عن حياة الشاعر الكبير محمد البغدادي وبعضا من قصائدة لكن للاسف المعلومات غير كافية على مواقع النت هل يمكن الحصل على شيء من المعلومات وكيف السبيل الى ذلك




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net