صفحة الكاتب : الشاعر محمد البغدادي

كنَّاس الفضاء
الشاعر محمد البغدادي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

كنتُ مع صديقينِ نتعشَّى ونثرثر، حين صرخ أحدهما: (أيا كذَّابين)! وهو يشير إلى شريط الأخبار الذي مرَّ أسفلَ شاشة التلفاز! وفيه: (بدافعٍ من الشعور بالمسؤولية تعكفُ مجموعةٌ من علماء الفضاء السويسريين على تصميم مركبةٍ مهمَّتها تنظيفُ مدار الأرض من النفايات التي خلَّفها الإنسان منذ غزا الفضاء).

ليس هذا بالغريب، فنحن – العرب – لا ناقة لنا ولا جمل بالموضوع أبدًا، فالغرب لوَّثَ الفضاء ابتداءً، وهو يتحمَّلُ مسؤوليةَ تنظيفهِ انتهاءً، ونحن (إلنه الصافي)! ولكنَّ الغريب هو صرخة صديقنا وما أعقبها من شرح طويلٍ عريض لتبرير التُّهمة التي وجَّهها إليهم، فهؤلاء – برأيه – يريدون إنزال قمرٍ صناعيٍّ محدَّدٍ لأنه يضمُّ أسرارًا خطيرة! و(ع الماشي) سيُنزلون كلَّ الأقمار الصناعية التالفة الأخرى ليستفيدوا من التقنيات التي فيها، وهم لا يفعلون ذلك بدافعٍ من الشعور بالمسؤولية ولا بوازعٍ أخلاقيٍّ!

بينما انبرى الصديق الآخر يدافع بكلِّ ما أوتي من فصاحةٍ عن أخلاق هؤلاء العلماء، داعمًا رأيه بمقولاتٍ مثل: (سويسرا بلد مسالم) أو (الشعب السويسري طيِّب ونظيف ومهتم بالبيئة وبالتقدم العلمي).. أو (لو كانوا أمريكان لصحَّ وصمُهم بالكذب)..!!

ثمَّ قرَّرا استلال حاسوبٍ صينيٍّ ليسألا (غوغل) الأمريكيَّ عن التفاصيل، فاكتشفا أنَّ الفكرة راودت مجموعةً من العلماء ومُصمِّمي المركبات الفضائية حين قرَّرت سويسرا أن تترك أحد أقمارها الصناعية هائمًا في مدار الأرض لتقادمِهِ وعدم جدواه، فشعر هؤلاء العلماء بمسؤوليتهم الأخلاقية، وفكَّروا بعشرات الأقمار المتروكة في المدار، وبكلِّ المخلفات الأخرى، فاختاروا أن يتحوَّلوا إلى كنَّاسين فضائيين!

بهذا النقاش السفسطائيِّ المحموم أضاع صديقايَ فرصة الاستمتاع بمشهدٍ من الكوميديا السوداء لم يخطرْ على بال أعظم صُنَّاع السينما في هوليوود وضواحيها..! فقد كان التلفاز يعرض مقابلة مع وزير الكهرباء العراقي، وكانت علامات الوازع الأخلاقي والشعور بالمسؤولية تطفح من على وجه سيادته وهو يقول للمذيعة المبتسمة وللمشاهدين الصابرين: (إن الحكومات العراقية المتعاقبة منذ 2004 وحتى الآن صرفت على الكهرباء أكثر من 27 مليار دولار) فقط لا غير!! بينما الشريط الإخباري تحته يقول: (... وستكلِّف كانسة الفضاء مليوني دولار) فقط لا غير!!

والآن.. بوجه مَن علينا أن نصرخ: (أيا كذابين)؟!


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشاعر محمد البغدادي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/03/01



كتابة تعليق لموضوع : كنَّاس الفضاء
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : ثواني الفجر ، في 2012/04/07 .

تحية طيبة وتقدير سيدي
ممكن تقبل دعوتي للانضمام لنا بمنتديات العربية الادبية
لنعانق جميل طرحك وعبق مشاعرك وفيض اقلامك
فمثلك نتشرف بانضمامه إلينا حقاً
رابط المنتدى :
http://www.ar8i.net/vb
.
اختك ثواني الفجر




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net