عبادة النبي (صلى الله عليه وآله) في غار حراء
قادتنا كيف نعرفهم

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

كانت عند العرب بقايا من الحنيفية، التي ورثوها من دين النبي إبراهيم (عليه السلام)، فكانوا ـ مع ما هم عليه من الشرك ـ يتمسكون بأمور صحيحة، توارثها الأبناء عن الآباء.
وكان بعضهم أكثر تمسكاً بها من بعض، بل كانت قِلَّة منهم تعاف وترفض ما كان عليه قومها من الشرك، وعبادة الأوثان، وأكل الميتة، ووأد البنات، ونحو ذلك من العادات التي لم يأذن بها الله، ولم يأت بها شرع حنيف.
وكان من تلك الطائفة ورقة بن نوفل، وزيد بن نفيل، ورسولنا (صلى الله عليه وآله).
والذي أمتاز عن غيره بإعتزاله (صلى الله عليه وآله) الناس للتعبُّد، والتفكُّر في غار حِرَاء، فما هو خبره (صلى الله عليه وآله) في هذا الشأن، هذا ما سنقف عليه في المقال التالي:
كان النبي (صلى الله عليه وآله) يتأمَّل منذ صغره، ما كان عليه قومه من العبادات الباطلة، والأوهام الزائفة، التي لم تجد سبيلاً إلى نفسه، ولم تلقَ قبولاً في عقله.
وذلك بسبب ما أحاطه الله من رعاية، وعناية، لم تكن لغيره (صلى الله عليه وآله) من البشر، فبقيت فطرته على صفائها، تنفر من كل شيء غير ما فطرت عليه.

التعبد في الغار
هذا الحال الذي كان عليه (صلى الله عليه وآله) دفع به إلى إعتزال قومه، وما يعبدون من دون الله، وحبَّب الله إليه عبادته بعيداً عن أعين قومه، وما كانوا عليه من عبادات باطلة، وأوهام زائفة.
فكان (صلى الله عليه وآله) يأخذ طعامه، وشرابه، ويذهب إلى غار حِرَاء، كما ثبت في الحديث المُتَّفَق عليه، أنه (صلى الله عليه وآله) قال: جاورت بِحِرَاء شهراً.
وحِراء هو غار صغير، في جبل النور، على بعد ميلين من مكة، فكان (صلى الله عليه وآله)، يقيم فيه الأيام والليالي ذوات العدد.
فيقضي (صلى الله عليه وآله) وقته في عبادة ربه، والتفكَّر فيما حوله، من مشاهد الكون، وهو غير مطمئن لما عليه قومه من عقائد الشرك الباطلة، والتصورات الواهية، ولكن ليس بين يديه (صلى الله عليه وآله) طريق واضح، ولا منهج مُحدَّد، يطمئِنُّ إليه ويرضاه.
وكان اختياره لهذه العزلة، والانقطاع عن الناس بعض الوقت، من الأسباب التي هيَّأها الله تعالى له، لِيعدَّه لما ينتظره من الأمر العظيم، والمهمّة الكبيرة التي سيقوم بها، وهي إبلاغ رسالة الله تعالى للناس أجمعين.
واقتضت حكمة الله تعالى أن يكون أول ما نَزَّل عليه (صلى الله عليه وآله) الوحيَ في هذا الغار.
فهذا ما كان من أمر تعبده (صلى الله عليه وآله)، وإعتزاله قومه، وما كانوا عليه من العبادات والعادات.
وقد أحاطه الله سبحانه بعنايته ورعايته، وهيَّأ له الأسباب التي تعدّه لحمل الرسالة للعالمين.
وهو (صلى الله عليه وآله) في حالِهِ التي ذكرنا ينطبق عليه، قوله تعالى في حق موسى (عليه السلام): (وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي) [طه: 93].
إنّه الإعداد لأمر عظيم، تنوء الجبال بحمله، إنها الأمانة التي كان يُعدُّ (صلى الله عليه وآله) لحملها إلى الناس أجمعين، ليكون عليهم شهيداً يوم القيامة، تحقيقاً لقوله تعالى: (وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلاءِ) [النحل: 89].
فجزاه الله عن أمته، وعن العالمين خير الجزاء، وجمعنا معه (صلى الله عليه وآله) تحت ظِلِّه، يوم لا ظِلَّ إلا ظِلّه.

المصدر : 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


قادتنا كيف نعرفهم

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2024/09/21



كتابة تعليق لموضوع : عبادة النبي (صلى الله عليه وآله) في غار حراء
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net