الدولة العادلة
عبد الحميد الصائح

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

الدولة – العدالة، اكثر مصطلحين شهدا جدلاً في التاريخ الإنساني الفلسفي والسياسي، بين نسبية العدالة أو مطلقيتها، وبين تعدد تعاريف الدولة ودواعي وجودها، هل هي تكوين الهي ؟، ام هي عقد اجتماعي بين البشر لتنظيم شؤونهم ؟. النظريات المعتدلة لا ترى خلافاً في هذا الموضوع، فكل ما يحدث في الوجود هو تحت أعين الله ورقابتِه وتدخله، وعليه فإن التركيز على العقد الاجتماعي للبشر، ومحاولتهم إدارة شؤونهم هو الاساس في هذا الاتجاه .

في الثقافة الشائعة اليوم يرى الكثير ان العدالة كلمة مسالمة، رخوه، وأن فيها رحمة حتى للمجرمين والفاسدين، وهو مفهوم خاطئ دينيا وعرفيا وقانونا، لان الدولة العادلة يفترض أن تكون مخيفة للخارجين على المجتمع، والدولة العادلة يفترض أن تكون مقيَدة ومقيِّدَة بالحقوق المباشرة والقيم المتفق عليها بين جميع أفراد الشعب وليس فئة منه، وأنّ فكرة الظالم العادل إنما هي فكرة استسلامية، لان عدالة الظالم تقوم على اعتبار مصالحه مقياسا للخير والصلاح بين البشر، ولذلك انتشرت في دولنا انواعٌ لاحصر لها من الظالمين.  

وبغض النظر عن رؤيا الدولة فلسفيا، دولة دينية أو عسكرية  أو دولة عوائل أو دولة استبداد أو ديمقراطية، يبقى مفهوم العدالة متجاوزا لجميع التعاريف، لان العدل هو الدولة،. ولذلك حسب علمنا إن القران الكريم نفسه لم يأت في اي من آياته على ذكر (الدولة) صراحة بقدر ما أكد على العدل والعدالة والحكم بالعدل وهو تكريس متقدم لمفهوم الدولة ..لان الدولة بلا عدالة تتحول الى عصابة او عصابات ترى العدل فقط في ضمان مصالحها وحماية أتباعها وعدم خضوعها للقانون العام .وهو بمثابة عودة الى مراحل التوحش المجردة تماما من الضوابط . 

 السؤال ايضا .. هل ان للعدل انواعا ؟ ..وهل ان العدل افكار أم آليات للحكم ؟..  فنظرية العدل الالهي مثلا تختلف عن العدل القانوني القائم على احترام الاتفاقات ..والعدل فيما يتعلق بالتفسير والتأويل الديني .

هذه الاثارات مهمة في عالمنا اليوم، حيث نرى تغييبا وتجهيلا واسعا في صفوف شبابنا الذين يتوهمون الكراهية موقفا معتدلا والعنف حقاً متناسين انهم يؤسسون الى مخاطر تلد اخرى. في سياق هذه الاثارة العاجلة وحسب ظروف العراق الخاصة لابد من صياغة نص (مدني – ديني) موحد حول مفهوم الدولة العادلة، تراعى فيه الحقوق الاساسية على وفق قاعدة الخصوصية ومفهوم الحريات العامة وحرية المعتقد، وأن نبذل جهوداً استثنائية لأنْ يحظى ذلك بالقبول من الحكومات في العراق والدول العربية لان يدرّس في مدارسنا الابتدائية، لتكريس ثقافة التعايش ومنع الاحتراب والتخوين وتصدير ثقافة الكراهية والعنف بشكل مغلوط وخطير .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عبد الحميد الصائح

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2024/09/20



كتابة تعليق لموضوع : الدولة العادلة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net