صفحة الكاتب : د . فاضل حسن شريف

آيات قرآنية في كتاب الامام الحسن السبط للسيد العذاري (ح 3)
د . فاضل حسن شريف

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

جاء في کتاب الإمام الحسن السّبط عليه السلام سيرة وتاريخ للسيد سعيد كاظم العذاري: عن دور الامام الحسن عليه السلام: وفي الكافي والتهذيب عن أبي جعفر عليهما‌ السلام: أنّ أمير المؤمنين عليه‌ السلام سأل فتوى ذلك من ولده الحسن عليه‌ السلام، فقال: (يطلق كلاهما والدية من بيت المال. قال: ولِم ؟ قال لقوله: "وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا" (المائدة 32)). وهذه الرواية تبيّن لنا دور الإمام علي عليه‌ السلام وولده الحسن عليه‌ السلام في حلّ المسائل المستعصية حيث كان عليه‌ السلام يتدخّل مباشرة أو ابتداءً في ذلك باعتباره مسؤولاً عن إدراة شؤون المسلمين وعلاج قضاياهم المستعصية. وعن المفضل بن عمر قال: (قال الصادق عليه‌ السلام: حدّثني أبي عن أبيه عليه‌ السلام أنّ الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما‌ السلام كان أعبد الناس في زمانه وأزهدهم وأفضلهم، وكان إذا حجّ حجّ ماشياً وربما مشى حافياً، وكان إذا ذكر الموت بكى، وإذا ذكر القبر بكى، وإذا ذكر البعث والنشور بكى، وإذا ذكر الممر على الصراط بكى، وإذا ذكر العرض على الله تعالى ذكره شهق شهقة يغشى عليه منها، وكان إذا قام في صلاته ترتعد فرائصه بين يدي ربّه عزّ وجل، وكان إذا ذكر الجنة والنار اضطرب اضطراب السليم ويسأل الله الجنة ويعوذ به من النار، وكان عليه‌ السلام لا يقرأ من كتاب الله عزّ وجل: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا" إلاّ قال: لبّيك اللهمّ لبّيك، ولم ير في شيء من أحواله إلاّ ذاكر الله سبحانه). وروي أنّه: حج خمس عشرة حجّة ماشياً، وخرج لله من ماله مرتين، وقاسم الله ماله ثلاث مرّات . يقول ابن كثير: (وكان علي صلوات الله عليه يكرم الحسن اكراماً زائداً ويعظمه ويبجله، وقد قال له يوماً: يا بني ألا تخطب حتى أسمعك؟ فقال: إنّي أستحي أن أخطب وأنا أراك، فذهب علي فجلس حيث لايراه الحسن، ثم قام الحسن في الناس خطيباً وعليّ يسمع، فأدّى خطبة بليغة فصيحة، فلما انصرف جعل عليّ يقول: "ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيم" (آل عمران 34)).

عن المبايعة للإمام الحسن عليه‌ السلام بالخلافة يقول السيد العذاري في كتابه: أخرج الحاكم عن الإمام علي بن الحسين عليهما‌ السلام، قال: (خطب الحسن بن علي عليهما‌ السلام حين قتل عليّ فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: لقد قبض في هذه الليلة رجل لا يسبقه الأولون بعمل ولا يدركه الآخرون، وقد كان رسول الله صلى‌ الله‌ عليه ‌وآله يعطيه رأيته فيقاتل وجبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره فما يرجع حتى يفتح الله عليه وما ترك على أهل الأرض صفراء ولا بيضاء إلاّ سبع مائة درهم فضلت من عطاياه أراد أن يبتاع بها خادمة لأهله. ثم قال: أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن علي وأنا ابن النبي وأنا ابن الوصي وأنا ابن البشير وأنا ابن النذير وأنا ابن الداعي إلى الله بإذنه وأنا ابن السراج المنير وأنا من أهل البيت الذي كان جبرائيل ينزل إلينا ويصعد من عندنا، وأنا من أهل البيت الذي أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، وأنا من أهل البيت الذي افترض الله مودتهم على كل مسلم، فقال تبارك وتعالى لنبيّه: "قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا" (الشورى 23) فاقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت). ولمّا تمّ خطاب الإمام عليه‌ السلام تقدّم عبدالله بن عباس، وحث المسلمين على مبايعته، وقال: (معاشر الناس، هذا ابن نبيّكم، ووصيّ إمامكم فبايعوه). اجتمعت العساكر إلى معاوية بن أبي سفيان، وسار قاصداً إلى العراق، وبلغ الحسن خبر مسيره، فتحرك لذلك. وبعث حجر بن عدي يأمر العمّال والناس بالتهيؤ للمسير ونادى المنادي الصلاة جامعة، فأقبل الناس يتوثبون ويجتمعون، فقال الحسن عليه‌ السلام إذا رضيت جماعة الناس فاعلمني، وجاء سعيد بن قيس الهمداني فقال: أخرج، فخرج الحسن عليه‌ السلام فصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: (أمّا بعد، فإنّ الله كتب الجهاد على خلقه وسمّاه كرهاً، ثم قال لأهل الجهاد من المؤمنين: "وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِين" (الأنفال 46). فلستم أيّها الناس نائلين ما تحبّون إلاّ بالصبر على ما تكرهون، إنّه بلغني أنّ معاوية بلغه أنا كنّا أزمعنا على المسير إليه فتحرك لذلك، فاخرجوا رحمكم إلى معسكركم بالنخيلة حتى ننظر وتنظروا ونرى وتروا). وخرج الناس فعسكروا ونشطوا للخروج، وخرج الحسن إلى معسكره. ثمّ إنّ الحسن عليه‌ السلام سار في عسكر عظيم وعدة حسنة حتى أتى دير عبد الرحمن فأقام بها ثلاثاً حتى اجتمع الناس، ثمّ دعا عبيدالله بن العباس فقال له: (إذا لقيت معاوية فلا تقاتله حتى يقاتلك، فإن فعل فقاتل، فإن أصبت فقيس بن سعد على الناس).

وعن رقابة الإمام الحسن عليه‌ السلام لممارسات معاوية يقول السيد سعيد كاظم العذاري: كان الإمام الحسن عليه‌ السلام يراقب تصرفات معاوية ويكشف للملأ عن انحرافاته عن المنهج الإسلامي في أفكاره وممارساته. فقد قام خطيباً عليه‌ السلام ومعاوية جالس ـ فقال: (أيّها الناس إنّ معاوية بن صخر زعم: إنّي رأيته للخلافة أهلاً، ولم أر نفسي لها أهلاً، فكذب معاوية، وأيم الله لأنا أولى بالناس في كتاب الله وعلى لسان رسول الله صلى‌ الله‌ عليه ‌وآله، غير إنّا لم نزل أهل البيت مخيفين مظلومين مضطهدين منذ قبض رسول الله صلى‌ الله‌ عليه ‌وآله فالله بيننا وبين من ظلمنا حقّنا) . وفي هذا الخطاب بيّن الإمام عليه‌ السلام إحدى الحقائق الأساسية، وهي تقمّص معاوية ومن بسط يده من نيل ذلك للخلافة زوراً، مع تكذيب مدعياته، وأكّد على إمامة أهل البيت عليهم‌ السلام ونفي الشرعية عن حكم معاوية فلم يخاطبه إلاّ باسمه. وقال عليه‌ السلام ذات يوم لمعاوية: (أما الخليفة فمن سار بسيرة رسول الله صلى‌ الله‌ عليه ‌وآله وعمل بطاعة الله عزّوجلّ، ليس الخليفة من سار بالجور وعطّل السنن واتخذ الدنيا أمّاً وأباً، ولكن ذلك أمرَ ملْكٍ أصابَ مَلِكاً، فتمتع به قليلاً، وكان قد انقطع عنه وضم لذته، وبقيت عليه تبعته، وكان كما قال الله تبارك وتعالى: "وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَّكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ" (الأنبياء 111)، وأومأ بيده إلى معاوية، ثم قام عليه‌ السلام فانصرف).


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . فاضل حسن شريف
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2024/08/30



كتابة تعليق لموضوع : آيات قرآنية في كتاب الامام الحسن السبط للسيد العذاري (ح 3)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net