الامام الحسن كريم أهل البيت: مفهوم كريم في القرآن الكريم (ح 3)
د . فاضل حسن شريف

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

عن تفسير الميسر: قوله تعالى عن كريم "إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ" ﴿التكوير 19﴾ كريم صفة، رَسُولٍ كَرِيمٍ: جبريل عليه السلام. أقسم الله تعالى بالنجوم المختفية أنوارها نهارًا، الجارية والمستترة في أبراجها، والليل إذا أقبل بظلامه، والصبح إذا ظهر ضياؤه، إن القرآن لَتبليغ رسول كريم هو جبريل عليه السلام، ذِي قوة في تنفيذ ما يؤمر به، صاحبِ مكانة رفيعة عند الله، تطيعه الملائكة، مؤتمن على الوحي الذي ينزل به. قوله سبحانه "إِن تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلًا كَرِيمًا" ﴿النساء 31﴾ مُدْخلاً كريمًا: مكانًا حسنًا شريفًا و هو الجنَّة. إن تبتعدوا أيها المؤمنون عن كبائر الذنوب كالإشراك بالله وعقوق الوالدين وقَتْلِ النفس بغير الحق وغير ذلك، نكفِّر عنكم ما دونها من الصغائر، وندخلكم مدخلا كريمًا، وهو الجنَّة.

وعن تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله تعالى عن كريم "خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ۖ وَأَلْقَىٰ فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ ۚ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ" ﴿لقمان 10﴾ "وألقى في الأرض رواسي" أي جبالا ثابتة "أن تميد بكم" أي كراهة أن تميد بكم وقيل لئلا تميد بكم "وبث فيها" أي فرق فيها أي في الأرض "من كل دابة" تدب على وجهها من أنواع الحيوانات "وأنزلنا من السماء ماء" أي غيثا ومطرا "فأنبتنا فيها" أي في الأرض بذلك الماء "من كل زوج" أي صنف "كريم" أي حسن النبتة طيب الثمرة. قوله جل كرمه "لَّا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ" ﴿الواقعة 44﴾ أي لا بارد المنزل ولا كريم المنظر عن قتادة وقيل لا بارد يستراح إليه لأنه دخان جهنم ولا كريم فيشتهى مثله وقيل ولا كريم أي ولا منفعة فيه بوجه من الوجوه والعرب إذا أرادت نفي صفة الحمد عن شيء نفت عنه الكرم وقال الفراء العرب تجعل الكريم تابعا لكل شيء نفت عنه وصفا تنوي به الذم تقول ما هو بسمين ولا كريم وما هذه الدار بواسعة ولا كريمة.

وعن تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله تعالى عن كريم "الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ ۖ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ ۚ أُولَـٰئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ ۖ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ" ﴿النور 26﴾ ظهر بما تقدم: أولا: أن الآية عامة بحسب اللفظ تصف المؤمنين والمؤمنات بالطيب ولا ينافي ذلك إختصاص سبب نزولها وانطباقها عليه. وثانيا إنها تدل على كونهم جميعا محكومين شرعا بالبراءة عما يرمون به ما لم تقم عليه بينة. وثالثا: أنهم محكومون بالمغفرة والرزق الكريم كل ذلك حكم ظاهري لكرامتهم على الله بإيمانهم، والكفار على خلاف ذلك.. قوله عز وجل "فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ ۖ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَـٰذَا بَشَرًا إِنْ هَـٰذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ" ﴿يوسف 31﴾ لكن الذي شاهدنه على المفاجأة من حسن يوسف نسخ ما قدرنه من قبل في أنفسهن وبدل مجلس الأدب والاحتشام حفلة عيش لا يكتم محتفلوها من أنفسهم ضميرا، ولا يبالي حضارها ما قيل أويقال فيهم ولم يلبثن دون أن "قلن حاش لله ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم".

الامام علي عليه السلام وأولاده ومنهم الإمام الحسن عليه السلام كريم اهل البيت الا رمز إعطاء الصدقة "وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا" (الإنسان 8-9) و"وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ" (الذاريات 19). كان الامام الحسن عليه السلام كريم اهل البيت يساعد المحتاجين والايتام ومعروف بتكراره لحج بيت الله الحرام. لكرامة الامام الحسن عليه السلام عند الله تعالى جعل ذريته منتشرة غرب الارض في المغرب وهم الادارسة والمشرق في الحجاز والعراق واحفاد السيد عبد العظيم في ايران.

عن موقع شفقنا العربي الإمام الحسن المجتبى كريم أهل البيت للشيخ عبدالله اليوسف: قد واجه الإمام الحسن المجتبى عليه السلام، في حياته الكثير من المعاناة والألم والمحن، وتحمل من صنوف الأذى النفسي والعنف المعنوي الشيء الكثير. الإمام أبي محمد الحسن بن علي بن أبي طالب، الثاني من أئمة أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، وسيد شباب أهل الجنة، وأحد الثقلين الذي من تمسك بهما نجا، ومن تخلف عنهما غرق وهوى، تربى في أحضان جده رسول الله، وتغذى من بيت الإمامة في ظل والده الإمام علي بن أبي طالب، فجمع في شخصيته شرف النبوة والإمامة، وشرف النسب والحسب. أبعاد شخصيته العظيمة: وقد تميز الإمام الحسن المجتبى بالحلم والسماحة والجود والكرم حتى سُمي بكريم أهل البيت لكثرة سخائه وكرمه وعطائه، واهتمامه بالفقراء والمحتاجين والمعوزين. وشخصية بحجم الإمام الحسن الزكي بحاجة للكثير من الدراسات التحليلية لمعرفة أبعاد شخصيته العظيمة، والظروف التي عايشها في حياته، وما تركه من آثار أخلاقية واجتماعية وفكرية وعقائدية للأجيال المتعاقبة، فالإمام الحسن شخصية كبيرة، وقد عاش إرهاصات نشر الإسلام في ظل جده الرسول الأكرم، كما تحمل المعاناة والآلام والشدائد في سبيل تثبيت دعائم الإسلام وأركانه، وشاهد وشارك وجاهد في تحمل المسؤولية في مواجهة الناكثين والفاسقين والمارقين في عهد والده الإمام علي بن أبي طالب.

عن مركز الامام الحسن للدراسات التخصصية كرم الإمام الحسن عليه السلام: روي أنَّ رجلاً جاء إلى الإمام الحسن عليه السلام و سأله حاجة، فقال عليه السلام له: ( يا هذا، حَقّ سؤالك إيّاي يعظم لديَّ، ومعرفتي بما يجب تكبر عليَّ، ويدي تعجز عن نَيلك بما أنت أهله، والكثير في ذات الله عزَّ وجلَّ قليل، وما في ملكي وفاء بشكرك، فإن قبلت منّي الميسور، ورفعت عنِّي مؤونة الاحتيال والاهتمام، لما أتكلَّفه من واجبك فعلت ). فقال: يا بن رسول الله، أقبل القليل، وأشكر العطية، وأعذر على المنع، فدعا الإمام عليه السلام بوكيله، وجعل يحاسبه على نفقاته حتّى استقصاها، فقال عليه السلام: (هات الفاضل من الثلاثمِائة ألف درهم). فأحضر خمسين ألفاً، فقال عليه السلام: (فما فُعِل بالخمسمِائة دينار)؟ قال: هي عندي، فقال عليه السلام: (أحضِرها)، فأحضرها، فدفع عليه السلام الدراهم والدنانير إلى الرجل، وقال: (هَات من يَحملها). فأتاهُ بِحمَّالين، فدفع الإمام الحسن عليه السلام إليهم رداءه كأجور الحمل، فقال له مواليه: والله ما عندنا درهم، فقال عليه السلام: (لِكَي أرجو أن يكون لي عند الله أجر عظيم). روي أنّه عليه السلام اشترى بستاناً من قوم من الأنصار بأربعمِائة ألف، فبلغه أنّهم احتاجوا ما في أيدي الناس، فردَّه إليهم. روي أنّه عليه السلام سمع رجلاً يسأل رَبَّه أن يرزقه عشرة آلاف درهم، فانصرف الإمام الحسن عليه السلام إلى منزله، وبَعَثَ بها إليه. روي أنّه قيل ذات مرّة للإمام عليه السلام: لأيِّ شيء لا نراك تردُّ سائلاً ؟ فقال عليه السلام: ( إنِّي للهِ سائل، وفيه راغب، وأنا أستحي أن أكون سائلاً، وأَرُدُّ سائلاً، وإنَّ الله عَوَّدني عادة، أن يفيض نعمه عليّ، وعَوَّدتُه أن أفيض نِعَمه على الناس، فأخشى إن قطعت العادة أن يمنعني العادة ).

الموضوع السابق العنف الأسري من منظور عقلاني

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat