آيات قرآنية من كتاب الحسين في مواجهة الضلال للسيد سامي البدري (ح 4)
د . فاضل حسن شريف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . فاضل حسن شريف

جاء في کتاب الحسين عليه السلام في مواجهة الضلال الأموي وإحياء سيرة النبي صلّى الله عليه وآله وعلي عليه السلام للسيد سامي البدري: عن ادّعاء معاوية الخلافة عن الله تعالى: وإذا رجعنا إلى كتب التاريخ وكتب الشعر نجد ما يلي: روى البلاذري قال: حدّثني محمّد بن سعد، عن الواقدي، عن يزيد بن عياض، قال: قال معاوية: الأرض لله، وأنا خليفة الله، فما أخذت فلي، وما تركته للناس، فبفضل منّي. وفي ضوء ذلك يتّضح: أنّ معاوية هو المؤسس لهذه البدعة في الحكم، وقد استفاد من أصل أسلامي صحيح أشار إليه القرآن في قوله تعالى: "يا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ" (ص 26). وأشارت إليه الأحاديث النبويّة الصحيحة التي انتشرت في عهد علي عليه السلام وولده الحسن عليه السلام، وهو توصيف الأنبياء وأوصيائهم بكونهم خلفاء الله في الأرض، يبيّنون للناس دينه نيابة عنه، ومن هنا كانت طاعة هؤلاء الأنبياء وأوصيائهم رأس الدين، سواء كانوا في موقع الحكم والسلطة فعلاً أم لم يكونوا، لأنّهم المفتاح إلى معرفة دين الله تعالى، وصار المطيع لهم وليّاً لله، والعاصي لهم عاصيّاً لله تعالى. إظهار بني اُميّة على أنّهم أئمّة الهدى بعد النبي، وفرض طاعتهم وولايتهم، ووضع الأحاديث الكاذبة فيهم تمدحهم وتثني عليهم، بينما كان بنو اُميّة الأعداء الألداء للرسول، وقد دخلوا الإسلام بعد الفتح، وجعلهم القرآن كطبقة ثانية كما قال تعالى: "لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنْ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ" (الحديد 10)، ولعن الرسول رموزهم بعد دخولهم الإسلام لما ظهر منهم. فأهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم هم أزواج النبي صلى الله عليه وآله، وليس علياً وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام، وقرابة النبي صلى الله عليه وآله الذين أوجب الله تعالى مودّتهم أجراً للرسالة هم بنو اُميّة وليس أهل البيت عليهم السلام، والشاهد في قوله تعالى: "وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ" (هود 17) ليس علياً عليه السلام بل جبرئيل عليه السلام، وغير ذلك.
وعن الحسين عليه السلام لا يبايع ليزيد يقول السيد البدري حفظه الله: وفي رواية البلاذري: إنّ الوليد لمّا بعث إلى الحسين عليه السلام لم يأته الحسين عليه السلام وامتنع بأهل بيته وبمَنْ كان على رأيه، وفعل ابن الزبير مثل ذلك، وبعث الحسين عليه السلام أن كُفّ حتّى ننظر وتنظروا ونرى وتروا. وخرج الحسين عليه السلام ليلة الأحد ليومين بقيا من رجب سنة ستين. وفي رواية الواقدي قال: لمّا دُعي الحسين عليه السلام وابن الزبير إلى البيعة ليزيد أبيا، وخرجا من ليلتهما إلى مكّة. روى أبو مخنف عن عبد الملك بن نوفل بن مساحق، عن أبي سعيد المقبري قال: لمّا سار الحسين عليه السلام نحو مكّة قال: "فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً يَتَرَقَّبُ قالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ" (القصص 18). فلمّا دخل مكّة قال: "وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ قالَ عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ" (القصص 22). قال الطبري: وعزل يزيد الوليد بن عتبة عن المدينة، عزله في شهر رمضان فأقرّ عليها عمرو بن سعيد الأشدق.
وعن موقف السلطة الاُمويّة من حركة الحسين عليه السلام يقول السيد سامي البدري في كتابه: قال أبو مخنف: حدّثني الحارث بن كعب الوالبي، عن عقبة بن سمعان قال: لمّا خرج الحسين من مكّة اعترضته رسل عمرو بن سعيد بن العاص، عليهم يحيى بن سعيد، فقالوا له: انصرف أين تذهب؟ فأبى عليهم ومضى، وتدافع الفريقان، فاضطربوا بالسياط، ثمّ إنّ الحسين وأصحابه امتنعوا منهم امتناعاً قوياً، ومضى الحسين عليه السلام على وجهِِهِ، فنادوه: يا حسين، ألا تتقي الله؟ تخرج من الجماعة وتفرّق بين هذه الأمّة؟ فتأوَّل حسين قول الله عزّ وجلّ: "وإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُون" (يونس 41). روى الطبري، قال هشام، عن عوانة بن الحكم، عن لَبَطَة بن الفرزدق بن غالب، عن أبيه قال: حججت بأمّي، فأنا أسوق بعيرها حين دخلت الحرم في أيام الحجّ وذلك في سنة ستين إذ لقيت الحسين بن علي عليه السلام خارجاً من مكّة معه أسيافه وأتراسه، فقلت: لمَنْ هذا القطار؟ فقيل: للحسين بن علي عليه السلام. فأتيته فقلت: بأبي واُمّي يابن رسول الله ما أعجلك عن الحج؟ فقال: (لو لم أعجل لأُخذت).
وعن شهادة مسلم بن عوسجة يقول السيد البدري حفظه الله: قال: ثمّ إنّ عمرو بن الحجّاج حمل على الحسين عليه السلام في ميمنة عمر بن سعد من نحو الفرات، فاضطربوا ساعة، فصرع مسلم بن عوسجة الأسدي أوّل أصحاب الحسين عليه السلام، ثمّ انصرف عمرو بن الحجّاج وأصحابه وارتفعت الغبرة، فإذا هم به صريع، فمشى إليه الحسين عليه السلام فإذا به رمق، فقال: رحمك ربّك يا مسلم بن عوسجة "فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً" (الأحزاب 23). ودنا منه حبيب بن مظاهر فقال: عزَّ عليَّ مصرعك يا مسلم، أبشر بالجنّة. فقال له مسلم قولاً ضعيفاً: بشّرك الله بخير. فقال له حبيب: لولا أنّي أعلم أنّي في أثرك، لاحق بك من ساعتي هذه لأحببت أن توصيني بكلّ ما أهمَّك، حتّى أحفظك في كلّ ذلك بما أنت أهل له في القرابة والدين. قال: بل أنا أوصيك بهذا رحمك الله ـ وأهوى بيده إلى الحسين عليه السلام ـ أن تموت دونه. قال: أفعل وربّ الكعبة.
وعن شهادة بقية الأصحاب الحسين عليه السلام يقول السيد سامي البدري في كتابه: فلمّا رأى أصحاب الحسين عليه السلام أنّهم قد كُثِروا، وأنّهم لا يقدرون على أن يمنعوا حسيناً ولا أنفسهم تنافسوا في أن يُقتلوا بين يديه، وجاء الفتيان الجابريان، سيف بن الحارث بن سريع ومالك بن عبد بن سريع، وهما ابنا عمّ وأخوان لأمّ، فأتيا حسيناً فدنوا منه وهما يبكيان. فقال: (أي ابنَي أخي، ما يبكيكما؟ فوالله إنّي لأرجو أن تكونا عن ساعة قريرَي عين). قالا: جعلنا الله فداك لا والله ما على أنفسنا نبكي، ولكنّا نبكي عليك، نراك قد أُحيط بك ولا نقدر على أن نمنعك. فقال: (جزاكما الله يا بني أخي بوجدكما من ذلك، ومواساتكما إيّاي بأنفسكما أحسن جزاء المتقين). قال: وجاء حنظلة بن أسعد الشبامي فقام بين يدي الحسين عليه السلام فأخذ ينادي: (وقالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الأَْحْزابِ * مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ * ويا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنادِ * يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ ما لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ" (غافر 30-33). يا قوم، لا تقتلوا حسيناً فيسحتكم الله بعذاب، وقد خاب مَنْ افترى. فقال له الحسين عليه السلام: (يابن أسعد رحمك الله، إنّهم قد استوجبوا العذاب حين ردّوا عليك ما دعوتهم إليه من الحقّ، ونهضوا إليك ليستبيحوك وأصحابك، فكيف بهم الآن وقد قتلوا إخوانك الصالحين؟). قال: صدقت، جُعلت فداك، أنت أفقه منّي وأحقّ بذلك، أفلا نروح إلى الآخرة ونلحق بإخواننا؟ فقال: (رُح إلى خير من الدنيا وما فيها، وإلى ملك لا يبلى). فقال: السلام عليك أبا عبد الله، صلى الله عليك وعلى أهل بيتك، وعرّف بيننا وبينك في جنته. فقال: (آمين آمين). فاستقدم فقاتل حتّى قُتل.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat