صفحة الكاتب : رملة الخزاعي

المواكب الحسينية.. جذورها ومراحل تطورها
رملة الخزاعي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

تنوعت صور المواكب الحسينية من وقت لآخر ومن مكان لآخر، وتطورت عبر الأزمنة المختلفة، فكانت قديماً عبارة عن تجمعات يتصدرها المعصوم تلقى فيها قصائد تذكر مصيبة الإمام الحسين (عليه السلام).

المواكب الحسينية سمة من سمات العزاء، وجذوة التحدي، وصورة من صور الصمود، وتجسيد لعاطفة الحب والولاء، بل هي من العوامل التي تحرك عواطف الإنسان، وتشحن الهمم وتوحد الصف، وهي رسالة إلى كل الشعوب أننا كما نخلد ذكر الحسين في مواكبنا نخلده في قلوبنا لأنه رجل الإنسانية.

جذور المواكب يبذرها المعصوم
تنوعت صور المواكب الحسينية عبر التاريخ، فكانت قديماً عبارة عن تجمعات يتصدرها المعصوم تلقى فيها قصائد تذكر مصيبة الإمام الحسين(عليه السلام).

ورسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أول من بكى الحسين (عليه السلام) مع أهل بيته (عليهم السلام)، في التاريخ إن رسول الله بكى الحسين (عليه السلام) ولعل حادثة التربة الحسينية التي أعطاها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لأم سلمة خير شاهد على ذلك، والمعصومون من بعده أكملوا المسيرة لهذه الشعائر .

ومن أوضح الصور التي نقلتها الروايات التاريخية هو بكاء زين العابدين على أبيه الحسين (عليه السلام) ومن بعده الإمامين الباقر والصادق (عليهما السلام) وما ورد عنهما من حث على إحياء الأمر، ومن الحوادث ما جرى بين الإمام الرضا (عليه السلام) وبين دعبل الخزاعي وتائيته المشهورة.

شهادات من التاريخ
وقد اتخذت هذه المواكب صوراً عبر التاريخ فتحولت من تجمعات إلى تحركات جماهيرية تبعث روح الثورة في نفوس الشيعة وهذا ما جعل من يحيي ذكر الإمام الحسين (عليه السلام) في خطر، فقد دفعوا الضرائب الباهضة لا لسبب سوى لأنهم حملوا الحسين شعاراً في ممارستهم السلمية، وهذا ما أقض مضاجع العروش الظالمة.

في التاريخ صور للمواكب فهذا ياقوت الحموي وابن خلكان في وفيات الأعيان ذكرا مجالس النياحة التي كانت تقام على الحسين (عليه السلام) في بيوت العلويين والشيعة وخلال القرن السابع للهجرة أصبحت قراءة مقتل الإمام الحسين (عليه السلام) عادة سارية يوم عاشوراء وكان المستنصر بالله العباسي قد أمر عماله بمنع الناس من قراءة المقتل.

وذكر ابن الجوزي أن اللطم جرى يوم عاشوراء بحدود منتصف القرن الخامس الهجري ويذكر أنها أول إشارة من التاريخ بوجود لطم على الامام الحسين (عليه السلام) وذكر المؤرخون أحداثًا تفيد أن ممارسات ذكر الحسين (عليه السلام) تنوعت عبر الأزمنة.

يقول ابن الجوزي: أن معز الدولة البويهي قد أمر بغلق الأسواق ووضعت الجرار مغلقة باللباد في الشوارع والطرقات لسقي عابر السبيل والعطشان وكانت النسوة يولولن ويبكيْن حزناً على الحسين (عليه السلام).

المواكب الحسينية.. اتساع وتطور
مع انتشار التشيع في كل بقاع الأرض انتشرت ممارسات إحياء ذكر أهل البيت (عليهم السلام) حسب الثقافة والبيئة، ففي العصور القديمة بدأت المواكب الحسينية تنتشر في إيران والهند وأذربيجان التركية والأناضول وبعض مناطق سيبريا، فيذكر المقريزي في خططه أن صور العزاء كانت منذ أيام الإخشيديين واتسعت أكثر في أيام الدولة الفاطمية.

فكانت تعطل الأسواق وتتجمع الناس في الأزقة والطرقات العامة ويعلو بكاؤهم ونحيبهم وترتفع الأصوات منشدة أبيات الشعر التي تجسد واقعة كربلاء، ويذكر أيضًا في مصر في حكم الفاطميين أنه اتخذ يوم عاشوراء يوماً يحتفى فيه بذكرى الحسين (عليه السلام) وتطورات صورة المواكب فبعد أن كانت تجمعات تذكر فيها مصيبة الحسين صارت مسيرات حاشدة أشبه بالمظاهرات السلمية اليوم يعلن بها عن الرفض للظلم والاستبداد وعدم الرضوخ للظلمة ومتخذين من عاشوراء يوماً لرفض كل أنواع التسلط والعنف.

حيث يكون الناس على مجموعات يحملون الرايات السوداء علامة للحزن ورايات حمراء علامة للثأر ولافتات تكتب عليها أسماء هذه التجمعات أو تكتب عليها شعارات كربلاء التي أطلقها الإمام الحسين عليه السلام في عاشوراء، فأصبح الموكب ينقسم نصفين وفي وسطه الطبول التي تدل على الاستعداد للحرب وينفخ في الأبواق، ثم بعد ذلك أصبحوا يحملون الزنجيل تضرب بها الظهور ويتشحون بالسواد دلالة على الحزن.

وأسست إلى جانب ذلك هيأة تقدم الماء والطعام لهؤلاء المعزين، وتعد زيارة الأربعين صورة حية من صور إحياء الذكر، وذكرت الروايات أن هذه الزيارة من علامات المؤمن.

ولم تنقطع المسيرات عبر التاريخ رغم التهديدات والقتل والخطر، وازدادت المسيرات بمرور الوقت حتى أصبحت السنوات الأخيرة تعد بالملايين وما يقدم لها من خدمات يزداد بازدياد أعداد الزائرين.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


رملة الخزاعي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2024/07/19



كتابة تعليق لموضوع : المواكب الحسينية.. جذورها ومراحل تطورها
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net