لماذا لم يستخدم الامام الحسين عليه السلام التقية في واقعة الطف؟ (ح 1)
د . فاضل حسن شريف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . فاضل حسن شريف

قال الباقر عليه السلام فيما رواه الكليني في أصول الكافي: انما حلت التقية ليحقن بها الدم فإذا بلغ الدم فليس تقية. و حكى الامام الرازي عن مجاهد: الحكم يعني في التقية بالجواز كان ثابتا في أول الإسلام فاما بعد قوة دولة الإسلام فلا. قال و روى عوف عن الحسن ان التقية جائزة للمؤمنين إلى يوم القيامة و هذا القول اولى لان دفع الضرر عن النفس واجب بقدر الإمكان.
جاء في موقع حوزة الهدى للدراسات الاسلامية عن لماذا لم يعمل الحسين عليه السلام بالتقية لسماحة الشيخ محمّد صنقور: أعتقد أنَّ القارئ الكريم يُدرك مستوى الخطورة المترتِّبة على تأصيل المفهوم الذي روَّج له بنو أميَّة، وهو وجوب الطاعة للسلطان وإنْ جار وظلم وأشاع الفساد والضلال، ذلك لأنَّ هذا المفهوم يُهدِّد بتقويض كلِّ بُنَى الإسلام وقيمه، حيثُ إنَّ للسلطان ممارسة دور التضليل والتجهيل وترويج المفاهيم المنافية للدين وتأصيلها بواسطة الوسائل الكثيرة المتاحة له ولا يجد مَنْ يقف في وجهه، ذلك لأنَّ المفترض أنَّ الوقوف في وجهه ينافي وجوب الطاعة المفروضة على الأمَّة. وبذلك يسير النظام الفاسد بالأمَّة نحو الانحدار تدريجيّاً حتًّى يصل الأمرُ إلى حدٍّ تكون معه الأمَّة قد فقدت هويَّتها ولم يبقَ عندها مِن الإسلام إلاَّ اسمه. وهكذا الحال فيما يتَّصل بالجانب القيمي والأخلاقي فإنَّه لمَّا كان قادراً على تسخير كلّ وسائل الإغراء والانحلال والتفسيق وإشاعة الفاحشة مع تعطيل الحدود والتعزيرات في الوقت الذي لا يخشى مِن المواجهة بعد افتراض وجوب الطاعة فإنَّ مصير الأمَّة عندئذٍ هو التحلُّل تدريجيّاً مِن كلِّ القيم والمبادئ الأخلاقيَّة التي حرص الإسلام على تمثُّلها والعمل وفق ضوابطها. وإذا قيل إنَّ وجوب الطاعة لا يعني إلغاء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإنَّ للعلماء أنْ يمارسوا هذا الدور ويُعرِّفوا الناس معالم الإسلام. قلنا: إنَّ العلماء مهما بذلوا مِن جهد فإنَّهم لن يمتلكوا الوسائل التي يمتلكها السلطان بعد أنْ كان زمام الأمور بيده وخزائن الأمَّة في قبضته، وبعد أنْ كان على الناس أنْ توفِّيَه حقَّه دون أنْ تكون لهم المطالبة بحقوقهم، فالزكوات والخراج وموارد البلاد إنَّما تجبى للسلطان، فله أنْ يعطي مَنْ يشاء ويمنع مَنْ يشاء، على أنَّ له أنْ يمنع العلماء عن الجأر بالحقِّ أو يُضيِّق عليهم، وليس لهم حينئذٍ أنْ يشقُّوا عصا الطاعة. فلو أنَّ السلطان أغفلهم بل لو أذِن لهم أنْ يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر ومارس في المقابل دور التضليل والتجهيل وإشاعة الفساد فإنَّ أثر دوره سيكون أبلغ، وذلك لامتلاكه كلَّ منابع القوَّة القادرة على تمرير كلِّ مخطَّطاته ومآربه، كيف والحال أنَّ له أنْ يمنع العلماء عن ممارسة دورهم أو يُضيِّق عليهم في ذلك. إذن فالنتيجة أنَّ بني أميَّة لو لم يُمارسوا سوى دور التأصيل لمفهوم وجوب الطاعة للسلطان واعتبار ذلك مِن الدين لكان ذلك كافيًا في تعريض كلِّ مبادئ الإسلام وقيمه للخطر الحتمي.
جاء عن مركز الاشعاع الاسلامي للشيخ علي آل محسن لماذا لم يعمل الامام الحسين بالتقية؟ نص الشبهة: قد يتساءل البعض، فيقول: لماذا لم يعمل الإمام الحسين بالتقية ؟ ولماذا لم يعتمد الخيار السلمي في مواجهة بني أمية ؟ فإن البعض يقول: إن الإمام الحُسين قد فرّق صفوف المسلمين بخروجه على خليفة المسلمين في ذلك الوقت. الجواب: ويمكن إيضاح هذا الأمر بجوابين اثنين: 1 ـ أن التقية إنما شُرِّعت لحفظ النفوس والأعراض والدماء، فعندما يدور الأمر بين حفظ هذه الأمور المهمة وحفظ غيرها مما هو دونها أهمية، فإنه يجب العمل بالتقية حفظاً للنفوس، والأموال، والأعراض، وعلى ذلك كانت سيرة الأئمة الأطهار عليهم السلام، فقد روى صاحب الوسائل 7 / 95 عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام أنه قال: دخلتُ على أبي العباس ـ وهو السفاح ـ بالحيرة، فقال: يا أبا عبد الله ما تقول في الصيام اليوم؟ فقال: ذاك إلى الإمام، إن صمتَ صمنا، وإن أفطرتَ أفطرنا . فقال: يا غلام، عليَّ بالمائدة، فأكلت معه وأنا أعلم والله أنه يوم من شهر رمضان، فكان إفطاري يوماً وقضاؤه، أيسرَ عليَّ من أن يضرب عنقي ولا أعبد الله . ولكن إذا دار الأمر بين حفظ الدين وحفظ النفس كان حفظ الدين أولى، ولأجل ذلك بذل الأنبياء وأئمة الدين عليهم السلام مهجهم الشريفة حفظاً للدين ورعاية له، وما أحسن ما قاله الشاعر حكاية لحال الإمام الحسين عليه السلام، حيث قال: إن كان دينُ محمدٍ لم يستقمْ إلا بقتلي يا سيوفُ خذيني. 2 ـ أن الإمام الحسين عليه السلام لم يخرج محارباً، أو شاهراً سيفه، وقد أوضح عليه السلام سبب خروجه إلى كربلاء في أحدى كلماته، فقال: (ما خرجت أشراً، ولا بطراً، ولا مفسداً، ولا ظالماً، وإنما خرجتُ لطلب الإصلاح في أمة جدِّي، أريد أن آمر بالمعروف، وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدِّي وأبي علي بن أبي طالب، فمن قبلني بقبول الحق، فالله أولى بالحق، ومن ردَّ عليَّ هذا أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق، وهو خير الحاكمين) . ولذلك بذل الإمام عليه السلام جهداً مضنياً للحيلولة دون وقوع الحرب بينه وبين أتباع بني أمية، فعرض عليهم أن يتركوه يرجع من حيث أتى، فأبوا عليه ذلك، فعرض عليهم أن يذهب إلى ثغور المسلمين، فرفضوا، ثم عرض عليهم ـ كما في بعض الروايات ـ أن يتركوه يذهب إلى يزيد . لكنهم رفضوا كل ذلك، وخيروه بين بيعة يزيد وبين الحرب، ولذلك قال الإمام الحسين عليه السلام: ألا إن الدَّعِيَّ ابن الدعي، قد ركز بين اثنتين: بين السَّلة والذلة، وهيهات منا الذلة، يأبى الله لنا ذلك، ورسوله، والمؤمنون، وجحور طابت، وأرحام طهرت، ونفوس أبيَّة، وأنوف حميَّة، من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام . وحيث إنه لا يجوز للإمام الحسين عليه السلام أن يبايع يزيد بن معاوية، كما قال عليه السلام: (إنا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة، ومختلف الملائكة، بنا فتح الله، وبنا ختم، ويزيد رجل فاسق، شارب الخمر، قاتل النفس المحترمة، معلن بالفسق، ومثلي لا يبايع مثله)، لذلك لم يجد الإمام الحسين عليه السلام بدا من الدفاع عن نفسه وعن حريمه . والنتيجة، أن الإمام الحسين عليه السلام قد ألجئ إلى القتال إلجاءً، لا اختياراً منه ورغبة.
لم يعمل أخ الامام الحسين الامام الحسن عليهما السلام بالتقية مع معاوية كما جاء في کتاب أضواء على التقيّة للمؤلف السيد علي الصدر: كما تلاحظ ذلك في الاحتجاج الصارخ الذي احتجّ به سيّدنا الامام الحسن المجتبى عليه السلام، وصكّ به مسامع الطواغيت معاوية وأذنابه الذي التفّوا حوله، حتّى أخزاهم وسوّد الفضاء عليهم بلا خوف ولا تقيّة، وبكلّ قدرة وقوّة وذلك حين اجتمع عند معاوية عمرو بن عثمان بن عفّان، وعمرو بن العاص، وعتبة بن أبي سفيان، والوليد بن عقبة بن أبي المعيط، والمغيرة بن شعبة. وقد اجتمعوا على باطل واحد، ووقعوا بالسب في مولى الموحدين وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، فتكلّم سيّدنا الامام الحسن عليه السلام بكلّ صراحة، وبمنتهى الشجاعة وبدون أدنى تقية، فقال ما نصّه: (الحمد لله الّذي هدى أوّلكم بأوّلنا وآخركمم بآخرنا وصلّى الله على سيّدنا محمّدٍ النّبيّ وآله وسلّم). ثمّ قال: (اسمعوا منّي مقالتي وأعيروني فهمكم. وبك أبدأُ يا معاوية، ثمّ قال لمعاوية: إنّه لعمر الله يا أزرق ما شتمني غيرك وما هؤلاء شتموني، ولا سبّني غيرك وما هؤلاء سبّوني ولكن شتمتني، وسببتني فحشاً منك وسوء رأيٍ وبغياً وعدواناً وحسداً علينا وعداوةً لمحمّدٍ صلى الله عليه وآله قديماً وحديثاً. وإنّه والله لو كنت أنا وهؤلاء يا أزرق مشاورين في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وحولنا المهاجرون والأنصار ما قدروا أن يتكلّموا بمثل ما تكلّموا به ولا استقبلوني بما استقبلوني به. فاسمعوا منّي أيّها الملأُ المخيّمون المعاونون عليّ، ولا تكتموا حقّاً علمتموه، ولا تصدّقوا بباطلٍ نطقت به، وسأبدأ بك يا معاوية فلا أقول فيك إلّا دون ما فيك. أنشدكم بالله هل تعلمون أنّ الرّجل الّي شتمتموه صلّى القبلتين كلتيهما وأنت تراهما جميعاً ضلالةً تبعد اللّات والعزّى، وبايع البيعتين كلتيهما بيعة الرّضوان وبيعة الفتح؟ وأنت يا معاوية بالأُولى كافرٌ وبالأُخرى ناكثٌ). ثمّ قال: (أنشدكم بالله هل تعلمون أنّما أقول حقّاً إنّه لقيكم مع رسول الله صلى الله عليه وآله يوم بدرٍ ومعه راية النّبيّ صلى الله عليه وآله ومعك يا معاوية راية المشركين تعبد اللّات والعزّى وترى حرب رسول الله صلى الله عليه وآله والمؤمنين فرضاً واجباً، ولقيكم يوم أحدٍ ومعه راية النّبيّ صلى الله عليه وآله ومعك يا معاوية راية المشركين، ولقيكم يوم الأحزاب ومعه راية النّبيّ صلى الله عليه وآله ومعك ـ يا معاوية ـ راية المشركين، وكلّ ذلك يفلج الله حجّته، ويحقّ دعوته، ويصدّق أحدوثته، وينصر رايته، وكلّ ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله يرى عنه راضياً في المواطن كلّها ساخطاً عليك. ثمّ أنشدكم بالله ّ يرى هل تعلمون أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله حاصر بني قريظة وبني النّضير، ثمّ بعث عمر بن الخطّاب ومعه راية المهاجرين وسعد بن معاذٍ ومعه راية الأنصار. فأمّا سعد بن معاذٍ ؛ فجرح وحمل جريحاً، وأمّا عمر، فرجع وهو يجبّن أصحابه ويجبّنه أصحابه. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لأعطينّ الرّاية غداً رجلاً يحبّ الله ورسوله، ويحبّه الله ورسوله، كرّار غير فرّار، ثمّ لا يرجع حتّى يفتح الله عليه.
جاء في موقع براثا عن الكاتب سامي جواد كاظم: هنالك مواقف صلبة للامام الحسين عليه السلام ضد الطغاة الامويين منهم مروان وابن العاص قد يعتقد المسلم ان هذه المواقف لا تدل على ان الحسين عليه السلام كان يستخدم التقية وهذا امر مغلوط، لان استخدام الرد والتقية يكون بمعايير اعرف بها الامام المعصوم وان التقية هي اصلا خوفا على شيعة ال البيت اكثر مما هي على ال البيت انفسهم فموقف ال البيت من طغاة عصرهم معروف بدليل تشريدهم وسجنهم ودس السم لهم، فرواية الحسين عليه السلام تؤكد على التقية لحفظ عرض المسلمين من الهتك.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat