غديريات / ١ المجتمع السياسي
يحيى غالي ياسين
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
يحيى غالي ياسين

المدنية من صفات بعض المجتمعات ، تارة تعني ما يقابل مجتمع البداوة ، فتكون إشارة الى الحضارة التي يعيشها ذلك المجتمع وطريقة العيش المتقدمة وأسلوب الحياة الجماعية التعاونية المستقرة على أرض محددة ..
وتارةً أخرى تُطلق المدنية ويُراد منها الصفة السياسية للمجتمع بالخصوص ، فالمجتمع المدني يعني المجتمع السياسي الذي يشارك فيه أفراده في إدارة البلاد واختيار القادة واختيار القوانين الحاكمة .. الخ
وسواء كانت المدنية تعني الحضارة او تعني السياسة بصورة خاصة ، فهي بالتالي تقابل الحياة البدائية التي تسودها حياة التنقل وحياة التفرد وحياة التعامل مع الطبيعة من أجل البقاء ولا تكاد تحكمها قوانين محددة او احكام متفق عليها ..
اتجهت الحياة في المدن الاسلامية أيام رسول الله نحو المدنية بمعناها الأول ، ووضعت الأسس والأحكام الكفيلة ببناء مجتمع إنساني يحمل أعلى معايير الحياة البشرية المتقدمة في أسلوب وطريقة العيش من جميع النواحي ، الأمنية والاقتصادية والأخلاقية والعلمية ..
أما الجانب السياسي للمجتمع الإسلامي فقد اختارت السماء له أسلوب الأصطفاء والأختيار والتنصيب الالهي عن طريق تبليغ النبي صلى الله عليه وآله وتسمية الخلفاء من بعده بالإسم والعنوان الكامل .
ولكن ما حصل من إنقلاب على الوصية السياسية وتنكّر للطريقة السماوية في اختيار القائد والخليفة أدى الى أضطرابات كبيرة ومتعددة في هذا الجانب ، وأدت الى نتائج وخيمة لا زلنا نعيش آلامها وويلاتها ..
فبدأ هذا التراجع بالسقيفة أولاً وما حصل فيها من آراء مستعجلة وارتجالية بين بعض الصحابة من مهاجرين وأنصار والتي خرجت باختيار ابي بكر ، وكان اختياره فلتة كما أقرّوا هم ، ثم بالعودة الى أسلوب الوصية ولكنها ليست وصية الرسول وإنما التمسك بوصية ابي بكر في اختيار عمر بن الخطاب من بعده ..!! ثم توسع عمر في ذلك وأوصى الى ستة أشخاص انتهت باختيار عثمان بن عفان في تفاصيل معروفة تاريخياً .. ثم بسبب خلافة عثمان وطريقته في إدارة شؤون الدولة وسياسته المالية الظالمة والتي أسخطت المسلمين واحدثت الطبقية داخل المجتمع المسلم وبدأت تظهر معالم السخط والرفض الشعبي لتلك السياسة حتى انتهت بمقتله على يد ثائرين وناقمين بعد حصار دام فترة ..
هنا في هذه اللحظة التاريخية التي قُتل فيها عثمان على يد طبقة شعبية ناقمة ، تحوّل المجتمع الأسلامي الى مجتمع سياسي له شأن ورأي في السياسة ويريد ان يشارك في تنصيب وإقالة الخليفة ، فضلاً عن حركات المعارضة المختلفة ، سواء كانت نكثاً أو بغياً أو خروجاً ومحاربة ..!!
هذا ما واجهه أمير المؤمنين ع السلام عند خلافته ، مجتمعاً سياسياً أو مٌسيّسا في الواقع ، قد تعددت فيه الآراء وعصفته الأفكار والمعتقدات السياسة المختلفة وتشكّلت منذ أول أيام خلافته أحزاب معارضة كبيرة ، لكل منها رأيها وعقيدتها وطمعها وأدوات المحاربة والمواجهة للدولة الرسمية وقتها ..
فمن أراد أن يستعرض ويحلل خلافة أمير المؤمنين عليه السلام عليه أن يضع هذا التغير في المجتمع الاسلامي أمام عينيه قبل كتابة حرف واحد ..
#أسبوع_الولاية
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat