مفهوم الأرض المقدسة في القرآن الكريم (ح 13)
د . فاضل حسن شريف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . فاضل حسن شريف

جاء في معاني القرآن الكريم أرض الأرض: الجرم المقابل للسماء، وجمعه أرضون، ولا تجيء مجموعة في القرآن (انظر: المجمل 1/92)، ويعبر بها عن أسفل الشيء، كما يعبر بالسماء عن أعلاه. دس التقديس: التطهير الإلهي المذكور في قوله: "ويطهركم تطهيرا" (الاحزاب 33)، دون التطهير الذي هو إزالة النجاسة المحسوسة، وقوله: "ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك" (البقرة 30)، أي: نطهر الأشياء ارتساما لك. وقيل: نقدسك، أي: نصفك بالتقديس. وقوله: "قل نزله روح القدس" (النحل 102)، يعني به جبريل من حيث إنه ينزل بالقدس من الله، أي: بما يطهر به نفوسنا من القرآن والحكمة والفيض الإلهي، والبيت المقدس هو المطهر من النجاسة، أي: الشرك، وكذلك الأرض المقدسة. قال تعالى: "يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم" (المائدة 21)، وحظيرة القدس. قيل: الجنة. وقيل: الشريعة. وكلاهما صحيح، فالشريعة حظيرة منها يستفاد القدس، أي: الطهارة.
جاء في موقع براثا عن الشيخ عبد الحافظ البغدادي: وعند الامم اماكن مقدسة لانها وقع فيها نزول الرسالة او ان الله كلم رسول معين." فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَىٰ *إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ ۖ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى ". عن ابن عباس: قوله "إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى" يعني الأرض المقدسة، وذلك أنه مرّ بواديها ليلا فطواه، يقال: طويت وادي كذا. عن الأرض المقدسة للكاتب محمد وناس: (الارض المقدسة). يشير هذا المصطلح في الديانة المسيحية واليهودية الى ارض فلسطين، في هذه الارض اجتمعت كل الاديان الابراهيمية وفيها تركت فيها ارثها.بداء من الناصرة وبيت لحم (الضفة الغربية) وكنيسة المهد،مرورا بطريق الجلجلة. وما تشكله هذه الرمزيات من تراث كبير في الديانة المسيحيةقد يصل الى ان كل ما تحمله المسيحية قائم على هذه الرمزيات.مملكة داوود وحكايات معبد سليمان الى جدار المبكى (حائط البراق)، مرورا بكل هائل من الروايات التوراتية المشبعة بحكايات من هذه الارض المقدسة جعل اليهودية كدين مرتبط ارتباط وثيق بهذه الارض. بيت المقدس وقبة الصخرة. والاسراء والمعراج، الى القصص القرآني المشبع بذكر هذه الارض الى حد تكاد لا يخلو جزء من القراءن من ذكرهاثم الخليل وقبر نبي الله ابراهيم عليه السلام وارتباط هذه الاديان الثلاثة بإبراهيم عليه السلام. مع سيل من الانبياء مقدسين عن الجميع عاشوا على هذه الارض ومازالت اثارهم موجود فيها الى اليومكل هذا مضاف الى كم هائل من الرمزيات والاثار اخرىالتي تركتها هذه الاديان الثلاثة، واختلاط هذه الرمزيات بين الاديان جعل من هذه الارض بصدق ارض مقدسة لدى الجميع.واعطى لجميع اتباع هذه الايان حق فيها مثل ما للأخرين، وبنفس الوقت اعطت ذريعة لكل غازي طامح وطامع ان يستخدم هذهالرمزيات لادعاء الحق في ملك هذه الارض وفرض سلطته عليها واعطاءها الصفة التي يشاء.الصليبيون وفرسان الهيكل وحروبهم التي استمرت 400 عام خلفت الموت والقتل ليس في ارض فلسطين فقط بل امتدت الى كل اطراف الشرق الاوسط وحتى اوربا.
جاء في التبيان للشيخ الطوسي: قوله تعالى "يا قَومِ ادخُلُوا الأَرضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللّهُ لَكُم وَ لا تَرتَدُّوا عَلي أَدبارِكُم فَتَنقَلِبُوا خاسِرِينَ" (المائدة 21) هذه حكاية عن موسي (ع) أنه خاطب قومه و أمرهم بالدخول الي الإرض المقدسة و هي: بيت المقدس علي قول إبن عباس، و إبن زيد، و السدي و أبي علي. و قال الزجاج و الفراء: هي دمشق و فلسطين و بعض الأردن. قال الفراء بتشديد النون- و قال قتادة: هي الشام. و قال مجاهد هي أرض الطور. و المقدسة في اللغة: المطهرة. و قيل: إنها طهرت من الشرك و جعلت مسكناً و قراراً للأنبياء و المؤمنين، و الأصل التقديس، و هو التطهير، و منه قيل للسطل ألذي يتطهر منه: القدس. و قيل: بيت المقدس لأنه يطهر من الذنوب. و منه تسبيح اللّه و تقديسه سبوح قدوس، و هو تنزيهه عما لا يجوز عليه من نحو الصحابة و الولد و الظلم و الكذب. و اصل التقديس: التطهير. و منه قوله: الإرض المقدسة أي المطهرة. قال قوم: معني نقدس لك: نصلي لك. و قال آخرون: نقدس أنفسنا من الخطايا و المعاصي و قال قوم: نطهرك من الأدناس أي لا نضيف اليك القبائح. و القَدَس: السطل ألذي يتطهر منه أي يقدس. و يوصف تعالي بأنه قدوس سبوح أي سبحانه أن يکون شريكا لغيره طاهر من کل عيب. "القُدُّوسِ" المستحق للتعظيم بتطهير صفاته من کل صفة نقص.
جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: معبر بني إسرائيل: ورد التعبير في القرآن مرارا عن موسى أنه عبر بقومه "البحر" (يونس 90) (طه 77) (الشعراء 63) كما جاء في بعض الآيات لفظ "اليمّ" (طه 78) (القصص 40) (الذاريات 40) بدلا من البحر.و الآن ينبغي أن نعرف ما المراد من "البحر" و "اليم" هنا، أهو إشارة إلى النهر الكبير الواسع في مصر، النيل الذي يروي جميع أراضيها؟ أم هو إشارة إلى البحر الأحمر (المعروف ببحر القلزم في بعض المصطلحات)؟ يستفاد من التوراة الحالية و كذلك من كلمات بعض المفسّرين أنه إشارة إلى البحر الأحمر إلّا أن القرائن الموجودة و المتوفرة تدل على أنّ المراد منه هو نهر النيل، لأن "البحر" كما يقول الراغب في مفرداته يعني في اللغة الماء الكثير الواسع، و اليم بهذا المعنى أيضا. فلا مانع إذا من إطلاق الكلمتين على نهر النيل. و أمّا القرائن المؤيدة لهذا الرأي فهي: 1- أنّ منطقة سكن الفراعنة التي كانت مركزا لمدن مصر العامرة كانت نقطة قريبة من النيل حتما. و إذا أخذنا بنظر الإعتبار معيار محلهم الفعلي (الأهرام) أو ما حولها، فإنّ بني إسرائيل لا بدّ لهم أن يعبروا نهر النيل ليصلوا إلى الأرض المقدسة، لأن هذه المنطقة تقع غرب النيل و لا بدّ لهم من أن يتجهوا نحو الشرق للوصول إلى الأرض المقدسة (فلاحظوا بدقة) 2- أنّ الفاصلة بين المناطق العامرة من مصر و التي هي قريبة من النيل بالطبع، بعيدة عن البحر الأحمر بحيث لا يمكن أن تطوى المسافة بينها و بين البحر بليلة أو نصف ليلة. و يستفاد من الآيات المتقدمة بوضوح أن بني إسرائيل غادروا أرض الفراعنة ليلا، و طبيعي أن تكون المغادرة في الليل. أمّا فرعون و جيشه فقد اتبعوهم حتى بلغوهم مشرقين (عند الصباح). 3- لم تكن حاجة ليعبر بنو إسرائيل البحر الأحمر حتى يصلوا الأرض المقدسة، إذ كانت هناك منطقة يابسة ضيقة قبل حفر ترعة السويس (أو ما يصطلح عليها بقناة السويس) إلّا أن نفترض أن البحر الأحمر كان متصلا بالبحر الأبيض المتوسط في الزمن السابق، و لم تكن هناك منطقة يابسة، و هذا الفرض غير ثابت بأيّ وجه. 4- يعبّر القرآن عن قصة موسى بإلقائه في "اليم" "من قبل أمه" الآية 39 من سورة طه، كما يعبر عن غرق فرعون و أتباعه بقوله: "فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ" الآية 78 من السورة ذاتها. و كلتا القضيتين في قصة واحدة و سورة واحدة أيضا (طه) و كون اللفظين مطلقين (اليم) في الآية السابقة و (اليم) في الآية اللاحقة- يشعر بأنّهما واحد. و مع ملاحظة أن أمّ موسى لم تلق موسى في البحر الأحمر قطعا، بل ألقته في النيل طبقا لما تذكره التواريخ، فيعلم أن غرق فرعون و قومه كان في النيل (فلاحظوا بدقّة). جاء في موقع معلومة مقدسية: الأرض المقدسة: "الأرض المقدسة" هي أرض بيت المقدس و وردت في قول الله تعالى في سورة المائدة: "يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم" (المائدة 21) وهذا الخطاب كان على لسان سيدنا موسى لبني إسرائيل عن أرض بيت المقدس.
جاء في كتاب القصص القرآني للسيد محمد باقر الحكيم: وللقرار الذي كان القرآن قد اتخذه بجعل الكعبة قبلة للمسلمين، تأكيدا لاستقلالية الرسالة في كل معالمها لان صرف الانظار عن الأرض المقدسة وبيت المقدس الذي كان يحظى بالقدسية الخاصة وما زال بسبب نشوء الديانات المختلفة فيه، ووجود إبراهيم وأنبياء بني إسرائيل كلهم في هذه الأرض يحتاج إلى اعطاء هذه الأهمية للبيت والكعبة المشرفة وهذا الانتساب الأصيل إلى إبراهيم عليه السلام.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat