صفحة الكاتب : د . فاضل حسن شريف

كتاب حياة الامام الرضا للشيخ القرشي والقرآن الكريم (ح 6)
د . فاضل حسن شريف


جاء في کتاب حياة الإمام الرضا للشيخ باقر شريف القرشي: ف انبرى العلماء في مجلس المأمون بحضور الامام علي بن موسى الرضا عليه السلام قائلين: (هل فسر الله تعالى الاصطفاء في الكتاب؟). واجابهم الامام: فسر الاصطفاء في الظاهر سوى الباطن في إثني عشر موضعا: فأول ذلك قول الله: "وانذر عشيرتك الاقربين" (الشعراء 214) ورهطك المخلصين هكذا في قراءة أبي بن كعب، وهي ثابتة في مصحف عبد الله بن مسعود، فلما أمر عثمان زيد بن ثابت أن يجمع القرآن خنس هذه الآية وهذه منزلة رفيعة، وفضل عظيم وشرف عال حين عنى الله عزوجل بذلك الآل فهذه واحدة. والآية الثانية: في الاصطفاء قول الله: "إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا" (الاحزاب 33) وهذا الفضل الذي لا يجحده معاند لانه فضل بين. الآية الثالثة: حين ميز الله الطاهرين من خلقه أمر نبيه في آية الابتهال فقال: "قل يا محمد تعالوا ندع ابناءنا وابناءكم ونساءنا ونساءكم وانفسنا وانفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين" (ال عمران 58) فأبرز النبي صلى الله عليه وآله وسلم عليا والحسن والحسين وفاطمة عليهم السلام فقرن أنفسهم بنفسه. ثم التفت الامام إلى العلماء فقال لهم: هل تدرون ما معنى قوله: وأنفسنا وأنفسكم" (ال عمران 58)؟) وأجاب العلماء: (عنى به نفسه). فقال عليه السلام: (علطتم انما عنى به عليا ومما يدل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: حين قال: لينتهي بنو وليعة (بنو وليعة هي حي من كندة) لابعثن إليهم رجلا كنفسي يعني عليا عليه السلام فهذه خصوصية لا يتقدمها أحد، فضل لا يختلف فيه بشر، وشرف لا يسبقه إليه خلق، إذ جعل نفس علي كنفسه، فهذه الثالثة: وأما الرابعة: فاخراجه الناس من مسجده ما خلا العترة، حين تكلم الناس في ذلك، وتكلم العباس فقال: يا رسول الله تركت عليا، وأخرجتنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما أنا تركته وأخرجتكم، ولكن الله تركه، وأخرجكم وفي هذا بيان قوله لعلي عليه السلام: (أنت مني بمنزلة هارون من موسى). وقال العلماء: (فأين هذا من القرآن؟). فأجابهم الامام: ان ذلك موجود في القرآن الكريم، فقالوا له: هات فتلا عليهم قول الله تعالى: (وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة" (يونس 87) ففي هذه الآية منزلة هارون من موسى، وفيها ايضا منزلة علي عليه السلام من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومع هذا دليل ظاهر في قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إن هذا المسجد لا يحل لجنب ولا لحائض إلا لمحمد وآل محمد). وأنكرت العلماء معرفة ذلك، وقالوا للامام: (هذا الشرح، وهذا البيان لا يوجد، أعندكم معشر أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟). فأجابهم الامام: (ومن ينكر لنا ذلك؟ ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (أنت مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد مدينة العلم فليأتها من بابها) ففيما أوضحنا وشرحنا من الفضل والشرف والتقدمة والاصطفاء والطهارة ما لا ينكره إلا معاند، ولله عزوجل الحمد على ذلك، فهذه الرابعة.

واستمر الامام الرضا عليه السلام في تفسير الاصفاء كما جاء في کتاب حياة الإمام الرضا للشيخ باقر شريف القرشي قائلا: وأما الخامسة: فقول الله عزوجل: "وآت ذا القربي حقه" (الاسراء 28)، خصوصية خصهم الله العزيز الجبار بها، واصطفاهم على الامة، فلما نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وآله قال: أدعو لي فاطمة، فدعوها له، فقال: يا فاطمة، فقالت: لبيك يا رسول الله، فقال: إن فدكا لم يوجف عليها بخيل، ولا ركاب، وهي لي خاصة دون المسلمين، وقد جعلتها لك، لما أمرني الله به، فخذيها لك ولولدك. فهذه الخامسة. وأما السادسة: فقول الله عزوجل: "قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى" (الشورى 22). فهذه خصوصية للنبي صلى الله عليه وآله دون الانبياء، وخصوصية للآل دون غيرهم، وذلك أن الله حكى عن الانبياء، في ذكر نوح عليه السلام: "ويا قوم لا أسألكم عليه مالا،إن أجرى إلا على الله وما أنا بطارد الذين آمنوا إنهم ملاقو ربهم ولكني أراكم قوما تجهلون" (هود 31). وحكى عن هود، قال: "لا أسألكم عليه أجرا إن أجري إلا على الذي فطرني أفلا تعقلون" (هود 53). وقال لنبيه: (قل لا أسألكم عليه أجرا، إلا المودة في القربى)، ولم يفرض الله مودتهم، الا وقد علم أنهم لا يرتدون عن الدين أبدا، ولا يرجعون إلى ضلالة أبدا. وأخرى: أن يكون الرجل وادا للرجل، فيكون بعض أهل بيته عدوا له، فلا يسلم قلب، فأحب الله أن لا يكون في قلب رسول الله صلى الله عليه وآله على المؤمنين شئ، إذ فرض عليهم مودة ذوي القربى، فمن أخذ بها، وأحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأحب أهل بيته عليهم السلام لم يستطع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يبغضه. ومن تركها، ولم يأخذ بها، وأبغض أهل بيت نبيه صلى الله عليه وآله وسلم، فعلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يبغضه، لانه قد ترك فريضة من فرائض الله، وأي فضيلة، وأي شرف يتقدم هذا؟

ويستطرد الامام الرضا عليه السلام في تفسير الاصفاء قائلا: ولما أنزل الله على نبيه صلى الله عليه وآله وسلم: "قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى" (الشورى 23) قام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أصحابه، فحمد الله، وأثنى عليه وقال: (أيها الناس إن الله قد فرض عليكم فرضا، فهل أنتم مؤدوه؟) فلم يجبه أحد فقام فيهم يوما ثانيا، فقال مثل ذلك، فلم يجبه أحد فقام فيهم اليوم الثالث، فقال: (أيها الناس إن الله قد فرض عليكم فرضا، فهل أنتم مؤدوه؟) فلم يجبه أحد. فقال (أيها الناس إنه ليس ذهبا ولا فضة، ولا مأكولا ولا مشروبا)، قالوا: فهات إذا فتلا عليهم هذه الآية فقالوا: اما هذا فنعم، فما وفى به اكثرهم. واضاف الامام قائلا: حدثني أبي عن جدي آبائه عن الحسين بن علي عليهم السلام قال: اجتمع المهاجرون والانصار إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قالوا: إن لك يارسول الله مؤونة في نفقتك، وفيمن يأتيك من الوفود، وهذه أموالنا مع دمائنا فاحكم فيها بارا، مأجورا اعط ما شئت، وامسك ما شئت من غير حرج، فأنزل الله عزوجل عليه الروح الامين، فقال: يا محمد "قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى" (الشورى 23) لا تؤذوا قرابتي من بعدي، فخرجوا فقال أناس منهم: ما حمل رسول الله على ترك ما عرضنا عليه إلا ليحثنا على قرابته من بعده، إن هو إلا شئ افتراه في مجلسه، وكان ذلك من قولهم عظيما، فأنزل الله هذه الآية "أم يقولون افتراه قل إن افتريته فلا تملكون لي من الله شيئا هو أعلم بما تفيضون فيه كفى به شهيدا بينى وبينكم وهو الغفور الرحيم" (الاحقاف 7) فبعث إليهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: هل من حدث؟ فقالوا: أي والله يا رسول الله، لقد تكلم بعضنا كلاما عظيما فكرهناه، فتلا عليهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فبكوا واشتد بكاؤهم فانزل الله تعالى "وهو الذي يقبل التوبة من عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون" (الشورى 24). فهذه السادسة.

جاء في کتاب حياة الإمام الرضا للشيخ باقر شريف القرشي: ويستمر الامام الرضا عليه السلام في تفسير الاصفاء قائلا: وأما السابعة: فيقول الله: "إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما" (الاحزاب 56) وقد علم المعاندون منهم أنه لما نزلت هذه الآية، قالوا: يا رسول الله قد عرفنا التسليم عليك، فكيف الصلاة عليك ؟ فقال: تقولون: اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على ابراهيم وآل ابراهيم انك حميد مجيد. والتفت الامام إلى العلماء فقال لهم: (هل في هذا اختلاف؟). فقالوا جميعا بصوت واحد. (لا). وأنبرى المأمون، فقال: (هذا ما لا اختلاف فيه، وعليه الاجماع، فهل عندك في الآل شئ أوضح من هذا في القرآن). وأخذ الامام يدلي بمزيد من الادلة الحاسمة على فضل آل البيت عليهم السلام قائلا: (اخبروني عن قول الله: "يس * والقرآن الحكيم * إنك لمن المرسلين * على صراط مستقيم" (يس 1-4) فمن عنى بقوله: "يس"؟). فقالت العلماء: (عنى بذلك محمدا صلى الله عليه وآله، ما في ذلك شك). والتفت الامام للحاضرين فقال لهم: (اعطى الله محمدا وآل محمد من ذلك فضلا لم يبلغ أحد كنه وصفه، لمن عقله، وذلك ان الله لم يسلم على أحد إلا على الانبياء صلوات الله عليهم فقال تبارك وتعالى: "سلام على نوح في العالمين" (الصافات 77) وقال: "سلام على ابراهيم" (الصافات 109) وقال: "سلام على موسى وهارون" (الصافات 120) ولم يقل: سلام على آل نوح، ولم يقل: سلام على آل ابراهيم، ولا قال: سلام على آل موسى وهارون، وقال عزوجل: "سلام على آل يس" (الصافات 130). يعني آل محمد). والتفت المأمون إلى الامام فقال له: (لقد علمت ان في معدن النبوة شرح هذا وبيانه).


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . فاضل حسن شريف
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2024/05/22



كتابة تعليق لموضوع : كتاب حياة الامام الرضا للشيخ القرشي والقرآن الكريم (ح 6)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net