البوصلة في عصر الغيبة الكبرى
الشيخ احمد صالح ال حيدر
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الشيخ احمد صالح ال حيدر

بعث الله الانبياء والمرسلين والاوصياء حفظةً لدينه وحماة لشريعته ومبشرين ومنذرين لخلقه لأن لايبقى للناس على الله حجة بعد الرسل وكذلك امتدت هذه السنة الإلهية إلى نبوة النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) عندما نصب بعده أمير الحق علي بن أبي طالب (عليه السلام) في يوم الغدير وعضد هذا التنصيب بحديث الثقلين الذي هو الحق المحكم في المقام وجعله بوصلة لمن أراد الهدى والحق والصدق ، فجعلهم عروة الإيمان وملاذ الاسلام إليهم (عليهم السلام) إلى أن وصل الحال إلى غيبة ولي الله الأعظم الإمام المهدي (عليه السلام) التي طالت عصورا ودهورا فما كان تكليفنا فيها ، فلم يتركونا نتيه في ظلمات الاستحسانات والظنون البشرية فرسموا لنا طريقاً آمنا وهم الفقهاء العدول الأتقياءضمن مواصفات جعلها أهل البيت (عليهم السلام)كعلامة بارزة على معرفتهم وإتّباعهم
حيث ورد بالاثر الشريف عن إمامنا الحسن العسكري (عليه السلام) [من كان من الفقهاء صائناً لنفسه، حافظاً لدينه، مخالفاً على هواه، مطيعاً لأمر مولاه، فللعوام أن يقلدوه] ١
وهذه العلامات تحددها المواقف ومدى مطابقتها لواقع هذه العلامات فصيانة النفس وعفتها عن الرذائل والمعاصي ومن يحفظ دينه عن الهوى والمغريات الخارجية ويطيع الأوامر الإلهية فهو الأحق بالاتبّاع من المدعي المزيف الذي لاتجد هذه العلامات متوفره في سلوكه وأحيانا تجد اضدادها الأبرز في شخصيته ...
وبعد أن حرر العقل محل النزاع وكان فصل الخطاب في ضرورة التقليد للمجتهد الجامع للشرائط في عصر الغيبة الكبرى من خلال القاعدة الفطرية التي اوجبها المرتكز الوجداني وأيدتها النصوص وهي وجوب رجوع الجاهل إلى العالم ،جاء الإمام الصادق (عليه السلام) ليُرسي قواعد الفقاهة في بياناته
وأهمية ذلك المقام فيقول [انظروا إلى من كان منكم قد روى حديثنا، ونظر في حلالنا وحرامنا، وعرف أحكامنا، فليرضوا به حكماً فإني قد جعلته عليكم حاكماً، فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه، فإنما بحكم الله استخف، وعلينا رد، والراد علينا الراد على الله، وهو على حد الشرك بالله عز وجل]٢
فإي مقام خطير هذا الذي يكون الرد عليه إستخفافا بحكم الله وردٌ على الله ورسوله وأهل البيت (عليهم السلام) ونتيجته الشرك بالله!
وهو البوصلة في زماننا الذي يعج بالفتن والمحن والابتلاءات فتجده يقود السفينة بحكمة الخبير البصير الذي لاتهجم عليه اللوابس ولا تستطيع الشبهات أن تنال من اعتداله وتوازنه فهو المعين في الروايات الشريفة والحجج البليغة كما أن الإمام الهادي (عليه السلام)بين هذه مكانة هذا الفقيه ، ودوره في الحفاظ على الدين، وضرورة الرجوع إليه، فقد قال [لولا من يبقى بعد غيبة قائمنا من العلماء الداعين إليه، والدالين عليه، والذابين عن دينه بحجج الله، والمنقذين لضعفاء عباد الله من شباك إبليس ومردته، ومن فخاخ النواصب لما بقي أحد إلا ارتد عن دين الله، ولكنهم الذين يمسكون أزمة قلوب ضعفاء الشيعة، كما يمسك صاحب السفينة سكانها، أولئك هم الأفضلون عند الله عز وجل]٣
فعلينا أن لانضيّع هذه البوصلة في هذا العصر فمعها نجاتنا وأن لانقع في فخاخ الشيطان ونسيء لهذا المقام العظيم ونسأل الله الهداية والثبات على الحق لنا ولجميع المؤمنين..... وإلى الله ترجع الأمور
___________
(١)وسائل الشيعة للحر العاملي ج٢٧ص ١٣١
(٢) تهذيب الأحكام لشيخ الطائفة الطوسي ج٦ص١٧٨
(٣)بحار الانوار للمجلسي ج٢ص٦
أقلُ طلبة العلم
أحمد صالح آل حيدر
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat