صفحة الكاتب : د . فاضل حسن شريف

كتاب حياة الامام الرضا للشيخ القرشي والقرآن الكريم (ح 5)
د . فاضل حسن شريف

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

جاء في کتاب حياة الإمام الرضا للشيخ باقر شريف القرشي: يستمر المأمون في عرض أسئلته على الامام الرضا عليه السلام كما جاء في كتاب حياة الإمام الرضا للشيخ باقر شريف القرشي: س 13 - لله درك يا أبا الحسن اخبرني عن قول الله عزوجل: "عفا الله عنك لم اذنت لهم" (التوبة 43)؟. ج 13 - هذا مما نزل، بإياك أعني، واسمعي يا جارة خاطب الله عزوجل بذلك نبيه، وأراد به أمته، وكذلك قوله تعالى: "لئن اشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين" (الزمر 65) وقوله عزوجل "لولا ان ثبتناك لقد كنت تركن إليهم شيئا قليلا" (الاسراء 74). س 14 - إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قصد دار زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي في أمر أراده فرأى امرأته تغتسل فقال لها: سبحان الذي خلقك وانما أراد بذلك تنزيه الباري عزوجل عن قول: من زعم أن الملائكة بنات الله فقال الله عزوجل: "أفأصفيكم ربكم بالبنين واتخذ من الملئكة إناثا إنكم لتقولون قولا عظيما" (الاسراء 40) فلما عاد زيد إلى منزله أخبرته امرأته بمجئ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقوله لها: سبحان الذي خلقك فلم يعلم زيد ما أراد بذلك وظن أنه قال ذلك لما اعجبته من حسنها فجاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال له: يا رسول الله إن امرأتي في خلقها وإني اريد طلاقها فقال له النبي: "امسك عليك زوجك واتق الله" (الاحزاب 37) وقد كان الله عرفه عدد أزواجه وان تلك المرأة منهن فأخفى ذلك في نفسه، ولم يبده لزيد، وخشي الناس أن يقولوا: إن محمدا يقول لمولاه: إن امرأتك ستكون لي زوجة، يعيبونه بذلك، فأنزل الله عزوجل: (وإذ تقول للذي انعم الله عليه يعني بالاسلام وانعمت عليه يعني بالعتق "امسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه" (الاحزاب 37) ثم ان زيد بن حارثة طلقها واعتدت منه، فزوجها الله عزوجل من نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأنزل بذلك قرآنا، فقال عزوجل: "فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكيلا يكون على المؤمنين حرج في أزواج ادعيائهم إذا قضوا منهن وطرا وكان أمر الله مفعولا" (الاحزاب 37). ثم علم الله عزوجل ان المنافقين سيعيبونه بتزويجها، فأنزل الله تعالى "ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له" (الاحزاب 38). وانتهت بذلك هذه المناظرة التي دللت على مدى ثروات الامام العلمية، واحاطته الشاملة بكتاب الله العظيم فقد نزه الامام انبياء الله العظام عن اقتراف المعصية وأثبت لهم العصمة بهذا المدعم بالادلة والبراهين الحاسمة. اشادة المأمون بمواهب الامام: واشاد المأمون بمواهب الامام، وراح يقول: شفيت صدري يا بن رسول الله، وأوضحت ما كان ملتبسا علي، فجزاك الله عن انبيائه، وعن الاسلام خيرا. وانصرف المأمون عن المجلس، وأخذ بيد عم الامام محمد بن جعفر فقال له: (كيف رأيت ابن أخيك؟). وانبرى محمد يبدي اعجابه البالغ بالامام قائلا: (إنه عالم، ولم نره يختلف إلى أحد من أهل العلم).

يقول الشيخ باقر شريف القرشي في كتابه: وفد أبو يوسف يعقوب بن اسحاق الدورقي المعروف ب‌ (ابن السكيت)، وهو من اجلاء علماء عصره على الامام الرضا عليه السلام، وقدم له السؤال التالي: (لماذا بعث الله موسى بن عمران باليد البيضاء، وبعث عيسى بآية الطب، وبعث محمدا بالكلام والخطب؟). فأجابه الامام بحكمة ذلك قائلا: ان الله لما بعث موسى كان الغالب على أهل عصره السحر فأتاهم من عند الله بما لم يكن في وسع القوم مثله، وبما ابطل به سحرهم وأثبت به الحجة عليهم. وان الله بعث عيسى في وقت قد ظهرت فيه الزمانات، واحتاج الناس إلى الطب فأتاهم من عند الله بما لم يكن عندهم مثله، وبما أحيا لهم الموتى، "وابرئ الاكمه والابرص" (ال عمران 49) باذن الله، وأثبت به الحجة عليهم. وان الله بعث محمدا صلى الله عليه وآله في وقت كان الاغلب على أهل عصره الخطب والكلام، فأتاهم من عند الله من مواعظه واحكامه ما ابطل به قولهم، وأثبت به الحجة عليهم. وبهر ابن السكيت بعلم الامام وراح يقول: (والله ما رأيت مثلك قط، فما الحجة على الخلق اليوم؟) فأجابه الامام: (العقل يعرف به الصادق على الله فيصدقه والكاذب على الله فيكذبه). وطفق ابن السكيت قائلا: (هذا هو والله الجواب). لقد خلق الله العقل فجعله الحجة على الانسان فإذا ما اطاعه جلب الرحمة له، وإذا عصاه جلب الشقاء له، وبه يعرف الصادق من الكاذب، والمحق من المبطل، فهو الحجة من الله على عباده. احتجاجه على رجل: ودخل عليه رجل لم يذكر المؤرخون اسمه، فلما استقر به المجلس التفت إلى الامام عليه السلام فقال له: (يا بن رسول الله ما الدليل على حدوث العالم؟) فأجابه الامام بالدليل الحاسم: (إنك لم تكن، ثم كنت وقد علمت أنك لم تكون نفسك ولا كونك من هو مثلك).

ويقول الشيخ القرشي قدس سره في كتابه حياة الإمام الرضا: احتجاجه على اصطفاء العترة: ومن بين احتجاجات الامام الرضا عليه السلام هذا الاحتجاج الذي دلل فيه على اصطفاء العترة الطاهرة، وأقام على ذلك أوثق الادلة، وكان ذلك بحضور المأمون وجماعة من علماء العراق وخراسان فقد سأل المأمون العلماء عن معنى هذه الآية: "ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا" (فاطر 32). وبادر العلماء فقالوا: (ان الذين اصطفاهم الله هم المسلمون كلهم والتفت المأمون إلى الامام فقال له: ما تقول: يا أبا الحسن؟). (لا أقول: كما قالوا: ولكن أقول: اراد الله تبارك وتعالى العترة الطاهرة عليهم السلام). وسارع المأمون، وقد استفزه قول الامام، فقال: (كيف عنى العترة دون الامة؟). وانبرى الامام فأقام الدليل القاطع على ما ذهب إليه قائلا: " لو اراد الامة لكانت بأجمعها في الجنة، والله تعالى يقول: "فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات باذن الله ذلك هو الفضل الكبير" (فاطر 29). واضاف الامام يقول: فصارت الوراثة للعترة الطاهرة لا لغيرهم هم الذين وصفهم الله في كتابه، فقال: "انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا" (الاحزاب 33) وهم الذين قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إني مخلف فيكم الثقلين: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، لن يفترقا حتى يردا على الحوض، انظروا كيف تخلفوني فيهما، أيها الناس لا تعلموهم فانهم أعلم منكم). وسارع العلماء قائلين بصوت واحد: (اخبرنا يا أبا الحسن عن العترة هم الآل، أو غير الآل؟). فقال عليه السلام: (هم الآل). واعترضوا على الامام قائلين: (هذا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يؤثر عنه أنه قال: أمتي آلي، وهؤلاء أصحابه يقولون: بالخبر المستفيض الذي لا يمكن دفعه آل محمد أمته). وأخذ الامام يرد على أفتعال الحديث وعدم صحته قائلا: (اخبروني هل تحرم الصدقة على آل محمد). (نعم.). (هل تحرم أي الصدقة على الامة ؟). (لا). وسارع الامام بعد اقامة الجة عليهم قائلا: (هذا فرق بين الآل، وبين الامة، ويحكم أين يذهب بكم (أصرفتم عن الذكر صفحا، أم أنتم قوم مسرفون)؟ "أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ ٱلذِّكْرَ صَفْحًا أَن كُنتُمْ قَوْمًا مُّسْرِفِينَ" (الزخرف 5) أما علمتم انما وقعت الرواية في الظاهر على المصطفين المهتدين دون سائرهم).

ويستمر الامام الرضا عليه السلام على احتجاجه على اصطفاء العترة كما جاء في کتاب حياة الإمام الرضا للشيخ باقر شريف القرشي: وقالوا جميعا: (من أين قلت: يا أبا الحسن؟). وأخذ الامام يتلو عليهم فضل العترة الطاهرة قائلا: " من قول الله: "لقد ارسلنا نوحا وابراهيم وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون" (الحديد 26) فصارت وراثة النبوة والكتاب في المهتدين دون الفاسقين، أما علمتم أن نوحا سأل ربه فقال: "رب إن ابني من أهلي وان وعدك الحق" (هود 40) وذلك ان الله وعده أن ينجيه وأهله، فقال له تبارك وتعالى: "إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألن ما ليس لك به علم إني اعظك أن تكون من الجاهلين" (هود 46) وتميز المأمون غضبا وغيظا قائلا: (هل فضل الله العترة على سائر الناس ؟). وبادر الامام قائلا: " إن الله العزيز الجبار فضل العترة على سائر الناس في محكم كتابه.. ". وراح المأمون يقول: (اين ذلك من كتاب الله). وانبرى الامام يتلو عليه كوكبة من الآيات الكريمة التي أشادت بفضل أهل البيت عليهم السلام قائلا: ("ان الله اصطفى آدم ونوحا وآل ابراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض" (ال عمران 32). وقال الله في موضع آخر: "أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل ابراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيم" (النساء 57). ثم رد المخاطبة في أثر هذا إلى سائر المسلمين فقال: "يا أيها الذين آمنوا اطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم" (النساء 59) يعني الذين أورثهم الكتاب والحكمة، وحسدوا عليهما بقوله: "أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل ابراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيم" (النساء 57) يعني الطاعة للمصطفين الطاهرين، والملك ها هنا الطاعة لهم).


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . فاضل حسن شريف
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2024/05/21



كتابة تعليق لموضوع : كتاب حياة الامام الرضا للشيخ القرشي والقرآن الكريم (ح 5)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net