حكمت العياشي في حوار لصدى الروضتين
المصور الفوتوغرافي الحائز على جائزة الإعلام السياحي العربي كأفضل لقطة سياحية عربية لعام ٢٠٢٤م حكمت العياشي :
( إن الحس الفني والخبرة العملية والخزين المعرفي للمصور كلها أدوات تجعل منه دائم التهيؤ لإنتاج أي عمل قد تكون مدته ثواني ينتج منه عمل خالد )
أجرى الحوار: عصام الطفيلي
على ما يبدو أن التقنيات التكنلوجية، مع ما تحمل من خواص فنية مائزة، هي التي تتحكم في ضبط ايقاع الصورة، هذا هو وجه الحقيقة الأول، ولكن للحقيقة وجه آخر مختلف نوعا ما، فالمصور الفوتوغرافي هو بمثابة المنتج الذي عليه انتاج واخراج الصورة الفنية المناسبة بطريقة ابداعية تحاكي الجمهور.
فمن خلال الكاميرا يلتقط المصور الفوتوغرافي كثيراً من التفاصيل الحية التي ترصد المشاعر والجمال، والتنوع، واللحظات السعيدة والمؤثرة، وأحيانا الصادمة والحزينة، سواء كانت تلك الصور لأشخاص أو أماكن أو مشاهد معد لها مسبقا، ومن هنا تتشكل الرؤية الفنية والابداعية للمصور الفوتوغرافي. ولأجل الملمة أطراف هذا الحديث كانت لنا هذه الوقفة مع المصور الفوتوغرافي حكمت العياشي ، واليكم تفاصيل هذا اللقاء.
كيف كانت بدايتك مع العدسة أو الفن الفوتوغرافي؟ كانت بدايتي عن طريق الصدفة وذلك عند تصوير السفرات الخاصة بأصدقائي، وبعدها تنامت القدرات والرغبات للوصول إلى هذا الفن الجميل.
• ما هي أول كاميرا اقتنيتها ومتى كان ذلك ؟
اول كاميرا كانت شبه احترافية Nikon D60 في عام ٢٠١٠ م.
• ما الصعوبات التي واجهتها عندما بدأت العمل كمصور فوتوغرافي ؟
صعوبة الوصول إلى المعلومة، وكذلك خصوصية المدينة وما تملك من عادات وتقاليد كانت تقتل العديد من اللقطات المهمة . ولكن في السنوات الاخيرة بدأت هذه المحاذير بالذوبان والتلاشي تدريجياً تدريجياً بسبب تفهم المجتمع ماهية الصورة ورسالتها.
• ما هي مميزات المصور الناجح من وجهة نظرك ؟
ثقافة المصور، وشهادته الاكاديمية والبيئة التي يعيش فيها مع قراءة المصادر الخاصة بالتصوير، كلها عوامل مهمة لتكوين رؤية فوتوغرافية ذات هدف، كلما كان المصور المتمكن من ادواته المعرفية، يكون بمثابة الحصن الدفاعي عنه، وتكون اعماله مؤثر بشكل أكبر وناجحة.
• هل تعتقد أن الإمكانات المادية لها دور كبير في صناعة المصور المحترف ؟
الامكانات المادية تلعب دوراً مهماً لإنتاج جودة عالية للنتاجات ، اما المصور المحترف هو الذي يوظف الامكانات العادية للأدوات الإنتاج عمل ملهم ومؤثر وناجح، وهذا يعتمد على ثقافة المصور البصرية، وكذلك إدراك الإضاءة المناسبة، والزاوية الدقيقة، وعمق میدان جيد وبالتالي ان الاهتمام بالتفاصيل الدقيقة والدقيقة جدا هي من اهم صفات المصور المحترف والناجح.
• من هو قدوتك في التصوير ؟
حقيقة انا اتأثر بالعمل أكثر من المصور نفسه، ودائما ما تهمني أعمال (روبير دوانو إليوت بورتر، ويغي ارثر، مراد الداغستاني)، ومن وقتنا الحاضر كل من ( عبد الرضا عناد ، كريم الذهبي Karim Al Thahaby ، عامر جاسم Amer Jassim ) واخرين لا تسعفني الذاكرة على ذكرهم الآن.
• ماذا ينقص هواة التصوير في العراق ؟
الاهتمام والرعاية من قبل المؤسسات ذات الشأن، فكثير من الخامات الفوتوغرافية تحتاج إلى صقل واحتضان وتوجيه.
• على ماذا تعتمد الصورة الجميلة على نوعية الكاميرا أو الحس الفني للمصور؟
الكاميرا اداة تعمل وفق ما يرى المصور، ولكن هدف المصور ورؤيته ورسالته هي من تصنع الفارق بإنتاج اعمال مؤثرة، وذلك عبر توزيع الكتل داخل الإطار وابراز بطل المشهد، ومن خلال القواعد الارشادية للتكوين، بمعنى أدق ان الحس الفني والخبرة العملية والخزين المعرفي للمصور كلها ادوات تجعل منه دائم التهيؤ الإنتاج أي عمل قد تكون مدته ثواني كي ينتج منه عمل خالد، وفي بعض الأحيان قد يحتاج المصور إلى تخطيط مسبق واعداد جيد.
• التصوير داخل الاستوديو يمنحك حرية أكثر في النقاط الصورة أم ترى التصوير الخارجي أكثر مساحة ؟
أنا أميل إلى التصوير المفتوح لتنوع المشاهد، وكذلك لوجود مصادر الضوء واشكاله والوانه.
• بصفتك مصوراً فوتوغرافياً هل ترى ضرورة إدخال مادة التصوير ضمن المناهج الدراسية مع مادة الرسم مثلا؟
في السنوات القليلة السابقة تحول العالم، وبسرعة كبيرة من النص المقروء إلى النص البصري، فأصبح العالم بتأثر بالصورة ويقوم بتحليل كل جزئية منها، فانا شخصيا مع فكرة ادخال مادة التصوير مع مادة الرسم في المراحل الأولى ويتدرج إلى الكليات.
• أذكر لنا موقفاً صادفك في إحدى تغطياتك التصويرية ؟
مواقف كثيرة ولكن من المواقف المؤثرة في الحرب التي خاضها العراق مع العصابات الاجرامية (داعش)، جعلت في مخزوننا كثيراً من التجارب والمحن التي لم نرها في حياتنا قط، فمقابلة الموت والحرص على انتقاء اللقطة، والتعامل الإنساني مع النازحين، مواقف جعلت منا أشخاصاً مختلفين إلى درجة كبيرة، استطعنا من خلالها أن نجمع ما بين القوة والعطف والمهنية، ولازالت هناك مواقف عديدة عالقة في مخيلتنا إلى يومنا هذا، فحين نوثق لحظة معينة، فإننا نوقف عقارب الساعة على زمن، ربما لا يتكرر مرة أخرى، فتارة نوثق شجاعة المقاتلين وتفانيهم، وتارة أخرى تظهر مدى اهتمام المقاتلين بالعوائل والأطفال، ثم أخذنا توثق تفاصيل الحرب الصغيرة، وسرعان ما تحولت تلك التفاصيل البسيطة إلى كبيرة بعد انتهاء الحرب، فعلى سبيل المثال دخلنا يوما إلى إحدى الكنائس في الموصل، والتي دخلها داعش واحرق ما فيها، وحاول أن يحطم جدرانها ولوحاتها، فكنت ألتقط بعض الأشياء منها بقايا من قماش مرسوم فيه صورة تشبيهية لمريم العذراء، وكانت هذه القطعة من القماش متسخة، حتى أصبحت فيما بعد اثراً مهماً في المعارض التي نقيمها بين فترة وأخرى، وكانت محط اهتمام الزائرين للمعرض، حيث تأخذهم إلى ذلك الوقت الذي حاول فيه داعش ان يدنس المواقع العبادية، ومن الأمور الأخرى التي تأثرت فيها على المستوى الشخصي وانا أوثق تلك اللحظات الأطفال الذين كانوا يتحملون أموراً لا يتحملها الكبار منها: (الجوع العطش البرد الحر)، وكنا نوثق كل هذه التفاصيل لنعرف العالم حقيقة داعش الوحشي، وكيف كان المقاتلون من أبناء الحشد المقدس يتعاملون بكل انسانية وعطف حيال هذه العوائل وكانت لنا محاولات جادة في سبيل الترويج لهذه الصور عالميا، حيث اشتركنا في مسابقات دولية، واستطعنا أن نحرز جوائز عالمية، وأن نوصل هذه الرسالة ونترجمها عبر صورنا المعبرة، التي كانت تظهر كيف يتفاني مقاتلو الحشد الشعبي، من أجل حماية وتحرير الكنائس والدور العبادية والمستشفيات وبالمقابل ماذا خلف داعش وراءه.
• أبرز مشاركاتك المحلية والعربية ؟
مشاركات عديدة منها:
المرتبة الأولى والثالثة بمسابقة وبكي تهوى المعالم ۲۰۱۸م المقدمة من قبل ويكيميديا العراق الخاصة بالآثار التابعة لمؤسسة الويكيبيديا الأمريكية.
المركز الثالث لمحور الطبيعة في المهرجان الثاني للتصوير بكل إنسانية وعطف حيال هذه العوائل، وكانت لنا محاولات جادة الفوتوغرافي الذي اقامته الاكاديمية الأمريكية الدولية للتعليم العالي والتدريب.
الجائزة الأولى المسابقة مسلم بن عقيل له الدولية السادسة بمحور الحشد الشعبي.
المرتبة الأولى والثالثة بمسابقة حبيب الله الدولية الثانية عشر بمحوري العام والخاص (الطبيعة) بمشاركة عشرون دولة.
الجائزة الرابعة في مسابقة ومعرض الامام الحسين ملاد القلوب الثامنة للتصوير الفوتوغرافي في البحرين .
الجائزة الثانية لمسابقة مدينتي المقامة من قبل دائرة ثقافة وفنون الشباب وزارة الشباب والرياضة.
الجائزة الثانية محور (المربع) في مسابقة فؤاد شاكر ٢٠٢٣م الدورة الثامنة المقامة من قبل منتدى فن الفوتوغراف.
اختيار أحد اعمالي ضمن أفضل عشرة اعمال العام ٢٠٢٣م المرشحة لنيل جائزة حب الفوتوغرافيا المقامة في مصر.
- الميدالية الذهبية ومداليتيا برونزيتان وشارة دولية من الاتحاد الدولي لفناني التصوير (IAAP) عن مشاركتي في مسابقة والمعرض السادس والاربعين المقام من قبل الجمعية العراقية للتصوير المقر العام.
جائزة الإعلام السياحي العربي كأفضل لقطة سياحية عربية العام ٢٠٢٤م، والتي استضافها معرض برلين الدولي للسياحة في احتفالية أقيمت في دولة الإمارات.
• بعض المصورين لا يتقبل النقد، هل تتفق معهم أم لديك وجهة نظر أخرى ؟
حقيقة انا مع النقد جملة وتفصيلا، ولكن يجب ان يكون هذا النقد مسؤولاً وواعياً، من اجل تقويم وتصحيح مسيرة أي فنان
ليس هذا فحسب بل النقد فن لا يجيده كثيرون. وليس كل أظهر عيباً أو ميزة أصبح ناقداً، وليس كل كاتب صحفي أو إعلامي مسؤول ناقداً.. للنقد أسس وقواعد يسير عليها الناقد وكلما التزم بها، كان نقده أكثر قوة، ومن اهم هذه الاسس هو الاطلاع والموضوعية والتجرد والنزاهة والتواضع.
• أين دور الجمعية العراقية للتصوير ؟
الجمعية العراقية للتصوير رغم كل ما تملكه من امكانات بشرية كبيرة وطاقات فنية كثيرة ومهمة، الا انها كباقي المؤسسات الفنية تعاني من قلة الدعم لتنفيذ مشاريعها الفنية، وكذلك تطوير المصور باستمرار وهذا ما جعل دورها نوعا ما ضعيفاً رغم محاولاتها الدائمة لاحتضان المصورين.
• كيف تجد نتاج المصورين العراقيين على الساحة العربية والعالمية ؟
المصور العراقي لاعب اساسي بالمنطقة العربية، ولطالما كان منافساً قوياً في المحافل العربية على مستوى المحترفين والهواة
فكانت من نصيبه اغلب المراتب الأولى. فالمصور العراقي استطاع إيصال اعماله إلى كل العالم، عبر اعمال فنية رصينة.
• ما هي أهدافك المستقبلية ؟
لدينا مشروع ( ترسيخ الهوية الوطنية عبر الصورة الفوتوغرافية).
انا واخوتي في الفريق الفوتوغرافي، وكذلك مجموعة (موثقون) نعمل عبر هذا المشروع بغية التعريف بآثار وتراث العراق، وكذلك توثيق العادات والتقاليد والمشتركات المجتمعية بين أفراد الوطن الواحد . المشروع يسير ببطئ كون عملنا غير مدعوم من اي جهة، فقط جهد ذاتي وطوعي .
• كلمة أخيرة توجهها للمصورين المبتدئين؟
لتكون مصوراً مؤثراً لابد من مراعاة امور عديدة منها الاستمرارية ، التفكير خارج الصندوق، الاندماج والانصهار بالمجتمع، التواضع، التعاون مع باقي زملائك، فالصورة رسالة صامتة يسمعها الجميع بمختلف ثقافتهم
ولغاتهم ومعتقداتهم. وفي الختام لا يسعني الا ان أسجل شكري وامتناني للعتبتين المقدستين، ولا سيما العتبة العباسية المقدسة لما توليه من اهتمام كبير لفن التصوير الفوتوغرافي، وتقديمها الدعم للمصورين وفتح أبواب التعاون معهم، خدمة لعتباتنا المقدسة.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat